هيئات التأمين وأنواعها وتكوينها وإدارتها

هيئات التأمين

هيئات التأمين Insurance Organizations هي الطرف الأول في عقد التأمين والتي تقوم بتقديم خدمة التأمين لطالب التأمين. ويطلق عليها أيضًا المؤمنون lnsurers. وتظهر هيئات التأمين دائمًا في شكل هيئات مالية منظمة بحيث تسمح لها طبيعتها بممارسة عمليات التأمين للمستأمنين بطريقة تولد الثقة التامة في نفوسهم تجاهها. وقد ترتب على هذه الظاهرة أن جرى العرف على وصف هيئات التأمين بأنها هيئات ذات ثقة مالية Fiduciary Organizations، بمعنى أن طالب التأمين – وكذلك المستأمن – يتعامل مع أي منها وهو واثق من قدرتها المالية على دفع قيمة التعويض المستحق له عند تحقق الخسارة. وهذه الثقة تغني أيًا منهم عن طلب أي نوع من حقوق الارتفاق أو الرهن لضمان حقه لديها.

أنواع هيئات التأمين

تنقسم هيئات التأمين المعروفة عالميًا إلى عدة أنواع، يتميز كل نوع منها بطبيعة وخاصية تختلفان عن مثيلاتها في الأنواع الأخرى. وبالرغم من هذا الاختلاف البيّن إلا أنها توضع عادة في مجموعات بحيث تحتوي كل مجموعة منها على عدة هيئات متشابهة في ناحية أو أكثر من صفاتها وأعمالها وطبيعة الخدمة التأمينية التي تؤديها. وأكثر هذه المجموعات شيوعًا وأهمها من النواحي الاقتصادية والفنية والعلمية هي:

  1. هيئات التأمين التبادلي
  2. وهيئات التأمين الذاتي
  3. وهيئات التأمين التجاري
  4. وأخيرًا هيئات التأمين الحكومي

ونورد فيما يلي دراسة مختصرة لكل من هذه الهيئات تبين طبيعتها وتكوينها وطريقة إدارتها.

هيئات التأمين التبادلي

هيئات التأمين التبادلي Mutual أو المشروعات التعاونية Cooperative أو مشروعات العضوية Membership Organizations، يُقصد بها تلك التي تمارس عمليات التأمين بقصد تقديم أحسن خدمة تأمينية للأعضاء بأقل تكلفة وبدون السعي في سبيل تحقيق الربح أيًا كان نوعه.

ومن المميزات الرئيسية لمشروعات التأمين التبادلي أن القائمين على إدارتها هم الأعضاء أنفسهم. وهؤلاء الأعضاء لا يقومون بدفع نصيب في رأس المال، إذ أن رأس المال غير موجود أصلاً في هذا النوع من المشروعات. ويترتب على هذه الظاهرة أن شخصيتي المؤمن والمستأمن تندمجان في شخص واحد هو عضو الهيئة. وبذلك تتركز فيه بالتبعية مسئولية المؤمن والمستأمن من ناحية، وتختفي ظاهرة التطاحن بين أصحاب المشروع والمتعاملين معه من ناحية أخرى.

ويتضح مما سبق أن عضو هيئة التأمين التبادلي يكون مستأمنًا على أساس أنه يطلب الضمان من غيره من الأعضاء في نفس الهيئة. وفي الوقت نفسه يكون مؤمنًا لأنه يضمن للأعضاء الآخرين أخطارهم بصفته عضوًا في الهيئة. ولذلك يُطلق على الهيئة لفظ هيئة التأمين التبادلي، حيث أن الأعضاء يتبادلون التأمين على أخطار بعضهم البعض.

وتُعرف أربع هيئات مختلفة من مشروعات التأمين التبادلي ظهرت في مراحل تاريخية متتالية وما زالت موجودة في بلاد متعددة حتى الآن. وتختلف تلك الهيئات بعضها عن بعض باختلاف طريقة تكوين المشروع وإدارته وطريقة دفع الأعضاء لأنصبتهم في الخسارة. والهيئات الأربع – حسب ترتيب ظهورها تاريخيًا – هي:

  1. هيئات التأمين التبادلي ذات الحصص البحتة
  2. وهيئات التأمين التبادلي ذات الأقساط المقدمة
  3. وهيئات تبادل عقود التأمين
  4. وجمعيات الأخوة

وتشترك الهيئات الأربعة في الصفات الرئيسية للمشروعات التعاونية في أنها تعمل بدون رأس مال، ويديرها الأعضاء عن طريق انتخاب وتعيين من ينوب عنهم. وأخيرًا في أنها لا تعمل بقصد الربح. وبالرغم من هذا التشابه الكبير إلا أن لكل منها مميزاته وطريقة إدارته، ولذلك فسوف نقدم دراسة موجزة لكل نوع على حدة.

هيئات التأمين التبادلي ذات الحصص البحتة

ينضم الأفراد الذين يتعرضون لخطر متشابه إلى هيئة أو جمعية بقصد معاونة بعضهم البعض في تحمل الخسارة المالية التي تصيب أيًا منهم خلال مدة الاتفاق، وبذلك يسهل على كل عضو مجابهة الخسارة المتوقعة. فإذا فُرض أن أصحاب الشقق المتشابهة في مدينة نصر بالقاهرة فكروا مليًا في خطر الحريق الذي تتعرض له وحداتهم السكنية، وما يتسبب عنه ذلك من خسائر مالية فادحة إذا ما أصاب الحريق منزل كل فرد على حدة، فإن جماعتهم يمكنها أن تجتمع في شكل جمعية ويتعهد كل عضو منهم بأن يشترك في تعويض الخسارة المالية التي تصيب أيًا من الأعضاء من جراء تحقق حوادث الحريق. هذه الجمعية أو الهيئة يطلق عليها جمعية تأمين حريق تبادلي ذات حصص بحتة.

ومن الملاحظ أنه لا بد وأن تكون هناك هيئة تضم أعضاء متشابهين من حيث الخطر المعرضين له. وغالبًا ما تكون الممتلكات المعرضة للخطر والمتشابهة متساوية في القيمة أو قريبة من التساوي حتى يكون أنصبة الأعضاء في الخسارة متساوية أيضًا. وليس هذا شرطًا ضروريًا في جميع الهيئات، فالعضو يمكنه أن يزيد من ممتلكاته في أي وقت يشاء ويدخل به كنصيب إضافي في الهيئة بشرط أن يتحمل في الخسارة التي تتحقق بنسبة ممتلكاته.

وتدار الهيئة بمعرفة أعضائها، ولكل عضو صوت يتناسب في دفع الخسارة، ويستعمل العضو صوته في الإشراف على إدارة الجمعية. فيقوم الأعضاء بانتخاب مجلس الأمناء Board of Trustees، يكون أعضاؤه من بين أعضاء الهيئة، ويوكل إليه مهمة إدارة الهيئة طول مدة عضوية أعضائه التي تتراوح بين سنة وثلاث سنوات حسب القانون الأساسي للهيئة.

ويقوم مجلس الأمناء بتعيين سكرتير عام فني يكون عادة خبيرًا بأعمال الإدارة والتأمين لكي يقوم بإدارة الهيئة من الناحيتين الإدارية والفنية إما وحده أو بمعاونة بعض الفنيين.

ويمكن التعاقد على تغطية الخطر في هذه الجمعيات بطريقتين مختلفتين:

الطريقة الأولى

في الطريقة الأولى تصدر الهيئة وثيقة تأمين لكل من أعضائها، ولا يذكر في الوثيقة أقساط ولا طريقة دفع أقساط، إذ أنه ليس هناك تعهد من جانب المستأمن بدفع مثل هذه الأقساطـ وبدلاً من ذلك يُذكر في وثيقة التأمين تعهد العضو بدفع حصة معينة في الخسائر المالية التي تقع للأعضاء، وذلك عند التحقق من وقوعها فعلاً، والتي تحدث نتيجة للخطر المؤمن منه والمتفق عليه في الوثيقة.

الطريقة الثانية

في الطريقة الثانية لا تصدر الهيئة وثيقة تأمين على الإطلاق، ولكنها تكتفي ببطاقة العضوية في الجمعية لتغطية الخطر. ويشترط في هذه الحال أن تكون الحصص التي تدفع لتغطية الخسائر متساوية مما يترتب عليه أن تكون التأمينات متساوية أيضًا. وبذلك يكون جميع الأعضاء متساوين في المسئولية. وفي حالة عدم تساوى الأنصبة تكون المسئولية عن الخسائر متناسبة مع الحصص التي يمتلكها كل عضو.

وتقوم القوانين واللوائح المنظمة للهيئة – إلى جانب نظامها الأساسي – بتحديد الأخطار، وبيان شروط التأمين، وقيم الحصص، وطرق دفعها عند وقوع الخسارة المالية لأحد الأعضاء.

ويمكن للعضو أن ينسحب من الهيئة. وبذلك يلغي تعاقده على التأمين بالنسبة لممتلكاته أو لنفسه في أي وقت يشاء، بشرط أن يقوم بسداد نصيه في الخسائر التي تكون قد تحققت فعلاً حتى يوم انسحابه.

وعندما يتحقق الحادث المؤمن منه، وتقع خسارة مالية لأحد أعضاء الهيئة، يقوم العضو بتبليغ ذلك كتابة إلى السكرتير العام للهيئة. ونتيجة لهذا التبليغ يطلب السكرتير العام تكوين لجنة من الفنيين لتقدير قيمة الخسارة المالية التي وقعت لممتلكات العضو أو يقوم هو بذلك. وبعد تأكد الإدارة من موافقة العضو على تقدير اللجنة، تقوم بتكوين لجنة أخرى – أو تعمد إلى نفس اللجنة الأولى – لتخصيص الخسارة وما أنفق من مصروفات بخصوص الحادث بالذات على أعضاء الهيئة المقيدين في تاريخ حدوث الحادث، وذلك لمعرفة حصة كل منهم. ثم ترسل الإدارة في طلب حصة كل عضو التي يجب سدادها إلى خزينة الهيئة بأسرع ما يمكن حتى تتمكن الهيئة من تعويض العضو الذي أصابته الخسارة.

طريقة دفع الحصص

عندما ظهرت هذه الهيئات لم يكن من العادة أن يطلب من الأعضاء أية حصة مقدمًا، بل كان من المتبع أن يجمع من الأعضاء مبالغ معينة في آخر كل فترة بقدر المصروفات التي أنفقت فعلاً على المشروع، وأن تخصص الخسائر عندما تقع أولا بأول ويقوم كل عضو بدفع حصته في الخسارة الفعلية. إلا أنه ثبت أن هذه الطريقة تعوق أعمال الهيئة سواء من جهة دفع المصروفات العادية أو من جهة دفع الحصص في الخسائر لمستحقيها. فمن الملاحظ أن العضو الذي تصيبه الخسارة يكون عليه أن ينتظر إلى أن تقوم الإدارة بجمع الحصص من الأعضاء وسدادها له.

وقد تطور الأمر في هذه الهيئات إلى أن أصبحت تطلب حصة مقدمًا من الأعضاء بقصد الصرف على المشروع حتى لا تتعطل الأعمال بسبب عدم وجود رصيد للصرف منه.

هيئات التأمين التبادلي ذات الأقساط المقدمة

هيئات التأمين التبادلي ذات الأقساط المقدمة لا تختلف في طبيعتها وطريقة إدارتها عن هيئات التامين التبادلي ذات الحصص البحتة السابق الكلام عنها. فالهيئة تجمع بين أعضاء كل واحد منهم معرض لخطر مشترك، والغرض الوحيد من انتمائهم للهيئة هو معاونة بعضهم البعض في تحمل الخسارة المالية التي تحدث عند تحقق الخطر. ويقوم الأعضاء بانتخاب مجلس أمناء من بينهم، وفي بعض الأحيان يُطلق عليه تجاوزًا مجلس إدارة Board of Directors. ويقوم المجلس المنتخب بإدارة المشروع عن طريق تعيين الفنيين المختصين بأعمال التأمين للقيام بأعباء التنفيذ في المشروع.

وتختلف هذه الهيئات عن هيئات التأمين التبادلي ذات الحصص البحتة في أنها تتقاضى من أعضائها اشتراكات مقدمة Advance Subscribtions ودفع هذه الاشتراكات مقدمًا يعاون الهيئة على دفع الخسائر والمصروفات أولاً بأول عند استحقاقها وبدون انتظار تخصيصها على الأعضاء وجمعها منهم. والمفروض في الأقساط المدفوعة مقدمًا أنها تكفي لدفع التعويضات والمصروفات الإدارية، وحجز الاحتياطات اللازمة لأعمال التأمين.

ويطلق على الاشتراكات المقدمة أو الحصص المقدمة التي يقوم الأعضاء بسدادها للهيئة مقدمًا لفظ “الأقساط المقدمة” Advance Premiums تجاوزًا. وواقع الأمر أن هذه الحصص ليست أقساطًا بالمعنى الدقيق، إذ أنها ليست نهائية، بل قابلة للتعديل حسب نتيجة أعمال الهيئة آخر كل سنة.

وبالرغم من أن هيئات التأمين التبادلي ذات الأقساط المقدمة قد عالجت أهم مشكلة تواجهها هيئات التأمين التبادلي ذات الحصص البحتة، وهي أن الأخيرة تقاسي من تأخر الأعضاء في دفع أنصبتهم في الخسارة مما يترتب عليه أن يُضار العضو الذي وقعت له الخسارة، إلا أن هناك الكثير من المشاكل التي لا زالت تواجهها الهيئات ذات الأقساط المقدمة. أهم هذه المشاكل هي الأعباء الإدارية والفنية التي تُلقى على كاهل الأعضاء خاصة بعد أن يتكون لديها من أموال مجمعة ناتجة عن تحصيل الأقساط مقدمًا وما يترتب على ذلك من أعمال الاستثمار.

هيئات تبادل عقود التأمين

تتكون هيئة تبادل عقود التأمين من أفراد أو جماعات يطلب كل واحد منهم التأمين لنفسه من خطر معين في نظير أن يقوم هو الآخر بتأمين أعضاء الهيئة من نفس الأخطار. ويكتتب كل واحد منهم في مجموعة شروط تعرف باتفاقية المكتتبين Subscribers Agreement، ويطلق على كل عضو بعد ذلك لفظ المكتتب Subscriber.

ويقوم الأعضاء المكتتبون بوضع اتفاقية المكتتبين التي يجب أن تبين بوضوح أعمال الهيئة، وأنواع التأمين التي تزاولها، وشروط العضوية أو الاكتتاب. وكذلك ينتخب الأعضاء من بينهم اللجنة الاستشارية Advisory Committee وتكون سلطتها مبينة بوضوح في اتفاقية المكتتبين، والتي لا تتعدى تجهيز وعمل توصيات معينة تعرض على الجمعية العمومية للمكتتبين في نهاية كل سنة. ومن أهم التوصيات التي تقوم بها اللجنة الاستشارية هي التوصيات الخاصة بتعيين الوكيل القانوني للهيئة أو تجديد مدته أو عزله.

ويقوم بالإدارة الفعلية للهيئة الوكيل القانوني Attorney – In – Fact، وهو إما أن يكون فردًا أو مكتبًا أو شركة. ويشترط في الوكيل القانوني أن يكون لديه هيئة كاملة خبيرة في أعمال الإدارة والتأمين من جهة، ويكون قادرًا على تمويل عملية الإدارة من جهة أخرى. ويكافأ الوكيل القانوني في نظير ذلك بنسبة مئوية من الأقساط المحصلة من الأعضاء المكتتبين خلال السنة. وموقف الوكيل القانوني من هيئات تبادل عقود التأمين هو موقف مكاتب أو شركات الإدارة Management Companies من المشروعات التجارية والصناعية.

ويقوم الوكيل القانوني بفتح حسابات منفصلة لكل عضو يجعل دائنًا بنصيبه في الأقساط المحصلة لحسابه عن اشتراكه كمؤمن لباقي أعضاء الهيئة مضافًا إليه ما استحقه من إیرادات الاستثمار إن وجدت. كما يجعل الحساب مدينًا بنصيب العضو في الخسارة التي تصيب الأعضاء الآخرين مضافًا إليها نصيبه في المصروفات الإدارية للهيئة خلال العام. ويسدد الرصيد المتبقي للعضو بعد خصم الاحتياطيات التي تقررها اتفاقية المكتتبين أو تستلزمها الإدارة الحكيمة.

الانسحاب من الهيئة

وعند رغبة العضو في الانسحاب من الهيئة يحق له إلغاء عقد تأمينه وطلب تصفية حسابه. وفي مثل هذه الحالة يرد له جزء من القسط الذي سبق دفعة عن وثيقته بما يتناسب مع المدة الباقية من العقد. وكذلك يقفل حسابه بأن تحسب له جزء من الأقساط المحصلة لمصلحته تتناسب مع المدة التي انتهت من السنة ويحاسب على نصيبه في خسائر الأعضاء حتى يوم إقفال الحساب. ويُرد له رصيد حسابه إذا تبقي له شيئًا في الهيئة.

جمعيات الأخوة

جمعيات الأخوة هي هيئات تجمع عادة بين الأعمال الاجتماعية التي تكون قد تكونت أساسًا بغرض ممارستها وبين أعمال التأمين التي ترى ضرورة القيام بها لمصلحة الأعضاء. ويغلب طابع تأمينات الأشخاص على أعمال التأمين التي تقوم بها هذه الجمعيات. وبالرغم من هذه الظاهرة فقد قامت جمعيات أخوة في الولايات المتحدة الأمريكية لتمارس أعمال التأمين على ممتلكات الأعضاء من أخطار الحريق، ولكنها لا تمثل حتى الآن إلا جزءًا بسيطًا جدًا من أعمال تأمينات الحريق بالسوق الأمريكية.

ويطلق على جمعيات الأخوة التي تعمل بالتأمين أسماء مختلفة ومتعددة لدرجة يختلط معها على القارئ معرفة كنهها إلا بالبحث الدقيق عن الأعمال التي تقوم بها. ومن الأسماء الدارجة لجمعيات الأخوة الموجودة في مصر مثلا:

  • الرابطة العامة
  • جمعية التعاون الأخوي
  • صندوق الإعانات والمعاشات
  • صندوق ادخار الاتحاد العام
  • النقابة التعاونية
  • المؤسسة الاجتماعية
  • الجماعة العامة

وما إلى ذلك من مسميات متشابهة.

وتتكون الجمعية من أعضاء ينتمون إلى جماعة تجمعهم صناعة أو مهنة أو وظيفة واحدة. وفي بعض الأحيان تتكون الجماعة من أفراد تجمعهم صفة اجتماعية أو دينية مشتركة بغض النظر عن مهنتهم. وفي الحالتين يكون دائمًا الغرض من تكوين الجمعية هو تأدية خدمة اجتماعية للأعضاء.

وينضم الأعضاء إلى هيئات محلية Local Organizations أو هيئات فرعية Braneh Organization. وتجمع هذه الهيئات المحلية أو الفرعية هيئة واحدة مركزية تدار عادة على نظام المحافل Lodge System. ويعتمد على انتخاب الممثلين على مستويات ومراحل عن طريق هيئة إدارية منتخبة بطريق غير مباشر.

طرق الانتخاب

وتقوم كل جمعية محلية بانتخاب مجلس الأمناء المحلى Local Board of Trustee الذي يقوم بإدارة الفرع وتمثيله في المحفل الأعظم Grand Lodge في الهيئة المركزية وهو بمثابة الجمعية العمومية للهيئة. ويجتمع المحفل الأعظم عادة مرة كل سمة أو سنتين، ويقوم في أول دورة من دورات انعقاده بوضع شروط النظام الأساسي للجمعية. فإذا كان من ضمن هذه الشروط القيام بأعمال التأمين بالنسبة للأعضاء فيجب أن يبين فيها بوضوح شروط التأمين المصدر وأسعاره وكل ما يتعلق به.

ويقوم أعضاء المحفل الأعظم بانتخاب مجلس الأمناء الأعلى Gread Trustees الذي يكون مهمته إدارة الجمعية فيما بين دوري انعقاد المحفل. ومجلس الأمناء الأعلى هذا هو المسئول عن تحقيق أهداف الهيئة، سواء الاجتماعية منها أو التأمينية. وعلى ذلك فيقوم باختيار الفنيين في إدارة عملية التأمين في المركز الرئيسي وتقدير أتعابهم.

ومن المتفق عليه أن هذه الجمعيات تكتفي بالشروط الخاصة بالتأمين والواردة في مجموعة شروط النظام الأساسي لكل جمعية. ويترتب على ذلك أنها لا تصدر وثائق للأعضاء المشتركين في صندوق التأمين بالجمعية. ولكنها تستغني عنها بإصدار شهادات تأمين Insurance Certificates لهؤلاء الأعضاء.

وتعطى شهادة تأمين للعضو الذي يطلبها نظير دفع القسط المحدد في النظام الأساسي للجمعية. ويقوم أمين صندوق الفرع المحلي بتحصيل هذه الأقساط، ثم يرسل كشفًا شهريًا بأسماء الأعضاء المنضمين لمشروع التأمين من أعضاء الجمعية ويرسله للمركز الرئيسي لقيده في دفاتره.

وإلى جانب أمين الصندوق في الفروع يوجد موظفون آخرون يكون عملهم الرئيسي هو اجتذاب أكبر عدد ممكن لعضوية الفرع ممن ينطبق عليهم شروط العضوية، ومن ثم لشراء شهادات التأمين.

وفي المركز الرئيسي يحتاج الأمر إلى أقسام فنية تشبه إلى حد كبير تلك التي توجد عادة في شركات التأمين التجارية الصغيرة الحجم والتي سوف يأتي الكلام عنها بالتفصيل في فصل آخر.

هيئات التأمين الذاتي

يقصد بهيئات التأمين الذاتي Self Insurance Organizations تلك التي تنشأ بمعرفة المستأمن لكي تقوم بتغطية وحدات الخطر الموجودة لديه بدون أن يعاونه في ذلك أحد سواء كان مشابهًا له في موقفه أو غير مشابه. ويلجأ المستأمن إلى ذلك لعدة أسباب بعضها يرجع إلى نواحي مالية والبعض الآخر برجع إلى نواحي فنية.

فمن الناحية المالية يجد المستأمن في بعض الأحيان أنه من الأفيد له ماليًا عدم نقل عبء الخطر إلى هيئة التأمين التبادلي حتى لا يضطر إلى أن يتحمل مع باقي الأعضاء نصيبه في الخسارة المالية التي تتحقق بين حين وآخر. كذلك قد يجد المستأمن أنه من الأفيد له ألا ينقل عبء الخطر إلى أحد المؤمنين التجاريين حتى لا يضطر إلى دفع قسط التأمين. أما نظام التأمين الذاتي فإنه لن يكلفه إلا تجنيب مبالغ مالية – مقابل أقساط التأمين والتي تشبهها تمامًا – وذلك بوضعها في حساب خاص ويقوم باستثمارها بنفسه ليعوض نفسه منه كلما تحققت له خسارة.

أما من الناحية الفنية فإن المستأمن يجد لديه في بعض الأحيان وحدات كثيرة من الخطر يحقق بالنسبة له – إلى حد ما – قانون الأعداد الكبيرة. كما يجد أن وحدات خطره منتشرة جغرافيًا ما يترتب عليه عدم تعرضها لنفس الحادث دفعة واحدة. وإذا تعرض إحداها لحادث ما فلن ينتقل الحادث منه إلى وحدة أخرى لبعدها عنه. كما يجد أخيرًا نفسه قادرًا على تجنيب مبالغ مالية مناسبة في حساب خاص واستثمارها في استثمارات تتناسب والغرض الرئيسي منها وهو تعويض الخسارة عندما تقع. ويترتب على هذه الشروط الثلاثة أن المستأمن يكون في مأمن من خسارة فادحة تقع له مرة واحدة لا يجد من الأموال السائلة ما يعاونه على مجابهتها. لكل ذلك يفضل عادة الالتجاء إلى طريقة التأمين الذاتي، خاصة وأن الأموال المخصصة لدفع تكلفة الخسارة إذا ما تحققت تكون ملكًا له في جميع الحالات، فلا يتكلف شيئًا إلا إذا تحققت فعلاً.

أمثلة هيئات التأمين الذاتي

ومن أمثلة التأمين الذاتي الذي يمكن نجاحه ما يمكن عمله في هيئات السكك الحديدية أو شركات سيارات النقل ذات الحجم الكبير. فمن الملاحظ أن هذه الهيئات تملك وحدات من الأخطار المتماثلة والكبيرة العدد والموزعة على مناطق جغرافية متعددة. في نفس الوقت تكون مثل هذه الهيئات في حالة مالية تسمح لها بفتح حساب خاص لعملية التأمين الذاتي تودع فيه الأقساط المناسبة. وقد نجحت فكرة التأمين الذاتي هذه وهيئاته المكونة داخل بعض الوحدات الإنتاجية أو وحدات الخدمات الكبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يسهل على تلك الوحدات استخدام فنين في التأمين أو استئجار خدماتهم عن طريق المكاتب المهنية لأعمال التأمين.

هيئات التأمين الذاتي وتكوين الاحتياطي

والتأمين الذاتي وهيئاته تختلف تمام الاختلاف عن فكرة تكوين احتياطي لمقابلة الخطر. إذ أنه في فكرة الاحتياطي هذه لا يشترط الوحدات الكثيرة ولا التوزيع الجغرافي، وبالتالي لا يعتبر تأمينًا بأي حال من الأحوال. والتأمين الذاتي إحدى وسائل تخفيض الخطر أما تكوين الاحتياطي فوسيلة من وسائل افتراض الخطر حسب خطة موضوعة. وعلى ذلك فالتأمين الذاتي يصلح بالنسبة للأخطار الاقتصادية الطبيعية في حين أن تكوين الاحتياطي يصلح بالنسبة للأخطار الاقتصادية المتعلقة بالمضاربة وخاصة في نواحي التجارة والصناعة والخدمات.

هيئات التأمين التجاري

يختلف أصحاب مشروع التأمين التجاري عن حملة وثائق التأمين الذين يتعاملون مع المشروع. وحتى إذا تصادف وأن أصبح أحد أصحاب المشروع مالكًا لوثيقة أو أكثر من وثائق التأمين بالهيئة فإنه يتعامل معها بصفتين. الأولى بصفته صاحب المشروع أو شريك فيه، والثانية بصفته من حملة وثائق التأمين فيه. والصفتان المذكورتان منفصلتان تمام الانفصال عن بعضهما. إذ بصفته الأولى يسعى الشخص للحصول على أكبر ربح ممكن من مشروعه التجاري، أما بصفته الثانية فهو يسعى للحصول على أحسن خدمة بأقل سعر من هيئة التأمين التي يتعامل معها.

وقد ترتب على ظاهرة انفصال شخصية المؤمن عن شخصية المستأمن في المشروعات التجارية أن أصبحت مصلحة أصحاب المشروع تختلف تمام الاختلاف عن مصلحة حملة وثائق التأمين من الناحية المالية على الأقل. وقد أدى اختلاف المصلحة هذا إلى محاولة كل من الطرفين إرضاء الطرف الآخر بكل الطرق الممكنة وخاصة من جانب المؤمن. ولهذا ظهرت أهمية هيئات التأمين التجاري ظهورًا واضحًا وفعالاً في أسواق التأمين جميعًا تقريبًا.

وتقوم مشروعات التأمين الممتلكة على ثلاثة أشكال مختلفة كما يلي:

النوع الأول

يظهر النوع الأول منها على شكل مشروعات فردية يمتلكها ويديرها أفراد. وبالرغم من اضمحلال هذا النوع من المشروعات في سوق التأمين، إلا أنه ما زال موجودًا خاصة في بعض المجتمعات النامية أو المتخلفة اقتصاديًا. وهناك ظاهرة هامة تستحق التسجيل، فعندما فشل المشروع الفردي في أن يقوم بواجبه كمؤمن، نجح نجاحًا باهرًا في عملية الوساطة بين المؤمن والمستأمن بغرض تسويق التأمين.

النوع الثاني

ويظهر النوع الثاني على شكل مشروعات فردية ينتمي أصحابها إلى جماعة أو هيئة أو نقابة تشترط شروطًا معينة في أعضائها الذين يحملون اسمها. ويمارس الأعضاء أعمال التأمين بصفتهم الفردية، ولا تقوم الهيئة أو الجماعة أو النقابة بأي نشاط تجاري في سوق التأمين. وبالرغم من أن جماعة اللويدز للتأمين في لندن وأعضاءها هم الممثلون الوحيدون ذوي الأهمية لهذا النوع من المشروعات في العالم، إلا أن هذا لم يقلل من شأن هذا النوع أو نجاحه في سوق التأمين العالمية. وقد ترتب على هذا النجاح أن عمد البعض في الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا واليابان وفرنسا إلى إطلاق اسم اللويدز على جماعاتهم، ولكنها لم تبلغ نفس المنزلة التي بلغتها اللويدز بلندن. وقد نجح أعضاء اللويدز بلندن نجاحًا باهرًا منذ زمن طويل كمؤمنين، مما يستدعي دراسة نظام التأمين لديهم دراسة أكثر تعمقًا.

النوع الثالث

ويظهر النوع الثالث والأخير على شكل مشروعات جماعية تتكون من أفراد منظمين تحت اسم شركة مساهمة تقوم بأعمال التأمين نيابة عن أصحابها.

وتستحوذ الشركات المساهمة على أكبر نصيب من أعمال التأمين في معظم أسواق العالم. ولا ينافس الشركات المساهمة كهيئات تأمين سوى أعضاء جماعة اللويدز، خاصة بالنسبة لسوق التأمين البحري في لندن، وهيئات التأمين التبادلي بالنسبة لسوق تأمين الحياة الأمريكية.

جماعة اللويدز في لندن

تكونت جماعة اللويدز بلندن عام ۱۹۸۸ بقصد أن يقوم أفرادها بأعمال التأمين البحري بغرض الربح. وتقوم هيئة اللويدز اللندنية Lloyds of London بتنظيم شروط ممارسة أعمال التأمين للأعضاء ومعاونتهم في الحصول على البيانات التي تستلزمها عملية قبول التأمين. وبما أن عضو اللويدز لا يمكنه عمليًا أن يقوم بتغطية الخطر بأكمله – خاصة في حالة تأمين السفن الكبيرة والطائرات النفاثة – فإن الهيئة سهلت للأعضاء أن يكتتب كل منهم في جزء من الخطر بمقدار ما يمكنه تحمله. ولذلك يطلق على هذا النوع من التأمين عملية التأمين بالاكتتاب. كما يطلق على أعضاء الهيئة المؤمنون المكتتبون.

ومن الصفات المميزة لجماعة اللويدز بلندن کهيئة تجمع الأفراد المؤمنين أنها لا تقوم بأعمال التأمين. فهي لا توقع عقودًا ولا تقبض أقساطًا ولا تلتزم بدفع تعويض عند تحقق الخطر المؤمن منه. ولكن الذين يقومون بهذه الأعمال هم الأعضاء وكل واحد منهم على قدر إمكانياته المالية. كما وأنه ليست هناك أية مسئولية مشتركة بين هؤلاء الأعضاء تنتج عن عمليات التأمين بالاكتتاب التي يقومون بها. والخدمة الهامة التي تقدمها الهيئة لأعضائها تنحصر في عملية الإشراف والرقابة على أعمال التأمين التي يقومون بها، وعلى عملية اختيار وفحص وقبول الأعضاء في الهيئة، ومراقبة سلوكهم ومقدرتهم الفنية والمالية.

كما تقوم الهيئة بوظائف إضافية أخرى مثل إصدار المطبوعات والمجلات والإحصاءات الخاصة بالتأمين والتي يستفيد منها الأعضاء. كذلك تقوم الهيئة بتعيين وكلاء لها في الموانئ البحرية حول العالم، وهؤلاء يقومون بإمداد لندن بالبيانات الهامة وتقديم التقارير الفنية اللازمة للأعضاء نظير أجر. كذلك تقوم الهيئة بدراسة وثائق التأمين التي يصدرها الأعضاء ودراسة المشاكل المترتبة عنها.

ومعظم التأمينات التي تعقد لدى أعضاء اللويدز بلندن هي التأمين البحري، وإعادة التأمين، والتأمينات الشاذة مثل التأمين على جمال السيقان وأصابع أيدي الفنانين وما شابه ذلك. وبالرغم من ذلك فإن أعضاء اللويدز يؤمنون من الحريق ويؤمنون السيارات، ويقومون بأعمال معظم تأمينات الممتلكات والمسئولية وما شابه كل ذلك ما عدا تأمينات الأشخاص.

إجراءات التأمين في جماعة اللويدز في لندن

تتخذ عمليات التأمين لدى أعضاء اللويدز إجراءات معينة متفق عليها في سوق التأمين، ويرجع ذلك إلى طبيعة الاستقرار التي صاحبت هيئة اللويدز بلندن منذ نشأتها حتى الآن. هذا بالإضافة إلى ما يتميز به أفراد المجتمع الإنجليزي سواء كانوا مؤمنين أو مستأمنين من احترامهم للتقاليد المرعية خاصة في أعمالهم التجارية. وقد ترتب على ذلك أن إجراءات التأمين لدى أعضاء اللويدز في لندن تتخذ اليوم نفس الخطوات التي كانت تتخذها منذ وقت طويل والتي يمكن إجمالها باختصار فيما بلى:

  1. يبحث طالب التأمين عن أحد سماسرة اللويدز ويطلب منه تغطية خطره نظير عمولة معينة. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يغطى أعضاء اللويدز خطرًا ما يقدم لهم مباشرة، بل لابد وأن يكون مقدمًا عن طريق أحد السماسرة المعترف بهم والمسجلين لدى هيئة اللويدز.
  2. يقوم السمسار بعد قبوله العملية بعمل بطاقة خطر باسم المؤمن له يبين فيها كل ما يختص بهذا الخطر مثل:
    • نوع وأوصاف الخطر: فإذا كان الخطر ملازمًا لأخطار النقل البحري مثلاً ذكرت نوع الشحنة، واسم السفينة الناقلة، وتاريخ قيامها واسم مينائي الشحن والوصول، وكل ما يتصل بالشحنة من معلومات تفيد في تحديد درجة الخطر ومن ثم التأمين عليها.
    • قيمة الخطر المراد التأمين عليه، ونسبة هذه القيمة إلى القيمة الأصلية للخطر. فإذا ما أراد المستأمن تأمين مبلغ 12000 جنيهًا إسترلينيًا بالرغم من أن قيمة البضاعة المشحونة والمطلوب التأمين عليها هو 16000 جنيهًا إسترلينيًا، فيجب أن يبين ذلك صراحة في البطاقة حتى يعلم الأعضاء المؤمنون أن التأمين سوف يكون جزئيًا وبنسبة 75 في المئة من قيمة البضاعة.
  3. يقوم السمسار بتمرير بطاقة الخطر على أعضاء أو وكلاء الاكتتاب. فيقوم كل واحد منهم بتغطية الجزء الذي يتراءى له. ويستمر السمسار في تمرير البطاقة حتى يغطى الخطر كلية بواسطة المكتتبين.
  4. يقوم السمسار بحساب القسط اللازم لتغطية الخطر المؤمن منه، ثم يطالب المؤمن له بقيمة القسط، مضافًا إليه عمولة السمسار نفسه. ويقوم السمسار بتوصيل أجزاء القسط إلى الأعضاء المكتتبين كل بنسبة ما اكتتب فيه من الخطر.
مثال لتوضيح هذه الخطوة

إذا فرضنا المعلومات التالية لأمكن بيان عملية توزيع القسط:

  • قيمة الخطر المؤمن عليه = 10000
  • اكتتب العضو الأول بمبلغ 6000 جنيهًا
  • واكتب العضو الثاني بمبلغ 3000 جنيهًا
  • واكتب العضو الثالث بمبلغ 1000 جنيهًا

وعند حساب القسط وجد أنه بمعدل واحد في المئة، أي أنه يبلغ 100 جنيه. وبذلك يكون توزيع القسط على المؤمنين الثلاثة كالآتي:

  • يتقاضى العضو الأول مبلغ 60 جنيهًا من القسط المحصل يخصم منها عمولة السمسار.
  • ويتقاضى العضو الثاني مبلغ 30 جنيهًا من القسط المحصل يخصم منها عمولة السمسار كذلك.
  • ويتقاضى العضو الثالث مبلغ 10 جنيهات من القسط المحصل يخصم منها عمولة السمسار أيضًا.

5. يقوم مستلم البضاعة في ميناء الوصول بإخطار السمسار أو مندو به في الميناء بما أصاب البضاعة من خسارة ناتجة عن تحقق الخطر المؤمن منه، ويقوم السمسار – بعد تأكده من حقيقة الخسارة من حيث قيمتها وسببها وتاريخ وقوعها وبالتبعية مسئولية المؤمنين عنها – بإخطار المكتتبين بقيمة ما يخص كل منهم في الخسارة.

6. يقوم السمسار بتوزيع الخسارة على المؤمنين الثلاثة كل بحسب ما اكتتب فيه من خطر وما تسلم من قسط ويجمع هذه الأنصبة من الخسائر ويقوم بسدادها للمستأمن.

شركات التأمين المساهمة

أصبحت شركات التأمين المساهمة هي الظاهرة البارزة في المشروعات التي تقوم بأعمال التأمين في معظم أنحاء العالم. فبينما نجد أن قوانين بعض الدول تحرّم أعمال التأمين على المشروعات الفردية أو الهيئات التبادلية أو كليهما معًا. فلا يوجد مثل هذا التحريم على الشركات المساهمة في أي من بلاد العالم.

ولا تختلف الشروط الواجب توافرها لتكوين الشركات المساهمة بغرض القيام بأعمال التأمين عن تلك التي تقوم بالأعمال الصناعية والتجارية من الناحية العامة. ومع ذلك فإن المشرّع غالبًا ما ينص على بعض الشروط الإضافية التي يجب توافرها في شركات التأمين المساهمة

وفيما يلي أهم المسائل التي يجب مراعاتها عند طلب تأسيس شركة تأمين مساهمة:

مراعاة الحد الأدنى لعدد الأعضاء المؤسسين

ويتفاوت عدد الأعضاء المؤسسين من ثلاثة أعضاء في قليل من البلاد المتأخرة اقتصاديًا إلى خمسة عشر عضوًا أو أكثر في الدول المتقدمة. وقد يختلف الحد الأدنى لعدد الأعضاء المؤسسين من شركة لأخرى بالنسبة لفرع المراد التعامل فيه. ففي أحد الولايات الأمريكية ينص قانون التأمين فيها على أن شركات المساهمة التي تقوم بأعمال تأمينات الممتلكات والمسئولية يجب ألا يقل عدد مؤسسيها عن خمسة عشر عضوًا. بينما تلك التي تعمل في تأمينات الحياة يجب ألا يقل عدد مؤسسيها عن تسعة أعضاء فقط.

مراعاة الحد الأدنى لرأس المال

إذ أن الحد الأدنى لرأس المال يختلف تبعًا لاختلاف طبيعة البلاد من الناحية الاقتصادية، وتبعًا للثقة المالية التي يتمتع بها أفراد المجتمع، وأخيرًا تبعًا للفلسفة المالية التي تعتنقها إدارة المشروع. ففي إنجلترا يتطلب القانون ألا يقل رأس مال الشركة المدفوع عن خمسين ألف جنيه إسترليني بالنسبة لتأمينات الحياة. أما شركات تأمينات الممتلكات والمسئولية فيجب أن يزيد مجموع أصولها عن مجموع خصومها بمبلغ خمسين ألف جنيه أو 10% من الإيراد السنوي للقسط، أيهما أكبر.

أما في الولايات المتحدة الأمريكية في معظم الولايات يتطلب القانون ألا يقل رأس المال المكتتب فيه في شركات تأمين الممتلكات والمسئولية عن مبلغ مائتي ألف دولار بشرط أن يسدد علاوة على ذلك 25% من رأس المال كاحتياطي رأسمالي. وبذلك يكون رأس المال المدفوع 125% من رأس المال المكتتب فيه، وهذا يقرب من مئة ألف جنيه. فإذ أرادت الشركة المساهمة أن تمارس العمل في أكثر من فرع من فروع تأمينات الممتلكات فعليها أن تزيد رأس المال المدفوع بمبلغ مائة ألف دولار يضاف إليها خمسة وعشرون ألف دولار احتياطي رأسمالي وذلك عن كل فرع إضافي، أما في حالة شركات المساهمة التي تريد العمل في تأمينات الحياة فيجب ألا يقل رأس المال عن مائتي ألف دولار يدفع معه احتياطي رأسمالي قدره خمسون ألف دولار. فيكون رأس المال المدفوع هو مبلغ مائتان وخمسون ألف دولار.

أما المشرًع المصري فقد نص – بعد عدة تعديلات – على ألا يقل رأس مال الشركة المكتتب فيه عن مائتي ألف جنيه، وألا يقل المدفوع منه عن 50% أي مبلغ مئة ألف جنيه. أما في حالة شركات إعادة التأمين فتكون المبالغ المقررة ضعف ما سبق ذكره. أي أن رأس المال المدفوع لا يجب أن يقل عن مائتي ألف جنيه.

مراعاة عدم التضارب بين فروع التأمين المختلفة

إذ تنص قوانين التأمين عادة على أنه يجوز للشركة المساهمة أن تتعامل في أكثر من فرع من فروع التأمينات المختلفة في حدود معينة. فالقانون الإنجليزي يقسم التأمين إلى تأمينات حياة وتأمينات عامة لهذا الغرض، ولا يجيز أن تجمع الشركة المساهمة بين تأمينات الحياة والتأمينات العامة. ولكن يجيز لها أن تجمع بين أكثر من فرع من فروع التأمينات العامة والتي يقسمها إلى فروع ثلاثة هي حريق وحوادث وبحري.

أما في الولايات المتحدة الأمريكية فمظم قوانين الولايات تقسم أعمال التأمين إلى فروع تتراوح بين خمسة عشر وعشرين فرعًا. ويبيح القانون لشركة التأمين المساهمة عادة أن تمارس أعمال التأمين في أكثر من فرع بشرط ألا تخلط بين تأمينات الحياة وغيرها من التأمينات، إلا إذا تعهدت بألا تجمع بين الأموال الخاصة بتأمينات الحياة وتلك الخاصة بالتأمينات الأخرى في رصيد واحد.

وفي مصر قسم المشرع التأمين في القانون رقم 190 لسنة 1959 إلى ستة فروع هي:

  1. التأمين على الحياة
  2. الادخار وتكوين الأموال
  3. التأمين من الحوادث والمسئولية
  4. والتأمين من الحريق
  5. والتأمين من أخطار النقل البري والنهري والبحري والجوي
  6. وأخيرًا: التأمين من جميع الأخطار التي لم ينص عليها صراحة في الفقرات السابقة

وقد اتبع المشرًع المصري نفس الطريقة التي اتبعها المشرّع الإنجليزي عند الترخيص للشركات المساهمة بمزاولة أعمال التأمين. إذ قسم التأمين إلى قسمين عامين هما تأمين الحياة والتأمينات العامة.

وبالرغم من ذاك فإن المشرّع لم ينص صراحة على عدم الجمع بين تأمينات الحياة والتأمينات العامة. إذ أنه من الملاحظ في سوق التأمين المصرية أن شركات التأمين تجمع في أعمالها بين القسمين، ولكنها تفرق بين حسابات كل قسم. وبذاك يمكن القول أن المشرّع المصري اقتبس التقسيم الإنجليزي للتأمين، ولكن سمح لشركة المساهمة بالجمع بين فروع تأمين الحياة وغير الحياة بشرط التفرقة بين حسابات كل منهما، مما يدل على أنه اقتبس الطريقة الأمريكية في ذلك.

تنظيم إدارة فروع وأقسام التأمين

وتعمد شركات التأمين المساهمة إلى تعيين جهاز فني متمرن للقيام بأعباء الإدارة التنفيذية فيها. كما تقوم الشركة عادة بتكوين لجان فنية من أفراد هذا الجهاز يضم إليهم في بعض الأحيان واحدًا أو أكثر من كبار رجال الإدارة Officers في كل لجنة بغرض وضع الأسس الفنية التي تقوم عليها أعمال الشركات. وأهم اللجان الفنية هي لجنة التأمين التي تقوم بوضع الخطط اللازمة لتنفيذ سياسة الشركات التأمينية ولحل المشاكل التي تنتج عن تنفيذها، واللجنة المالية والتي تقوم ببحث السياسة المالية للشركات من ناحية الإيرادات والمصروفات كما تقوم بوضع سياسة الاستثمار والإشراف على تنفيذها وتعديلها كلما تطلب الأمر ذلك، وأخيرًا اللجنة الإدارية والتي تختص بالأعمال الإدارية الأخرى وخاصة شئون العاملين.

وتقسم شركة التأمين المساهمة عادة إلى عدة أقسام تنفيذية تزيد أو تنقص حسب فروع التأمين التي تعمل فيها وحسب حجم الشركة. وأهم هذه الأقسام هي:

  • قسم الإنتاج: الذي يقوم بالإشراف على عملية تسويق التأمين والقائمين بهذه الوظيفة.
  • قسم الإصدار الذي يقوم بالإشراف على عملية كتابة عقود التأمين وتجهيزها وإمضائها.
  • وقسم المطالبات الذي يقوم بفحص المطالبات ودفع التعويضات.
  • القسم المالي الذي يقوم بالأعمال الحسابية والمالية.
  • القسم الرياضي أو الاكتواري الذي يقوم بالأعمال الفنية من حساب القسط والاحتياطي وأعمال الإحصاء والبحوث الفنية.
  • والقسم الإداري الذي يرعى شئون العاملين.
  • والقسم القضائي الذي يقدم الاستشارات القانونية للأقسام الأخرى كما يقوم بفحص المشاكل القانونية والمرافعات المتعلقة بها أمام القضاء.

هيئات التأمين الحكومي

تتدخل الحكومات في سوق التأمين فتقيم مشروعات حكومية عندما تعجز المشروعات الخاصة أو يمتنع أصحابها من ممارسة أنواع معينة من التأمين. وفي أكثر البلاد اعتناقًا للرأسمالية نجد أن للمشروعات الحكومية أثرها الظاهر في سوق التأمين. ففي معظم الولايات الأمريكية تنشئ مصلحة التأمين بالولاية صندوقًا لتأمين الأخطار المرفوضة في تأمينات الحريق والسيارات، وفي ولاية وسكنسن الأمريكية أنشأت مصلحة التأمين صندوق تأمين الحياة Wisconsin Life Fund لمقابلة حاجة طالبي التأمين من سكان الولاية الذين يرغبون في شرائه مباشرة من المصلحة بدون تدخل وسط التأمين في العملية.

كما تتدخل الحكومات أيضًا عندما تزداد درجه خطورة الخطر المؤمن منه لسبب أو لآخر مع بقاء أهميته بالنسبة للاقتصاد القومي. فيتحتم على الحكومات في هذه الأحوال درء الخطر عن المجتمع بالتأمين عليه بدلاً من الشركات التجارية التي تنسحب من سوق التأمين فجأة نتيجة لهذا التغيير. مثال ذلك ما قامت به الحكومة الأمريكية من إنشاء شركة حكومية للتأمين من الخسائر التي تصيب المحاصيل الزراعية والتي يطلق عليها في الولايات المتحدة Federal Crop Ins. Corporation وذلك عندما فشلت الشركة التجارية المخصصة لذلك من قبل. ومثال آخر ما قامت به الحكومة المصرية من التأمين من حوادث نقل محصول القطن المصري خلال الحرب العالمية الثانية، وذلك عندما امتنعت الشركات المصرية عن التأمين من هذه الحوادث بسبب ارتفاع درجة الخطر حينذاك.

وتتدخل الحكومات في سوق التأمينات الاجتماعية عندما ترى ضرورة اجتماعية أو اقتصادية أو كلاهما تدعوها لمثل هذا التدخل، ومساهمة الحكومة في دفع قسط التأمين وحفظ حق العامل لدى أصحاب الأعمال وما يتطلبه من رقابة تامة على أعمال التأمين، وضمان دفع مبلغ التأمين هي من أهم ما يستدعي تدخل الحكومات في سوق التأمينات الاجتماعية، وخاصة في معظم الدول الاشتراكية في العالم.

التأمين الحكومي في مصر

والمشروعات الحكومية في سوق التأمين المصرية كثيرة ومتعددة، وأهمها صندوق التأمين الحكومي لضمانات أرباب العُهد، وصندوق التأمين الإجباري للسيارات والذي تقوم بإدارته شركات التأمين المصرية مجتمعة، وصندوق تأمين الطلبة والذي تقوم بإدارته شركة مصر للتأمين.

ومشروعات التأمينات الاجتماعية في مصر – وكلها حكومية – يزداد اختصاصاتها وأهميتها يومًا بعد يوم بازدياد التطبيق الاشتراكي والتنمية الاقتصادية في البلاد. والمشروعات الموجودة حاليًا هي الهيئة العامة للتأمين والمعاشات والتي تؤمن العاملين في القطاع الحكومي من أخطار الوفاة والعجز والشيخوخة، والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية والتي تؤمن العاملين في القطاعين العام والخاص من أخطار الحوادث والمرض والعجز والشيخوخة والوفاة والبطالة، وأخيرًا الهيئة العامة للتأمين الصحي والتي أخذت على عاتقها أخيرًا الناحية الفنية من علاج وأدوية ومستشفيات بالنسبة للعاملين في الدولة جميعًا.

المصدر

  • كتاب الخطر والتأمين – الأصول العلمية والعملية. تأليف: الدكتور سلامة عبد الله، كلية التجارة، جامعة القاهرة، 1967، 1974.
  • موسوعة التأمين، العلوم المالية والمصرفية، مركز البحوث والدراسات متعدد التخصصات، 2023.
error:
Scroll to Top