كيفية الحكم على مستوى البحث وتقييم البحث العلمي

كيفية الحكم على مستوى البحث

من كتاب دليل الباحثين في إعداد البحوث العلمية للدكتور سيد الهواري، الفصل الحادي عشر: كيفية الحكم على مستوى البحث.

كيفية الحكم على مستوى البحث: المعايير الكلاسيكية

يلزم بعد الانتهاء من وضع البحث في صورته النهائية إعـادة قراءته بطريقة انتقاديـة لتلافي العيوب والأخطاء قبل فوات الأوان. ويهدف هذا الفصل إلى إيضاح المعايير التي تساعد على الحكم على مستـوى البحث، وبالتالي إلى التركيز على الأخطاء التي تهدم البحث من أساسه أو الأخطاء التي تعيب البحث. إن هذا الفصل – في الواقع – هو تلخيص للقواعد الأساسية التي وردت في كل فصول دليل الباحثين. وقد تم وضع هذه القواعد في شكل أسئلة للاسترشاد بها.

أولاً: بالنسبة للموضوع: الهدف والنتائج والترتيب المنطقي والتناسب

  1. هل يعبر عنوان البحث حقيقة عما جاء بالبحث؟
  2. هل تحقق الهدف الذي من أجله عمل البحث؟ إلى أي مدى؟
  3. هل النتائج التي توصل إليها الباحث مرتبطة تمام الارتباط بالدلائل التي قدمت؟
  4. هل روعي الترتيب المنطقي في الأبواب والفصول والفقرات والجمل؟ وبمعنى آخـر هل النقل ممهد من باب إلى باب ومن فصل إلى فصل ومن فكرة إلى فكرة ومن جملة إلى جملة، أو أن بها حشوًا كثيرًا يمكن إلغاؤه؟ أو أن هناك إعادة ترتيب مطلوب؟
  5. هل هناك تناسب في حجم الأبواب والفصول والأفكار؟ وبمعنى آخر هل تم تجميع بيانات أكثر من اللازم في بداية البحث عندما كان الباحث متحمسًا في حين تم تجميع بيانات أقـل من اللازم في نهاية البحث بالرغم من ضرورة إعطاء اهتمام ملائم لها؟
  6. هل يكون البحث وحدة واحدة أو أنه يحوي موضوعين يمكن فصلهما؟

ثانيًا: بالنسبة للأمانة العلمية

  1. هل ذكرت فكرة لشخص آخر في البحث دون الإشارة إليه في متن البحث؟ إذا كانت الإجابة نعم فهذه سرقة علمية.
  2. هل ذكر أسلوب للغير في متن البحث على أنه أسلوب الباحث نفسه دون الإشارة إليه؟ إذا كانت الإجابة نعم فهذه سرقة علمية أيضًا.
  3. هل ذكر أسلوب الغير في متن البحث دون الإشارة بشكل يوضح أن النقل حرفي؟ وبمعنى آخر هل هناك التزام بالتفرقة الدقيقة بين النقل الحرفي وبين نقل الأفكار؟
  4. هل روعيت الدقة في كتابة متن البـحث بحيث يمكن التعرف على المصـدر والتوصل إليه، التوصل إلى رقم الصفحة (يكـون من الأفضل طبعًا إضافة رقم السطر أو السطور بالصفحة).
  5. هل حدث أي نوع من “بتر النصوص أو الأفكار” أو التحيز – سواء بقصد أو بدون قصد – عند النقل الحرفي أو عند نقل الأفكار بالرغم من الإشارة إلى المصدر؟ فالشخص الذي يقول “ويل للمصلين” على أنهـا منقولـة بالنـص من القرآن الكريم شخـص غير أمين لأنه لم يستكمل الآية. وتظهر أهمية الأمانة العلمية أيضًا عند فصل الفكرة من “مجال” ذكرها وأخذها بشكل مطلق، أو أخذ فكرة حدث عليها تعديل دون الإشارة إلى ذلك التعديل.
  6. هل هناك تحيز في الاعتماد على مجموعة معينة من المؤلفين الذين لديهم ميول خاصة أو مؤلفين مشهورين بعدم دقتهم وأمانتهم العلمية.
  7. هـل هنـاك مراجع قديمـة أو مقالات تمت تحت ظروف الحرب أو بتصريحات حزبية أو مقالات في الجرائد مكتوبة بطريقة غير علمية.
  8. هل تم ذكر مرجع في قائمة المراجع لم يتم الاستعانة به في البحث على الإطلاق.

ثالثًا: بالنسبة للشكل واللغة والقواعد

  1. الشكل العام للصفحات نمطي.
  2. هل روعيت الدقة في اختيار الألفاظ بحيث أنها تعبر عن المعـنى المقصود فقط دون تهويل.
  3. هل روعي الاستمرار في التراكيب اللغوية ولا سيما في عناوين الأبواب وعناوين الفصـول والعناوين الجانبية. (إن تركيـب أي من العناوين لا يمكن أن يكون مثل الكتابة العادية).
  4. هل هناك حرص على عدم استخدام الضمائـر الشخصية (أنا وأنت ونحن).
  5. هل تم ترقيم الأشكال وترقيم الجداول ووضع قوائم لكل منها.
  6. وهل روجعت التجربة (البروفة) الأخيرة بـالنسبة لأخطاء اللغة والقواعد بمعرفة أخصائي في اللغة. (إن عملية المراجعة هذه ضرورية لرسائل الماجستير والدكتوراه والبحوث المعدة للنشر) فمن العيب أن يكون هناك أخطاء في اللغة والقواعد.
  7. هل روجعت التجـربة (البروفـة) الأخيرة – بمعرفة شخـص آخر – بالنسبـة لأخطاء الكتابة على الحاسب الآلي. فالعبرة ليست بـالتجربة الأولى وإنما بالتجربة الأخيرة والشخص الآخر هو الذي سيشعر بالخطأ بسرعة.

وفيما يلي تفصيل لهذا الإجمال:

الجديد في كيفية الحكم على مستوى البحث العلمي

من واقع خبرتنا في الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه ومن واقع مشاركتنا في اللجان العلمية الدائمة لترقية الأساتذة المساعدين والأساتذة توصلنا إلى عشرة أسس يمكن استخدامها لتقييم البحوث العلمية أو الحكم على مستوى البحث العلمي.

معايير وأسس التقييم والحكم على البحث العلمي:

  1. الأصالة والابتكار.
  2. الأمانة العلمية.
  3. سلامة عنوان البحث.
  4. سلامة عرض المشكلة.
  5. وسلامة صياغة الفرضيات.
  6. سلامة عرض الدراسات السابقة.
  7. سلامة العينة وعمق التحليل.
  8. وسلامة النتائج والتوصيات.
  9. سلامة اللغة والجوانب الشكلية.
  10. حداثة المراجع وارتباطها.

وفيما يلي شرحًا مفصلاً لكل منها:

الأصالة والابتكار

تعتبر الأصالة والابتكار من بين المعايير الحاكمة التي أوردها القرار الوزاري رقم 135 بتـاريخ 1/2/1998 في المادة 19. ولذلك فأهميـة توافر الأصالة والابتكار هو شرط قانوني للترقية ونحن نزيد عليه فنقول: إذا كانت الأصالة والابتكار شرطًا من شروط اجتياز درجة الدكتوراه في بحث الدكتوراه المقدم من الطالب فإن “الأصالة والابتكار”، تعتير – من باب أولى – شرطًا حاكمًا في تقييم بحوث الترقية لدرجة أستاذ مساعد وبالتالي الأستاذ. إنني أرى أن غياب الأصالة والابتكار من بحوث الترقية يعتبر كـافيًا – في حد ذاته – لرفض الترقيـة برمتها وهو ما يطلق عليه باللغة الإنجليزية Veto Power.

والمقصود ب “الأصالة” Originality هو أن الباحث لـم يعتمد على نقل النصوص أو الأفكار أو التقليد في أي من مراحل البحث أو مكوناته. وإذا كان نقل النصوص منحصرًا في سطور قليلة وموثقًا جيدًا أو كان نقل الأفكار التفصيلية موثقًا بطريقة علمية، فإن ذلك من قبيل الأمانة العلمية لا يفقد البحث أصالته. إلا إذا كانت فكرته الكليـة منقولة وإن لم تكن مسروقة. فالعبرة بعمومية البحث وتوجهاته، ولذلك من الممكن توافر الأمانة العلمية في البحث وبالرغم من ذلك فليس في البحث “أصـالة” لأن الفكرة الكلية ليست من بنات أفكار الباحث. فإذا أخذ الباحث فكرة باحث آخر وسار عليها وقام بتقليد الخطوات والمراحل فإن ذلك يفقد البحث صفة الأصالة.

والأصالة مرتبطة بالابتكار Creativity، فالابتكار قد يكون في الفكرة أو في أسلوب تحليل البيانات والربط بينها وقد يكون الابتكار في الوصول إلى نتائج جديدة تتميز بإضافة جديدة في علوم إدارة الأعمال أو تطبيقاتها.

وفي رأينا أن بحوث الترقية لدرجة أستاذ مساعـد أو أستاذ لا بد وأن تكون مبتكرة. وغياب الابتكار يعتبر كافيًا – في حد ذاته – لرفض الترقية Veto Power.

الأمانة العلمية والتوثيق العلمي

يقول رالف بيري R. Berry أن “الدعامة الكلية للتفوق العلمي تتوقف على التمييز الشامـل والدقيق للوسائل التي توصل بها الشخص إلى النتائج”. ولذلك فإنه من الضروري مراعاة الدقة في التوثيق ذلك أنه انعكاس للأمانة العلمية على الوجه التالي:

  1. يجب عدم ذكر فكرة لشخص آخر في المتن دون الإشارة إليه في متن البحث أو الهامش. فإذا ما تم أخذ فكرة لشخص آخر دون ذكر اسمه فإن ذلك يعتبر من قبيل السرقة العلمية.
  2. يجب عدم استخـدام أساليب الغير في متن البحث وإسنادها لصاحب البحث فاستخدام أسلوب الغير دون الإشارة إليه إشارة واضحة في كل مرة يعتبر سرقة علمية.
  3. يجب التفرقة بين طريقة نقل النصوص وطريقـة نقل الأفكار، وذلك عند عرض أي منها. فمن المعروف أن طريقة نقل النصوص يكون ظاهرًا للعين ويختلف اختلافًا جوهريًا عن طريقة نقل الأفكار.

فإذا كان الكلام المنقول حرفيًا لا يزيد عن جملة واحدة أو جملتين فإنه من الواجب أن يوضع بين علامتي تنصيص هكذا ” “، ويدخل هذا الكلام المنقول حرفيًا في الفقرة ذاتها وتكتب السطور منفرجة عن بعضها كالمعتاد. أما إذا كان الكلام المنقول حرفيًا أكثر من جملتين فإنه من الضروري عزل الكلام المنقول في فقرة مستقلة على أن يكتـب على نصف المسافة بين السطور للكتابـة العادية ولا يوضع بين علامتي تنصيص.

رأي الدكتور سيد هواري

يقول الدكتور سيد الهواري في كتابه دليل الباحثين ما يلي بالنص الواحد:

إن الأمانة العلمية هي الإشارة إلى مصدر كل فكرة وكل نص وكل بيـان وكل رقم وكل شكل وكل جدول على أن يشمل ذلك اسم المرجـع أو المصدر واسم مؤلفه واسم نـاشره ومكان النشر وتاريخه ورقم الطبعة وبصفة خاصة رقم الصفحة حتى يمكن الرجوع إلى المصدر إذا أريد التثبت مما ورد بالتقرير أو المقالة أو الرسالة.

رأي الدكتور سيد الهواري في كتابه دليل الباحثين

من الأمانة العلمية أيضا عدم كتابة قائمة مراجع كبيرة في نهاية البحث دون الاستفادة منها في المتن. إن ذلك نوع من التضليل العلمي. فنحن تلاحظ أن بعض الباحثين قد قاموا بنقل قائمة مراجع من بحوث أخـرى أو من الإنترنت ووضعها دون قراءتها والاستخلاص منها. وكثيرًا ما يكون النقل لأفكار هامشية أو أفكار معروفة لا تحتاج إلى إسناد حيث يكون هدف الباحث إبهار القارئ بكم هائل من المراجع. إن وضع قائمة مراجع دون الاستعانة بأي مرجع استعانة حقيقية بإضافة واضحة يعتبر من قبيل التضليل العلمي، ويمثل عيبًا كبيرًا.

سلامة عنوان البحث

يلعب عنوان البحث دورًا محوريًا في الحكم عليه. فهو يثير اهتمام القارئ لو كان الموضوع جديدًا ومهمًا. ولذلك فإنه يشترط في عنوان البحث أن يكون معبرًا عن الأهداف والنتائج المتوقعة منه. ويكون العنوان قويًا ومؤثرًا لو كان مختصرًا. فالعناوين الطويلة تفقد جاذبيتها وربما تثير الملل.

إن عنوان البحث الجيد يعكس حنكة الباحث وقدرته. وباختصار فإن عنوان البحث لكي يكون سليمًا فإنه لا بد أن يكون مثيـرًا للاهتمام، مختصرًا، معبرًا عما يحويه، ومرتبطًا بالهدف.

سلامة عرض المشكلة

إن عرض المشكلة بشكل سليم يعكس وضوحها عند الباحث. ولذلك فإنه من الضروري أن تكون المشكلة المطلوب حلها – أو التصدي لها بالبحث العلمي – واضحة أولاً في ذهن الباحث. فما معنى مشكلة Problem؟ المشكلة هي انحراف Deviation أو عـدم توازن بين “ما هو كائن” وبين مـا “يجـب أن يكون”. فهي نتيجة غير مرغوب فيها والمطلوب هو تصحيـح شيء ما أو إلغاء شيء ما. والمشكلة قد تكون بسيطة وقد تكون معقدة متشابكة. وفي البحث العلمي غالبًا ما تكون المشكلة متشابكة.

إن عرض المشكلة لا بد وأن يعكس الانحراف المطلوب اختباره، والحدود الواجب التصـدي لها. ولذلك لا بد – عند عرض المشكلة – تجميع البيانات التي توضح حجم الانحراف ومكانه، والتطور التاريخي له وحجمه. ولا بد من وضع حدود حول ما يعتبر مشكلة وما لا يعتبر مشكلة.

والصياغة الجيدة للمشكلة لا بد وأن تؤدى بشكل واضح إلى استخراج الفرضيات منها – كما سيأتي – والصياغة السيئة للمشكلة تجعل البحث يتجه في اتجاه خاطئ منذ البداية. ولذلك فإن عرض المشكلة بشكل سليم معيار حاكم لأنها ستكون بمثابة إطار قوي للرقابة على جميع مراحل البحث.

سلامة صياغة الفرضيات Hypotheses

إذا كانت المشكلة واضحة في ذهن الباحث وتم صياغتها بشكل جيد فإنها لابد وأن تؤدى إلى وضع فرضيات Hypotheses لحلها. وإن أكبر مشكلة يقع فيها الباحثون هو زرع فرضيات غير مستخرجة بشكل مباشر من عرض المشكلة. ومن الدلائل على سلامة عرض المشكلة هو أنهـا توحى للقارئ بالفرضيات المطلوب إثبات صحتها أو خطئها.

 إن صياغة الفرضيات بشكل محكم مسألة جوهرية باعتبارها أساس البحث العلمي وغالبًا ما تكون في شكل علاقة بين شيئين: بين ثابت ومتغير. وكما قلت كلما كانت فرضيات البحث واضحة ومحددة كلما أمكن السيطرة على البحث. وسوء صياغة الفرضيات – في رأينا – يُعتبر كافيًا لرفض البحثVeto Power . ونكرر هنا أن هناك فرقا كبيرا بين فرضيات Hypotheses (جمع فرضية Hypothesis) وبين فروض أو افتراضات Assumptions (جمع فرض Assumption)، لاحظ أن الفرضية هي شيء مطلوب إثبات صحته أو خطئه من خلال التجارب العلمية أو البحث الميداني، أما الفرض فهو افتراض تبني عليه قراراتك وليس هو نفسه محل شك أو إثبات. (راجع الفصول السابقة في دليل الباحثين).

سلامة ودقة عرض الدراسات السابقة

من الأهمية بمكان أن يظهر الباحث سيطرته على الدراسات السابقة المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالبحث الذي يقوم به لأن الهدف في النهاية أن يقدم عملاً أصيلاً مبتكرًا فيه إضافة جديدة، سواء كانت الإضافة الجديدة فكرة جديدة أو أسلوبًا جديدًا مغاير للأفكار والأساليب التي تبنتها الدراسات السابقة.

ولذلك فإنه من الضروري أن يضع الباحث لنفسه معايير لاختيار الدراسات السابقة، وأهـم معيار هو ارتباطه بشكل مباشر بالبحـث تحت الإعداد. وعلى الباحث أن يعرض باختصار هدف كل دراسة من الدراسات السابقة، والفرضيات التي تبنتها، والأساليب الإحصائية التي استخدمتها، والنتائج التي توصلت إليها. ويكون تقييم كل ذلك من منظور البحث الذي يقوم به الباحث.

إن الدراسة الانتقادية للدراسات السابقة لا بد وأن توضح الإضافة الجديدة في البحث تحث الإعداد واختلافها عن سابقتها. وغالبًا ما يتم عرض الدراسات السابقة من خلال منظور تاريخي على أن يظهر في كل دراسة اسم كاتبها بالكامل ومكان نشرها وتاريخ نشرها بحيث يمكن بسهولة من الرجوع إليها. إن وجود قائمة مختصرة بالدراسات السابقة بـدون الدخول في التفاصيل المذكورة آنفًا يعيب البحث العلمي لأنه يعكس عدم سيطرة الباحث على الدراسات السابقة بشكل شامل وعميق.

سلامة حجم العينة والبيانات وعمق التحليل

يلعب حجم الـعينـة دورًا محوريًا في سلامة البحث وله أصـول وأسس معروفة. والإخلال بحجـم العينـة وكيفية اختيارها ووحـدة العينة هو إخلال بالبحث العلمي ونتيجته. وغالبًا ما يتشكك الناس في نتيجة بحث علمي لم يتم فيه اختيار حجم العينة بشكل سليم… إلخ.

والبيانـات هي المادة الخام التي يتم تحليلهـا. ومن الأهمية بمكان الاهتمام بمصادر البيانات وبنماذج جمعها. ولا بد أن يتم التفكير في مصادر البيانات وإمكانية جمعها منذ التفكير في مشروع البحث. فكثيرًا ما يكتشف الباحثون أنهم غير قادرين على الحصول على البيانات، فتكون قاصرة.

إن سلامة أساليب التحليل وملاءمتهـا لاختبار الفرضيات مسألة حاكمة للوثوق في نتيجة البحث. إن العمق في التحليل أحد المعايير الرئيسية في تقييم البحوث. ولا يكفي في البحوث الميدانية – مثلاً – حساب النسب المئوية – ثم الاعتماد في التحليل على إعادة كتابة هذه النسب من الجداول وذكر التغيرات فيها من فترة زمنية لأخرى.

سلامة النتائج والتوصيات

إن وضع نتائج غير مستخلصة بشكل مباشر من البحث أو مزروعة زرعًا في البحث العلمي قد يؤدي إلى رفضه. ولذلك فإنه لا بد أن تكون النتائج التي ترد في نهاية البحث مستمدة من ومرتبطة ارتباطًا مباشرًا بفرضيات البحث وأهدافه ومعالجاته.

ومن الأهمية بمكان أن تكون التوصيات مرتبطة أيضًا بالنتائج ارتباطًا مباشرًا ولا تكون عامة أو مطاطة، كما يجب التفكير في متطلبات تطبيقها. إن إدراج توصيات عامة أو عدم التفكير في متطلبات تطبيقها من المسائل التي تعيب البحث العلمي. ومن المعروف أن تحديد المشكلة بشكل جيد وصياغة الفرضيات بشكل جيد وجمع البيانات الملائمة وسلامة عمق التحليـل يؤدي إلى سلامة النتائج والتوصيات إذا تم مراعاة ما قلناه هنا.

دقة اللغة واستيفاء الجوانب الشكلية

من المعايير الحاكمة للبحث العلمي الجيد هو دقة اللغة العربية والتراكيب اللغوية وكذلك دقة كتابة اللغة الأجنبية. وأن أي خلل في اللغة – عربية كانت أو أجنبية – تؤثر تأثيرًا سيئًا على المحكمين. وأن أكبر خلـل يشاهد غالبًا في كتابة اللغة الإنجليزية يكون عادة في قائمة المراجع، فكثرة الأخطاء تعكس جهل الباحث في اللغة الإنجليزية وفي أصول الكتابة.

والجوانب الشكلية للبحث كثيرة ومتعددة منها على سبيل المثال لا الحصر:

  1. لابد من الترتيب المنطقي للفصول والترتيب المنطقي لمكونات كل فصل، فليس من المعقول مثلا ذكر أهداف البحث قبل ذكر فرضيات البحث. فالفرضيات بمثابة مفاتيح الحل المحتملة، وبناء عليها يتحدد الهدف.
  2. لابد من التوازن في حجم الفصول والتـوازن في حجـم الفقـرات بحيث لا تكون هناك فقرة كبيرة (أكثر من 9 سطور مثلاً) وفقرة صغيرة جدًا (سطرين مثلاً).
  3. لابد من استخدام العناوين الرئيسية والعناوين الفرعية لتوضيح تدفق الأفكار واختيار “بنط” الكتابة الملائم.
  4. ولابد من وضع ترقيم متتابع للأشكال وآخر للجـداول وذكر مصادرها تحت كل منها.

حداثة المراجع وارتباطها بالبحث

تعتبر حداثة المراجع من المعايير القوية في الحكم على البحث. فنحن الآن في القرن الواحد والعـشريـن وأحيانًا نجـد باحثين يسـتخدمـون مراجعًا في الثمانينات. إن استخدام المراجع القديمة من الأشياء المعيبة في بحـوث الترقية بالذات، اللهم إلا إذا كانت مراجع كلاسيكية، أفكارها ما زالت صامدة مع كل هذه المتغيرات. وتحتل الدوريات دورًا أكبر في تقييم المراجع فالاعتماد على الكتب مهما كانت حديثة غير كاف للتعرف على الجديد.

ولابد أن تكون المراجع المستخدمة مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بالبحث وإن كنا أحيانًا نكتشف خبثًا عند الباحث عنـدمـا يشير إلى مراجـع فـي موضـوعات لا تستحق الإشارة إليها. وبعض الباحثين يسعون إلى إبهار القارئ بكثرة المراجع دون مبرر حقيقي. وأحيانًا تشعر أو نكتشف أنها منقولة بالنص من قوائم أخـرى ولا سيما إذا لم يكن هنـاك إشارة لها في المتن مع رقم صفحة المصدر.

الأهمية النسبية لمعايير التقييم والحكم على البحث

تحتل قضية تقدير الأهمية النسبية لكل معيار دورًا محوريًا في التقييم وهنا نتوقع اختلاف الكثيرين حول الأهمية النسبية لكل عنصر. إنني أرى شخصيًا أن نصر الأصالة والابتكار – أهـم معيار على الإطلاق وأعطيه 30 درجة من 200 درجة (إجمالي الدرجـات). واعطيه قوة رفض Veto Power. وما يقال عن الأصالة والابتكار يقال عن الأمانة العلمية (30 درجة وقوة رفض). ومن الواضح إنني أعطى عناية خاصة بسلامـة حجم العينة وملاءمة البيانات وعمق التحليل فإنني أعطى لهذا المعيار 55 درجة ولابد أن يكون التقدير في ذلك جيد على الأقل. كما اهتم بدقة اللغة والجوانب الشكلية وكذلك دقة كتابة المراجع.

المصدر

  • كتاب دليل الباحثين في إعداد البحوث العلمية، ابتداء من اختيار الموضوع حتى وضع البحث في صورته النهائية. تأليف الدكتور سيد الهواري، القاهرة، 2004. الفصل الحادي عشر: كيفية الحكم على مستوى البحث.
كيفية الحكم على مستوى البحث
كيفية الحكم على مستوى البحث
error:
Scroll to Top