أنواع البحث العلمي والمقارنة بينها

ملخص المحتوى

شرح أهمية تصنيف أنواع البحث العلمي ومعايير تصنيفها، أنواع البحث العلمي النظري (الأساسي) والبحث التطبيقي والبحث الإجرائي، البحث الأكاديمي والمهني، البحث الكمي والبحث الكيفي، البحث التاريخي والبحث التجريبي، البحث الوصفي وأنواعه.

أهمية تصنيف أنواع البحث العلمي

تثير محاولة تصنيف أنواع البحث العلمي مشكلة لا يوجد اتفاق حولها. وتًستخدم أسس مختلفة كمعايير للتصنيف، ينتج عنها أنظمة تصنيفية متعددة.

ويضع أي نظام للتصنيف إطارًا لفهم المبادئ الأساسية في عملية البحث. ولذلك فإن نظام التصنيف ليس مهمًا في حد ذاته، إلاّ بقدر ما يخدم تحليل عمليات البحث وخطواته، بطريقة واضحة ومفهومة.

معايير تصنيف أنواع البحث العلمي

يمكن تصنيف أنواع البحث العلمي وفقًا لمعايير مختلفة، كأن يتم تصنيفها بحسب ما إذا كانت نظرية أو تطبيقية، أو أن يتم تصنيفها بحسب طبيعة الشخص أو الجهة التي تقوم بالبحث، أو بحسب نوعية البيانات التي يتم جمعها، أو حتى تصنيفها بحسب المعيار الزمني.

وعند استخدام معيار معين كإطار للتصنيف، فإننا في الواقع نستخدم منهجًا خاصًا في التفكير، وننظر إلى البحث من زاوية معينة. وعندما نستخدم معيار آخر، فإننا ننظر إلى البحث من زاوية أخرى. ولذلك فليس هناك تناقض بين الطرق المختلفة في تصنيف البحوث.

كما أنه ليس هناك تفضيلا لطريقة ما على غيرها. فالطرق تتداخل وتتكامل فيما بينها، لتعطي مزيدًا من الوصف التفصيلي للبحث.

ويمكن للبحث الواحد أن يوصف بأكثر من صفة ويندرج تحت أكثر من نوع واحد من أنواع البحوث العلمية.

أنواع البحث العلمي النظري والتطبيقي والإجرائي

جرى تقسيم أنواع البحث العلمي تقسيمًا تقليديًا على أساس صلتها بالتفكير النظري أو الواقع العملي إلى ثلاث فئات هي:

  1. البحوث الأساسية أو البحوث البحتة
  2. البحوث التطبيقية
  3. البحث الإجرائي

البحوث الأساسية أو البحوث النظرية أو البحتة

البحوث الأساسية (بالإنجليزية: Basic Research) هي التي تتضمن البحوث الموجهة نحو تطوير النظريات من خلال اكتشاف المبادئ أو التعميمات. كما يطلق على البحوث الأساسية اسم البحوث النظرية أو البحوث البحتة.

وقد استعار البحث الأساسي منهجًا من العلوم الطبيعية بالتأكيد على التحليل المنظم والدقيق للظاهرة موضوع البحث بهدف اكتشاف الحقائق والعلاقات الأساسية والمهمة، وذلك لتوسيع حدود المعرفة الإنسانية في هذا المجال، دون أن يكون من الضروري أن تنعكس نتيجة هذا الاكتشاف مباشرة على الواقع العملي لفرد أو جماعة. ويتم إجراء هذه البحوث عادة في المختبرات والمواقف المضبوطة. وغالبًا ما يتم هذا الضبط والدقة في التحكم على حساب الواقعية والصلة بالمواقف الطبيعية.

وقد كان هذا النوع من أنواع البحث العلمي مجال النشاط الأساسي لعلماء النفس لفترة طويلة من الزمن، جرى خلالها تطوير النظريات التقليدية للتعلم. وقد استعملت هذه البحوث في كثير من الأحيان الحيوانات كأفراد للدراسة؛ لأنها تهتم بالمبادئ الأساسية للسلوك أكثر من اهتمامها بتطبيق نتائج البحث على المشكلات الإنسانية. ولذلك لم يكن غريبًا أن تواجَه نظريات التعلم مثلا بكثير من الأسئلة والتحديات على أساس أن الدراسات التي أنتجتها كانت تتعلق بسلوك الحيوانات في مواقف مخبرية مضبوطة مما يشكك في إمكانية تطبيقها على الإنسان في المواقف الطبيعية.

البحوث التطبيقية

ويتعلق هذا النوع من أنواع البحث العلمي أساسًا بتطبيق المعرفة الجديدة في حل المشكلات اليومية والفعلية.

ولا بد من التأكيد على أن البحث التطبيقي (بالإنجليزية: Applied Research) يشترك مع البحث الأساسي في تطبيق المنهج العلمي في البحث، إلا أن هدفه الأساسي هو تحسين الواقع العملي من خلال اختبار النظريات في مواقف حقيقية، وحل المشكلات الفعلية تحت نفس الظروف التي توجد فيها هذه المشاكل في الواقع. كذلك فإن البحوث الأساسية ربما تعتمد في إجرائها على نتائج البحوث التطبيقية من أجل استكمال الصياغات النظرية وبلورة المفاهيم. فنحن نطبق مثلا نظريات التعلم في غرفة الصف للاستفادة منها عمليًا.

وفي الوقت نفسه فإن مشاهدة الموقف العملي في غرفة الصف ربما تقود إلى تطوير نظريات جديدة.

في الواقع فإنه يصعب وضع خط دقيق يفصل بشكل قاطع بين أنواع البحث العلمي النظرية وأنواع البحوث التطبيقية. بمعنى آخر، فإنه يمكن أن تتقاطع البحوث النظرية والبحوث التطبيقية في كثير من الأحيان.

البحث الإجرائي

يمكن التمييز بين أنواع البحث العلمي التطبيقي وبين البحث الإجرائي أو البحث الموجه للعمل (بالإنجليزية: Action Research).

فالبحث التطبيقي يستخدم المنهج العلمي ليقوم ببناء العلاقات واختبار النظريات بدقة، سواء في تطبيق خطوات البحث أو تحديد ظروف وشروط هذا التطبيق. ولذلك ربما يلزم في هذا البحث دراسة عدد كبير من الحالات، وممارسة درجة عالية من الضبط للمتغيرات، واستخدام الدقة في إجراءات اختيار العينات، واهتمام زائد في تعميم النتائج على المواقف الممكنة. أما البحث الموجه للعمل فإنه يفهم المنهج العلمي بطريقة أكثر تحررًا، لأن اهتمامه ينصب على مشكلة معينة في موقف محدد، ولا يؤكد على ضرورة الحصول على معرفة علمية يمكن تعميمها، بل على معرفة محددة لتناسب غرضًا وموقفًا محددًا. ولذلك لا يستلزم البحث الموجه للعمل نفس الشروط المفروضة على البحث التطبيقي.

ففي الوقت الذي يقوم بالبحث التطبيقي والأساسي في ميادينه المختلفة باحثون متخصصون أو مراكز بحوث وجامعات ومؤسسات حكومية أو جمعيات مهنية متخصصة، يقوم بالبحث الإجرائي أو البحث الموجه للعمل في العلوم التربوية مثلا معلمون في صفوفهم المدرسية، أو مديرون في مدارسهم، أو مشرفون بالتعاون مع المعلمين المرتبطين بهم. كل ذلك من أجل تحسين الممارسات في ميادين العمل، أو لزيادة فهم هذه الميادين وتطويرها.

أنواع البحث العلمي الأكاديمي والبحث المهني

عند النظر إلى نوعية الأشخاص الذين يقومون بإجراء البحوث نجد الجزء الأكبر من أنواع البحث العلمي يقوم به أشخاص من إحدى الفئتين التاليتين:

  • طلبة الدراسات العليا: البحوث الأكاديمية
  • أعضاء هيئة التدريس في الجامعات والباحثون المتخصصون: البحوث المهنية

وفيما يلي شرحًا مفصلا لكل منها:

1. البحث الأكاديمي – طلبة الدراسات العليا

تشترط برامج الدراسات العليا، الماجستير والدكتوراه، في كثير من الجامعات على الطالب أن يقوم ببحث علمي وفق شروط محددة، وتُسمى هذه البحوث عادة بالبحوث الأكاديمية (بالإنجليزية: Academic Research).

والتقرير الذي يعده الباحث، والذي يسمى برسالة أو أطروحة الماجستير (بالإنجليزية: Thesis) أو الدكتوراه (بالإنجليزية: Dissertation) هو تقرير مفصل كبير الحجم يصل إلى مئات الصفحات أحيانًا. وتقسم الرسالة عادة إلى فصول محددة، ويتم إخراجها ضمن مواصفات تتعلق بحجم الورق وطريقة الطباعة وترتيب المحتويات واستعمال الهوامش والتوثيق، .. إلخ.

ويتم إجراء البحوث الأكاديمية تحت إشراف مباشر من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات.

ويخضع الطالب لامتحان شفوي (بالإنجليزية: Oral Exam) في محتوى الرسالة في جلسة خاصة تسمى جلسة مناقشة الرسالة أو جلسة الدفاع عن الرسالة (بالإنجليزية: Defense)، يتقرر فيها عادة الإعلان عن نجاح الطالب، بعد إجرائه للتعديلات المطلوبة أو استكمال بعض الإجراءات في الحصول على الدرجة الأكاديمية المطلوبة، الماجستير أو الدكتوراه.

وفي كثير من الأحيان تكون الرسالة هي أول بحث علمي يقوم به طالب الدراسات العليا. ويُعد هذا البحث تدريبًا عمليًا للطالب لاكتساب مهارات البحث العلمي يستفيد منه فيما بعد في حياته المهنية في إجراء المزيد من البحوث ومن ثم تراكم الخبرة العملية في مجال البحث العلمي.

2. البحث المهني – أعضاء هيئة التدريس والباحثون المتخصصون

يقوم أعضاء هيئة التدريس والباحثون بإجراء البحوث العلمية كجزء من عملهم وممارساتهم المهنية مقابل رواتب أو أجور يتقاضونها. كما يمكن أن تكون جزءً من متطلبات الترفيع والترقية في مراتب المهنة.

ويشترط في كثير من الأحيان أن يتم نشر هذه البحوث في دوريات البحث المتخصصة التي تقوم بدورها بتحديد شروط خاصة وصارمة لقبول ونشر البحث من قبل لجنة من المحكمين الذين يفحصون البحث فحصًا دقيقًا من حيث طريقة تصميمه، وفعالية أدواته، وتحليل بياناته، وصدق نتائجه، وفق معايير علمية وفنية خاصة يُطلق عليها معايير تحكيم البحوث العلمية. ويسمى هذا النوع من البحوث بالبحوث المهنية (بالإنجليزية: Professional Research).

أنواع البحث العلمي الكمي والكيفي

يمكن تقسيم البحوث من حيث البيانات التي يتم جمعها وتحليلها إلى فئتين كما يلي:

  • البحث الكمي (بالإنجليزية: Quantitative Research)
  • البحث الكيفي (بالإنجليزية: Qualitative Research)

وفيما يلي شرحًا موجزًا لكل نوع:

البحث الكمي

البحث الكمي (بالإنجليزية: Quantitative Research) هو البحث الذي يُعنى يجمع البيانات باستخدام أدوات مخصصة لقياس المتغيرات الكمية. ويجري تطوير هذه الأدوات بحيث يتوافر فيها الصدق والثبات، ويجري تطبيقها على عينة من الأفراد تمثل المجتمع الأصلي. وتتم معالجة البيانات الكمية في البحث الكمي بأساليب إحصائية تقود في النهاية إلى نتائج يمكن تعميمها على المجتمع الأصلي ضمن مدى معين من الثقة. وقد سيطر منهج البحث الكمي على بعض مجالات العلوم الإنسانية مثل التربية فترة طويلة، واكتسب خلالها منزلة مرموقة، لدرجة أن قيمة البحث الكمي كانت تقدر في ضوء حجم عينة الدراسة، ودرجة التعقيد في تصميمها، وتطوير الأساليب الإحصائية المستخدمة في التحليل الإحصائي لبياناتها الكمية، وخاصة بعد دخول الحاسوب وتطوير برمجيات تحليل البيانات.

ويستهدف البحث الكمي غالبًا اختبار بعض الفرضيات التي تتعلق بوصف واقع معين، ويتم اختبار الفرضيات من خلال قياس بعض المتغيرات واستخدام البيانات المتوفرة لإيجاد علاقات ارتباطية أو سببية من خلال حساب قيمة واتجاه معامل الارتباط المناسب بين تلك المتغيرات.

البحث الكيفي

يتميز البحث الكيفي (بالإنجليزية: Qualitative Research) بعدد من الخصائص منها:

  • يعتمد البحث الكيفي على دراسة الظاهرة في ظروفها الطبيعية كمصدر مباشر للبيانات، وعلى الباحث نفسه كأداة أساسية في جمع هذه البيانات.
  • بيانات البحث الكيفي وصفية تستخدم الكلمات والصور وليس الأرقام. ويجري دعم نتائج البحث بمقتطفات من أقوال ومذكرات الأشخاص أو صور عن نشاطاتهم. ويتم جمع البيانات بالملاحظة المباشرة والمقابلة المتعمقة والفحص الدقيق للوثائق. وتستخدم أحيانًا المسجلات وآلات التصوير التلفازي لمزيد من التحليل التالي للمواقف والأصوات.
  • يهتم البحث الكيفي بالعمليات أكثر من مجرد النتائج. فإذا استطاع البحث الكمي مثلا أن يظهر حدوث التغير في الاتجاهات، من مقارنة النتائج على الاختبار القبلي والاختبار البعدي، فإن البحث الكيفي يظهر كيف ترجمت هذه الاتجاهات إلى نشاطات يومية وإجراءات عملية وتفاعلات اجتماعية.
  • يعتمد البحث الكمي على تحليل البيانات بطريقة استقرائية، فلا يبحث عن البيانات لإثبات أو نقض فرضية معينة صيغت قبل البدء بالدراسة، بل يبنى البحث الكيفي مبادئ ونظريات علمية بواسطة جمع المعلومات الجزئية وربطها مع بعضها البعض. ويجري اختبار وتطوير هذه المبادئ والنظريات أولا بأول من خلال مواصلة جمع البيانات، وملاحظة مدى ارتباطها بالمبادئ العامة، التي جرى تطويرها أثناء مراحل البحث.
  • يهتم البحث الكيفي اهتمامًا أساسيًا بالمعنى (بالإنجليزية: Meaning). فالباحث هنا حريص على دراسة الطرق المختلفة التي يفهم فيها الأفراد معنى الحياة عندهم. وينصب اهتمامه على وجهات نظر أفراد الدراسة والافتراضات التي يكوّنونها عن حياتهم والأشياء التي تعد عندهم من المسلمات. ويحاول الباحث أيضًا أن يشارك أفراد الدراسة معانيهم وثقافتهم الخاصة، من خلال الاشتراك معهم في نفس الظروف لفترة طويلة نسبيًا.

المفاضلة بين أنواع البحث العلمي الكمي والكيفي

ليس من السهل المفاضلة بين أنواع البحث الكمي والبحث الكيفي، باعتبار أنهما من منهجيات البحث العلمي التي تختلف عن بعضها، فكثير من مشكلات البحث تحدد بطبيعتها المنهج الأكثر ملاءمة لبحثها.

وهناك في النهاية البحث الكمي المتقن، والبحث الكمي غير متقن، وكذلك الأمر في المنهج أو البحث الكيفي.

فالبحث الجيد والمتقن من أي من المنهجين يمكن أن يلقي ضوءًا على الواقع ويحل بعض مشكلاته.

وهناك، على أية حال، مجالات في البحوث يلزم فيها اللجوء إلى توفير البيانات الكمية والبيانات الكيفية التي يثري بعضها بعضًا، ويدعم بعضها بعضًا في فهم الظاهرة المدروسة، بحيث تكون قاعدة صلبة في اتخاذ قرارات حكيمة لتحسين الممارسات وإجراء التغيرات. وفي مثل هذه الحالات يُستحسن أن يشارك في القيام بالبحث فريق من الباحثين، تم تدريب بعضهم على استخدام الأساليب الكمية أو إجراء نوعية البحث الكمي وتم تدريب البعض الآخر على استخدام الأساليب الكيفية أو إجراء البحث الكيفي.

أنواع البحث العلمي حسب المعيار الزمني

يمكن تصنيف أنواع البحث العلمي حسب المعيار الزمني إلى ثلاث فئات هي:

  • البحوث التاريخية
  • البحوث التجريبية
  • والبحوث الوصفية

ويمكن تحديد التصنيف من خلال طرح الأسئلة التالية:

  1. هل يتعلق البحث بما كان؟ وعندها يكون البحث متعلقًا بالماضي فهو بحث تاريخي. ويمكن للمؤرخ أن يسعى للتوصل إلى وصف دقيق للأحداث الفريدة التي حدثت في الماضي، أو للتوصل إلى تعميمات مفيدة نتيجة لمسح تلك الأحداث الماضية يمكنها أن تفيد في فهم السلوك القائم حاليًا، ويمكن الاعتماد عليها في حل المشكلات الراهنة.
  2. هل يتعلق البحث بما يمكن أن يكون بالمستقبل عند ضبط عوامل معينة؟ وعندها يكون البحث تجريبيًا. ويتم من خلال محاولة ضبط جميع العوامل المؤثرة في الموقف، باستثناء عدد قليل من العوامل، التي تعد متغيرات مستقلة في الدراسة يجري معالجتها وبيان أثرها وبناء علاقة سببية بينها وبين متغيرات أخرى تسمى المتغيرات التابعة.
  3. هل يتعلق البحث بما هو كائن حاليًا؟ أي بتمييز معالم الأشياء أو المواقف أو الممارسات الحالية، بشكل يسمح للباحث بتحديد وتطوير إرشادات للمستقبل؟ وعندها يكون البحث وصفيًا.

نستنتج مما سبق أنه يمكن تقسيم البحوث من حيث المعيار الزمني إلى ثلاثة أنواع كما يلي:

  1. البحث التاريخي
  2. البحث التجريبي
  3. والبحث الوصفي

ويمكن اعتبار أنواع البحث الثلاثة في هذا التصنيف امتدادًا لنظام الفكر الإنساني. فهي تُمكِّن الإنسان من استمرار الكشف والإبداع.

فالبحث التاريخي مثلا يُمكّننا من تحديد البدايات التي قادت إلى الظروف الراهنة، وهي تُهيئ الطريق للبحث الوصفي الذي يحدد ما هو قائم حاليًا بالفعل، وهذه المعرفة تهيئ بدورها للبحث التجريبي المبني على التنبؤ وضبط أحوال المستقبل.

وفيما يلي وصفًا موجزًا لكل من هذه الأنواع من البحوث:

1. البحث التاريخي

يُعد التاريخ نظامًا لتصنيف وتنظيم الدلائل والآثار المسجلة للأحداث الماضية. ويكون نظام التصنيف التاريخي عادة مصحوبًا بتفسير هذه الأحداث وعلاقتها بالظروف الحاضرة.

وعلى فرض أن البيانات الواقعية للتاريخ يمكن تدوينها بطريقة تضمن صدقها فإن البحث التاريخي يعتبر بحثًا علميًا.

وقد تكون النتائج التي نتوصل إليها من البحث التاريخي صادقة إلى حد يماثل صدق النتائج التي نتوصل إليها من أنواع البحوث الأخرى. ومع ذلك، فإن مسألة تحديد الأحداث الماضية هي أمر صعب وغالبًا لا تكون المعلومات المطلوبة متوفرة. ومن الصعب جدًا فوق ذلك إثبات تفسيرات البيانات التاريخية بمجرد جمعها.

ومن الناحية الإيجابية يمكن تحديد بعض الحقائق التاريخية بوضوح، بمجرد أن تصاغ بطريقة كمية وتعالج بطريقة إحصائية. فمثلا يمكن أن تخضع للتحليل الإحصائي تلك البيانات التي نحصل عليها من السجلات الأصلية لمؤسسة أو لجهة معينة أو من سجلات الإحصاءات العامة أو من نسخ مصورة عن وثائق أصلية.

ويمكن أن تستعمل هذه البيانات فيما بعد لتفسير الأحداث الجارية وتحديد أسبابها وشرح اتجاهات التغيير وعمل مقارنات متعددة. وعلى الباحث في المجال التاريخي أن يُولي عناية فائقة لاختيار المشكلة التاريخية وتحديد موضوعها بدقة.

فمجال المشكلة (بالإنجليزية: Scope) يجب أن يبقى ضمن حدود معقولة بحيث يمكن الحصول على البيانات المتعلقة به بسهولة.

طرق جمع البيانات في البحث التاريخي

يتم جمع البيانات في البحث التاريخي بطريقة منظمة تكون عادة مملة وتستهلك وقتًا طويلا. ويسعى الباحث للحصول على مصادر أولية (بالإنجليزية: Primary Sources) قد تكون موجودة ولكنه كلما اضطر للعودة إلى تاريخ أبعد أثناء بحثه يكون مضطرًا إلى الاعتماد على مصادر ثانوية (بالإنجليزية: Secondary Sources).

والمصدر الأولي قد يكون وثيقة أصلية أو شاهد عيان. أما المصدر الثانوي فهو نسخة عن الوثيقة الأصلية أو تقرير مكتوب لشخص أجرى مقابلة مع شاهد عيان.

وتتعرض بيانات البحث التاريخي عادة إلى نوعين من النقد للحكم على ملاءمتها، وهما:

النوع الأول: هو نقد خارجي يتعلق بموثوقية (بالإنجليزية: Authenticity) الوثيقة أو المصدر الذي أُخذت منه البيانات وسلامتها.

النوع الثاني: هو النقد الداخلي، ويتعلق بدرجة الثقة والسلامة والمصداقية الخاصة بمحتوى المصدر حتى لو كان مصدر أولي.

والإجراءات المستعملة في البحث التاريخي هي أساسًا نفس الإجراءات المستعملة في أنواع البحوث الأخرى.

فالباحث يحدد المشكلة ويصوغ الفرضيات ويجمع البيانات ثم يستخلص النتائج ويحاول تفسيرها. إلا أن هناك ثلاثة عوامل – على الأقل – يصعب تحقيقها في البحث التاريخي وهي:

  1. وجوب تفسير الأحداث التاريخية بدلالة المواقف والأفراد والثقافات الأصلية للفترة التاريخية موضوع الدراسة.
  2. وجوب الحكم على الحقائق التاريخية وتفسيرها في ضوء افتراضات مركزية.
  3. بناء العلاقات السببية، فإثبات هذه العلاقات دائمًا أمرًا صعبًا ويكون غالبًا أمرًا مستحيلا.

2. البحث التجريبي

يعد البحث التجريبي (بالإنجليزية: Experimental Research) أفضل طريقة لبحث بعض المشكلات.

وفي هذا النوع من أنواع البحث العلمي يجري تغيير عامل أو أكثر من العوامل ذات العلاقة بموضوع الدراسة بشكل منتظم، من أجل تحديد الأثر الناتج عن هذا التغيير. فالباحث هنا لا يتحدد بحدود الواقع، وإنما يحاول إعادة بنائه في موقف تجريبي، يُدخل عليه تغييرًا أساسيًا بشكل متعمد. ويتضمن التغيير في هذا الواقع عادة ضبط جميع المتغيرات التي تؤثر في موضوع الدراسة باستثناء متغير واحد محدد يجري دراسة أثره في هذه الظروف الجديدة. وهذا التغيير والضبط في ظروف الواقع يسمى عادة بالتجربة (بالإنجليزية: Experiment).

التعامل مع المتغيرات في البحوث التجريبية

إذا رغب باحث في قياس أثر ظرف معين جديد، مثل أثر استعمال طريقة تعليمية جديدة في الحساب فيما يتعلق باكتساب مهارات حل المسائل الحسابية للطلاب، فإن الطريقة الجديدة التي يجري تقويمها وهي الطريقة التعليمية تسمى بالمتغير المستقل (بالإنجليزية: Independent Variable)، والمَحك الذي يُستعمل لتقويمه، وهو نتائج الطلبة على اختبار أو مقياس لمهارات حل المسألة، يسمى بالمتغير التابع (بالإنجليزية: Dependent Variable). وتوجد في أي تصميم تجريبي علاقة مباشرة بين المتغيرات المستقلة والمتغيرات التابعة، بحيث يسمح التصميم للباحث الافتراض بأن أي تغيير يحصل في المتغير التابع أثناء التجربة يعزى إلى تغيير في المتغير المستقل. ومن المستحيل الوصول إلى التصميم التجريبي المثالي في البحث، إذ يوجد باستمرار العديد من المتغيرات العرضية المتدخلة (بالإنجليزية: Extraneous Variable)، والتي يمكن أن تمارس دورها في التجربة، بحيث تؤثر في نتائجها.

فالقدرة العقلية والجنس والدافعية عند الطلبة يمكن أن تنتج أثرًا ملموسًا وغير مرغوب فيه في المتغير التابع.

وبدون ضبط كاف لأثر المتغيرات المتدخلة لا يستطيع الباحث أن يؤكد ما إذا كان المتغير المستقل أم المتغيرات المتدخلة هي المسؤولة عن التغيّر في المتغير التابع. والطريقة الوحيدة لإبقاء جميع العوامل ثابتة، ما عدا المتغير التابع الذي يسمح له بالتغير استجابة لتأثير المتغير المستقل، هي استعمال مجموعتين متماثلتين في التجربة، تخضع إحداهما (المجموعة التجريبية) لتأثير المتغير المستقل أو العامل التجريبي موضوع الدراسة، بينما لا تخضع الثانية (المجموعة الضابطة) لمثل هذا التأثير. وتكون المجموعتان متماثلتين في بداية التجربة، وتخضعان لنفس الظروف تمامًا، ما عدا تأثير المتغير المستقل.

3. البحث الوصفي

في الوقت الذي يخبرنا فيه البحث التاريخي عما جرى في الماضي، يخبرنا البحث الوصفي عما هو موجود حاليًا.

ويصمم البحث الوصفي (بالإنجليزية: Descriptive Research) لتحديد ووصف الحقائق المتعلقة بالموقف الراهن، ولتوضيح جوانب الأمر الواقع بمسحها ووصفها وصفًا تفسيريًا بدلالة الحقائق المتوفرة.

لكن البحث الوصفي لا يحكم على الواقع حكمًا قيميًا من حيث كونه واقعًا جيدًا أو رديئًا. ولا تتبع الدراسات الوصفية في كثير من الأحيان المجال لإصدار مثل هذه الأحكام.

فإذا استطاع البحث مثلا أن يخبرنا عن اتجاهات الطلبة وأولياء أمورهم نحو الرياضيات المُعاصرة، فهذا لا يكون بالضرورة حكمًا على أفضلية الرياضيات المعاصرة على التقليدية.

وقت الدراسة وحجم العينة في البحث الوصفي

يلعب الوقت التي تجري فيه الدراسة دورًا مهمًا في تفسير البيانات.

كما يلعب حجم العينة دورًا مهمًا أيضًا ولذلك يلزم أن تكون العينة ممثلة لمجتمع الدراسة حتى تكون نتائج البحث صادقة.

كما أن البحث الوصفي أكثر من مجرد بيانات، ولا تُعد الدراسة دراسة بحق ما لم تناقش البيانات إلى درجة تمتد إلى مستوى التفسير الملائم.

وقد يشعر الباحث المبتدئ أنه بمجرد جمع البيانات وكتابة تقرير بالحقائق فإنه يكون قد استكمل بحثه.

في الواقع أن هذا العمل يمكن أن يقوم به أي شخص لا يمتلك مهارات البحث. إلا أن عمل الباحث الحقيقي يبدأ بمتابعة هذه البيانات بعناية وتفسيرها واكتشاف المعاني والعلاقات الخاصة بها.

ويتفاوت عدد الأفراد الذين يتم تناولهم في الدراسات الوصفية من فرد واحد أو عدد قليل من الأفراد في دراسة الحالة، إلى الدراسات المسحية التي تشمل عددًا كبيرًا من الأفراد، إلى جميع أفراد المجتمع الأصلي في المسح الشامل، وتتفاوت بالتالي طرق جمع البيانات من المقابلة الفردية والملاحظة المباشرة، التي يستطيع الباحث التأكد من صدقها وتعديلها عند الحاجة أثناء استعمالها، إلى الاختبارات والمقاييس والاستبيانات الجمعية، التي تعتمد في صدق بياناتها على عوامل كثيرة ترتبط بأفراد الدراسة وأهوائهم وجديتهم في تقديم البيانات.

أنواع البحث العلمي الوصفي

أنواع البحث العلمي الوصفي هي:

  1. البحث المسحي
  2. تحليل المضمون
  3. تحليل العمل
  4. دراسة العلاقات ومن أنواعها الدراسات الاسترجاعية
  5. الدراسات التطورية ومن أنواعها دراسة التوجهات
  6. دراسة الحالة

وفيما يلي وصفًا موجزًا لبعض أنواع الدراسات والبحوث الوصفية:

1. البحث المسحي

من أنواع البحث العلمي الوصفي المشهورة والكثيرة الاستعمال في البحث التربوي هو البحث المسحي (بالإنجليزية: Survey Research).

والبحث المسحي هو محاولة لتحليل وتفسير وعرض واقع الحال للأفراد في مؤسسة كبيرة أو لمجموعة كبيرة نسبيًا من الأفراد في منطقة معينة، من أجل توجيه العمل في الوقت الحاضر وفي المستقبل القريب. ويصعب الحصول على معلومات خاصة بجميع أفراد مجتمع الدراسة في البحث المسحي، لذلك لا بد من العناية الكافية في اختيار عينة ممثلة لهذا المجتمع. فأخذ عينة من خلال دليل الهاتف في منطقة معينة مثلا لن يعطي بيانات صادقة عن المجتمع لأن الذين لديهم تليفونات هم فئة معينة من المجتمع غير ممثلة لسائر المجتمع.

2. تحليل المضمون

مما يرتبط بالدراسات المسحية جمع البيانات التي تتعلق بمجموعة من الأشياء وخاصة الوثائق الرسمية المدونة أو المكتوبة والتي تصف بطبيعتها ظاهرة معينة. وفي هذا المجال يلزم تحليل المحتوى أو تحليل المضمون (بالإنجليزية: Content Analysis).

فمثلا، في البحث التربوي الهادف إلى وصف واقع الكتاب المدرسي من حيث مدى تقيد المؤلف ببعض المعايير يمكن أن يلجأ الباحث إلى اختيار مجموعة من الكتب من بين جميع كتب مستوى تعليمي معين، ومن ثم اختيار عدد من فصول كل كتاب بين جميع فصول الكتاب، وربما اختيار عدد من الصفحات أو من الفقرات في كل فصل.. إلخ، ثم يقوم الباحث بتطبيق نظام معين أو أسلوب معين لتحليل المحتوى، وتتجمع لديه بهذه الطريقة بيانات كثيرة ينظمها ويحللها ويتوصل من خلالها إلى نتائج تتعلق بالأسئلة المطروحة أو الفرضيات الموضوعة للدراسة. ويمكن تطبيق هذا النوع من التحليل بالإضافة إلى المثال السابق على السجلات الرسمية التربوية لتحليل المجالات التي تتخذ بخصوصها القرارات والتشريعات التربوية، القوانين والأنظمة والتعليمات، لمعرفة مدى شمولها أو إهمالها لجوانب معينة، والجرائد اليومية لمعرفة نوعية التغطية الإعلامية لمسائل تربوية معينة وهكذا.

3. تحليل العمل

تحليل العمل هو نوع من الدراسات الوصفية التي تهدف إلى وصف المهام والمسؤوليات المرتبطة بعمل أو وظيفة تعليمية. وقد أورد فان دالين (1969) وصفًا لهذا النوع من الدراسات.

ويرى فان دالين أن بحوث تحليل العمل (بالإنجليزية: Job Analysis) قد تجمع المعلومات عن واجبات العاملين ومسئولياتهم العامة والأنشطة التي يزاولونها في عمل من الأعمال ووضعهم وعلاقاتهم في التنظيم الإداري وظروف عملهم وطبيعة ونوع التسهيلات المتاحة لهم. وقد تبحث أيضًا أوصاف التعليم والتدريب المتخصص للعاملين وخبرتهم ومرتباتهم وما لديهم من معارف ومهارات وعادات ومستويات صحية وسمات سلوكية، وتساعد البيانات المتجمعة الباحثين على وصف ممارسات العمل وظروفه الجارية والكفايات والحقائق السلوكية التي يتصف بها الأفراد، أو ينبغي أن يتصفوا بها لكي يقوموا بعملهم بفاعلية وكفاية.

وفي مجال الإدارة يمكن أن يستعين الإداريون في المؤسسات بهذه الدراسات في تحديد جوانب الضعف أو الازدواجية في العمل، وفي اتخاذ قرارات النقل والترقية وإعادة التدريب، وفي بناء إطار أو نموذج نظري للعمل الوظيفي والتنظيم الإداري.

4. دراسة العلاقات

من أهم أنواع البحت العلمي الوصفي هي بحوث دراسات العلاقات (بالإنجليزية: Studies of Relationships).

وهناك ثلاثة أنواع من دراسات العلاقات هما:

  1. الدراسات الارتباطية
  2. الدراسات السببية المقارنة
  3. والدراسات الاسترجاعية (حالة خاصة من الدراسات السببية)

الدراسات الارتباطية

والدراسات الارتباطية (بالإنجليزية: Correlational Studies): هي من أنواع البحث العلمي التي تهدف إلى اكتشاف العلاقة بين متغيرين أو أكثر من حيث نوع الارتباط الموجود، الموجب والسالب، وقوة الارتباط، من الحد الأدنى (-1) إلى الحد الأقصى (+1)، مثل دراسة العلاقة الارتباطية بين التفكير المجرد والمحسوس ومقدار التحصيل في المباحث الدراسية.

الدراسات السببية المقارنة

الدراسات السببية المقارنة (بالإنجليزية: Cause-Effect Relationship) هي من أنواع البحث العلمي التي تتعدى مجرد الكشف عن الارتباط بين متغيرين مثلا إلى الكشف عن مدى تأثير أحد المتغيرين في الآخر، بحيث يكون أحدهما سببًا والآخر نتيجة له.

وبالرغم من أن هذا الهدف لا يتحقق في صورته المثلى إلا بواسطة الدراسات التجريبية حيث يمكن التحكم في بعض الظروف وضبط بعض المتغيرات، إلا أن هناك حالات يلزم فيها التوصل إلى بعض التعميمات المتعلقة بالأسباب من خلال الدراسات السببية المقارنة، وذلك لصعوبة إجراء التجارب في موضوعها، ولضرورة ربط هذه التعميمات بالظروف الطبيعية للظاهرة، وليس بالظروف التجريبية المخبرية. وفي هذه الحالة يتم تحليل جوانب التشابه والاختلاف بين الظواهر من أجل التوصل إلى العوامل التي يظهر أنها تكون مرافقة لظروف أو حالات معينة.

ومثال ذلك دراسة أثر المؤهل التربوي للمعلم في زيادة تحصيل التلاميذ. أو مثلا دراسة العلاقة بين الميل الفني عند الفرد وقدرته على الأداء الفني.

الدراسات الاسترجاعية

الدراسات الاسترجاعية (بالإنجليزية: Retrospective) هي حالة خاصة من الدراسات السببية، وهي الدراسات التي تدرس أثر المتغير المستقل بعد أن يكون هذا الأثر قد حصل فعلا (Ex Post Factor) وذلك من خلال استرجاع علاقته أو أثره في المتغير التابع الذي يقوم الباحثون بتتبعه.

وتأتي صعوبة بناء العلاقة السببية هنا من صعوبة الحكم على أي المتغيرين يؤثر في الآخر. فالميل العالي للفن عند الفرد قد يكون المسؤول فعلا عن التحصيل الإبداعي للفن. لكن، من جهة أخرى، النجاح السابق في النشاط الفني قد يُثير الميل لهذا العمل. أي أن الموقف هنا له اتجاهين متعاكسين يحدد كل منهما استقلال أو تبعية المتغيرين. وقد ينتج المتغيران عن عامل ثالث غير معروف يؤثر في المتغيرين في نفس الوقت.

5. الدراسات التطورية

يتناول هذا النوع من الدراسات الوصفية التغيرات التي تحدث في بعض المتغيرات نتيجة لمرور الزمن، وهي إما تتم من خلال قياس الصفة أو المتغير الذي يكون موضوع الدراسة مرة بعد مرة في نفس المجموع من الأفراد أثناء مرور فترات زمنية محددة، كل ستة أشهر أو كل سنة مثلا. من أمثلتها دراسة نمو بعض المفاهيم عند الأطفال خلال السنوات الست الأولى من المرحلة الابتدائية. وتسمى هذه الدراسة بالدراسة الطولية (بالإنجليزية: Longitudinal). أو دراسة تقيس مقدار الصفة عند أطفال مختلفين من كل صف من صفوف المرحلة الابتدائية في وقت واحد. وتسمى هذه الدراسة بالدراسة المستعرضة (بالإنجليزية: Cross-Sectional).

ويجري التعامل مع عدد قليل نسبيًا من الأفراد في الدراسة الطولية، لكننا نقيس متغيرات أكثر. أما في الدراسات المستعرضة فيمكن اختيار عدد أكبر من الأفراد، لكن عدد المتغيرات التي يجري قياسها أقل.

ومن الصفات التي يمكن أن تكون موضوعًا للدراسات التطورية:

  • سن الدخول في مرحلة المراهقة
  • درجة استجابة الطفل للمدرس
  • نمو الحس الجماعي عند الأطفال
  • القدرات الحركية
  • القدرات العقلية
  • نمو الميول والاتجاهات
  • تقدير الذات
  • … إلخ.

دراسات التوجهات

دراسات التوجهات (بالإنجليزية: Trends) هي نوع من أنواع الدراسات التطورية.

ودراسة التوجهات هي دراسات تتبُعية تعتمد على تكرار دراسة مسحية تتعلق بطبيعة العرض والطلب في بعض الوظائف، لتحديد الاتجاه الغالب والتنبؤ بما سيحدث في المستقبل. ومنها أيضًا تحليل البيانات المدونة في الوثائق والسجلات، التي تصف الظروف التي كانت قائمة في موعد معين من السنة، وتتبع هذه الظروف خلال عدد من السنوات، حتى الوقت الحاضر.

ومن ملاحظة اتجاه التغير ومعدله، والذي يمكن ملاحظته من خلال التحليل الإحصائي باستخدام الانحدار، يمكن التنبؤ بما سيحصل في المستقبل. وتتم عمليات التخطيط بالاعتماد على دراسات من هذا النوع، بالإضافة إلى نتائج الدراسات الأخرى.

6. دراسة الحالة

في الأنواع السابقة من الدراسات الوصفية جرى التعامل مع عدد من الأفراد، غالبًا ما يكون كبيرًا إلى الحد الذي يُمثّل المجتمع الأصلي الذي نقوم بوصفه. لكن الناس بطبيعتهم مختلفين، فهم ليسوا نماذجًا متشابهة. فالأفراد يوجدون في بيئات محددة، يمتلكون قدرات وخصائص فريدة.

ودراسة الحالة هي نوع من الدراسات الوصفية، تزودنا ببيانات كمية وكيفية عن عوامل عديدة تتعلق بفرد أو مؤسسة أو عدد قليل من الأفراد وحالات محددة. وتتضمن هذه البيانات جوانب شخصية وبيئية ونفسية وغيرها، مما يمكن الباحث من إجراء وصف تفصيلي متعمق للحالة موضوع الدراسة. وتذهب دراسة الحالة إلى ما هو أبعد من الملاحظة العابرة أو الوصف السطحي، لكنها تتطلب نفس العناية بالتفصيل والتخطيط والتنفيذ المتعلق بأي نوع آخر من الدراسات. ففي الدراسات التربوية مثلا، يلزم أحيانًا، بالإضافة إلى الوصف الطبيعي للحالة، تصميم موقف تجريبي لتحديد مستوى القدرة والنضج عند الفرد موضوع الدراسة. ويستخدم لهذا الغرض العديد من الأدوات والاختبارات المقننة. وتمتد هذه الأدوات لتتناول بيانات عن الفرد في البيت والمدرسة والمجتمع، بالإضافة إلى جوانب التفاعل مع أفراد العائلة ومجموعات الرفاق وغيرها.

ويلزم في كثير من الأحيان أن يشترك في دراسة الحالة فريق من تخصصات مختلفة. ولكل عضو في فريق البحث دور يؤديه في الدراسة. إلا أنه يلزم عقد مؤتمر الحالة مرة أو أكثر لمناقشة البيانات المتوفرة وتقديم توصيات لمزيد من الاستقصاء والبحث.

ولا تستهدف دراسة الحالة عادة الوصول إلى تعميمات حول المجتمع الكبير. ومع ذلك تفيد نتائج دراسة الحالة في فهم الواقع محل الدراسة فهمًا مفصلاً ثم الاستفادة منه في فهم الحالات المماثلة بطريق القياس.

مقترح قراءة موضوع: البحث العلمي – تعريفه وأشكاله ومناهجه وخصائصه

موسوعة البحث العلمي – مركز البحوث والدراسات متعدد التخصصات

المصدر

  • كتاب مهارات البحث العلمي، د. م. مصطفى فؤاد عبيد، مركز البحوث والدراسات متعدد التخصصات، الطبعة الثانية، إسطنبول، تركيا، 2022م.
أنواع البحث العلمي
أنواع البحث العلمي
error:
Scroll to Top