أهداف الإدارة المالية (2) السيولة

تتمحور أهداف الإدارة المالية (بالإنجليزية: Objectives of Financial Management) حول الموازنة بين المحافظة على وجود المؤسسة وحمايتها من خطر الإفلاس والتصفية وبين تحقيق العائد المناسب على الاستثمار. وضمن هذا الإطار العام، يمكن تحديد أهداف الإدارة المالية في المؤسسة على النحو التالي:

  1. تعظيم القيمة الحالية للمؤسسة
  2. السيولة
  3. الربحية
  4. العائد على الاستثمار

ويتم تناول كل من هذه الأهداف بشيء من التفصيل.

أهداف الإدارة المالية (2) السيولة

تُعبِّر السيولة (بالإنجليزية: Liquidity) عن قدرة المؤسسة على مواجهة التزاماتها القصيرة الأجل، المتوقعة منها وغير المتوقعة، عند استحقاقها من خلال التدفق النقدي العادي الناتج عن مبيعاتها وتحصيل ذممها بالدرجة الأولى، ومن خلال الحصول على النقد من المصادر الأخرى بالدرجة الثانية.

مفاهيم السيولة

هناك مفهومان للسيولة، هما:

  1. المفهوم الكمي للسيولة
  2. مفهوم التدفق للسيولة

المفهوم الكمّي للسيولة

المفهوم الكمي للسيولة هو المفهوم الذي ينظر إلى السيولة من خلال الأصول الموجودة لدى المؤسسة والتي يمكن تحويلها إلى نقد في وقت ما خلال الدورة التجارية للمؤسسة. واستنادًا إلى هذا المفهوم، تٌقيَّم السيولة من خلال المقارنة بين كمية الأصول الممكن تحويلها إلى نقد خلال الفترة المالية بالاحتياجات النقدية لتلك الفترة.

ويؤخذ على هذا المفهوم ضيقه لاعتماده في تقييم السيولة على كمية الموجودات القابلة للتحويل إلى نقد، كما يؤخذ عليه فشله في اعتبار السيولة الممكن الحصول عليها من الاقتراض وزيادة رأس المال والأرباح.

مفهوم التدفق للسيولة

مفهوم التدفق للسيولة هو المفهوم الذي ينظر إلى السيولة على أنها كمية الموجودات القابلة للتحويل إلى نقد خلال فترة معينة مُضافًا إليها ما يمكن الحصول عليه من المصادر الأخرى للأموال.

تعريف السيولة

استنادًا إلى مفاهيم السيولة المُوضحة أعلاه، يمكن وضع التعريفات التالية للسيولة:

  1. السيولة هي أن تتوافر الأموال عند الحاجة إليها.
  2. كما أن السيولة هي القدرة على توفير الأموال بكلفة معقولة لمواجهة الالتزامات عند استحقاقها.
  3. والسيولة هي القدرة على تحويل بعض الموجودات إلى نقد جاهز خلال فترة قصيرة دون خسارة مهمة.

غايات السيولة

تعطى سيولة المؤسسة على المدى القصير كل الأهمية، لأن السؤال الذي يُثار دائمًا هو: ما قيمة كل المؤشرات الجيدة للأداء إذا كان وجود المؤسسة نفسه مهددًا بالخطر بسبب مشكلة السيولة؟

ويحقق توافر السيولة العديد من الميزات الإيجابية، منها:

  1. تعزيز الثقة بالمؤسسة من قِبل المتعاملين معها ومن قِبل مقرضيها أيضًا.
  2. تجنب دفع كلفة عالية للأموال إذا ما اضطرت المؤسسة لتأمين السيولة اللازمة لها من خلال الاقتراض.
  3. الوفاء بالالتزامات عند استحقاقها وتفادي الإفلاس، وفي ذلك تأمين لاستمرار المؤسسة.
  4. مواجهة متطلبات التشغيل والإنتاج.
  5. مواجهة الانحرافات غير المتوقعة في التدفقات النقدية.
  6. ومواجهة الأزمات عند وقوعها.
  7. القدرة على مواجهة متطلبات النمو.
  8. المرونة في الخيار لأن توافر السيولة لدى المؤسسة يُمكِّنها من البحث عن المصدر الأفضل عندما ترغب في الحصول عليه دون أن تكون مقيدة بمصدر معين.
  9. القدرة على استغلال الفرص.
  10. إمكانية الحصول على خصومات من الموردين.

مصادر السيولة

هناك مصادر للسيولة لكل مؤسسة، ومنها:

  1. بيع السلع والخدمات الموجودة لدى المؤسسة نقدًا.
  2. تحويل الموجودات المتداولة إلى نقد خلال الدورة التجارية.
  3. بيع الموجودات الأخرى نقدًا.
  4. استعمال المصادر الخارجية للنقد مثل الاقتراض.
  5. زيادة رأس المال أو الأرباح المُحتفظ بها دون توزيع.

سيولة المؤسسة وسيولة الأصل

بشكل عام، يجب التفرقة بين مفهومين للسيولة، وهما:

سيولة المؤسسة: وهي قدرتها على مواجهة التزاماتها عند حلول أجلها، وهذا يعني مفهوم السيولة المُشار إليه سابقًا.

سيولة الأصل: وهي عبارة سرعة تحويل الأصل إلى نقد جاهز، ويُحكم على سيولة الأصل من خلال:

  1. الوقت اللازم لتحويل الأصل إلى نقد.
  2. درجة التأكد من تحويل هذا الأصل إلى نقد بدون خسارة في قيمته.

أسباب مشكلات السيولة

تنجم مشكلات السيولة في المؤسسات نتيجة لخطأ في إدارة الموجودات المتداولة بشكل رئيسي، أو نتيجة لخطأ في تركيبه الجانب الأيسر للميزانية، بسبب عدم التوازن بين طبيعة المصادر والاستخدامات.

وبشكل أكثر تحديدًا، يمكن القول بأن مشاكل السيولة لدى المؤسسات يمكن أن تكون نتيجة لواحد أو أكثر من الأسباب التالية:

  1. استثمار المؤسسة لأموالها في موجودات يصعب تحويلها إلى نقد في الوقت المناسب.
  2. عدم التزامن بين مواعيد وفاء الالتزامات ومواعيد تدفق النقد للمؤسسة.
  3. تحقيق المؤسسة لخسارة في عملياتها، الأمر الذي يؤدي إلى استنزاف مواردها.
  4. عدم التوازن بين نمو التزامات المؤسسة وأعباء خدمتها وقدرة المؤسسة على تحقيق النقد من عملياتها.

النتائج السلبية لمشكلة السيولة

يؤدي استمرار مشكلة السيولة لدى المؤسسة وتطورها إلى عدة نتائج سلبية، فالمراحل الأولى تؤدي إلى:

  1. الحد من قدرة المؤسسة على اغتنام الفرص المُتاحة
  2. فوات فرص الحصول على الخصومات النقدية عند الشراء.
  3. فقدان حرية الاختيار والحركة

أما المراحل المتقدمة من مشكلة السيولة فيمكن أن تؤدي إلى:

تصفية بعض الاستثمارات والموجودات في وقت غير مناسب.

الإفلاس وتصفية المؤسسة مع ما يترتب على ذلك من خسائر للدائنين و/أو الموردين و/أو المستثمرين.

مقاييس السيولة

هناك عدة مقاييس للسيولة، ومنها:

نسبة التداول: وتقيس مدى كفاية الموجودات المتداولة لتغطية الديون قصيرة الأجل على المؤسسة.

نسبة السيولة السريعة: وتقيس مدى كفاية الموجودات المتداولة باستثناء البضاعة والمدفوعات مقدمًا لتغطية الديون قصيرة الأجل على المؤسسة.

صافي رأس المال العامل: ويقيس الفرق الكمّي بين الموجودات المتداولة والمطلوبات المتداولة.

معدل دوران الموجودات المتداولة: ويقيس السرعة التي تتحول بها الموجودات المتداولة إلى نقد.

معدل دوران الحسابات المدينة والبضاعة: ويقيس السرعة التي تتحول بها موجودات المؤسسة من بضاعة وديون إلى نقد.

وسوف يتم تناول هذه المقاييس بالتفصيل في موضوع التحليل المالي بالنسب.

السيولة والربحية

يخضع أحد أهم أهداف الإدارة المالية النهائي، وهو تعظيم القيمة الحالية للمؤسسة، بشكل كبير لتأثير هدفي السيولة والربحية.

وتتحقق ربحية المؤسسة من خلال تشغيل أصول المؤسسة بكفاية، أما السيولة فتتحقق من خلال الكفاءة في إدارة عناصر راس المال العامل، وفي قدرة المؤسسة في الحصول على التمويل القصير الأجل والطويل الأجل.

فالسيولة ضرورية لوفاء المؤسسة بالتزاماتها وتفادي مشكلات خطر الإفلاس والتصفية إن لم تتوافر السيولة ولو لفترة قصيرة، وفي نفس الوقت، فإن زيادة السيولة عن الحاجة قد يؤدي إلى تخفيض الأرباح نتيجة توظيف المؤسسة لجزء من أموالها في استثمارات ذات عوائد منخفضة.

والربحية ضرورية لقدرة المؤسسة على البقاء والاستمرار، لأن الخسارة المستثمرة ستؤدي إلى تلاشي حقوق المساهمين وبدء التهديد لحقوق الدائنين، وهو أمر غير مقبول منهم، وستؤدي بهم إلى التوقف عن مد المؤسسة بأي تمويل جديد والعمل على تقليص التمويل القديم حيث أمكن، ولتحقيق الربحية تسعى المؤسسات إلى توظيف أكبر قدر ممكن من أموالها في استثمارات ذات عوائد مرتفعة، الأمر الذي يتعارض بشكل عام مع أهداف الإدارة المالية في السيولة.

وعليه فإن تحقيق الهدف الأساسي للمؤسسة، وهو زيادة قيمتها الحالية، يتطلب الملاءمة بين هدفي السيولة والربحية، الأمر الذي يضيف بُعدًا جديدًا إلى وظائف الإدارة المالية في المؤسسة، وهو التوفيق بين هذين الهدفين المتعارضين، خاصة أن أسباب التناقض بين السيولة والربحية تعود إلى أن تحقيق أحدهما سيكون على حساب التضحية بشيء من الآخر. فزيادة السيولة تعني زيادة الأصول التي لا تحقق عائدًا عاليًا، وهذا يتعارض مع هدف الربحية وهدف زيادة القيمة الحالية للمؤسسة، كما أن الزيادة في الربحية تتطلب مزيدًا من الاستثمار في الأصول الأقل سيولة، وهذا نفسه يتعارض مع هدف السيولة ويعرض المؤسسة لمخاطر أكبر.

تلازم وتعارض السيولة والربحية

مما تقدم، يمكن القول بأن السيولة والربحية هدفان متلازمان من أهداف الإدارة المالية ولكنهما متعارضان، لذا يجب على الإدارة المالية للمؤسسة إعطاء عناية خاصة للموازنة بين هذين الأمرين، للأثار السلبية الكبيرة التي يمكن أن تنشأ عن عدم الموازنة بينهما، وذلك من خلال مراقبة دقيقة للتدفقات النقدية الداخلة والخارجة، حتى لا تكون هناك سيولة زائدة، وفي نفس الوقت عليها أن توجه استثماراتها إلى الغايات الأساسية التي قامت المؤسسة من أجلها دون المبالغة في التوسع على حساب السيولة.

ومن المناسب الإشارة إلى أنه ليس هناك تلازم دائم بين السيولة والربحية، إذ قد يتحقق كلاهما معًا فتكون ربحية المؤسسة مرتفعة، ومع ذلك قد تُعاني من أزمة سيولة، والعكس قد يكون صحيحًا.

أثر السيولة في استمرارية المؤسسة – العسر المالي

من أهم أهداف الإدارة المالية في تنظيم وإدارة مسألة السيولة في المؤسسة هو المحافظة على استمرار المؤسسة وإبعاد مخاطر العُسر المالي عنها. وإذا لم تتمكن المؤسسة من إدارة سيولتها بالشكل السليم فإنها قد تُواجه بعُسر مالي (مؤقت) يمكن تجاوزه، ولكنها قد تُواجه بعُسر مالي (دائم) يصعب تجاوزه، يؤدي في النهاية إلى تصفية المؤسسة وإنهاء وجودها.

ويُعرف العُسر المالي (بالإنجليزية: Insolvency)، بأنه عدم قدرة المؤسسة على مواجهة التزاماتها المُستحقة في مواعيدها.

وتواجه المؤسسات في حياتها نوعين من العسر المالي، وهما:

العسر المالي الفني

العسر المالي الفني (بالإنجليزية: Technical Insolvency)، هي الحالة التي تكون فيها موجودات المؤسسة – كمشروع قائم ومستمر – أكثر من ديونها، أي أن للمؤسسة قيمة صافية موجبة، ولكن هذه المؤسسة لا تكون قادرة على مواجهة الالتزامات التي تُستحق عليها في مواعيدها. وقد ينشأ ذلك عن التوسع في الاستثمار في أصول غير قابلة للتحويل إلى نقد، أو عدم الموازنة بين المصادر والاستخدامات أو الخسارة.

ويمكن التغلب على هذا النوع من العسر، خاصة إذا ما كانت فرص المؤسسة في العمل والنجاح قائمة، من خلال إعادة ترتيب استثماراتها في مختلف أنواع الموجودات، وتصفية ما يمكن الاستغناء عنه منها، والاحتفاظ بنقدية عالية أو الترتيب مع الدائنين لإعادة جدولة ديونهم بشكل مُريح.

العسر المالي الحقيقي

العسر المالي الحقيقي (بالإنجليزية: Real Insolvency)، هي الحالة التي تكون فيها قيمة موجودات المؤسسة – كمشروع قائم – أقل من ديونها، أي أن القيمة الصافية للمشروع إما أن تكون صفرًا أو قيمة سالبة، ويُصاحب العسر الحقيقي عسر فني، أي مشكلة سيولة وعدم قدرة على مواجهة الالتزامات المُستحقة في مواعيدها.

ومن الصعب التغلب على مشكلة العًسر المالي الحقيقي، لذا كثيرًا ما يقود هذا النوع من العُسر إلى تصفية المؤسسة، وخاصة عند إصرار الدائنين على الإسراع في تصفية المؤسسة تقليلا لخسائرهم، لاعتقادهم بأن مزيدًا من الانتظار قد يجر عليهم خسائر أكبر.

error:
Scroll to Top