قاعدة الإسناد في القانون الدولي الخاص ووظيفتها وأركانها

الملخص

تعريف قاعدة الإسناد في القانون الدولي الخاص وشرح وظيفتها بالأمثلة التطبيقية وبيان أركانها، وخصائصها.

تعريف قاعدة الإسناد

هي الوسيلة الأساسية لتحديد القانون واجب التطبيق في المنازعات ذات الطابع الدولي، والتي يكون فيها عنصر أجبني.

ومن أمثلة تلك المنازعات:

  1. نزاع ينشأ بين زوجين من جنسيتين مختلفتين في أي دولة، مثل زوج مصري وزوجة مغربية.
  2. نزاع بين شخص مصري وشخص أجنبي تعاقد معه على شراء عقار في فرنسا.
  3. ونزاع حول أهلية شخص سعودي مقيم بمصر ويمارس التجارة وهو بعمر أقل من السن القانونية.
  4. نزاع حول التعويض عن أضرار مادية تسببت بها سيارة يقودها شخص مصري في الجزائر.

وظيفة قاعدة الإسناد

الوظيفة الأساسية لقواعد الإسناد هي الإشارة أو إسناد النزاع إلى قانون دولة معينة يتولى تقديم حل للنزاع، ويطلق على قواعد الإسناد مصطلح قواعد تنازع القوانين.

أمثلة (نماذج) قواعد الإسناد

1. النموذج الأول

نص قاعدة الإسناد ” آثار الزواج تخضع لقانون جنسية الزوج “

وبتطبيق هذه القاعدة على المثال الأول الخاص بالنزاع القائم بين زوج مصري وزوجة مغربية، ينتج أن القانون الواجب التطبيق هو القانون المصري وليس القانون المغربي.

2. النموذج الثاني

نص قاعدة الإسناد ” العقار (أو المال) يخضع لقانون موقعه “

وبتطبيق هذه القاعدة على المثال الثاني الخاص بالنزاع حول تعاقد مصري على شراء عقار في فرنسا، ينتج أن القانون الفرنسي هو القانون المسند إليه حل هذا النزاع.

3. النموذج الثالث

نص قاعد الإسناد ” الأهلية تخضع لقانون الدولة التي ينتمي إليها الشخص بجنسيته “

وبتطبيق هذه القاعدة على المثال الثالث الخاص بالنزاع حول أهلية شخص سعودي مقيم بمصر ويمارس التجارة وهو دون السن القانونية، ينتج أن قانون السعودية هو المسند إليه في تحديد أهليته، فإذا كان القانون السعودي يعتبره راشدًا، فيعتبره القانون المصري راشدًا ويسمح له بممارسة التجارة.

4. النموذج الرابع

نص قاعدة الإسناد ” الفعل الضار يخضع لقانون الموقع الذي وقع فيه الفعل “

وبتطبيق هذه القاعدة على المثال الرابع الخاص بالنزاع حول التعويض عن أضرار مادية تسببت بها سيارة يقودها شخص مصري في الجزائر، ينتج أن القانون الجزائري هو القانون المسند إليه حل هذا النزاع.

أركان قاعدة الإسناد

الركن الأول: القانون المسند إليه حل النزاع

في جميع قواعد الإسناد نجد أن القاعدة تشير إلى قانون معين لحل النزاع، تختاره من بين عدة قواعد ترتبط بالعلاقة وقابلة للتدخل وحكمها، ويكون هو القانون واجب التطبيق على العلاقة محل البحث.

والقانون المسند إليه حل النزاع قد يكون هو القانون الوطني أو القانون الأجنبي.

وبتطبيق هذا الركن على الأمثلة السابق ذكرها، يكون:

  1. القانون المسند إليه حل النزاع في المثال الأول هو: القانون المصري
  2. القانون المسند إليه حل النزاع في المثال الثاني هو: القانون الفرنسي
  3. والقانون المسند إليه حل النزاع في المثال الثالث هو: القانون السعودي
  4. والقانون المسند إليه حل النزاع في المثال الرابع هو: القانون الجزائري

الركن الثاني: موضوع قاعدة الإسناد

موضوع قاعدة الإسناد هو المسألة محل البحث، وهو يختلف من قاعدة إلى أخرى.

وبتطبيق هذا الركن على الأمثلة السابق ذكرها، نجد أن:

  1. موضوع النزاع في المثال الأول هو: آثار الزواج
  2. موضوع النزاع في المثال الثاني هو: العقار (أو المال)
  3. وموضوع النزاع في المثال الثالث هو: الأهلية
  4. وموضوع النزاع في المثال الرابع هو: الفعل الضار

وقد يكون موضوع قاعدة الإسناد مسألة واحدة محددة مثل “المال”، وقد يرد على أكثر من مسألة كما يحدث في المسائل الموضوعية الخاصة بالولاية والوصاية والقوامة وغيرها من النظم الموضوعية لحماية المحجورين والغائبين، وعلى العكس من ذلك فقد يتبين عند التطبيق العملي أن موضوع قاعدة الإسناد يسري على جزء من مسألة مثل موضوع الزواج، بحيث أن المسألة الواحدة تتوزع على أكثر من قاعدة إسناد وتختص كل قاعدة ببيان وتحديد القانون واجب التطبيق على جزئية من موضوع الزواج.

الركن الثالث: ضابط الإسناد

وهور ركن جوهري في قاعدة الإسناد، ولا يتصور وجود القاعدة بدونه، وهو يتولى تحديد وتعيين القانون واجب التطبيق في المسألة محل البحث.

وضابط الإسناد هو المفهوم أو الوسيلة أو الأداة التي نستعين بها في تحديد القانون واجب التطبيق في المسألة محل البحث، واستبعاد غيره من القوانين التي تتزاحم معه في مجال الاختصاص بنظر النزاع.

وبتطبيق هذا الركن على الأمثلة السابق ذكرها، نجد أن ضابط الإسناد الذي تم الاستعانة به لتحديد القانون واجب التطبيق في كل حالة هو كما يلي:

  1. ضابط الإسناد في المثال الأول الخاص بنزاع الزواج هو: جنسية الزوج
  2. ضابط الإسناد في المثال الثاني الخاص بنزاع التعاقد على عقار هو: مكان العقار
  3. وضابط الإسناد في المثال الثالث الخاص بالنزاع حول أهلية الشخص هو: جنسية الشخص
  4. وضابط الإسناد في المثال الرابع الخاص بالنزاع حول الفعل الضار هو: مكان وقوع الفعل

ويلاحظ أن قاعدة الإسناد قد تحتوي على ضابط واحد فقط كما ظهر في الأمثلة السابقة، وقد تحتوي على أكثر من ضابط يُستعان به في تحديد القانون واجب التطبيق في العلاقة محل البحث.

ومثال ذلك ما ورد في القانون المدني المصري:

“يسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطناً، فإن اختلفا موطنًا سرى قانون الدولة التي تم فيها العقد، هذا مالم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف أن قانونًا آخر هو الذي يُراد تطبيقه”.

من مواد القانون المدني المصري

تعدد ضابط الإسناد

وهناك مبررات عديدة تدفع المشرع إلى وضع أكثر من ضابط للإسناد في القاعدة الواحدة، ومنها احتياط المشرع لاحتمالية عدم توافر ضابط الإسناد الأول فيكون هناك ضابط إسناد ثان احتياطي، ومن ذلك أيضًا رغبته في التسهيل و/ أو التيسير على الأفراد بحيث تكون هناك فرصة متاحة أمامهم للاختيار وفقًا لظروف وملابسات كل حالة على حدة. كما قد يكون المبرر في ذلك رغبة المشرع في إخضاع المسألة محل البحث لأكثر من قانون في نفس الوقت. ومثال ذلك ما ورد في القانون المدني المصري:

“يرجع في الشروط الموضوعية لصحة الزواج إلى قانون كل من الزوجين”.

من مواد القانون المدني المصري

خصائص قاعدة الإسناد

تتميز قاعدة الإسناد بخصائص معينة تميزها عن غيرها من القواعد القانونية الوطنية، وهذه الخصائص هي:

أولاً: قاعدة الإسناد غير مباشرة

وذلك بالنظر إلى أنها لا تحسم النزاع بشكل فوري ومباشر وإنما هي تقتصر على مجرد الإشارة إلى قانون دولة معينة يتم الرجوع إليه وهذا القانون هو الذي يتولى تقديم الحل للنزاع محل البحث أو الدراسة، ومثال ذلك النزاع حول أهلية سعودي بعمر 17 سنة لممارسة التجارة في مصر، فقاعدة الإسناد الخاصة بموضوع الأهلية لا تحسم هذا النزاع بشكل فوري، بل تقوم بالإشارة فقط إلى القانون الواجب التطبيق وهو القانون السعودي، والذي يتولى بدوره تقديم حل لهذا النزاع.

أما القاعدة الوطنية فهي تقوم بحل النزاع بشكل فوري ومباشر، ففي نزاع حول أهلية شخص مصري يمارس التجارة في مصر، يتم تحديد أهلية هذا الشخص وتقديم حل للنزاع بمجرد معرفة سنه ومقارنته بالسن القانوني لممارسة التجارة في القانون المصري.

ثانياً: قاعدة الإسناد مزدوجة

تتميز قواعد الإسناد بأنها قواعد مزدوجة أو بمعنى آخر أنها تحدد مجالين لسريان القانون، المجال الأول هو الذي يسري فيه القانون الوطني والمجال الثاني هو الذي يسري فيه القانون الأجنبي، وهو ما يطلق عليه الاختصاص التشريعي للقانون الوطني والأجنبي.

والأصل أن كل قواعد القانون الوطني هي قواعد مفردة، تبين حكم القانون الوطني فقط في المسألة محل البحث أو الدراسة.

المصدر

  • كتب: تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدولي، الدكتور: أبو العلا نمر، رئيس قسم القانون الدولي الخاص، كلية الحقوق، جامعة عين شمس.
قاعدة الإسناد في القانون الدولي الخاص ووظيفتها وأركانها
قاعدة الإسناد في القانون الدولي الخاص ووظيفتها وأركانها
error:
Scroll to Top