الإدارة العامة وطبيعتها وأهميتها وخصائصها ووظائفها

المحتويات

الملخص

الإدارة العامة – شرح مفهومها ونشأتها وطبيعتها والمداخل المختلفة لدراستها، أهميتها وخصائصها، علاقة الإدارة العامة بالعلوم الأخرى ووظائفها المختلفة.

نشأة الإدارة العامة

إن الإدارة العامة كميدان للدراسة ذات تاريخ طويل يعود إلى العصور القديمة عندما قامت محاولات في مصر الفرعونية وفي الصين القديمة لتلقين المبادئ الصحيحة للإدارة.

ولكن بوادر دراسة الإدارة العامة بصورتها الحالية نشأت خلال العصور الوسطى.

وتعتبر نشأة العلوم الكاميرالية (بالإنجليزية: Cameral Sciences) في بروسيا، والتي سبقت العلوم الإدارية (بالإنجليزية: Administrative Sciences)، بداية التطور الحقيقي في دراسة الإدارة العامة وذلك حين شعر أمراء الإقطاع باحتياجهم للأموال وظهرت لهم أهمية الإدارة السليمة والحاجة إلى دراسة الأسس للممارسة مهنة الإدارة، أي العمل الحكومي. وكان يُنظر إلى الإدارة العامة في ذلك الوقت على أنها الوقوف على بعض أسرار المهنة وحيلها.

وتتابعت التطورات وزاد الاهتمام بالإدارة حتى وصل ذروته عندما أنشأ فردريك وليم الأول إمبراطور بروسيا أول كرسي للدراسات الإدارية عام ۱۷۲۷م، واستمرت التطورات في ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وإسبانيا وإيطاليا ويوغوسلافيا وتركيا والبرازيل والولايات المتحدة، ومصر منذ عهد محمد على، إلى أن وصلت الإدارة العامة – كميدان للدراسة والبحث – إلى ما نعرفه اليوم.

مفهوم الإدارة العامة

لقد تطور مفهوم الإدارة العامة بتطور المجتمعات وتقدمها وبتطور وظيفة الدولة الحديثة. وتحقق هذا التطور بتأثير عوامل متعددة منها: متطلبات التقدم الاقتصادي، والأزمات الاقتصادية وانتشار الأفكار الاشتراكية وظهور النظم السياسية الاشتراكية، مما جعل الدولة محركًا أساسيًا للتطور الاقتصادي والاجتماعي ومسئولة عن تحقيق العدالة الاجتماعية واستمتاع الجماهير بثمرات هذا التطور والتقدم.

وتجلى هذا التطور، على الصعيد الإداري، بإضافة أعباء جديدة تنهض بها الدولة، فضلا عن الأعباء التقليدية السابقة، مما دعا إلى إحداث أجهزة إدارة جديدة أو تطوير الإدارات القائمة والوسائل التي تستخدمها وانعكس ذلك على نطاق تدخل الإدارة العامة، فلم يعد دورها يقتصر على تنفيذ السياسة العامة للدولة وتحقيق أهدافها بل اتسع نطاق تدخلها أيضا ليشمل المجال التشريعي، وذلك عن طريق إشراكها في رسم السياسة العامة للدولة في كثير من المجالات والنشاطات العامة والخاصة ولاسيما الاقتصادية منها.

وعند التعرض لمفهوم الإدارة العامة نجد أنه لفظ مكون من كلمتين هما:

  1. الإدارة: وهي اسم مترجم للمصطلح الإنجليزي (Administration) أو (Management) وتتضمن خاصيتين جوهريتين هما أهداف المنظمة وغاياتها والعمل الجماعي المتفاعل في الشكل الإنساني، ومن خلالهما يتحقق العمل المشترك الهادف.
  2. العامة: (بالإنجليزية: Public) ويعني ذلك تمييزًا لها عن غيرها من مجالات الإدارة الأخرى وقصرها على التي تقوم بوظائف الدولة التي تفي بخدمة كافة أفراد المجتمع.

ويمكن القول بأن هناك العديد من التعريفات التي تحاول إيضاح مفهوم الإدارة العامة ويمكن التعرض لهذه التعريفات من خلال بعض مداخل دراسة الإدارة العامة والتي تتمثل فيما يلي.

مداخل الإدارة العامة

المدخل التقليدي للإدارة العامة

ينظر هذا المدخل للإدارة العامة من خلال الدور المحدد لها والذي يتمثل في أنها أداة لتنفيذ السياسة العامة للدولة.

ووفقًا لهذا المدخل فالإدارة العمومية تمثل مزيجًا من القوانين واللوائح والعلاقات والأنشطة والعمليات التي تسمح بتحقيق وتنفيذ السياسات العمومية للدولة.

وتتمثل اتجاهات هذا المدخل فيما يلي:

الاتجاه الأول: الربط بين الإدارة العامة والسياسة العامة

ويركز هذا الاتجاه على الربط بين الإدارة والسياسة العامة كما تحددها الأجهزة التشريعية في الدولة.

فيعرف ليونارد وایت الإدارة العامة على أنها: العمليات اللازمة للوفاء بالسياسة العامة أو تنفيذها ويبني نظامها على أساس مجموعة من القوانين واللوائح والعلاقات بهدف تنفيذ السياسة العامة للدولة.

ویری کلاكس ديموك ومارشال دیموك الإدارة العامة على أنها: تنفيذ السياسة العامة في سلسلة عمليات مرتبطة تبدأ بتحديد أهداف الدولة وإدارة السياسة والمصالح العامة والقانون.

ويعرفها روبرت برستون وجون فينفر بأنها: ترابط وتعاون جهود الفرد والجماعة من أجل تحقيق السياسة العامة.

مما سبق يتضح لنا أن التعريفات السابقة ركزت على دور الإدارة العامة في تنفيذ السياسة العامة إلا أنها تناولت الهدف من الإدارة العامة دون تفصيل الجوانب الفنية المميزة للإدارة العامة عن غيرها من أنواع النشاط، إلى جانب اعتبار الإدارة العامة هي المسؤولة وحدها عن تنفيذ السياسة العامة. وهذا غير صحيح لأن منظمات الأعمال الخاصة أصبح لها دور في تنفيذ هذه السياسة.

الاتجاه الثاني: الربط بين الإدارة العامة والنشاط الإداري الحكومي

يركز هذا الاتجاه على الربط بين الإدارة العمومية والنشاط الإداري الحكومي.

فيعرفها جلادن بأنها: الأعمال التي تمارسها السلطة المختصة بالأنشطة الإدارية الحكومية.

في حين يرى فيريل هيدي أن: الإدارة العامة كمظهر للنشاط الحكومي، موجود طالما استمر النظام السياسي يعمل من أجل تحقيق الأهداف المحددة من قبل القيادة السياسية .

أما هيربرت سيمون فيشير إلى الإدارة العامة على أنها نشاط السلطة التنفيذية ومجالات إدارتها وإدارة المشروعات العامة.

بالنظر للتعريفات السابقة يتضح لنا أن المصطلحات المستخدمة تحتاج إلى قدر من الوضوح حيث أنها مصطلحات عامة المعنى. كما أن تخصيص مجال دراسة الإدارة العمومية على قطاع السلطة التنفيذية أو الحكومة فقط أمر لا يساير الاتجاهات الحديثة والتي شملت جميع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.

الاتجاه الثالث: الربط بين الإدارة العامة والأجهزة الإدارية

يركز هذا الاتجاه على الكيان المؤسسي أو الهيئة التي تدير النشاط.

حيث يعرف ديباسس الإدارة العامة بأنها: وسيلة إدارة الأعمال العامة وهي تتمثل في مجموعة المرافق العامة التي تعمل على تحقيق الأهداف المرسومة أو المحددة بواسطة السلطة السياسية.

بالنظر إلى هذا الاتجاه نجد أنه يركز على الجانب العضوي للإدارة أي الجهاز الإداري أو المنظمة العامة التي تقوم بالعملية الإدارية، وإهماله الجانب الموضوعي الخاص بأبعاد النشاط ومجالاته، إذ يُعاب على النظرة العضوية فقط للإدارة العامة أنها تؤدي إلى تضييق مدلولها. كما تؤدي إلى إطلاق وصف الإدارة العامة على كل منظمة أُدرجت ضمن التنظيم الإداري العام حتى ولو لم يكن نشاطها إداريًا بطبيعته.

المدخل الحديث للإدراة العامة

الدور الموسع للإدارة العامة: المساهمة في تشكيل السياسة العامة للدولة وتنفيذها.

وفقًا لهذا المدخل فإن الإدارة العمومية تمثل مزيج الأدوار التي يمكن أن تلعبها في المجتمعات المعاصرة.

حيث يرى فيشر أن الإدارة العامة هي علم وفن وضع وتنفيذ السياسة العامة. ويضيف فيشر رغم أن الدور التقليدي للإدارة العامة هو تنفيذ السياسة العامة للدولة، إلا أن الاتجاه الحالي يميل نحو تحديث دورها ليشمل المساهمة في وضع وتشكيل هذه السياسات.

ويمكن القول بأن الاتجاه نحو توسيع الدور الذي تلعبه الإدارة العامة يتضمن المساهمة في وضع وتشكيل السياسات العامة للدولة بالإضافة إلى تنفيذها، ويؤدي ذلك بالضرورة إلى اختلاف النظرة إلى هذا النشاط وإلى دخول متغيرات أخرى يجب مراعاتها عند دراسة وتحليل الإدارة العامة ومعرفة أبعادها وحدودها. ومن ثم فهي تتأثر بالبناء السياسي ونظام الحكم، والبناء الاجتماعي والثقافي للمجتمع، ومناخ الديمقراطية السائد، والنظام الاقتصادي المتبع. ومن ثم فإن دراسة الإدارة العامة من زاوية تنفيذ السياسات تصبح عديمة الجدوى مالم يتم التعرض لدورها في عملية وضع وتشكيل السياسة العامة.

وقدم فليكس نجرو تعريفًا موسعًا لدور الإدارة العامة حيث حدد ستة عناصر رئيسية توضح خصائصها وأدوارها. وتتمثل تلك العناصر فيما يلي:

  1. مجهود تعاوني جماعي.
  2. تغطي السلطات الحكومية الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية وعلاقتها المتداخلة.
  3. لها دور في تكوين السياسة العامة، لذا فهي جزء من العملية السياسية وترتبط بالعلوم السياسية.
  4. تختلف عن الإدارة الخاصة في جوانب عديدة، بل أنها أهم منها.
  5. تعد مجالا دراسيًا مستقلا وتأثرت في السنوات الأخيرة بمنهج العلاقات الإنسانية.
  6. تتصل اتصالا وثيقًا بالجماعات الخاصة والأفراد حين تأديتها للخدمات الإنسانية للجماعة.

تعريف الإدارة العامة

في ضوء التعريفات السابقة يمكن تعريف الإدارة العامة على أنها:

مجموعة الوظائف والعمليات الإدارية المتعددة والمتفاعلة التي تهتم بتخطيط وتنظيم وتوجيه الأعمال والأنشطة التي تمارسها منظمات الدولة وأجهزتها الحكومية المختلفة بهدف تحقيق الصالح العام في المجتمع. مع الأخذ في الاعتبار عوامل ومتغيرات الظروف البيئية الداخلية والخارجية.

تعريف الإدارة العمومية

وبالنظر إلى التعريف السابق يمكن الوقوف على العناصر التالية:

  1. الإدارة العامة تمثل مجموعة من الوظائف والعمليات الإدارية التي تشمل التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة مع مراعاة المنهج العلمي في اتخاذ القرارات.
  2. تكامل وتفاعل الوظائف التي تمارس في منظمات الدولة وأجهزتها المختلفة مما يتطلب ضرورة مراعاة التكامل بين تلك الوظائف وبعضها البعض، وبين إتمام هذه الوظائف في مختلف أجهزة الدولة في مختلف المجالات، بما يؤدي في النهاية لتحقيق الغايات بصورة متكاملة ومن ثم تفعيل مبدأ التعاون الإنساني المجتمعي لكافة أجهزة الدولة.
  3. الاهتمام بالجانب العضوي في الإدارة العمومية والمتعلق بوجود كيان معين يتمثل في منظمات وأجهزة وهيئات ترتبط معًا بكيان الدولة وسيادتها. وتمثل المنظمات التابعة للوظائف الثلاث للدولة (الوظيفة التنفيذية والتشريعية والقضائية) المنظمات الحاكمة في الدولة وأي نشاط إداري يتم في هذه المنظمات يُعد من أنشطة الإدارة العمومية.
  4. تهدف إلى تحقيق الصالح العام للمجتمع. ويمثل ذلك الغاية النهائية التي تسعى الدولة إلى تحقيقها. ويمكن الوصول إلى هذه الغاية عن طريق عدة أهداف، ترتبط كل مجموعة منها بفرع أساسي حسب وجهة النظر التي تحدد ذلك، فقد تنقسم إلى أهداف تتعلق بالنواحي التنفيذية وأخرى بالنواحي التشريعية، وثالثة بالنواحي القضائية.

طبيعة الإدارة العامة

اختلف كتّاب وباحثي علم الإدارة حول طبيعة الإدارة العامة، أي ماهية وجوهر وكيان الإدارة العامة، وهل هي علم؟ أم فن؟

ويعود سبب ذلك إلى أن الإدارة قد نشأت في بداية أمرها مستندة إلى الخبرات والمهارات الخاصة بالأشخاص أكثر من اعتمادها على المبادئ والحقائق العلمية.

فهل الإدارة علم بالمعنى الذي تُوصف به العلوم التطبيقية؟ أي تتميز بخصائص ثابتة يمكن قياسها أو التنبؤ بها؟ أم أن الإدارة فن له خصائص مثل المهارة والابتكار والإبداع، ومن ثم تتدخل فيه درجة الذكاء والموهبة والإلهام؟ أم أن الإدارة ليست علمًا فحسب، وليست فنًا فحسب، وليست فنًا وعلمًا، وإنما هي شيء آخر يمكن أن نطلق عليه فلسفة. على أساس أنها مزيج مجموعة من العلوم والعناصر مثل القيادة والاستراتيجية والإدارة.

لكن ما أجمع عليه معظم كتّاب وعلماء الإدارة بالقول أن طبيعة الإدارة تجمع بين العلم والفن. فهي علم عندما تعتمد على خطط البحث العلمي في كثير من مجالاتها. وهي فن لأنها تحتاج إلى الذكاء والإلهام وسعة الأفق عند الحديث عن الرؤية المستقبلية.

مداخل دراسة الإدارة العامة

بالإضافة إلى المداخل السابقة فهناك العديد من المداخل أو المناهج المتعلقة بدراسة مادة الإدارة العامة بتعدد المدارس التي عنيت بدراسة هذا العلم، إذ ترتب على اختلاف النظر لمشكلات الإدارة وتحديد طبيعتها اختلاف مماثل في طريقة بحثها وتحليلها، ومن ثم اختلاف في طرق ومناهج دراستها.

فكما مرت دراسة الإدارة العمومية بمراحل عديدة من حيث نطاق ومجال دراستها والبحث فيها. فقد مرت كذلك من حيث المنهج بمراحل يمكن أجمالها في ست مراحل وهي:

  1. المدخل الدستوري القانوني التاريخي
  2. المدخل التنظيمي الوصفي
  3. والمدخل الوظيفي
  4. المدخل الاجتماعي النفسي
  5. المدخل البيئي أو الأيكولوجي.
  6. المنهج المقارن

المدخل الدستوري القانوني التاريخي

إن القانون يبرز للإدارة العامة ثلاثة أمور أساسية وهي: ما تطالبها السلطة التشريعية بإنجاز، حدود صلاحيات الأفراد فيها.

ويحدد القانون للإدارة العمومية الحقوق الأساسية والإجرائية للأفراد والجماعات في المجتمعات التي ينبغي على موظفي الحكومة مراعاتها.

من هذا المنطلق فإن الموظف الحكومي مفسر للقانون ومطبق له إلى جانب مشاركته في وضع القوانين. والقيمة الأساسية في المنهج القانوني هي العدالة وما يتبع ذلك من حماية حقوق الأفراد من التعسف والتسلط والحفاظ على أرواحهم وحرياتهم وممتلكاتهم.

ومن أهم خصائص هذا المدخل ما یلی:

  1. الهيكل التنظيمي: إن الهيكل التنظيمي المفضل من قبل أتباع هذا المنهج هو ذاك الذي يفسح المجال أمام إجراءات التظلم إلى أقصى حد والذي يؤدي إلى حماية حقوق الأفراد.
  2. النظرة إلى الفرد: من منطلق تركيز هذا المنهج على تحقيق العدالة والحقوق الأساسية للفرد والإنصاف فإنه يُنظر أيضًا إلى الفرد على أنه شخص متميز بذاته في ظروف متميزة أيضاً.

الانتقادات التي وجهت إلى هذا المدخل تتمثل فيما يلي:

  1. اقتصاره على سرد النصوص وتفسيرها.
  2. إغفال الجوانب الفنية في العملية الإدارية.
  3. إغفال المؤثرات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية.

المدخل التنظيمي الوصفي (المدخل الهيكلي)

ويركز هذا المدخل على دراسة تنظيم وتشغيل الجهاز الإداري، فيهتم بالهياكل التنظيمية للحكومات، وخاصة الأجهزة الإدارية وشؤون العاملين. والنواحي المالية والقانونية لها، وضمان التنسيق بين الوحدات والتسلسل القيادي، والرقابة الجادة على العمليات الإدارية.

الانتقادات التي وُجهت لهذا المدخل تتمثل فيما يلي:

  1. عدم الاهتمام بديناميكية عناصر العملية الإدارية.
  2. لم يهتم بدراسة السلوك الإنساني للعاملين، مما يؤدي إلى عجز في تحليل العلاقات الاجتماعية بين العاملين داخل التنظيم.
  3. لا يوضح دور الرأي العام ومنظمات الجماهير في توجيه حركة الأجهزة الإدارية بسبب عدم ربطه الإدارة بالبيئة والمجتمع.

المدخل الوظيفي (الإداري)

ظهر هذا المدخل في أواخر القرن العشرين. وافترض هذا المدخل أن يتم إدارة المنظمات العامة بشكل متماثل مع إدارة المنظمات الخاصة. ويستلزم ذلك القيام بالوظائف الإدارية من تخطيط وتنظيم وصنع قرار وقيادة ورقابة. فالإدارة هي الإدارة ولا فرق هناك بين إدارة التنظيمات الحكومية والخاصة. ويكون دور الموظفين الحكوميين هو تنفيذ السياسات المحددة لهم وليس صنع تلك السياسات.

وتتمثل خصائص هذا المدخل فيما يلي:

  1. الهيكل التنظيمي: بيروقراطي يقوم على التخصص وتقسيم العمل وتدرج السلطة وتحديد المهام والصلاحيات به.
  2. النظرة إلى الفرد: أنصار هذا المنهج ينظرون إلى الفرد نظرة لا شخصية مجردة من العواطف سواء كان أحد أفراد التنظيم الحكومي أو من المستفيدين من خدماته. حيث أن العواطف اللاعقلانية تحد من أداء الفرد مما ينعكس بالتالي على أداء التنظيم ككل وعلى نجاحه.

الانتقادات التي وجهت لهذا المدخل:

  1. أنه أغفل النظر إلى الإدارة كنشاط يهتم بالعنصر البشري وسلوكه.
  2. أهمل المؤثرات البيئية.
  3. يفترض تشابه قواعد وضوابط الإدارة في كل من الإدارة العامة والمنظمات الخاصة.

المدخل الاجتماعي النفسي (المدخل السلوكي)

اعتبرت المدرسة السلوكية المنظمة الإدارية نظامًا اجتماعيًا مفتوحًا يتم اتخاذ القرارات فيه من خلال دراسة العمليات وتحديد المؤثرات وتفاعلها مع بعضها للوصول إلى قرار موضوعي سليم. ويُعد هذا المدخل نتاجًا لدراسة علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي.

ويتميز هذا المدخل بما يلي:

  1. ركز على الإدارة باعتبارها إدارة للعنصر البشري داخل المنظمات.
  2. اهتم هذا المدخل بالتنظيمات غير الرسمية والاتصال غير الرسمي.

الانتقادات التي وجهت لهذا المدخل تتمثل فيما يلي:

  1. المغالاة في التركيز على الفرد، وتجاهل القوى الاجتماعية والسياسة وتأثيرها على المنظمات الإدارية.
  2. العجز عن الوصول إلى تعميمات لمبادئ الإدارة العامة.
  3. لا يوجد دراسات كافية حوله.
  4. إغفاله للنواحي القانونية والتنظيمية لهياكل الإدارة.

المدخل البيئي (الأيكولوجي)

وتعني كلمة أيكولوجي العلم الذي يدرس البيئة المحيطة بالمنظمة. ويتميز هذا المدخل في أنه أوضح أنه لا يمكن تعميم نظام معين في بلد معين على بلد آخر. وبالتالي ساعد الدول النامية على دراسة البيئة المحيطة بها كبداية لتطوير الإدارة العامة بها. وتفرض المدرسة الإيكولوجية علينا عند دراسة الإدارة العمومية أن نفهم ونحلل العوامل المؤثرة في الإدارة، لا في صورتها المجردة، وإنما كمنظومة مؤثرات متفاعلة مع بعضها البعض تؤثر على مسار الإدارة واستقرارها.

الانتقادات التي وجهت لهذا المدخل تتمثل فيما يلي:

  1. إن دراسة جميع خصائص المجتمع، مثل الإمكانات المادية والبشرية والحضارية مسألة مرهقة.
  2. إن العوامل البيئية سريعة التطور، واللحاق بها هي محاولة مرهقة.

المنهج المقارن

يعتبر هذا المدخل من المداخل الحديثة لدراسة الإدارة العامة، وهو يقوم على دراسة نظم وعمليات الإدارة في بلدين أو أكثر بهدف الوصول إلى قواعد أصولية يمكن تطبيقها والاستفادة منها للنهوض بمستوى الإدارة ومعرفة أفضل الطرق لتحسين وظائفها، ويعبر هذا المدخل عن أن اختلاف ظروف البينة بين دولة وأخرى ومجتمع وآخر لا يلغي وجود قواعد ثابتة وأصول محددة قابلة للتطبيق، وهو ما يمكن اكتشافه عن طريق الدراسة المقارنة.

المنهج المقترح

إن العلوم الإنسانية متغيرة ومتبدلة، وهي تختلف من بلد لآخر تبعًا لتبدل البيئة والمحيط الذي أوجدها، لذلك يمكننا القول بأنه لا يوجد نظرية في العلوم الإنسانية يمكن لها أن تكتشف كل الحقيقة وفي كل زمان ومكان. وكل مدرسة من المدارس رأت وجهًا أو أكثر من وجه الحقيقة، أما الإحاطة واحتواء كل معطيات الحقيقة فذلك أمر في غاية الصعوبة. لذلك يجب على الباحث في العلوم الإنسانية أن يأخذ في اعتباره الأمور القانونية والفنية التي تحكم هيكل التنظيم ونشاطه، وهو ما يشير إلى المدخل القانوني، كما يجب عليه أن يركز على الجانب الفني في كيفية إنشاء وبناء هيكل التنظيم ومستوياته، وهو ما يشير إلى المدخل التنظيمي، أي يجب على الباحث أن يحيط بكافة أطروحات المدارس والمداخل بالاعتماد على ما يستطيع أن يحصل عليه من وثائق صحيحة ومعلومات من مصادر رصينة وموثوقة.

أهمية الإدارة العامة

تبدو أهمية الإدارة العامة كنشاط إداري وسياسي يمارس من خلال أجهزة حكومية فيما يلي:

  1. القيام بالأنشطة الاقتصادية التي يعجز القطاع الخاص عن القيام بها لعدم تحقيقها للأرباح التي يرغب القطاع الخاص فيها، أو لضخامة الاستثمارات اللازمة لها.
  2. القيام بالأنشطة اللازمة لحياة المواطنين من دفاع وأمن وخدمات تعليمية واجتماعية وغير ذلك.
  3. والقيام بأنشطة إستراتيجية كالتعمير والصناعات الحربية ومواجهة الكوارث والرعاية الاجتماعية، وتوجيه السياسات المالية، ورسم سياسات الاحتكار.
  4. تتطلب التنمية في الدول ضرورة الاستخدام الفعّال للموارد المتاحة عن طريق المزج السليم بين عناصر الإنتاج (الأرض – العمل – رأس المال). وهذا يتطلب وجود إدارة رشيدة تتمتع بالقدرة والمهارة التي تمكنها من تحقيق النمو المتوازن في المجالات الاقتصادية والاجتماعية.

خصائص الإدارة العامة

للإدارة العامة خصائص متعددة نظرًا لتأثيرها على حياة المواطنين جميعًا في مجتمع معين ولأهميتها على المستوى القومي، وتداخلها مع الكثير من الأبعاد والجهات والأفراد داخليًا وخارجيًا.

وتتمثل خصائص الإدارة العامة فيما يلي:

  1. تعتبر الإدارة العامة نشاطًا إداريًا يتعلق باستخدام الموارد المادية والبشرية لتحقيق الأهداف العامة للدولة بأحسن كفاءة ممكنة، بما يحقق إشباع حاجات المجتمع ويساهم في رفاهيته.
  2. تعتبر الإدارة العامة نشاط إنساني متكامل، وبالتالي لا تتحقق الفعالية في أداء العمل الإداري الحكومي دون مراعاة الاعتبارات الإنسانية، وإشباع حاجات ورغبات العاملين في الوظائف العامة التي يتكون منها الجهاز الإداري للدولة.
  3. تقوم الإدارة العامة بتنفيذ السياسة العامة للدولة، فالإدارة العامة تنفذ الأهداف التي تحددها السلطة السياسية أثناء قيامها بتقديم الخدمات للمواطنين.
  4. ترتبط الإدارة العمومية بظروف المجتمع والتأثير المتبادل بينهما. حيث يتأثر النظام الإداري للدولة بالنظام السياسي القائم وبقيم ومعتقدات المجتمع وظروفه الاقتصادية. وفي نفس الوقت تؤثر في المجتمع من خلال السلع والخدمات التي تقدمها لإشباع حاجات ورغبات المواطنين.
  5. تكامل أهداف الإدارة العامة، فمنظمة الإدارة العمومية تمثل نظامًا عامًا يتحقق فيه التكامل بين أربعة نظم فرعية للأهداف وهي: نظام الأهداف الشخصية للأفراد، ونظام الأهداف الجماعية للجماعات الصغيرة. نظام الأهداف التنظيمية للمنظمة. ونظام الأهداف العامة للمجتمع.
  6. تنصب الإدارة العامة على كل المنظمات الحكومية سواء كانت مركزية أو محلية، وكذلك الهيئات والمؤسسات العامة.
  7. تتميز الإدارة العمومية بالبقاء والاستمرار، طالما أن هناك استمرار للخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين.
  8. تتأثر كفاءة الإدارة العامة كنشاط إداري بكل من القيادة السياسة والإدارية، وبكفاءة السلطة التشريعية والتنفيذية وعدالة السلطة القضائية وغير ذلك من العوامل.
  9. الطابع السياسي للإدارة العامة، فهي لا يمكن فهمها إلا من خلال الاعتبارات والبواعث السياسية التي تعمل الإدارة فيها وبها. ومن ثم فالنتيجة الحتمية أن هناك ارتباطًا جذريًا بين السياسة والإدارة العامة.

علاقة الإدارة العامة بالعلوم الأخرى

تتميز العلوم الاجتماعية بارتباطها الشديد ببعضها البعض، ومن ثم فإن الإدارة العامة تؤثر وتتأثر بباقي العلوم الاجتماعية وعلى وجه الخصوص العلوم السياسية والقانون والاقتصاد وعلم الاجتماع وعلم النفس.

علاقة الإدارة العامة بالسياسة

يوجد ارتباط وثيق بين الإدارة العامة والسياسة، فالإدارة العمومية والسياسة يربط بينهما الأصل المشترك. حيث نشأت السياسة مع نشأة الظاهرة السياسية وتطورها. وعندما بدأت الدراسة لهذا العلم تم التعرض للبحث في تنظيم الإدارة العامة. ويتمثل هذا الارتباط فيما يلي:

  1. إن علم السياسة يبحث في وضع السياسات العامة للدولة وبشكل الحكم والمعتقدات الفكرية السائدة، والإدارة تتأثر بالأيديولوجية السياسية التي تسير عليها الدولة، ففي ظل النظام الديمقراطي يأخذ النظام الرأسمالي مجالا أوسع منه في ظل الأنظمة الاشتراكية أو الأنظمة التي تعتمد على الاقتصاد المختلط. ويسود في ظل الفكر الديمقراطي التخطيط اللامركزي أو التخطيط المركزي. بينما يسود في ظل النظام الاشتراكي التخطيط المركزي. والإدارة العليا في أجهزة الدولة وفي المشروعات العامة تتأثر بدرجة الغموض السياسي.
  2. من ناحية أخري هناك نوع من التكامل بينهما، فالإدارة العامة يقع على عاتقها مسؤولية تحقيق الأهداف والغايات التي سبق وأن حددتها السياسة العامة، كما أن هناك تداخل عضوي بين الإدارة العمومية والحكومة. حيث نجد أن كل وزير يستحوذ على صفتين، فهو يشترك في وضع السياسة العامة للدولة بصفته عضوًا في الحكومة، ويرأس في نفس الوقت الجهاز الإداري الخاص بوزارته.

ورغم هذا الارتباط الوثيق بين الإدارة العامة والسياسة إلا أن هناك الكثير من أوجه الاختلاف بينهما والتي تتمثل فيما يلي:

  1. يقوم العمل السياسي على تحقيق المصلحة، وتلعب الصراعات الحزبية والنزاعات الشخصية دورًا كبيرًا في إصدار القرارات السياسية. بينما تقوم الإدارة العمومية على أسس ومبادئ علمية منطقية لتحقيق الأهداف المنوطة بها بأقل قدر ممكن من الوقت والجهد والمال.
  2. تتميز السياسة بالتغير وعدم الثبات، فرجال السياسة في تغير وعدم استقرار. وهذا يرجع إلى طبيعة العمل السياسي لكونهم يأتون إلى مراكزهم بالانتخاب، سواء بالنسبة لأعضاء السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية الذين يمثلون الحزب الفائز في الانتخابات. بينما تتميز الإدارة العامة بالثبات والاستقرار. لأن طبيعة العمل الإداري تتطلب ذلك حيث لابد من دوام رجال الإدارة العمومية في مناصبهم حتى يمكنهم تحقيق الصالح العام وأداء الخدمة.

علاقة الإدارة العامة بإدارة الأعمال

يمكن القول بأن هناك أوجه للتقارب بين الإدارة العامة وإدارة الأعمال تتمثل فيما يلي:

  1. من حيث الغايات النهائية: تختص الإدارة العامة بإدارة المنظمات الحكومية العامة والتي تستهدف أهداف عامة. بينما ترتبط إدارة الأعمال بالمنظمات الخاصة التي تستهدف تحقيق أهداف خاصة. ويعمل كل منهما على تحقيق الفعالية التنظيمية والكفاءة الإنتاجية للمنظمات. وبالتالي رفع مستوى المعيشة بصورة مباشرة أو غير مباشرة لأفراد المجتمع في شتى المجالات.
  2. من حيث الأدوات المشتركة: تستخدم الإدارة العامة وإدارة الأعمال أدوات مشتركة بينهما مثل: إدارة الوقت. إدارة الجودة الشاملة. الموازنة. الخرائط التنظيمية. ويتأثر كل منهما بالظروف البيئية المحيطة سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية وغير ذلك.
  3. ومن حيث تطبيق مبادئ ووظائف الإدارة: تطبق مبادئ الإدارة مثل مبادئ التنظيم، وتوازن السلطة والمسئولية وغير ذلك في كل من الإدارة العامة وإدارة الأعمال. كما تطبق الوظائف الإدارية والتي تتمثل في النشاط الإداري أو العملية الإدارية في كل منهما.

أوجه الاختلاف بين الإدارة العامة وإدارة الأعمال

رغم التقارب بين الإدارة العامة وإدارة الأعمال إلا أن هناك الكثير من أوجه الاختلاف بينهما والتي تتمثل فيما يلي:

من حيث الهدف

تهدف الإدارة العامة إلى تقديم خدمات ومنافع عامة للمواطنين دون أن يكون هدفها تحقيق الربح. وبذلك فهي تقوم بإنتاج وأداء هذه الخدمات والمنافع العامة لتوفير الرفاهية لأفراد المجتمع حتى لو تحملت خسائر. وبذلك يتم قياس كفاءة الإدارة العمومية بقدرتها على أداء الخدمات بأعلى كفاءة وترشيد الإنفاق الحكومي. بينما تهدف إدارة الأعمال إلى تحقيق الربح. وبذلك فهي تسعى إلى إنشاء المشروعات الاقتصادية التي تهدف إلى تحقيق أقصى ربح ممكن. وبذلك يتم قياس كفاءة إدارة الأعمال في ضوء الأرباح السنوية ومعدل العائد على الاستثمار.

من حيث مجال التطبيق

يتم تطبيق الإدارة العامة في المنظمات الحكومية ولتحقيق الأهداف القومية. ومن ثم يمتد نشاط الإدارة العامة إلى النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية. بينما يتم تطبيق إدارة الأعمال في المنظمات الاقتصادية الخاصة لتحقيق الأهداف المادية. وبالتالي يقتصر نشاط إدارة الأعمال على النواحي الاقتصادية فقط.

ومن حيث الإشراف

تختص الإدارة العامة بتنفيذ السياسة العامة للدولة، ولذلك تخضع لإشراف القيادة السياسية والسلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية. وبالتالي فإن الموظفين العموميين يجب أن يراعوا الجوانب القانونية والسياسية عند أداء واجباتهم وعند اتخاذهم لأية قرارات. أما إدارة الأعمال في المنظمات الخاصة وقطاع الأعمال يعمل فيها الموظفون طبقًا للشكل القانوني للمشروع. وبالتالي فإن تصرفاتهم تتم في ضوء لوائح وإجراءات العمل التي تختلف من مشروع لآخر. ويعتبر المرؤوسين خاضعين لإشراف رئيس مجلس الإدارة، والجميع يخضع لإشراف ومساءلة الجمعية العمومية للشركة والمساهمين.

من حيث المرونة

تتصف الإدارة العمومية بالبيروقراطية بسبب اللوائح والقوانين التي يتمسك بها الموظف العام. بينما تتصف إدارة الأعمال بالمرونة بسبب الإجراءات والقواعد التي يلتزم بها العاملين في المنظمات الخاصة.

من حيث نمط المسؤولية العامة

تعتبر المسئولية في الإدارة العامة مسؤولية عامة، ومن ثم تتعاون الوزارات المختلفة فيما بينها لتحقيق أهداف الدولة. بينما في مجال إدارة الأعمال يسود جو من التنافس بين المنظمات بهدف تحقيق أقصى ربح ممكن والاستمرار والبقاء.

ومن حيث المساواة

تعتمد الإدارة العامة في أداء خدماتها على قاعدة المساواة بين المواطنين وعدم التمييز في أداء الخدمة بينهم، وذلك لتحملهم العبء الأكبر من الأموال التي تعتمد عليها الإدارة العمومية في تمويل هذه الخدمات. بينما تعمل إدارة الأعمال على تحقيق مصالح الملاك فهم الذين يتأثرون بنتائج الأداء.

من حيث أسلوب العمل

يعمل الموظف العام في المنظمات الحكومية بصفته الوظيفية وليس باسمه، أما الموظف في المنظمات الخاصة فيعمل باسمه وليس بصفته، كما يهيمن على الإدارة العامة قاعدة المسؤولية العامة. فرجال الإدارة العامة مسئولون عن تصرفاتهم أمام الجمهور. أما في إدارة الأعمال فيهيمن عليها قاعدة المسئولية الأدبية، فرجال إدارة الأعمال مسئولون أمام ضمائرهم بدرجة أكبر.

من حيث الاحتكار والمنافسة

لا توجد منافسة بين أجهزة الدولة حيث يقوم كل منها بنشاط مختلف عن الآخر. وتعتبر ظروف الاحتكار هي الظروف العادية في الإدارة العامة، وفي هذه الحالة تغيب المنافسة. هذا وتعد المنافسة معيار لإدارة الأعمال الخاصة بينما يعد الاحتكار أمرًا استثنائيًا في إدارة الأعمال.

علاقة الإدارة العامة بالاقتصاد

يمكن القول بأن هناك أوجه للتقارب بين الإدارة العامة والاقتصاد تتمثل فيما یلي:

  1. إن المالية العامة والميزانية والحساب الختامي والإدارة المالية مثلا تعتبر موضوعات أساسية. حيث يشترك في دراسة هذه الموضوعات دارسو الإدارة العامة والاقتصاد على حد سواء.
  2. الدولة تقوم بإرساء القواعد الأساسية للاقتصاد العام وتوكل مهمة التنفيذ إلى الأجهزة الإدارية. وعليه فالإدارة الحديثة تمارس نشاطات ذات طابع اقتصادي مثل تحديد مصادر الإيرادات وأوجه الإنفاق والحسابات الختامية والرقابة المالية.
  3. يبحث علم الاقتصاد في كيفية استغلال الموارد الاقتصادية بما في ذلك الموارد البشرية والمادية بأقصى درجة من الكفاية الإنتاجية لإشباع حاجات الإنسان في مجتمع ما، والإدارة تهدف لتنسيق الموارد والجهود لتحقيق أفضل استغلال اقتصادي لهذه الموارد بقصد تقديم الخدمات بفعالية وبأقل كلفة ممكنة، ويلاحظ أن هدف الإدارة متفق مع أهداف الاقتصاد في هذا المجال.
  4. إن الإدارة العامة تعتمد على المفاهيم الاقتصادية إلى حد كبير، حيث تساهم المفاهيم الاقتصادية في خدمة الإدارة العامة من خلال مجالات متعددة تتمثل فيما يلي:
    • تحديد الإنفاق العام الخدمي والإنتاجي اللازم لخطط التنمية الشاملة.
    • دراسة جدوى المشروعات الحكومية المختلفة.
    • تحديد السياسات النقدية والمالية للدولة بأجهزتها الإدارية المختلفة.

علاقة الإدارة العامة بإدارة المنشآت المتخصصة

تتفق الإدارة العامة مع إدارة المنشآت المتخصصة في المنظمات المهنية (كالنقابات وغير ذلك) في أن كل منهما يقدم خدمات ولا يكون الربح هو الهدف السائد في كل منهما.

بينما تختلف الإدارة العامة عن إدارة المنشآت المتخصصة، فهذا النوع من المنظمات لا يهدف إلى تقديم خدمة عامة، بل يقوم بخدمة فئة معينة. بينما منظمات الإدارة العامة تهدف إلى تقديم خدمات عامة للمواطنين لازمة لإشباع حاجات أساسية.

علاقة الإدارة العامة بعلم النفس

تركز دراسات علم النفس على الاهتمام بالعنصر الإنساني، فدارسو علم النفس تنصب اهتماماتهم على دراسة الفرد وانطباعاته ومشاعره. فالمفاهيم الشخصية، والدوافع والإدراك، وسيكولوجية النمو، والقيم والاتجاهات والعوامل البيئية والوراثية في نمو الفرد وسلوكه هي مفردات علم النفس، وتلعب هذه الأنماط السلوكية دورًا أساسيًا في التأثير على سلوك الفرد وإنتاجيته داخل المنظمة.

فأهداف علم النفس مثلا تساهم في خدمة الإدارة العامة ومنها زيادة الكفاءة الإنتاجية والانسجام، إيجاد نوع من الاستقرار الوظيفي عن طريق حل الصراعات والمنازعات ومصادر الشكاوى، تحسين نوعية العمل بشكل لا يفقد الموظف الاهتمام والحد من قدرته. وأخيرًا معرفة النمط الثقافي وخاصة القيم والاتجاهات السائدة في داخل التنظيم.

علاقة الإدارة العامة بعلم الاجتماع

يركز علم الاجتماع اهتماماته في المشكلات المتعلقة بالمجتمعات الإنسانية. كما يعتبر علم الاجتماع أحد الروافد الرئيسية في العلوم السلوكية والمفاهيم المتعلقة بالسلوك الإداري.

وتعتبر دراسة المجتمع والجماعات والأسس التي تقوم عليها وعلاقتها ببعضها البعض ذات أهمية كبيرة لكون الجماعات ذات تأثير كبير على تفكير الإدارة وسياساتها وبرامجها ونشاطها.

إن علم الاجتماع ذو صلة وثيقة بالإدارة والتنظيمات الاجتماعية، فهو يهدف إلى دراسة ومعرفة القواعد والتقاليد التي تحكم العلاقات بين الأفراد داخل المنظمة، مما سهل على المدراء معرفة أمور كثيرة عما يدور أو يحكم عمل الجماعة أو الفرد وخاصة عن التنظيمات غير الرسمية، وعلاقاتها بالتنظيمات وأي مفاهيم أخرى لها صلة تؤثر على الجماعة بما يخدم أهداف التنظيم والعاملين.

علاقة علم الإدارة العامة بعلوم الرياضيات

تعتمد الإدارة حاليًا على الأسلوب العلمي في اتخاذ القرارات الإدارية ويشمل ذلك الإدارة العامة وإدارة الأعمال.

وتشكل الأساليب الكمية جانبًا هامًا من عمل الإدارة العليا، وتستعين الإدارة ببحوث العمليات والرياضيات والإحصاء في هذا المجال

وتعتبر المدرسة الكمية ممثلا لهذا الاتجاه الحديث في الإدارة.

علاقة الإدارة العامة بعلم القانون

يحكم عمل الإدارة قوانين وأنظمة وتعليمات وقرارات إدارية، وعمل الإدارة العمومية محكوم بالقوانين الإدارية. أما إدارة الأعمال فيحكمها القانون التجاري في أغلب الأحيان. وأما القطاع العام فيطبق فيه قواعد القانون الإداري والقانون التجاري كما في عمل المؤسسات الاقتصادية.

والقانون عبارة عن قواعد السلوك كما تصفه السلطة التشريعية العليا في الدولة فتبين السلوك الصحيح وتحرم السلوك غير الصحيح.

ورغم أن القانون يأتي وليد حاجة تسبقه بزمن فإن الإدارة تضطر للتعامل مع الحاجات المستجدة للمجتمع بالرغم من عدم وجود قانون ينظم هذه الحاجات وحتى صدور تشريع على شكل قانون من قبل السلطة التشريعية. وهنا يبدأ عمل الجانب الأخلاقي للإداري.

علاقة الإدارة العامة بعلم الأخلاق

يحدد علم الأخلاق الإطار الخلقي للعمل الإداري داخل المنظمات وذلك في تعاملها مع البيئة. ويتم الرجوع لعلم الأخلاق في حالة غيبة القوانين أو الأنظمة أو التعليمات أو تقاريرها بحيث تصبح غير صالحة للتطبيق. وفي مثل هذه الحالات فإن الإداري يحكم ضميره بما يعرض عليه من حالات ويكون الإطار المرجعي له قواعد الأخلاق العامة والتي لا تكون مكتوبة في معظم الأحيان باستثناء ما جاء في المواثيق الأخلاقية، ولا يعد ذلك عن كونه قواعد عامة ليست مفصلة.

وقد تصاعد الاهتمام في السنوات الأخيرة بموضوع أخلاقيات الإدارة العامة (بالإنجليزية: Ethics of Public Administration) باعتبارها تمثل من ناحية الأداة المناسبة للحيلولة دون حدوث الظواهر المختلفة للفساد الإداري، من قبيل الرشوة والمحسوبية والتربح الشخصي. كما أن الأخلاقيات الإيجابية من ناحية أخرى تسهم في تحقيق أهداف المنظمات المختلفة بكفاءة وفاعلية.

والأخلاقيات (بالإنجليزية: Ethics) بصفة عامة هي محاولة متعمدة ومنتظمة لإضفاء الطابع الأخلاقي (بالإنجليزية: Moral) على السلوكيات المختلفة، بطريقة تحدد القيم التي يتعين أن تحكم هذه السلوكيات. وعليه، فإن الأخلاقيات تعنى بالعملية التي يتم عن طريقها تأكيد الالتزام بقيم أخلاقية معينة وتحديد الصواب والخطأ، وهكذا فالأخلاقيات هي عملية البحث عن المعايير الأخلاقية، ولذلك عرف البعض الأخلاقيات بأنها مجموعة المعايير أو قواعد السلوك التي تم تنميتها من خلال الممارسة أو الخبرة الإنسانية، والتي يمكن في ضوئها الحكم على السلوك باعتباره صوابًا أو خطأ، خيرًا أو شرًا من الوجهة الإنسانية. وهذه القواعد الأخلاقية (المقبولة من العقل الإنساني عامة دينيًا ومجتمعيًا) تؤثر في سلوكيات الأفراد وأسلوبهم في اتخاذ القرارات، كما أنها تحقق جلب النفع أو دفع الضرر.

وظائف الإدارة العامة

للإدارة العامة مهام تنظيمية وتخطيطية وأخرى فنية، تتعلق الأولى بتحديد ما هو ممكن من مُثُل أو أهداف منشودة وقيادة العمل الإداري. ويدخل في وظيفة التصور عملية التنبؤ وما يتبعها من إعلام وتنظيم وإحداث وترتيب للمصالح الإدارية المتخصصة. أما وظائف الإدارة العمومية القيادية فهي مهام توجيه وتحضير أعمال قيادة الأعمال وإصدار الأوامر وتنفيذها ومراقبة استخدام الوسائل اللازمة لذلك، والمهام الفنية فهي مهام ذات طابع قومي تتعلق بتمثيل المصالح القومية داخلية وخارجية وحمايتها، أو ذات طابع اقتصادي أو اجتماعي، تتعلق بالتنفيذ والتسيير بقصد تلبية الحاجات العامة للمجتمع مباشرة.

ويمكن تلخيص المهام الرئيسية أو وظائف الإدارة العامة الرئيسية بما يلي:

التخطيط

يُعرف التخطيط بأنه التدبير الذي يرمي إلى مواجهة المستقبل بخطط منظمة سلفًا لتحقيق أهداف محددة. ويُعد التخطيط من أهم وظائف الإدارة العامة، وهو الفكرة التمهيدية السابقة لتنفيذ أي عمل من الأعمال. ومن خلال التخطيط يستطيع القائد الإداري تحديد الهدف المنشود والوسائل الكفيلة بتحقيقه بأقل تكلفة ممكنة وفي الوقت المناسب ولاسيما أن الأعباء التي ألقيت على عاتق الدولة جسيمة جداً، ولا يمكن تحقيقها بصورة عشوائية وعفوية.

التنظيم الإداري

من الوظائف المهمة التي تلقى على عاتق الإدارة العامة وذلك لكثرة الحاجات المستجدة للمواطن ولندرة المواد الأولية التي تخدم إشباع هذه الحاجات، ويُعد التنظيم من أهم المصادر التي تؤدي إلى تحقيق الوفر عن طريق استغلال الطاقات البشرية ومنع تبعثر الجهود وتعارضها. لذلك يجب على الإدارة دراسة الأعمال التي تهمها وتحليلها من أجل تحقيق أهدافها واستبعاد جميع الأعمال والإجراءات غير المفيدة، ومن ثم يجب توزيع هذه الأعمال على الأشخاص الذين عليهم القيام بها وتحديد المسؤوليات التي تقع على عاتقهم والعلاقات القائمة فيما بينهم.

القيادة الإدارية

إن القيادة هي العصب الحساس في كل مفصل من مفاصل الإدارة العامة. والقائد الإداري يقوم بدور بارز في نجاح الأجهزة الإدارية أو إخفاقها في الوصول إلى أهدافها، فبكفاية القائد ودرايته يمكن الوصول بالمرفق العام إلى بر الأمان وبإهماله وعدم الاهتمام به يكون فشله.

لذلك يجب على الحكومات العناية باختيار القادة الإداريين ومتابعة تدريبهم وزيادة خبراتهم وقدراتهم من أجل ضمان استمرار المرفق العام في أداء مهمته.

التنسيق

يقع على عاتق القائد الإداري مهمة التنسيق بين عناصر الإدارة الواحدة عن طريق إشراف المرؤوسين في وضع الخطط أو في اتخاذ القرارات.

ويمكن أن يكون التنسيق بين الإدارة والسلطة السياسية والهيئات المحلية والجماعات ذات المصلحة.

الاتصال

تتم عملية الاتصال من قبل الرئيس الإداري عن طريق إعلام المرؤوسين بما تم تنفيذه من خطط المشاريع التي يعطيها الأولوية والتعديلات التي تفرضها المستجدات والصعوبات التي تعترض تنفيذ مشروع من المشاريع، وكذلك يمكن للمرؤوسين أن يعلموا رئيسهم بكل أمر يرون أنه ذو نفع، أو يلحق ضررًا بالمرفق، ولكن يجب أن يحدث الاتصال عن طريق القنوات التي تحافظ على تدرج السلم الإداري، أي إنه يجب ألا يتخطى المرؤوسون رؤساءهم المباشرين إلا في حالات الضرورة والاستعجال.

الرقابة

إن الرقابة هي الوظيفة الإستراتيجية الحساسة داخل الكيان الإداري لأنها تتعلق بالتخطيط والتنظيم وتحديد المسؤولية وتنقل للقائد الإداري جميع المعلومات التي تتعلق بتنفيذ الخطط وبلوغ الأهداف المنشودة.

وللرقابة ثلاثة أنواع:

  1. رقابة إدارية
  2. رقابة قضائية
  3. ورقابة سياسية

وكل واحدة منها تمارسها جهة متخصصة مختلفة ومستقلة عن غيرها.

المراجع

إطلالة حول الإدارة العامة، 2020، المؤلفون:

  • الأستاذة الدكتورة حميدة النجار، كلية التجارة، جامعة المنصورة.
  • الدكتورة منى سامي، كلية التجارة، جامعة المنصورة.
  • الدكتورة منى القصبي، كلية التجارة، جامعة المنصورة.
  • والدكتورة عزة المنياوي، كلية التجارة، جامعة المنصورة.
الإدارة العامة وطبيعتها وأهميتها وخصائصها ووظائفها، علاقة الإدارة العامة بالعلوم الأخرى
الإدارة العامة وطبيعتها وأهميتها وخصائصها ووظائفها، علاقة الإدارة العامة بالعلوم الأخرى
error:
Scroll to Top