أسس النظام الفعّال لإدارة مخاطر الكوارث
أ. المستندات المتعلقة بالكوارث
وعلى المستوى المحلي، تعتمد إدارة مخاطر الكوارث على شبكة من القوانين والسياسات والخطط والإجراءات. ويمكن أن يضطلع كل نوع من أنواع المستندات هذه بدور مهم للغاية. يمكن للقوانين أن توفر البنية الأساسية لنظام إدارة مخاطر الكوارث من خلال إنشاء سلطات معنية بإدارة الكوارث، وتحديد صالحيات وأدوار ومسؤوليات هذه السلطات وغيرها من الجهات الفاعلة الأخرى، وإنشاء آليات التنسيق، التي تتطلب مخصصات منتظمة في الميزانية، ووضع مبادئ أو أهداف توجيهية. يمكن للقوانين أيضًا أن تفرض إسناد المسؤولية عن المهام الرئيسية لإدارة مخاطر الكوارث (على سبيل المثال، تقييم المخاطر، والإنذار المبكر، والإدخال (وتسهيل أنشطة إدارة مخاطر الكوارث من خلال إنشاء استثناءات من القواعد العادية) أي إزالة “الروتين” وتمكين إعلان حالة الطوارئ أو الكارثة. بينما يمكن أن تؤدي السياسات والخطط بعض الوظائف المذكورة أعلاه، فإن فائدة القوانين تكمن في طبيعتها الملزمة، مما يعني أنها يمكن أن تنشئ حقوقً وواجبات قابلة للتنفيذ.
في حين أن معظم البلدان لديها قانون مخصص لحالات الكوارث، فإن درجة التفاصيل الواردة في هذا القانون تختلف. وأحد العوامل التي تؤثر على مستوى هذه التفاصيل هو نوع النظام القانوني الساري. في بعض الأنظمة القانونية، يوفر القانون موجزُا عامًا وتوجد التفاصيل في اللوائح أو المراسيم التنفيذية. وفي هذه الأنظمة، ربما لا تدخل أحكام قانون مواجهة الكوارث الرئيسية حيز التنفيذ إلا بعد وضع اللوائح أو المراسيم التنفيذية. وعلى النقيض، ففي أنظمة قانونية أخرى، يدخل القانون نفسه في قدِر كبير من التفاصيل ويصبح ساريًا بمجرد دخوله حيز التنفيذ. خلال العقدين الماضيين، وضعت العديد من الحكومات قانونًا لمواجهة الكوارث متعددة المخاطر يتناول الوقاية من الكوارث والتخفيف من آثارها والتأهب لها ومواجهتها والتعافي منها. لذا يوصي الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر عمو ًما بهذا النهج لأنه يوفر إطارًا وهيكلاً شاملين لنظام إدارة مخاطر الكوارث، يمكن من خلاله إنشاء مستندات وترتيبات أكثر تحديدًا.
كما تضطلع السياسات والإستراتيجيات والخطط والإجراءات أيضًا بدور رئيسي في إدارة مخاطر الكوارث. وترد أدناه الأدوار العامة لهذه الوثائق:
- يتمثل دور السياسات في وضع رؤية لإدارة مخاطر الكوارث (أو جانب محدد من إدارة مخاطر الكوارث). يمكن للسياسات تحقيق هذا الأمر من خلال تحديد المصطلحات الأساسية وتحديد المبادئ والأهداف والغايات والأولويات لإدارة مخاطر الكوارث. كما قد تحدد السياسات أيضًا الأنشطة أو المشاريع الرئيسية التي سيجري تنفيذها وتصف أدوار مختلف الجهات الفاعلة ومسؤولياتها. ومع ذلك، عادةً ما تصف السياسات هذه الأمور بطريقة عامة أو رفيعة المستوى، مع ظهور مزيد من التفاصيل في مستندات أخرى (عادةً ما تكون مستندات أو خططًا قانونية).
- يتمثل دور الخطط في تحقيق الوضوح بشأن الضالعين في إدارة مخاطر الكوارث وماهيتها ومكانها وأوقاتها وأسبابها وطرق تنفيذها (أو جانب محدد من إدارة مخاطر الكوارث). عادةً ما تعمل الخطط على تحديد الأنشطة التي سيجري تنفيذها في كل قطاع وتعيين الأدوار والمسؤوليات لهذه الأنشطة. كما أنها عادةً ما تحدد آليات التنسيق وتبادل المعلومات. بينما قد تعمل القوانين والسياسات على معالجة هذه الأمور أيضًا، إلا أن الخطط تدخل بوجه عام في قدر كبير من التفاصيل التنفيذية. تمثل خطط الاستجابة للكوارث في حالات الطوارئ أمرًا شائعًا، ولكن يجب أيضًا إعداد الخطط للجوانب الرئيسية الأخرى لإدارة مخاطر الكوارث.
- تشكل الإستراتيجيات أنواعًا شائعة من المستندات المتعلقة بالكوارث. تشبه الإستراتيجيات في بعض الأحيان السياسات. كما تشبه الإستراتيجيات في بعض الأحيان مستندات السياسة / التخطيط الهجين. بمعنى أنها قد تحتوي على كل من عناصر السياسة (مثل التعريفات والمبادئ والأهداف) وعناصر التخطيط (أي وصف تفصيلي للأدوار والمسؤوليات وآليات التنسيق). ولذا، عمدت العديد من الدول إلى وضع إستراتيجيات على الصعيدين الوطني ودون الوطني للحد من مخاطر الكوارث باعتبار ذلك جزءًا من الوفاء بالتزاماتها بموجب إطار سينداي.
- يتمثل دور إجراءات التشغيل المعيارية (SoPs) في توفير مجموعة من الإرشادات التفصيلية لتوجيه الجهات الفاعلة في إدارة مخاطر الكوارث في أداء المهام الروتينية أو الرئيسية. لذا يمكن لإجراءات التشغيل المعيارية (SOPs) أن تعزز الكفاءة والجودة والاتساق، بالإضافة إلى الحد من الأخطاء أو عدم الامتثال للمعايير المطبقة أيضًا.
وعلى النقيض من ذلك، غالبًا ما يجري وضع السياسات والخطط والإجراءات لمخاطر أو وظائف أو أنشطة محددة. وهذا يمكن أن يؤدي إلى خطر التشرذم والتشتت. ومن الضروري أن تكون المستندات المختلفة لمواجهة الكوارث، والترتيبات العملية التي تنشئها، متسقة مع بعضها وأن تتجنب الازدواجية غير المطلوبة. علاوةً على ذلك، يجب أن تعالج أدوات مواجهة الكوارث المختلفة إجمالاً جميع المخاطر وجميع المناطق الجغرافية وجميع جوانب إدارة مخاطر الكوارث. إن وجود قانون شامل للكوارث يمكن أن يخفف من وطأة مخاطر التشرذم من خلال توفير إطار شامل يمكن من خلاله وضع سياسات وخطط وإجراءات مخصصة لمخاطر أو وظائف أو أنشطة محددة.
ويشير مصطلح “القوانين القطاعية” إلى أي قانون يتعلق بقطاع معين من النشاط (مثل الصحة والتعليم والإسكان والبيئة) ولكن هذا ليس قانون الكوارث. كما تضطلع العديد من القوانين واللوائح القطاعية المختلفة بدور مهم للغاية في إدارة مخاطر الكوارث. على سبيل المثال، يمكن للقوانين القطاعية المتعلقة بالبيئة واستخدام الأراضي والبناء أن تؤدي دورًا مهمًا في الحد من التعرض للمخاطر والتأثر بها). يمكن للقوانين القطاعية المتعلقة بالضرائب والهجرة والجمارك (من بين أمور أخرى) أن تؤدي دورًا مهمًا في تسهيل تقديم المساعدة الدولية في حالات الكوارث. وبالتالي، فمن المهم ألا يكون هناك مستندات قوية لمواجهة الكوارث فحسب، بل من المهم أيضًا تعميم أو دمج الأحكام المتعلقة بالكوارث في مجموعة كبيرة للغاية من القوانين واللوائح القطاعية.
ويوضح الرسم البياني أدناه الآلية التي تعمل من خلالها جميع أنواع المستندات المختلفة التي وردت في هذا القسم معًا لدعم نظام فعّال وشامل لإدارة مخاطر الكوارث.

وكما ورد أعلاه، يمكن للقوانين والسياسات أن تحدد المبادئ والأهداف والنُهج التوجيهية لإدارة مخاطر الكوارث. يوجد العديد من المبادئ والأهداف والنُهج المعترف بها على نطاق واسع على المستوى الدولي وفي كل من قطاعي المساعدة الإنسانية وقطاع إدارة مخاطر الكوارث على السواء. وتشمل هذه الآليات توفير الحماية والمساعدة الخاصة للفئات المهمشة والمعّرضة للخطر؛ وتنفيذ نهج يشمل جميع فئات المجتمع والدولة بأسرها؛ وتمكين السلطات المحلية والمجتمعات المحلية؛ واعتماد نهج متعدد المخاطر؛ من خلال زيادة الاستثمار في الوقاية والتخفيف والتأهب والإجراءات الاستباقية؛ وتحقيق التآزر بين إدارة مخاطر الكوارث والتكيف مع تغير المناخ والتنمية المستدامة. وينبغي للبلدان التي تعمد إلى مراجعة قوانينها وسياساتها المتعلقة بالكوارث أن تفكر في إدراج هذه المبادئ التوجيهية والأهداف والنُهج.
ب. الترتيبات المؤسسية
تتطلب إدارة مخاطر الكوارث الفعالة اتباع نهج “يشمل الدولة بأكملها” و”جميع فئات المجتمع” والذي يس ّخر معرفة وقدرات وموارد مجموعة كبيرة للغاية من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية. ويتطلب تنفيذ هذا النهج إنشاء ترتيبات مؤسسية قوية من خلال:
- تحديد السلطات الحكومية المسؤولة عن إدارة مخاطر الكوارث وتزويدها بمهام وأدوار ومسؤوليات تتسم بالوضوح والشمولية؛
- التحديد الواضح ألدوار ومسؤوليات جميع الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية الأخرى؛
- إنشاء مجموعة من آليات التنسيق الشاملة على مستويات مختلفة ولمراحل أو جوانب مختلفة لإارة مخاطر الكوارث.
ومن الناحية العملية، يمثل عدم كفاية التنسيق والاضطراب بشأن الأدوار والمسؤوليات تحديات كبيرة ومستمرة في إدارة مخاطر الكوارث. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تأخيرات وازدواجية وثغرات في أنشطة إدارة مخاطر الكوارث. وتحدد الأقسام الفرعية التالية الكيفية التي يمكن من خلالها القوانين والسياسات والخطط أن تسهم في مواجهة هذه التحديات من خلال إنشاء ترتيبات مؤسسية قوية.
المسؤولية الرئيسية عن إدارة مخاطر الكوارث
هناك العديد من الطرق المختلفة لتوزيع المسؤولية عن إدارة مخاطر الكوارث بين الجهات الحكومية. توزيع المسؤولية له بعدان رئيسيان: رأسي وأفقي.
- يشير التخصيص الرأسي إلى كيفية تقسيم المسؤولية بين الحكومات الوطنية والإقليمية والمحلية (أي البلدية). ويعتمد هذا الأمر إلى حد كبير على النظام الدستوري والسياسي للدولة. في العديد من البلدان، تتحمل الحكومة الوطنية المسؤولية الأساسية عن إدارة مخاطر الكوارث، وتوجد وكالة وطنية لإدارة مخاطر الكوارث والتي لها فروع أو مكاتب أو موظفون في المقاطعات والبلديات في أنحاء الدولة. في المقابل، في البلدان ذات النظام الفيدرالي، قد تتحمل حكومات الولايات المسؤولية الأساسية عن إدارة مخاطر الكوارث ويكون لها وكالتها الخاصة بإدارة مخاطر الكوارث.
- يشير التخصيص الأفقي إلى توزيع المسؤولية بين مختلف الجهات الحكومية على نفس المستوى (أو بين الأقسام المختلفة داخل نفس الإدارة أو الوكالة الحكومية). يمكن توزيع المسؤولية عن إدارة مخاطر الكوارث وفقًا للخطر، بمعنى أنه قد تكون هناك وكالات متخصصة لمخاطر أو مراحل أو وظائف أو أنواع محددة من النشاط. على سبيل المثال قد تكون هناك وكالة وطنية للتعافي أو وكالة وطنية للتصدي للكوارث النووية. وهذا النوع من التقسيم الأفقي للمسؤوليات يمكن أن يحدث أيضًا على المستويات الحكومية الأدنى.
خلال العقدين الماضيين، أنشأت العديد من الحكومات وكالة وطنية مكلفة بإدارة مخاطر الكوارث فيما يخص معظم (إن لم يكن جميع) المخاطر. بوجه عام، يوصي الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بهذا النهج لأنه يُنشئ هيئة حكومية واحدة ذات ولاية تتسم بالوضوح والشمولية لإدارة مخاطر الكوارث. كما يعمل هذا النهج بوجه عام على التقليل من احتمال وجود هيئات متعددة ذات ولايات متداخلة أو متضاربة.
وحتى عندما يكون لدى أي بلد وكالة وطنية لإدارة مخاطر الكوارث، فإن وجود درجة ما من التشرذم والتشتت في الترتيبات المؤسسية يكاد يكون أمرًا حتميًا. عادةً ما تُدار بعض مجالات إدارة مخاطر الكوارث، على سبيل المثال، إدارة المخاطر النووية أو المخاطر الصحية، من خلال وكالا منفصلة ومخصصة. وفي هذه الحالة، من المهم أن تكون المهام والأدوار والمسؤوليات المنوطة بالهيئات المختلفة واضحة، وألا تحدث أي تناقضات أو ازدواجية غير ضرورية. علاوة على ذلك، من المهم أن تشمل مهمات الهيئات وأدوارها ومسؤولياتها بصورة جماعية جميع المخاطر وجميع المناطق الجغرافية وجميع وظائف إدارة مخاطر الكوارث.
أدوار الجهات الفاعلة الأخرى ومسؤولياتها
بالإضافة إلى السلطات المعنية بإدارة الكوارث، تضطلع مجموعة كبيرة من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية بدور مهم للغاية في إدارة مخاطر الكوارث. تتولى العديد من الإدارات والوكالات القطاعية (مثل الصحة والإسكان والتعليم والخدمات الاجتماعية) مسؤولية توفير الخدمات الأساسية أثناء التصدي للكوارث والتعافي منها. ويتعين على هذه الإدارات والوكالات أن تتأهب للاستجابة للزيادة في الطلب على خدماتها، ولتقديم هذه الخدمات من خلال ُطرق بديلة، وتلبية الاحتياجات المحددة الناجمة عن الكوارث. كما تضطلع العديد من الجهات الفاعلة غير الحكومية، مثل القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني ومجموعات المجتمع المحلي، بدور مهم للغاية. وفي كثير من الأحيان، تعمد هذه الأنواع من الجهات الفاعلة إلى تنفيذ أنشطة إدارة مخاطر الكوارث بشكل مباشر، وفي بعض الحالات باستخدام التمويل الحكومي وغيرها من الموارد الأخرى.
في ضوء ما تقدم، من المهم أن تعمل القوانين والسياسات والخطط بوضوح على تحديد أدوار ومسؤوليات جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية المشاركة في إدارة مخاطر الكوارث، ولا يقتصر ذلك أدوار ومسؤوليات السلطات المعنية بإدارة الكوارث فحسب. وينبغي أن تكون الأدوار والمسؤوليات متناسبة مع قدرات وموارد كل جهة من الجهات الفاعلة. كما يمكن استخدام القوانين والسياسات لتحديد الأدوار والمسؤوليات على مستوى رفيع، بينما يجب أن تتدخل خطط الكوارث في المزيد من التفاصيل الفنية والتشغيلية من خلال توفير أوصاف أكثر دقة بشأن الضالعين في إدارة الكوارث وماهيتها ومكانها وأوقاتها وأسبابها وطرق تنفيذها. ولتوضيح الرؤية، تشير الخطط المعنية لمواجهة الكوارث إلى الجهات الفاعلة التي تضطلع بأدوار قيادية وداعمة لمختلف الأنشطة، وتحدد كيفية اختلاف الأدوار والمسؤوليات بين الوقاية من الكوارث والتخفيف من حدة آثارها، والتأهب لها، واتخاذ الإجراءات الاستباقية اللازمة، ومواجهتها، والتعافي منها.
تتمتع الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر (الجمعيات الوطنية) بوضع قانوني فريد باعتبارها هيئة مساعدة للسلطات العامة في ميدان الشؤون الإنسانية. ويُقصد بالدور المُساعد أن الجمعيات الوطنية تكمل أنشطة سلطاتها العامة في ميدان الشؤون الإنسانية، بما في ذلك إدارة مخاطر الكوارث. تتولى الجمعيات الوطنية عادةً تنفيذ أنشطة إدارة مخاطر الكوارث المجتمعية. كما يشاركون في عمليات التصدي لحالات الكوارث باعتبارهم مستجيبين أوليين. لذا ينبغي للقوانين المتعلقة بالكوارث وسياساتها وخططها أن تعترف بالدور المُساعد للجمعية الوطنية ذات الصلة في إدارة مخاطر الكوارث وأن تحدد بوضوح أدوارها ومسؤولياتها.
الحكومات والمجتمعات المحلية
تتمتع الحكومات المحلية بحضور مستمر قبل الكوارث وأثناءها وبعد وقوعها، على عكس الجهات الفاعلة الوطنية والدولية التي قد تأتي وتختفي بعد ذلك. وغالبًا ما تكون الحكومات المحلية على دراية بمخاطر الكوارث في المنطقة المحلية (أي المناطق أو الأصول الأكثر تعرضًا وضعفًا) وتتمتع هذه الحكومات بخبرة في التصدي للكوارث والتعافي منها. وعلاوة على ذلك، بالمقارنة مع المستويات الحكومية الأخرى، قد يكون لدى تلك الحكومات علاقات قوية تتسم بالثقة مع المجتمعات المحلية. وفي ضوء هذه العوامل، من الضروري أن تقدم القوانين والسياسات والخطط الدعم اللازم لدور الحكومات المحلية من خلال توضيح أدوارها ومسؤولياتها في الوقاية من الكوارث والتخفيف من حدة آثارها، والتأهب لها، واتخاذ الإجراءات الاستباقية، ومواجهتها، والتعافي منها. ومن المهم أيضًا أن تحصل الحكومات المحلية على ما يكفي، وما يمكن الاعتماد عليه، من التمويل لتنفيذ هذه المسؤوليات، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال آليات مثل مخصصات الميزانية العادية. فضلاً عن ذلك، من المهم إنشاء لجان و/أو آليات تنسيق لإدارة مخاطر الكوارث على مستوى الحكومة المحلية وأن تشمل هذه اللجان ممثلي المجتمع. وفي بعض البلدان، هناك درجة عالية من التباين في مستويات مخاطر الكوارث بين مختلف مناطق الحكم المحلي. وهذا الأمر يستدعي وضع آليات أو برامج لتوفير التمويل الإضافي والدعم الفني للحكومات المحلية التي تواجه مستويات عالية من مخاطر الكوارث.
وتمثل أهمية النهج المرتكز على المجتمع تجاه إدارة مخاطر الكوارث أمرًا معترف به على نطاق واسع. وغالبًا ما يكون أفراد المجتمع القائمين منذ زمن بعيد على دراية كبيرة بمخاطر الكوارث في المنطقة المحلية، واستنادًا إلى الخبرة السابقة، يمكنهم تحديد أنواع الدعم الذي يحتاجه المجتمع للحد من مخاطر الكوارث والتأهب للكوارث ومواجهتها والتعافي منها على نحو يتسم بالفعالية. علاوة على ذلك، فإن أفراد المجتمع أنفسهم يتولون المسؤولية في نهاية المطاف عن تنفيذ العديد من الإجراءات الأساسية اللازمة لحماية أنفسهم ومساكنهم وسبل عيشهم من المخاطر الطبيعية. ويترتب على ذلك أن النهج الذي يركز على المجتمع، والذي يتضمن مشاركة مجتمعية هادفة ومشاورات مستمرة حول تصميم وتنفيذ أنشطة إدارة مخاطر الكوارث، لديه القدرة على تحديد احتياجات المجتمع المحلي وتلبيتها بشكل أفضل. وفي كثير من الحالات، تضطلع المجتمعات بدور نشط في إدارة مخاطر الكوارث من خلال، على سبيل المثال، تشكيل مجموعات أو لجان وتنفيذ مشاريعها المحلية الخاصة. ينبغي للسلطات المعنية بإدارة الكوارث والحكومات المحلية تقديم مجموعة من أشكال الدعم (على سبيل المثال، المالي والتقني والقانوني) لمجموعات المجتمع التي تضطلع بهذا النوع من الدور النشط.
آليات التنسيق
تتطلب إدارة مخاطر الكوارث الفعالة تنسيقًا رأسيًا بين مختلف مستويات الحكومة وأفقيًا بين مختلف الجهات الحكومية على نفس المستوى الحكومي. وبالمثل، فإنها تتطلب التنسيق بين الجهات الحكومية وغير الحكومية. ومن الناحية العملية، يتطلب هذا الأمر وضع مجموعة من آليات التنسيق الشاملة على مستويات مختلفة أو لجوانب مختلفة لإدارة مخاطر الكوارث. فلا يمكن وصف نموذج تنسيق شامل يناسب جميع البلدان. وبالرغم من ذلك، استنادًا إلى الأبحاث الذي أجراها الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، فإن هناك بعض الاعتبارات العامة التي ينبغي أن يُسترشد بها عند تصميم آليات التنسيق، وهي كما يلي:
- لا ينبغي أن تقتصر آليات التنسيق على التصدي للكوارث فحسب، بل ينبغي أيضًا وضعها للوقاية من الكوارث والتخفيف من حدة آثارها، والتأهب لها، واتخاذ الإجراءات الاستباقية اللازمة، والتعافي منها، والمساعدات الدولية.
- إذا استُخدمت آلية التنسيق نفسها في جوانب مختلفة من إدارة مخاطر الكوارث (على سبيل المثال، لكل من الاستجابة والتعافي)، فمن المهم توضيح ما إذا كانت القيادة والمشاركة في آلية التنسيق تتغير وبأي قدر ومتى.
- يجب أن تتسم آليات التنسيق بالشمولية، مما يسمح لمجموعة كاملة من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية بالمشاركة بهدف تبادل المعلومات ومواءمة أنشطتها مع بعضها البعض.
- يجب إدراج الجهات الفاعلة غير الحكومية التي تضطلع بأدوار ومسؤوليات في إدارة مخاطر الكوارث في آليات التنسيق التشغيلية، بدالً من إحالتها إلى مجموعات أو منتديات استشارية.