تعريف التأمين ووثيقة التأمين وأنواعها

ملخص المحتوى

مدخل إلى تعريف التأمين وعلاقة التأمين بالتخصصات الأخرى، تعريف التأمين: تعاريف الرياضيين والاقتصاديين، تعاريف القانونيين للتأمين، تعاريف كتاب التأمين، تعريف شامل للتأمين. تعريف وثيقة التأمين والبيانات الواجب ذكرها في وثيقة التأمين، الوثائق الفردية والمركبة والجماعية. عقود التعويض وعقود التأمين. وثائق التأمين الموحدة ومزاياها وسلبياتها.

مدخل إلى تعريف التأمين

تبين من دراسة السياسات المختلفة لإدارة الأخطار في الفصل السابق أن سياسة تخفيض الخطر تنطوي على ثلاثة طرق هي طريقة الفرز والتنويع، وطريقة التجميع، وطريقة الفرز والتنويع والتجميع ونقل عبء الخسارة والتي أطلق عليها طريقة التأمين التجاري.

وحقيقة الأمر أن الطرق الثلاثة المشار إليها هي طرق تأمينية، إذ أن الأولى منها هي طريقة التأمين التجاري. وتخدم كل طريقة منها في حالة مثلى، وتكون التكلفة الخاصة بها بالنسبة لهذه الحالة أقل من تكلفة مثيلتها بالنسبة للحالة نفسها.

علاقة التأمين بالتخصصات الأخرى

يرتبط التأمين ارتباطًا وثيقًا بالنظرية الاقتصادية، إذ أنه يعالج الخسارة الاقتصادية لثروات الأفراد والجماعات والهيئات والمشروعات كما يعالجها بالنسبة للثروة القومية. ويعتمد التأمين من جهة أخرى على النظريات الرياضية والإحصائية، وذلك عن طريق استخدامها أجهزة القياس والحساب، ويعتمد التامين من جهة أخيرة على العلوم القانونية، وذلك عن طريق استخدام العقود في إبرام عملية التأمين، وما يستتبع ذلك من وجود تعهدات قانونية بين الأطراف المتعاقدة.

وقد ترتب على هذا الارتباط المتشعب النواحي بين التأمين والعلوم المختلفة أن قام علماء كل من تلك التخصصات بدراسة التأمين كجزء من دراسة العلم الخاص بهم. وقد نشأ من هذا التفرع أن اهتم كل فريق بدراسة التأمين من ناحية معينة، ما ترتب عليه وضع أكثر من تعريف له.

تعريف التأمين

لا شك أن التعاريف المختلفة للتأمين لا تضيره في قليل أو كثير، بل أنها تفيده فائدة علمية وعملية كبيرتين، إذ أن دراستها ومقارنتها ببعضها البعض تظهر بعض القصور الموجود في تعريف أو آخر. وعلى ذلك نورد فيما يلي التعاريف المختلفة لكل فئة من العلماء، وذلك بغرض الانتفاع بها والتوفيق بينها جميعًا والوصول منها إلى تعريف شامل للتأمين.

تعريف الرياضيين والاقتصاديين للتأمين

يهتم الاقتصاديون عادة في تعاريفهم برأس المال والدخل وتأثير الأخطار والحوادث عليهما بالنقص أو الزوال أو الانقطاع، ويوازنون دائمًا بين هذه المؤثرات والتكلفة اللازمة بالإبقاء على رأس المال أو الدخل. ويهتم الرياضيون في تعاريفهم بطرق القياس وخاصة من ناحية درجات الخطر واحتمال حدوث الحادث وتوقع الخسارة وتكلفة إدارة الأخطار وتطبيق كل ذلك على رؤوس الأموال والدخول.

ويتفق الاقتصاديون المعاصرون والرياضيون في تعريف التأمين وذلك نتيجة لاتجاه معظم الاقتصاديين إلى الناحية الرياضية وتأثرهم بها في دراسة العلوم الاقتصادية. فيعرف فریدمان وسافاج التأمين في مقالتهما بعنوان: “تحليل المنفعة في حالة المفاضلة بين الاختيارات البديلة ذات المخاطر”، كالآتي:

تعريف التأمين من قِبل فریدمان وسافاج:

“الفرد الذي يشتري تأمينات من الحريق على منزل يمتلكه يفضل تحمل خسارة مالية صغيرة مؤكدة (قسط التأمين) بدلاً من أن يبقى متحملاً خليطًا من احتمال صغير لخسارة مالية كبيرة (قيمة المنزل بأكمله) واحتمال كبير بألا يخسر شيئًا. ذلك بمعنى أنه يفضل حالة التأكد عن حالة عدم التأكد”.

تعريف فریدمان وسافاج التأمين

والتعريف في صورته هذه يظهر شقين منفصلين، أولهما يبين الناحية الاقتصادية وخاصة عند مقارنته لملكية المنزل (رأس المال المملوك) والخسارات المعرضة له سواء كانت صغيرة أو كبيرة. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يقارن بين تفضيل صاحب رأس المال للخسارات الصغيرة – حتى ولو كانت مؤكدة الوقوع – عن الخسارات الكبيرة حتى ولو كان احتمالها بسيطًا جدًا.

وتظهر الناحية الرياضية في التعريف السابق من طريقة عرض المفاضلة بين الاختيارات البديلة. فالفرد يمكنه شراء التأمين التجاري ودفع القسط الذي يعتبر خسارة مؤكدة بالنسبة له لأنه تكلفة نظير تحمل شركة التأمين عبء الخطر. ويمكنه كذلك تحمل الخطر الذي هو خليط من احتمالين: الأول احتمال بسيط ولكن مرتبط بخسارة مالية كبيرة كأن يحترق المنزل بأكمله فيضيع رأس المال كلية وهذا نادر الحصول، والثاني احتمال كبير نسبيًا ولكن مرتبط بخسارة مالية منعدمة أي قريبة من الصفر وذلك في حالة عدم احتراق المنزل. ومن ثنايا هذا التعريف لا بد وأن يستنتج أن هناك احتمالات متدرجة أخرى متعلقة بخسارات متدرجة أيضا ولكنها عكسية. ويمكن تصوير المفاضلة بين الاختيارات البديلة المذكورة في التعريف السابق كالآتي:

الاختيار الأول

أن يتحمل الفرد خليطًا من احتمالات الخسارة وهي على سبيل الافتراض.

حالة احتمال أن يخسر المنزل بأكمله يكون توقع خسارته هي:

توقع الخسارة = قيمة المنزل المحترق × احتمال أن يحترق المنزل بالكامل = 10.000 × 0.0001 = 1 دولار

حالة احتمال أن يخسر 75% من المنزل يكون توقع خسارته هي:

توقع الخسارة = قيمة الخسارة المتوقعة × احتمال أن يحترق 75% من المنزل = 7.500 × 0.0002 = 1.5 دولار

حالة احتمال أن يخسر 50% من المنزل يكون توقع خسارته هي:

توقع الخسارة = 5.000 × 0.0004 = 2 دولار

حالة احتمال أن يخسر 25% من المنزل يكون توقع خسارته هي:

توقع الخسارة = 2500 × 0.001 = 2.5 دولار

حالة احتمال أن يخسر 10% من المنزل فيكون توقع خسارته هي:

توقع الخسارة = 1000 × 0.005 = 5 دولار

حالة احتمال أن يخسر 5% من المنزل فيكون توقع خسارته هي:

توقع الخسارة = 500 × 0.02 = 10 دولار

حالة احتمال أن يخسر 1% من المنزل فيكون توقع خسارته هي:

توقع الخسارة = 100 × 0.05 = 5 دولار

حالة احتمال ألا يحدث الحريق بالمرة يكون توقع خسارته هي:

توقع الخسارة = صفر × 0.923 = صفر دولار

ومجموع هذه التوقعات الرياضية (تكلفة الاختيار الأول) = 27 دولار

الاختيار الثاني

أن يشتري الفرد تأمينًا من الحريق على أساسه تتعهد شركة التأمين أن تعوضه عن أية خسارة حريق خلال السنة. فإذا كان سعر تأمين الحريق على مثل عقاره هو 2.5 في الألف مثلا فإن:

قسط تأمين الحريق الذي يتحمله (تكلفة الاختيار الثاني):

= قيمة العقار × سعر تأمين الحريق = 10000 × 0.0025 = 25 دولار

وبالرغم من استعمال الناحية الرياضية في التعريف السابق، إلا أنه اختتم ذلك بحالة نفسية لم يتمكن من قياسها والتأكد من صحتها رياضيًا، ذلك عندما قرر أن الفرد يفضل حالة التأكد عن عدم التأكد، بدون أن يضع لذلك قيودًا وحدودًا لتكلفة حالة التأكد التي يشير إليها.

ويتفق بولدنج Boulding مع فریدمان وسافاج في تعريف التأمين، إلا أنه يعتمد في عملية المفاضلة على التوقع الرياضي بدلاً من التوقع النفسي الذي يعتمد عليه الآخران. فيبين بولدنج بوضوح أن كلا من المؤمن والمؤمن له قادر على حساب التوقع الرياضي الخاص بعملية التأمين. فالمؤمن يحسبه إحصائيًا على أساس الحالات المشابهة والقائمة فعلا لديه ولدى غيره من المؤمنين. والمؤمن له يحسبه موضوعيًا على أساس معلوماته الخاصة والعامة عن الشيء موضوع التأمين. ويضيف بولدنج إلى ذلك أن المؤمن له سوف يشتري التأمين عادة إلى الحد الذي يتساوى فيه التوقع الرياضي مع قسط التأمين المطلوب، وبذلك يكون قد وضع حدًا فاصلاً بين شراء التأمين من عدمه.

ويعرف نایت Knight في كتابه “الخطر وعدم التأكد والربح” التأمين كالآتي:

تعريف نايت للتأمين:

“التأمين هو عمل من أعمال التنظيم والإدارة وذلك لأنه يقوم بتجميع أعداد كافية من الحالات المتشابهة لتقليل درجة عدم التأكد إلى حد مرغوب فيه.. والتأمين ما هو إلا تصوير لمبدأ استبعاد عدم التأكد، وذلك بالتعامل في مجموعات من الحالات بدلاً من التعامل في حالات مفردة”.

تعريف نايت للتأمين

ويحاول نایت في تعريفه إظهار أهمية قانون الأعداد الكبيرة في تقليل درجة الخطر إلى حد يكون من السهل معه التعامل في الأخطار، وهو يعتقد أن هذا هو ما يتحقق فعلا من وجود هيئات التأمين. كذلك يشير إلى أن القوانين الرياضية الخاصة بالمتوسطات بالنسبة لمجموعات الحالات المتشابهة تحل مشكلة عدم التأكد الموجودة دائمًا في الحالات الفردية.

تعريف القانونيين للتأمين

يحسن التفرقة بين ثلاث فئات قانونية مختلفة، عند بحث تعريف التأمين عند القانونيين. هذه الفئات هي المحاكم والمشرع، والفقهاء.

وتتحاشى المحاكم عادة تعريف التأمين معتمدة في معظم الأحيان على تعريف المشرع له، أو ما يرد على لسان الفقهاء والخبراء، وذلك حتى لا يؤخذ تعاريفها على أنها قواعد عامة تلتزم بها الجهات الإدارية في الدولة التي يصدر فيها حكم المحكمة.

وتنص التشريعات عمومًا وفي جميع أنحاء العالم على تعريف التأمين صراحة وفي أكثر من مكان في التشريعات المدنية والتجارية.

ويعرف المشرع المصري التأمين في المادة 747 من القانون المدني كالآتي:

تعريف المشرع المصري للتأمين:

“التأمين عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له أو المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغًا من المال أو إيرادًا مرتبًا أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين بالعقد، وذلك في نظير قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن”.

تعريف المشرع المصري للتأمين

ويعرف المشرع في ولاية كاليفورنيا الأمريكية التأمين كالآتي:

تعريف المشرع الأمريكي للتأمين:

“التأمين عقد بمقتضاه يتعهد شخص بتعويض آخر عن خسارة أو تلف أو مسئولية تنشأ عن حادث عارض أو غير معروف مقدمًا”.

تعريف المشرع الأمريكي للتأمين

ويتم الفقهاء بالتعاريف المقارنة للتأمين بعد بحث وتحليل حكم المحاكم ومحاولة التوفيق بين الآراء المختلفة. فيعرف الدكتور محمد علي عرفة التأمين في كتابه “شرح القانون المدني الجديد في التأمين والعقود الصغيرة” كالآتي:

تعريف الدكتور محمد علي عرفة للتأمين

“التأمين عملية فنية تزاولها هيئة مهمتها جمع أكبر عدد ممكن من المخاطر المتشابهة وتحمل تبعتها عن طريق المقاصة بينها وطبقًا لقوانين الإحصاء، ومن مقتضى ذلك حصول المستأمن أو من يعينه حالة تحقق الخطر المؤمن منه على عوض مالي يدفعه المؤمن في مقابل وفاء الأول بالأقساط المتفق عليها في وثيقة التأمين”.

تعريف الدكتور محمد علي عرفة للتأمين

أما الفقهاء في الولايات المتحدة الأمريكية فإنهم يعرفون التأمين – كما عرفه باترسون Patterson – كالآتي:

تعريف الفقهاء الأمريكيين للتأمين – تعريف باترسون:

“عقد التأمين عمومًا هو تعهد من جانب شخص بأن يدفع لآخر نقدًا أو أي شيء آخر ذي قيمة مالية في حالة حدوث حادث عرضي خارج عن إرادة أحد الطرفين، وذلك بشرط أن يكون للشخص الموعود بالدفع مصلحة أخرى بجوار مصلحته الناشئة عن العقد”.

تعريف الفقهاء الأمريكيين للتأمين – تعريف باترسون

ومعظم التعاريف القانونية – إن لم يكن جميعها – يدور حول تعريف عقد التأمين کوسيلة قانونية للتعاقد. فتهتم التعاريف الأربعة السابقة بأطراف العقد وتعهد كل طرف والمصلحة التي تعود عليه من التعاقد.

تعاريف كتاب التأمين

يختلف كتّاب التأمين بعضهم عن البعض في تعريف التأمين باختلاف جنسياتهم من ناحية، والعصر الذي عالجوا فيه التأمين من ناحية أخرى، ونوع التأمين من ناحية أخيرة.

فهناك تعاريف الكتاب من القارة الأوروبية تختلف عن تلك التي وضعها الأمريكيون أو المصريون، وذلك لاختلاف البيئة التي يخدمها التأمين. ويحاول الكتاب عادة مجاراة العصر الذي يعيشون فيه، ولذلك يعدلون في تعريفهم للتأمين سنة بعد أخرى حتى يتسنى لهم خدمة النواحي الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع وأفراده. وهناك من الكتاب من يعالج نوعًا من أنواع التأمين دون الآخر. ولذلك فإن تعريفه للتأمين يأتي خاصًا بنوع معين مما يصعب تطبيقه على باقي الأنواع.

ويعرف الأستاذ أحمد جاد عبد الرحمن التأمين فيقول: “التأمين وسيلة لتعويض الفرد عن الخسارة المالية التي تحل به نتيجة لوقوع خطر معين، وذلك بواسطة توزيع هذه الخسارة على مجموعة كبيرة من الأفراد، يكون جميعهم معرضين لهذا الخطر، وذلك بمقتضى اتفاق سابق. كما يعرف التأمين التجاري بأنه “… اتفاق بين طرفين بمقتضاه يتعهد الطرف الأول بأن يعوض الطرف الثاني عن الخسائر المادية التي تقع له نتيجة لتحقق خطر معين في مقابل أن يدفع الطرف الثاني للطرف الأول مبلغًا ما أقل نسبيًا من المبلغ الذي يتعهد الطرف الأول بسداده”.

ويلاحظ أن التعريف السابق بشطريه يهتم بمبدأ التعويض عن الخسارة المالية من ناحية، وعلى توزيعها على عدد كبير من الأفراد من جهة ثانية، والاتفاق المسبق بين الأفراد المعرضين لنفس الخطر من جهة ثالثة، وعلى المقابل الذي يتعهد به كل من طرفي العقد من جهة أخيرة.

ويعرف ويليت الأمريكي التأمين كالآتي:

تعريف ويليت الأمريكي للتأمين:

“التأمين مشروع اجتماعي يهدف إلى تكوين رصيد بغرض مجابهة خسائر مالية غير مؤكدة، والتي يمكن تحاشيها عن طريق نقل عبء الخطر من عدة أشخاص إلى شخص واحد أو مجموعة من الأشخاص. وعادة ما يظهر عنصر من عناصر التأمين إذا ما كون هذا الرصيد بغرض مجابهة الخسائر غير المؤكدة. أو إذا ما تم نقل عبء الخطر. أما إذا اكتمل مع هاتين الظاهرتين ظاهرة تجميع المخاطر، ففي هذه الحالة يظهر التأمين بمعناه الكامل”.

تعريف ويليت الأمريكي للتأمين

ويظهر هذا التعريف تقصيرًا في كونه يستبعد بعض أنواع التأمين التي لا تطبق عليها الأوصاف المذكورة، خاصة التأمين التعاوني أو التبادلي الذي يتم بدون دفع أقساط مقدمة. وكذلك التأمين الذاتي الذي لا يتم فيه نقل الخطر من شخص إلى آخر.

ويعرف دنسديل الإنجليزي التأمين بقوله:

“التأمين هو وسيلة لتوزيع الخسائر التي تلحق بالفرد على مجموعة من الأفراد. ويمكن القول بأن التأمين يهدف إلى تكوين مجمعة Pool يسهم فيها أفراد المجموعة ويعوض منها أولئك القلائل منهم الذين يصابون بخسائر أو أضرار”.

ويظهر هذا التعريف تقصيرًا مشابها للسابق ذكره الوارد في تعريف ویليت، إذ أنه يستبعد التأمين الذاتي الذي ينقصه مجموعة الأفراد التي ينص على ضرورة وجودها في تعريفه هذا.

تعريف شامل للتأمين

لوحظ أولا أن التأمين خطة أو مشروع أو نظام، وثانيًا أن هذا النظام يصمم بغرض التقليل من درجة الخطورة المعرض لها المستأمن، وثالثًا أن هذا عن طريق نقل عبء أخطار معينة بكاملها أو جزء منها من طرف إلى طرف آخر. وعلى ذلك يمكن وضع تعريف عام شامل جامع للتأمين كالآتي:

“التأمين نظام يصمم ليقلل من ظاهرة عدم التأكد الموجود لدى المستأمن، وذلك عن طريق نقل عبء أخطار معينة إلى المؤمن، والذي يتعهد بتعويض المؤمن له عن كل أو جزء من الخسارة المالية التي يتكبدها”.

والتعريف السابق يظهر طبيعة التأمين كنظام، ويبعد عنه نوعية التأمين وحرفية التعاقد، ووسيلة التعامل، وطرق الحساب، حيث أن كل ذلك ليس له حكم ثابت في التأمين ، بل أنه يتغير من حالة إلى أخرى كما سنرى فيما بعد وعند دراسة أنواع التأمين و أنواع المؤمنين.

تعريف وثيقة التأمين

يتم التعاقد على التأمين عن طريق الاتفاق التام بين الأطراف المعنية. وعادة ما يصدر أحد الطرفين – وهو المؤمن – ما يسمى بعقد التأمين أو وثيقة التأمين أو بوليصة التأمين Insurance policy لتدل على هذا التعاقد.

ووثيقة التأمين هي الإثبات الكتابي لوجود التعاقد بين الطرفين. وبالرغم من ذلك فإنه يمكن التفرقة بين الوثيقة والعقد. فعقد التأمين هو الاتفاق القانوني بين طرفي التعاقد، أما وثيقة التأمين فهي النموذج المُعد لإثبات هذا التعاقد في صورة منمقة معينة جرى عليها العرف التأميني. أي أن التعاقد على التأمين يمكن أن يتم بأي صورة من صور التعاقد القانونية، فإذا تم عن طريق النموذج المعد لذلك في هيئات التأمين، فإن النموذج الأخير هو الذي يطلق عليه وثيقة التأمين.

ويمكن تعريف وثيقة التأمين على أنها عقد بين المؤمن والمستأمن أو المؤمن له، يتعهد بمقتضاه المؤمن أن يدفع للمستأمن أو المستفيدين أو يعوضهم عن أي خسارة مالية أو نقص في الدخل ينشأ عن تحقق حادث معين يكون منصوصًا عليه في عقد التأمين. ويتم ذلك في نظير أن يقوم المؤمن له بدفع قسط أو أقساط دورية للمؤمن يُدفع أولها عند بداية سريان العقد.

البيانات الواجب ذكرها في وثيقة التأمين

أطراف التعاقد

يظهر من التعريف السابق أن هناك طرفين أو أكثر في وثيقة التأمين. الطرف الأول يطلق عليه المؤمن insurer وهو الهيئة أو الشخص الذي يقوم بدفع مبلغ التأمين أو التعويض في حالة تحقق الحادث المنصوص عليه. والطرف الثاني يطلق عليه المؤمن له أو المستأمن insured، وهو صاحب الشيء موضوع التأمين أو صاحب المنفعة التأمينية في الشيء المؤمن عليه، والذي يقوم عادة بالتعاقد مع الطرف الأول بغرض تغطية الخسارة المتوقعة، كما عليه أن يقوم بسداد القسط.

وكثيرًا ما يظهر طرف ثالث في التعاقد يطلق عليه اسم المستفيد Beneficiary، وهو الشخص الذي يستحق مبلغ التأمين أو قيمة التعويض في حالة تحقق الحادث المؤمن منه. وفي حالة انفصال شخصية المستأمن عن المستفيد، يشترط أن يكون للآخر مصلحة تأمينية، في موضوع التأمين كما سياتي ذكره في مكان آخر من هذا الكتاب.

وفي حالات خاصة من حالات تأمينات الحياة يظهر طرف رابع في التعاقد يُطلق عليه المؤمن عليه أو المؤمن على حياته Life insured وهو الشخص موضوع الخطر، فإذا قام هذا الأخير في نفس الوقت بالتعاقد ودفع القسط كانت شخصيته مرتبطة بشخصية المستأمن، وإلا كانت شخصيته منفصلة وأصبح طرفًا قائمًا بذاته.

العوض المالي أو المقابل

يتضح من تعريف عقد التأمين التجاري السابق ذكره أنه تعهد مزدوج من جانب طرفي العقد، فيتعهد المؤمن من جانبه بأن يقوم بدفع قيمة مبلغ التأمين أو قيمة التعويض عن الخسائر التي تنتج من جراء تحقق الحادث المؤمن منه والمذكور صراحة في العقد. وفي نظير ذلك يتعهد المؤمن له أو المستأمن من جانبه هو الآخر بدفع القسط أو الأقساط الدورية في مواعيدها حسب ما هو منصوص عليه في العقد. ومبلغ التأمين أو قيمة التعويض من ناحية المؤمن، والقسط أو الأقساط الدورية من ناحية المستأمن هو ما يطلق عليهما في عقد التأمين بالعوض المالي أو المقابل Consideration. إذ أن المستأمن يلتزم بدفع الأقساط في نظير أن يقوم المؤمن بدفع مبلغ التأمين أو قيمة التعويص حسب الأحوال.

الحادث المؤمن منه

يتم التعاقد بين المؤمن والمستأمن على أن يعوض الأخير في حالة تحقق حادث معين يُذكر صراحة في عقد التأمين مما يترتب عليه خسارة مادية أو مصروفات زائدة أو نقص في الدخل أو انقطاع هذا الدخل تمامًا. والمقصود بالحادث في هذا المجال ما يتحقق عنه الخسارة المادية في صورها المذكورة، بغض النظر عما إذا كان الحادث مفجعًا أو سعيدًا. فالمرض حادث يترتب عليه مصر وفات علاجية وانقطاع مؤقت للدخل في بعض الأحيان. والوفاة حادث للأسرة التي تعتمد على دخل المتوفي الذي ينقطع بوفاته. وإنجاب طفل حادث يترتب عليه إنفاق مصروفات أثناء الوضع ثم زيادة مصروفات العائلة بزيادة عدد أفرادها. والزواج ودخول الأبناء مراحل تعليم عليا كلها حوادث تطلب نفقات إضافية يمكن التأمين عليها. وبصورة عامة كل حادث مشابه يترتب عليه ضياع أو نقص في الممتلكات والإيرادات أو إنفاق مصروفات أو زيادة تكاليف يمكن التأمين عليه بصورة أو بأخرى يطلق عليه الحادث المؤمن منه Peril insured.

مدة التأمين

يُصدر عقد التأمين ليغطي مدة تامين معينة Term of insurance تبدأ عادة من تاريخ معين مثبت في العقد، بشرط سداد القسط الأول كأساس لبداية سريان العقد. وفي عقود تأمين الممتلكات والمسئولية – مثل تأمين الحريق والتأمين البحري والنقل وتأمين السيارات – تكون مدة التعاقد عادة سنة كاملة قابلة للتجديد. وبالرغم من ذلك تصدر شركات التأمين عقودًا تغطي ثلاث سنوات أو خمس سنوات إذا ما طُلب منها ذلك. أما في تأمينات الحياة فإن الأمر يختلف، إذ أن مدة التأمين دائمًا أطول من سنة. وعادة لا تقل عن خمس سنوات، وتطول أحيانًا لتغطي المؤمن على حياته طالما هو على قيد الحياة.

وفي معظم الحالات – وخاصة في عقود تأمين الممتلكات والمسئولية – يُذكر تاريخ بداية سريان العقد مقرونًا بساعة معينة حتى يمكن تحديد ما إذا كان الحادث الذي يتحقق في الساعات الأولى من بداية السريان مغطى أم غير مغطى تأمينيًا. كذلك الأمر بالنسبة للحادث الذي يتحقق في الساعات الأخيرة من نهاية مدة العقد. فلا بد من التأكيد من أنه تحقق قبل انتهاء مدة التعاقد وليس بعد نهايتها.

الوثائق الفردية والمركبة والجماعية

الوثيقة الفردية

تصدر وثائق التأمين في صور متعددة تخدم كل صورة منها أغراضًا معينه. فالوثيقة الفردية ladividnal policy تصدرها شركة التأمين لتغطي موضوع تأمين مفرد معين من خطر معين بالنسبة لمستفيد محدد في العقد. فيمكن إصدار وثيقة تأمين فردية من الحريق على منزل سكني أو مصنع أو متجر. كما يمكن إصدار وثيقة تأمين حياة فردية على حياة شخص واحد.

الوثيقة المركبة

والوثيقة المركبة Multiple – line Policy تصدرها الشركة لتغطي موضوع تأمين مفرد معين من عدة أخطار غير متشابهة بالنسبة لمستفيد معين محدد في العقد. فيمكن إصدار وثيقة تأمين مركبة على منزل سكني (فيلا مثلا) لتغطي أخطار الحريق والسرقة والسطو بالنسبة للمبنى ومحتوياته وكذلك مسئولية صاحب المنزل المدنية تجاه الغير الذين يعملون لديه أو يزورونه. والوثيقة المركبة على هذه الصورة تكون دائمًا مكتوبة في عقد واحد يحتوي على جميع التغطيات ويحسب عنها قسط واحد. وهي بذلك تختلف عن الوثيقة المجمعة Package policy وهي عبارة عن عدة وثائق تغطي كل منها خطرًا معينًا ويحسب عنها قسطًا منفردًا ثم تضع عليها شركة التأمين مذكرة تبين مفردات الوثائق وأقساط كل منها ومجموع الأقساط وترسلها إلى المستأمن في حزمة Package لتسهل عليه حفظها ومعرفة مجموع أقساطها. والوثيقة المجمعة على هذه الصورة تعتبر مرحلة بدائية للوثيقة المركبة السابق ذكرها.

الوثيقة الجماعية

أما الوثيقة الجماعية Group policy فتصدرها شركة التأمين لتغطي موضوع تأمين متعدد متشابه من خطر معين بالنسبة لمستفيدين متعددين مذكورين كجماعة في العقد. فيمكن إصدار وثيقة جماعية من الحريق على الشقق الممتلكة في حي معين بإحدى المدن لصالح أصحابها أو لصالح الشركة المستحق لها الأقساط. كذلك يمكن إصدار وثيقة تأمين حوادث جماعية على طلاب الجامعات لتعويضهم عن الحوادث التي تقع لأي منهم خلال وجودهم في الجامعة أو أثناء ممارسة النشاط الجامعي. وفي مثل هذه الأحوال لا تصدر وثيقة لكل منزل أو لكل طالب، بل يكتفى بإصدار وثيقة واحدة للمجموعة، ويعطى صاحب كل منزل أو كل طالب ما يثبت اشتراكه في التأمين سواء كان ذلك في صورة شهادة تأمين Insurance certificate أو يكتفى بتسليم إيصال سداد القسط كدليل على الاشتراك في التأمين.

عقود التعويض وعقود التأمين

عقود التعويض

الأصل في التأمين هو تعويض المستأمن عما يصيبه من أضرار مادية في حدود ما خسره فعلا نتيجة الحادث وليس أكثر من ذلك بأي حال. وبهذا يضمن المجتمع عدم إثراء المستأمن على حساب الغير – وهو المؤمن – من جراء تحقق الحادث. وهذه هي القاعدة المتبعة في عقود التأمين من الحوادث التي ينتج عن تحققها خسارة مادية يمكن قياسها وتقدير قيمتها. مثال ذلك التأمين من حادث الحريق على منزل. فإذا ما تحققت خسارة مادية للمنزل نتيجة وقوع الحريق فيمكن تقدير قيمة الخسارة وتعويض المستأمن عنها. مثال ذلك أيضًا التأمين من مصاريف العمليات الجراحية والعلاج الطبي. فبقدر ما ينفق فعلا يكون المؤمن مسئولا عن تعويض المستأمن عنه. وعلى ذلك فإن العرف قد جرى على إطلاق لفظ عقود التعويض Contracts of Indemnity على مثل هذه التأمينات.

عقود التأمين

وبالرغم من عمو مية القاعدة السابقة إلا أن هناك من عقود التأمين ما يغطي حوادث ينتج عنها خسائر مادية لا يمكن حساب قيمتها بدقة تامة، كما أن قيمتها المادية تختلف من وجهة نظر المستأمن عنها من وجهة نظر المؤمن. فإذا أضيف إلى ما سبق صعوبات عملية أخرى في حساب قسط التأمين الخاص بها لوصلنا إلى المبررات التي أدت برجال التأمين إلى خلق نوع آخر من العقود يحدد فيه المبلغ الذي يدفع للمستأمن أو المستفيد عند حدوث الحادث، ويطلق عليه مبلغ التأمين. ويطلق على هذه العقود عقود التأمين، أو العقود المحددة القيمة أو ذات القيمة المحددة Valued Policies.

وتستعمل مثل هذه العقود عادة في حالة تأمين الحوادث التي يترتب على وقوعها تحقق خسارة كلية للشيء موضوع التأمين. مثال ذلك عقود تأمين الحياة بأنواعها المختلفة. فإنه عندما يتحقق الحادث المؤمن منه يقوم المؤمن بدفع مبلغ التأمين المحدد في وثيقة التأمين بالكامل للمستأمن، ذلك لأن الحوادث التي تذكر في تأمينات الحياة يترتب على وقوعها دائمًا خسارة كلية مثل الوفاة أو بلوغ سن معينة أو ما شابه ذلك. مثال آخر عقود تأمين الحريق والسرقة والسطو بالنسبة للمجوهرات والتحف وما شابهها، فإنه عندما يتحقق الحادث المؤمن منه ويترتب عليه خسارة كلية بالذات فإن المؤمن يدفع للمستأمن مبلغ التأمين بالكامل وذلك في حالة الوثائق المحددة القيمة.

وثائق التأمين الموحدة

يعمد كل مؤمن إلى اختيار صيغة عقود التأمين التي تتناسب مع التغطيات المختلفة التي يقوم بتقديمها، ويقوم بطبع كل منها على نموذج يطلق عليه – كما سبق وأن أشرنا – لفظ وثيقة التأمين.

وقد أدت المنافسة بين المؤمنين إلى زيادة عدد الشروط التي ترد في أي من هذه الوثائق بحيث تؤدي الغرض منها في حالات المنافسة من إضافة خدمات أو تغطيات أو مدد إضافية عن مثيلاتها لدى المؤمنين الآخرين. وتظهر مثل هذه الاختلافات بين شروط وثيقة تأمين مؤمن ومثيلاتها لدى مؤمن آخر في دول عدة خاصة تلك التي بها فروع لشركات أجنبية من جنسيات مختلفة. ففي هذه الحالة يستعمل كل فرد عادة وثيقة التأمين بنفس الشروط تقريبًا التي تصدرها بها الشركة الأصلية في المركز الرئيسي. وبالطبع تختلف الشروط عامة من بلد لآخر مما يترتب عليها اختلاف الوثائق، وهذا يبعدها عن التوحيد.

وتحدث في البلاد ذات التكامل الاقتصادي – وخاصة تلك التي تمارس حكوماتها وظيفة الإشراف على شركات التأمين ممارسة جدية – أن تقوم اتحادات التأمين التي يدخل في عضويتها جميع المؤمنين الوطنيين والأجانب بعمل شروط نموذجية موحدة لكل وثيقة من وثائق التأمين المستعملة في تلك البلاد. ويتعهد المؤمنون باستعمال هذه الوثائق الموحدة Standard policies في إصدار التأمين. وبذلك يصدر التأمين مشابهًا في جميع الحالات.

وهذا التعهد من جانب المؤمنين باستعمال الوثيقة الموحدة إما أن يكون اختياريًا عن طريق الاتحاد فقط، وإما أن يكون إجباريًا عن طريق إصدار تشريع تأمين يجبر المؤمنين باستعمال وثيقة بعينها وبشروطها الموضوعة نصًا وحرفًا في القانون.

مزايا وثائق التأمين الموحدة

ومن المزايا التي تعود من استخدام الوثائق الموحدة:

  1. لا يهتم المستأمن بأي اختلاف في منطوق الوثيقة أو الشروط الواردة فيها عند الاختبار بين عدة وثائق.
  2. لا يخشى المستأمن أي تعارض إذا ما قرر شراء أكثر من وثيقة من أكثر من مؤمن لتغطية خطر بعينه.
  3. بمجرد تفسير المحاكم للوثيقة وشروطها ولو مرة واحدة يفيد في تفسير جميعها في جميع الحالات المشابهة.
  4. إمكان تحديد و توزيع الخسائر على المؤمنين المختلفين في سهولة ويسر.
  5. تسهل الأمر وتختصر الوقت وتيسر على المستأمنين ووكلاء البيع دراسة الشروط المختلفة بدقة تامة.

سلبيات وثائق التأمين الموحدة

بالرغم من ذلك فان للوثائق الموحدة بعض السلبيات مثل:

  1. توحيد الوثائق يستلزم الاتفاق بين المؤمنين بعضهم البعض من جهة. وبينهم وبين الجهات الحكومية التي تقوم بالإشراف والرقابة على المؤمنين من جهة أخرى. وهذا يستدعي وقتًا طويلاً يكون عائقًا لأي تقدم أو تجديد أو تعديل تستدعيه الوثيقة الموحدة من حين إلى آخر.
  2. أن محاولة التوفيق بين وجهات نظر المؤمنين للوصول إلى شروط موحدة للوثيقة يؤدي إلى موقف وسط يرضاه الجميع. وعادة ما يكون الموقف الوسط هذا ضارًا بمصلحة المستأمنين ورغباتهم.
  3. تتلاشى ظاهرة محاولة كل مؤمن إظهار خبرته وبراعته الخاصة. ويتلاشى مع ذلك عنصر المنافسة بين المؤمنين. ويحل محلها خدمة موحدة نتيجة وجود الوثيقة الموحدة.

المراجع

  • كتاب الخطر والتأمين – الأصول العلمية والعملية. تأليف: الدكتور سلامة عبد الله، كلية التجارة، جامعة القاهرة، 1967، 1974.
  • موسوعة التأمين، العلوم المالية والمصرفية، مركز البحوث والدراسات متعدد التخصصات، 2023.
error:
Scroll to Top