مصادر التمويل

وظيفة التمويل

تعتبر وظيفة التمويل (بالإنجليزية: Finance)، بما تتضمنه من بحث عن مصادر التمويل، والاختيار من بينها، والتقرير بخصوص المزيج الأفضل منها، عملية هامة جدًا بالغة التعقيد خاصة في المؤسسات الكبيرة، لذلك يتطلب القيام بهذه الوظيفة توافر كفاية متميزة لدى الإدارة المالية لما للقرارات المتعلقة بموضوع التمويل من أثر هام في ربحية المؤسسة وسلامة وضعها المالي.

وبعد أن تكون الإدارة المالية للمؤسسة قد انتهت من تحديد كمية ونوعية احتياجاتها من الأموال، يبقي عليها أن تقرر مصادر التمويل التي عليها أن تختار من بينها.

وأن تقرر أيضًا كيفية المزج بين هذه المصادر من حيث الكم والنوع والمصدر، آخذة بعين الاعتبار ما يلي:

  1. أثر المديونية في ربحية المؤسسة وقيمتها، باعتبار أن الهدف الأساسي للإدارة المالية هو تعظيم القيمة الحالية للمؤسسة.
  2. المستوى المناسب من الدين لوضع المؤسسة.
  3. المزيج المناسب من مصادر التمويل القصيرة الأجل والطويلة الأجل وحقوق المالكين، ذلك في ضوء تركيبة الموجودات.

والى جانب تلك الاعتبارات، ولضمان اختيار الأنسب من بين ما هو متاح، لا بد أن تتوافر لدى الإدارة المالية للمؤسسة القدرات الكافية لتقييم أثر استعمال مصادر التمويل المختلفة في ربحية المؤسسة وقيمتها الحالية، كما يتوجب عليها قبل أن تستقر على أي من مصادر التمويل، أن تكون ملمّة بالمصادر المتاحة جميعها، وطبيعة كل واحد منها، وميزانه، وعيوبه، ومدى توافره، وكذلك كلفة كل منها والإجراءات اللازمة للحصول عليه. إذ أن إجراءات إصدار رأس المال تختلف عن إجراءات إصدار الإسناد، كما يختلف هذان المصدران في إجراءات الاقتراض المباشر من البنوك مثلا. فالأولى تتطلب إجراءات وشكليات ينص عليها القانون، في حين أن إجراءات الاقتراض هي إجراءات بسيطة تتمثل في التفاوض على شروط القرض، وتوقيع العقود المرتبطة به مع البنك أو مجموعة البنوك المُقرضة.

الأسواق المالية

تعتبر الأسواق المالية (بالإنجليزية: FINANCIAL MARKETS) المصدر الرئيسي للتمويل الذي تحتاجه المؤسسات.

وتُعرف الأسواق المالية بأنها عبارة عن مجموعة المؤسسات (بالإنجليزية: INSTITUTIONS) والإجراءات (بالإنجليزية: PROCEDURES) التي تسهل تداول الأوراق المالية بمختلف أنواعها.

وتلعب الأسواق المالية دورًا مهمًا في توزيع الوفورات التي تتحقق لدى بعض وحدات الاقتصاد القومي على تلك الوحدات (في هذا الاقتصاد) التي تحتاج إليها لتمويل احتياجاتها للنمو والتطور، وبذلك تمكنها من السير بمشاريعها دون الحاجة إلى الانتظار لحين وصول وفوراتها إلى ما يكفي لتلبية هذه الاحتياجات.

ويجري في الأسواق المالية بيع وشراء المطالبات المالية (بالإنجليزية: FINANCIAL CLAIMS).

ويتم التمييز بين سوقين اثنين، وذلك حسب استحقاق الأدوات المتداولة في كل منهما، وهذين السوقين هما:

  1. السوق النقدي
  2. والسوق الراسمالي

السوق النقدي

يُقصد بالسوق النقدي (بالإنجليزية: MONEY MARKET) جميع المؤسسات والإجراءات التي تسهل تداول الأوراق المالية ذات السيولة العالية التي لا تزيد مدتها على سنة.

ومن الأوراق المتداولة في مثل هذا السوق:

  • الأوراق المالية الحكومية القصيرة الأجل
  • والأوراق التجارية (بالإنجليزية: COMMERCIAL PAPERS)
  • والقبولات المصرفية

السوق الرأسمالي

يعني السوق الرأسمالي (بالإنجليزية: CAPITAL MARKET) مجموعة المؤسسات والإجراءات التي تسهل تداول الأوراق المالية الطويلة الأجل مثل الأسهم والسندات.

مصادر التمويل

يُتاح أمام المؤسسات التجارية الحصول على الأموال اللازمة لتغطية احتياجاتها، إما من المصادر الداخلية أو الخارجية ولفترات قصيرة أو طويلة الأجل. ويمكن تصنيف مصادر التمويل (بالإنجليزية: SOURCES OF FINANCE) هذه إما من حيث المصدر أو من حيث الملكية، أو من حيث الزمن وذلك كالتالي:

من حيث المصدر

يتم تقسيم مصادر التمويل من حيث المصدر إلى:

  1. مصادر داخلية (كالأرباح المحتجزة والاستهلاك وبيع الأصول).
  2. مصادر خارجية (كالاقتراض وإصدار الأسناد وتسهيلات الموردين).

من حيث الملكية

يتم تقسيم مصادر التمويل من حيث الملكية إلى:

  1. مصادر من مالكي المؤسسة (كزيادة رأس المال والاحتفاظ بجميع الأرباح أو جزء منها).
  2. مصادر من المُقرضين (مثل البنوك، أو موردي الآلات والمعدات ومؤجريها، وموردي المواد .. إلخ).

من حيث الزمن

يتم تقسيم مصادر التمويل من حيث الزمن إلى:

  1. مصادر طويلة الأجل
  2. مصادر متوسطة الأجل
  3. ومصادر قصيرة الأجل

محددات الاختيار بين مصادر التمويل

عندما تتخذ المؤسسة قرارها بخصوص تركيبة أصولها، تتولى الإدارة المالية تقييم مصادر التمويل المحتملة في ظل مجموعة من الاعتبارات.

وهذه الاعتبارات هي:

  1. مقدار الأموال التي تحتاج إليها المؤسسة والفترة الزمنية التي ستحتاج خلالها إلى هذه الأموال.
  2. ملاءمة مصادر التمويل للاستخدامات التي سيتم تمويلها.
  3. كلفة التمويل مقارنة مع الكلفة السائدة في الأسواق ومع عائد الاستثمار المتوقع.
  4. مواعيد التسديد وتزامنها مع التدفقات النقدية المتوقع تحقيقها من الموجودات الممولة.
  5. القيود التي قد تفرض على المؤسسة المقرضة من مصادر التمويل، كشرط عدم الاقتراض الإضافي، وشروط عدم توزيع الأرباح، والمحافظة على بعض النسب المالية طوال فترة الاقتراض.

خصائص مصادر التمويل

لكل مصدر من مصادر التمويل مجموعة من الخصائص المتميزة عن بقية المصادر الأخرى.

هذا ويمكن تناول جميع هذه المصادر من جوانب عديدة، أهمها ما يلي:

الاستحقاق

الاستحقاق أو (بالإنجليزية: MATURITY) يعني الموعد الذي يتوجب فيه على المقترض رد الدين الى الدائن.

هذا وتختلف أموال الاقتراض عن أموال أصحاب المشروع المقدمة منهم على شكل رأسمال أو على شكل أرباح محتفظ بها.

وفيما يلي مظاهر هذا الاختلاف:

  1. للقروض آجال معينة ينبغي أن تُسدد فيها بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى ويؤدي عجز المؤسسة المقترضة عن التسديد إلى مقاضاتها وإجبارها على التصفية.
  2. لأموال الملكية صفة الاستثمار الدائم، دون أن يعني ذلك التأبيد في الاستثمار، حيث أن باستطاعة المستثمر: إما بيع حصته، أو تصفية المؤسسة لاسترداد أموال. كما أنه يمكن في بعض أنواع المشاريع الاتفاق على تاريخ محدد لانتهائها، وبعد ذلك التاريخ تتم تصفية المشروع ما لم يتم اتفاق على تجديده لفترة أخرى.

إن مسألة استرداد المالك لاستثماره الكامل في مشروع أو مؤسسة معينة أمر يتوقف على حالة ومركز المؤسسة، إذ قد يتمكن من استرداد أكثر من استثماره إذا كان المشروع ناجحًا أو أقل من هذه القيمة إذا لم يكن الأمر كذلك.

وبشكل عام، تؤدي زيادة الاقتراض إلى زيادة المخاطر المالية للمؤسسة، في حين تؤدي زيادة رأس المال إلى زيادة صافي قيمة المؤسسة وتخفيض المديونية، وبالتالي تخفيض المخاطر المالية المرتبطة بذلك وتحسن مركزها الانتمائي.

الحق على الدخل

هناك ثلاثة مظاهر تميز أموال الاقتراض من أموال الملكية في مجال الحق على الدخل أو (بالإنجليزية: CLAIMS ON INCOME)، وهي:

1. الأولوية

تعني الأولوية حق الدائنين بالحصول على أصل قروضهم وفوائدها قبل حصول مالكي المشروع على أي من حقوقهم.

وفي بعض الحالات، قد يضطر مالكو المشروع إلى التوقف عن توزيع الأرباح تحت ضغط الدائنين إذا كان مثل هذا التوزيع سيؤدي إلى تهديد أولوية الدائنين أو يؤخر استيفاء حقوقهم.

وإلى جانب أولوية الدائنين على المالكين، هناك أولويات أيضًا بين الدائنين أنفسهم إذ يتقدم الدائنون أصحاب الامتياز على الدائنين العاديين، حيث يحصل العمال كما تحصل المؤسسات الحكومية على حقوقها من المشروع قبل حصول الدائنين العاديين على حقوقهم.

2. التأكد

يمتاز الدائنون العاديون على المالكين بالتأكد من الحصول على دينهم وفوائده في المواعيد المتفق عليها للدفع، بغض النظر عن تحقيق المؤسسة للأرباح أو عدم تحقيقها لذلك، وإن فشلت في الدفع فإنها تعرض نفسها للملاحقة القانونية. أما المالكون فلا يحصلون على الأرباح إلا بعد تحققها واتخاذ قرار بتوزيعها وبعد دفع التزاماتهم للمقرضين. وبالرغم من أن درجة التأكد في تحصيل الدخل أعلى لدى الدائنين منها لدى أصحاب المشروع، إلا أن ذلك لا يعني التأكد المطلق بحصول الدائنين على كامل حقوقهم، لأن خسارة الشركة وإفلاسها، وعدم كفاية ما يتحقق من التصفية للوفاء بالديون سيعني خسارة للدائنين بمقدار النقص الحاصل.

3. مقدار الدخل

إن ما يحصل عليه الدائنون من المؤسسة المقترضة يكون عادة مقداره محددًا وثابتًا بغض النظر عن النتائج المحققة.

أما بالنسبة إلى المالكين، فإن ما يحصلون عليه من ربح أو خسارة غير محدد، فإن تحققت الأرباح المجزية نجدهم يحتفظون بجميع ما يزيد على حقوق الدائنين.

وإن كانت هناك خسارة فهم مجبرون أيضًا على دفع حقوق الدائنين وتحمل الخسارة.

الحق على الموجودات

وإذا ما بقيت عمليات المؤسسة مربحة، وبقيت قادرة على الوفاء بالتزاماتها، واستمرت في دفع ما يتحقق عليها لجميع دائنيها في مواعيد الاستحقاق، يكون اهتمام المستثمرين مركزًا على العائد المحقق على استثماراتهم؛ لكن إذا وُوجهت المؤسسة بالمشكلات، وتمت تصفيتها يتوجه الاهتمام نحو قيمة أصولها والأولويات على هذه القيمة لاستيفاء كل من الدائنين والمستثمرين لحقوقهم من الموجودات أو (بالإنجليزية: CLAIMS ON ASSETS).

وهناك قواعد عامة تحكم توزيع حصيلة تصفية المؤسسات، وبموجب هذه القواعد يتم توزيع هذه الحصيلة، ويراعى الترتيب التالي:

  1. الدائنون الممتازون
  2. الدائنون المؤمنون برهونات على موجودات المؤسسة
  3. والدائنون العاديون غير المؤمنين برهونات على موجودات المؤسسة
  4. الملاك الممتازون (حملة الأسهم الممتازة)
  5. حملة الأسهم العادية

هذا ولا تستوفى فئة من الفئات أيّا من حقوقها قبل أن تستوفي الفئة التي تسبقها كامل حقوقها.

وإذا كانت حصيلة التصفية غير كافية لتسديد الدائنين العاديين، فإنه يتم توزيع المبلغ المتوافر لهم بشكل نسبي بينهم.

الإدارة والسيطرة

إدارة الشركة حق من حقوق المالكين العاديين (حملة الأسهم في الشركات المساهمة وأصحاب الشركات العادية).

ولا يملك الدائنون ولا المالكون الممتازون مثل هذا الحق، وتوضيح ذلك فيما يلي:

  • فالدائنون ليس لهم أي صوت مباشر في إدارة المؤسسة، لكن لا يمكن تجاهل تأثيرهم غير المباشر في هذه الإدارة الذي يمكن أن يظهر من خلال وضعهم لبعض الشروط في عقود الاقتراض، كالمحافظة على نسب مالية معينة طوال حياة القرض، أو عدم توزيع الأرباح، أو تخصيص مبالغ محددة لأجل الوفاء للدائنين. إن أهمية تأثير الدائنين في إدارة الشركة مصدره حاجة هذه الإدارة إلى كسب دعم الدانتين، لأن الحاجة إليهم تبقى مستمرة باستمرار حياة المؤسسة.
  • كذلك لا يشترك أصحاب رأس المال الممتاز في الإدارة بسبب ما يتمتعون به من أولوية تجاه المالكين العاديين، لكن قد يكون لهم صوت محدود إذا ما تهددت مصالحهم.
  • أما الإدارة الفعلية للمؤسسة فهي مسؤولية حملة الأسهم العادية الذين يقومون باختيار مجلس الإدارة ليتولى الإدارة نيابة عنهم.

والحكمة في بقاء الإدارة في أيدي حملة الأسهم العادية في كونهم الأكثر تعرضًا للأخطار بالمقارنة مع الدائنين وأصحاب الحقوق الممتازة.

إذ أنهم لا يحصلون على أي دخل إلا بعد حصول الدائنين وأصحاب الامتياز على حقوقهم، ومن ثم يكونون أصحاب أكبر مصلحة في الحصول على ربح يفي باحتياجات الدائنين والملاك الممتازين ليظل لهم عاندًا مناسبًا. لذا فليس من المتوقع أن يقبل مثل هؤلاء المستثمرين باستثمار أموالهم في أية مؤسسة تحت مثل هذه الظروف إلا إذا كانت لديهم القوة الكافية للسيطرة على إدارتها.

المرونة

يوفر الاقتراض للمؤسسة المرونة في التمويل أو (بالإنجليزية: FLEXIBILITY) أكثر من تلك التي يوفرها التمويل عن طريق إصدار الأسهم.

فالاقتراض متوافر بأنواع متعددة ومواعيد متفاوتة وبكميات تناسب الحاجة.

في حين لا يتوافر مثل ذلك عند التمويل عن طريق زيادة رأس المال، لأن التمويل بمثل هذه الطريقة يتطلب أن يكون حجم الإصدار بمستوى معين يبرر تحمل عناء وتكاليف وإجراءات الإصدار.

الأثر على العوائد

يظهر الأثر على العوائد (بالإنجليزية: EFFECT ON RETURNS) في عدة أشكال، فالاقتراض أقل أثرًا في تآكل (بالإنجليزية: DILUTION) العوائد بالمقارنة مع زيادة رأس المال، لأن حق المقرض يقتصر على الفوائد التي سيتم استيعاب جزء منها من خلال الضريبة، وهو بذلك لا يزيد قاعدة توزيع الأرباح.

وذلك بعكس زيادة رأس المال التي تؤدي إلى زيادة قاعدة التوزيع وحقوقها في الأرباح الخاضعة للضريبة.

أنواع الأموال ومصادر التمويل المتاحة للمؤسسات

بشكل عام، يُتاح للمؤسسات التجارية المصادر التمويلية التالية:

الاقتراض

إذ بمستطاع المقترض الحصول على:

  1. قروض قصير الأجل
  2. قروض متوسطة الأجل
  3. القروض طويلة الأجل

زيادة مساهمة أصحاب المؤسسة

يمكن زيادة مساهمة أصحاب المؤسسة من خلال:

  1. إصدار أسهم ممتازة
  2. زيادة حقوق حملة الأسهم العادية والذي يمكن أن يتم من خلال:
  3. زيادة رأس المال عن طريق طرح مزيد من الأسهم العادية
  4. وزيادة الأرباح غير الموزعة

العوامل المحددة لأنواع التمويل

تختلف الهياكل المالية للمؤسسات في مكوناتها:

  • فبعضها يعتمد بشكل رئيس على الأموال الذاتية لتلبية احتياجاته المالية
  • في حين يعتمد الأخر إلى حد كبير على الأموال المقترضة
  • والبعض قد يختار أمرًا وسطًا بين ذلك

هذا الأمر يضعنا أمام تساؤل حول الأسباب التي تؤدي إلى وجود مثل هذه الاختلافات في تركيبة الجانب الأيسر في ميزانيات مؤسسات الأعمال من حيث طبيعة المصدر، كما يضعنا أمام تساؤل حول العوامل التي يحدد في ضوئها المصدر الأنسب للتمويل.

والجواب على الشق الأول هو أن هذه الاختلافات هي نتيجة لعدة عوامل متنازعة تتراوح بين:

  • ظروف المؤسسة نفسها،
  • والحالة الاقتصادية،
  • وتوافر الأنواع المختلفة من الأموال،
  • وطبيعة النشاط الذي تمارسه المؤسسة،
  • وتركيبة موجوداتها.

أما بخصوص العوامل التي تحدد في ضوئها أنواع الأموال المناسبة للمؤسسة، فيمكن أن نعدد منها ما يلي:

الملائمة بين طبيعة المصدر وطبيعة الاستخدام

القاعدة العامة في التمويل هي أن يتم تمويل الموجودات الثابتة من مصادر طويلة الأجل، كأموال الملكية أو القروض الطويلة الأجل.

أما المصادر القصيرة الأجل، فهي ملائمة لتمويل الاستخدامات القصيرة الأجل.

وتعتبر عملية الملاءمة بين طبيعة المصادر وطبيعة الاستخدامات عملية ضرورية لإيجاد ارتباط بين التدفقات النقدية المتوقع الحصول عليها من الأصول الممولة وتسديد الالتزامات الناشئة عن اقتناء هذه الأصول. فالأصول الثابتة مثلا تقدم خدماتها لفترات زمنية طويلة، وعن طريق استعمال هذه الخدمات وبيع المنتجات يتوقع أن تحصل المؤسسة (إذا كانت عملياتها مرضية) على فائض من التدفق النقدي المتمثل في الأرباح المحققة مضافًا إليها استهلاك الموجودات الثابتة نفسها. ولما كانت مثل هذه الفوائض لا تكفي لسداد قيمة الموجودات الثابتة الممولة خلال فترة مالية واحدة، لذا وجب ترتيب الوفاء بالديون المرتبطة بها على عدة فترات مالية بشكل يتناسب وحجم الفوائض النقدية المتحققة نتيجة حيازتها، وهي غالبًا ما تكون نسبة قليلة من قيمة هذه الأصول الثابتة.

ومبدأ الملاءمة يقضي أيضًا بتمويل احتياجات المؤسسة القصيرة الأجل من مصدر قصير الأجل، لأن تمويلها بواسطة مصدر طويل الأجل يتعارض وهدف الربحية، لأنه قد لا يكون بمستطاع المؤسسة إعادة الأموال للمقرضين عند انتهاء الموسم وتوافر الفوائض النقدية لديها، إذا كان التمويل من مصدر طويل الأجل، إما بسبب الحاجة إليها للموسم القادم، أو لوجود غرامات على التسديد المبكر، في حين يكون الأمر عكس ذلك في حالة التمويل من مصدر قصير الأجل، إذ يصفّى الدين بانتهاء الدورة التجارية وتحويل المؤسسة لموجوداتها من البضائع والديون إلى نقد وبذلك ينخفض مقدار ما تدفعه المؤسسة من فوائد على قروضها.

الدخل ومصادر التمويل

بمستطاع المؤسسات التجارية، كما سبق وأشرنا، تحسين الدخل (بالإنجليزية: REVENUE) أو العوائد التي تحققها على أموال أصحابها عن طريق الاقتراض بكلفة أقل من العائد المحقق على الموجودات.

ومن أهم الميزات التي يحققها التمويل عن طريق الاقتراض الثابت الكلفة (في الحالات التي تكون فيها كلفة الاقتراض أقل من العائد على الموجودات فقط) هو تحسين العائد على حقوق أصحاب المؤسسة بشكل أفضل مما لو كانت عمليات المؤسسة ممولة جميعها من قبل أصحابها، أي دون اقتراض. أما إذا كانت كلفة الاقتراض أعلى من العائد المحقق على الموجودات، فإن نتائج الرفع المالي ستكون عكسية حيث سينخفض العائد على حقوق المالكين.

وقد أوضحنا ذلك عندما تحدثنا عن الرفع المالي في الباب السابق.

الخطر ومصادر التمويل

يُنظر للخطر (بالإنجليزية: RISK) في مجال العوامل المحددة للتمويل من منظورين اثنين هما:

  1. خطر التشغيل
  2. خطر التمويل

ويرتبط الخطر الأول بطبيعة النشاط الذي تمارسه المؤسسة والظروف الاقتصادية التي تعمل فيها.

ويتوجب على المؤسسة أن تعتمد على المزيد من رأس المال في الحالات التي تكون فيها مخاطر التشغيل مرتفعة بدلا من الاعتماد على الاقتراض.

لأن عدم انتظام حجم النشاط سيؤثر في قدرة المؤسسة على خدمة دينها.

وقد تتعرض المؤسسة للإفلاس إذا ما كانت أعباء خدمة الدين أكبر من قدرتها.

أما خطر التمويل فينتج عن زيادة الاعتماد على الاقتراض في تمويل عمليات المؤسسة.

ويؤدي مثل هذا الاعتماد المتزايد إلى زيادة أعباء خدمة الدين، وقد يعرض المؤسسة للفشل في حالة عجزها عن خدمة دينها.

وعندما تواجه المؤسسة الفشل تتهدد مصالح المالكين أكثر من غيرهم، لأنهم آخر من يستوفي حقه عند تصفية المؤسسة.

الإدارة والسيطرة

بقاء الإدارة والسيطرة أو (بالإنجليزية: MANAGEMENT AND CONTROL) على المؤسسة في أيدي المالكين الحاليين من العوامل التي تلعب دورا بارزًا في تخطيط مصادر التمويل. لهذا السبب، كثيرًا ما نجد المالكين المسيطرين يفضلون التمويل عن طريق الاقتراض، وإصدار الأسهم الممتازة بدلا من إصدار أسهم عادية، لأن الدانتين العاديين والممتازين كلهم لا يهددون مثل هذه السيطرة بصورة مباشرة، لأنهم لا يملكون التدخل في الإدارة.

ومثل هذا الأمر لا يمكن له أن يحدث باستمرار، لأن التوسع في الاقتراض قد يؤدي الى ارتفاع مديونية المؤسسة وعجزها عن القيام بخدمة دينها وإفلاسها.

لذا سيكون من الأفضل تفادي الإفلاس بالتضحية بجزء من السيطرة عن طريق زيادة رأس المال ودخول بعض الملاك الجدد.

المرونة ومصادر التمويل

وتعني المرونة (بالإنجليزية: FLEXIBILITY) قدرة المؤسسة على زيادة أو تخفيض الأموال المقترضة تبعًا للتغيرات الرئيسية في الحاجة إلى الأموال.

كما تعني المرونة تعدد الخيارات المستقبلية المتاحة أمامها خاصة إذا ما تعددت مصادر التمويل المتاحة بشأن الحصول على الأموال.

ويتيح توافر المرونة للمؤسسة ما يلي:

  1. إمكانية الخيار من بين بدائل عديدة عندما تحتاج المؤسسة إلى التوسع أو الانكماش في مجموع الأموال التي تستخدمها.
  2. إمكانية استخدام المتاح من الأموال عند الحاجة.
  3. زيادة قدرتها على المساومة مع مصادر التمويل.

هذا وتفقد المؤسسة الكثير من مرونتها في الحالات التالية:

  1. إذا زادت التزاماتها، لأن الزيادة تحد من القدرة على الاقتراض بشروط معقولة، بالرغم من توافر الأموال في الأسواق، وقد لا تستطيع الاقتراض مطلقا، الأمر الذي يضطرها للجوء الى زيادة رأس المال.
  2. تقديم ضماناتها للقروض الأولى التي حصلت عليها يجعل من أية قروض جديدة تتطلب ضماناتها أسوة بالقروض القديمة، وعدم توافر هذه الضمانات يحد من قدرتها على الاقتراض.
  3. الالتزام بموجب اتفاقيات الاقتراض السابقة بشروط تحد من قدرتها على الاقتراض.

وتحتاج المؤسسة للمرونة عند التوسع وعند الانكماش.

فإذا رغبت في التخلص من بعض الأصول واستعمال حصيلتها بتخفيض التزاماتها، فإن الأموال المقترضة تحقق لها هذه الميزة عندما يحين استحقاقها، وتتحقق لها الميزة بشكل أفضل إذا كان هناك شرط يعطيها حق الدفع المسبق أو استدعاء الأسناد قبل موعدها.

التوقيت ومصادر التمويل

المقصود بالتوقيت أو (بالإنجليزية: TIMING) هو تحديد المؤسسة للوقت الذي ستدخل فيه إلى السوق مقترضة لأجل الحصول على الأموال وفق ما يلي:

  • بأدنى كلفة ممكنة
  • وبأفضل الشروط

لكن حاجة المؤسسة إلى الأموال في بعض الأحيان قد تلغي قدرتها على التوقيت. إذ قد تضطر إلى الدخول إلى سوق الاقتراض على الرغم من عدم مناسبة التوقيت.

وفي كل الأحوال، يجب أن يُنظر للتوقيت في إطار قدرة المؤسسة على قراءة الأسواق المالية والأحداث المتوقعة.

معايير المديونية للصناعة

هناك مستويات متعارف عليها لنسبة إجمالي الديون إلى صافي حقوق المساهمين لمختلف أنواع الصناعات، أو ما يسمى معايير المديونية للصناعة (بالإنجليزية:INDUSTRIAL DEBT STANDARDS)، ويجب ألاّ تشذ المؤسسة في حجم مديونيتها عن هذا النمط، لأن الشذوذ عن الأنماط المتعارف عليها ينبه الدائنين ويجعلهم يشكّون في سلامة الموقف المالي للمقترض.

الظروف الاقتصادية العامة

قد تشجع ظروف الرواج الاقتصادي على توسع المؤسسات في الاقتراض لتمويل عملياتها بدلا من الاعتماد على زيادة رأس المال.

لأن ظروف الرواج تعطي المؤسسات ثقة بقدرتها على خدمة دينها.

وبشكل عام فإن الظروف الاقتصادية العامة أو (بالإنجليزية: GENERAL ECONOMIC CONDITIONS) من العوامل المؤثرة في اختيار أنواع التمويل.

حجم المؤسسة

حجم المؤسسة أو (بالإنجليزية: SIZE) عامل مؤثر في قدرتها على التوسع في الافتراض.

فالمؤسسات ذات المصادر المالية الكبيرة وذات الحجم الواسع غالبًا ما تتمتع بثقة مصادر التمويل أكثر من الثقة التي تتمتع بها المؤسسات الصغيرة.

التصنيف الائتماني للمؤسسة

التصنيف الائتماني (بالإنجليزية: CREDIT RATING) هو عبارة عن رأي فني في ملاءة المؤسسة المصنفة.

فكلما كان هذا الرأي إيجابيًا زادت قدرة المؤسسة على زيادة مصادرها التمويلية سواء عن طريق الاقتراض أو زيادة رأس المال.

نمط التدفق النقدي

المقصود بنمط التدفق النقدي أو (بالإنجليزية: PATTERN OF CASH FLOW) هو الفترة الزمنية التي تنقضي على الاستثمار حتى يبدأ بتحقيق النقد من عملياته.

فالفترة الطويلة التي تنقضي حتى تبدأ المؤسسة بتحقيق النقد لها آثار سلبية على السيولة.

لكن يمكن تفادي هذا الأثر السلبي باختيار مصادر تمويل يتزامن وقت سدادها مع مواعيد دخول النقد إلى المؤسسة.

ومن أفضل مصادر التمويل من منظور السيولة هو رأس المال.

فبالإضافة إلى عدم الحاجة إلى إعادة رأس المال لأصحابه كما الاقتراض، فإن بالإمكان تعديل الأرباح الموزعة له حسب الظروف، إذ يمكن أن تتراوح النسب الموزعة كربح بين الصفر ونسبة معقولة. بينما لو تم التمويل بواسطة قرض، فإن دفعات الفائدة والأقساط ستشكل عبئًا أكبر والتزامًا بدفع هذه الالتزامات حتى ولو لم يتحقق أي دخل.

طاقة الاقتراض

قد يكون استعمال الدين لتمويل عمليات المؤسسة مواتيًا للمؤسسة من ناحية ضريبية، لأن الفائدة تشكل نفقة وتقطع من الدخل الخاضع للضريبة، لكن قدرة المؤسسة على الاقتراض أو طاقة الاقتراض (بالإنجليزية: DEBIT CAPACITY) وقدرتها على تقديم الضمانات تحد من إمكانية الاستفادة من الاقتراض دون حدود.

المراجع

  • موسوعة الإدارة المالية، العلوم المالية والمصرفية، مركز البحوث والدراسات متعدد التخصصات، 2023.
error:
Scroll to Top