التحليل الفني لأسواق البورصة العالمية

ما هو التحليل الفني

التحليل الفني (بالإنجليزية: Technical Analysis) هو أسلوب لدراسة حركة السعر الماضية كما هي، وبصرف النظر عن أسبابها، بهدف التنبؤ وتوقع اتجاهها المستقبلي استنادًا على فرضيات معينة أثبتت التجربة صحتها في أغلب الظروف.

وهذه الفرضيات تعتبر هي المبادئ الأساسية للتحليل الفني لأسواق البورصة بشكل عام. والتي يتم استخدامها بجانب التحليل الأساسي أو الاقتصادي بهدف بناء التوقعات المستقبلية لحركة الأسواق.

فرضيات التحليل الفني

من أهم الفرضيات التي يعتمد عليها التحليل الفني هي:

1. أن حركة السوق تتأثر بكل شيء

هذا يعني أن السعر الحقيقي للعملة أو السلعة أو السهم هو انعكاس لكل شيء يكون معلومًا للسوق ويمكن أن يؤثر عليه. على سبيل المثال الأحداث السياسية والعرض والطلب والكثير من الأمور الأخرى.

والتحليل الفني الخالص يهتم بحركة السعر فقط وليس بأسباب تلك الحركة.

2. أن لحركة السعر ميول

ويقصد بأن لحركة السعر ميول (بالإنجليزية: Prices moves in Trends) أنه وعلى الرغم من أن حركة السعر تظهر على المدى القصير وكأنها حركة عشوائية، إلا أن لهذه الحركة اتجاه معين تتجه إليه أما صعودًا أو هبوطًا.

وهكذا، يرتفع سعر عملة ما ثم يعود وينخفض قليلا ويعاود الارتفاع بسرعة، ثم ينخفض قليلا ثم يعود للارتفاع بقوة .. وهكذا.

فعلى الرغم من أنه قد تظهر هذه الحركة وكأنها حركة عشوائية ما بين الصعود والهبوط، إلا أنه عند التدقيق في النظر ولفترة أطول يُلاحظ أن للسعر “ميل” نحو الارتفاع مثلا، فهو وإن كان ينخفض أحيانًا إلا أن ارتفاعه دومًا يكون أشد وأقوى. فهو وإن كان يتذبذب ما بين الصعود والهبوط إلا أنه بالجملة يرتفع أكثر وأكثر.

فيكفي أن نعلم أن ميل سعر عملة نحو الارتفاع لنقوم بشرائها مطمئنين حتى لو انخفض السعر بعض الشيء. وذلك لأننا نعلم أن السعر له ميل للارتفاع وهو بالتالي سيرتفع بعد فترة، وسنتمكن من بيعه بسعر أعلى.

هذا، والعكس صحيح في حالة ميل السعر نحو الانخفاض.

في الواقع، إن فرضية ميول السعر Trend هي أهم فرضيات التحليل الفني التي أثبتت التجربة صحتها في مختلف الظروف.

3. أن التاريخ يعيد نفسه

يقصد بأن التاريخ يعيد نفسه (بالإنجليزية: History Repeat Itself) أن حركة السعر “تسلك” بنفس الطريقة التي “سلكتها سابقًا” إذا تشابهت الظروف.

ومن هذه الفرضية الهامة ظهرت مصطلحات رئيسية في التحليل الفني لا غنى عنها مثل الدعم والمقاومة والأنماط وغيرها.

ويقصد بذلك أنه إذا كان السعر يميل نحو الارتفاع فإنه سيستمر في الارتفاع حتى يثبت العكس.

وإذا كان السعر يميل نحو الانخفاض فهو سيستمر في الانخفاض حتى يثبت العكس.

التحليل الفني
التحليل الفني لأسواق البورصة العالمية

طريقة التحليل الفني

يتم التحليل الفني باستخدام الرسوم البيانية التي تظهر حركة سعر عملة ما، أو سهم أو سلعة، لفترات ماضية، وذلك بأن يقوم المتاجر بإلقاء نظرة على الرسم البياني لسعر عملة ما، ثم باستخدام تقنيات التحليل الفني سيتمكن من توقع كم سيكون سعر هذه العملة بعد فترة من الوقت.

وعلى أساس هذا التوقع وعلى حسب قوة احتماله سيتخذ المتاجر قرارات بيع أو شراء تلك العملة أو السهم.

الشكل التالي يوضح أحد الرسوم البيانية، وهو يمثل سعر اليورو مقابل الدولار خلال عدة أيام:

التحليل الفني - رسم بياني يمثل سعر اليورو مقابل الدولار خلال عدة أيام
التحليل الفني – رسم بياني يمثل سعر اليورو مقابل الدولار خلال عدة أيام

ويتم عرض الرسم البياني لكافة العملات حسب الحاجة من خلال الشركة الوسيطة التي يتاجر من خلالها المستثمر.

الإطار الزمني للرسم البياني

إن السؤال الأساسي الذي نرغب دومًا بالحصول على إجابته عند المتاجرة بالعملات أو الأسهم هو: ماذا سيحدث للسعر، هل سينخفض أو سيرتفع؟

ولكي نتمكن من الإجابة على هذا السؤال فنحن بحاجة لمعرفة كم كان سعر هذه العملة قبل ساعة وكم كان قبل ساعتين وقبل ثلاثة، .. إلخ. فعندما ندرس سعر عملة ساعة وراء ساعة فإننا نقول إن الإطار الزمني الذي ندرس فيه حركة السعر هو إطار الساعة.

وقد نحتاج أحيانا لدراسة سعر العملة خلال الأيام، حتى نعرف كم كان السعر في اليوم السابق وكم كان في اليوم الذي يسبقه. وهكذا فإننا نقول أن الإطار الزمني (بالإنجليزية: Time Scale) الذي ندرس فيه حركة السعر هنا هو إطار يومي Daily. وهكذا، يمكننا أن ندرس حركة السعر لأي عملة ولأي وقت نشاء، سواء كان بالدقيقة أو الساعة أو اليوم أو الأسبوع، بحسب الاحتياج.

وعادة ما تكون الإطارات الزمنية التي يتم توفيرها كالآتي:

الحركة الواحدة، الدقيقة، خمسة دقائق، عشرة دقائق، ربع ساعة، نصف ساعة، ساعة، ساعتين، أربع ساعات، ثمان ساعات، يوم، أسبوع، شهر.

البيانات الرئيسية لحركة السعر خلال كل فترة زمنية

يوفر الرسم البياني عادية بيانات حركة السعر السابقة لكل فترة زمنية، وتشمل تلك البيانات:

  1. سعر الافتتاح
  2. سعر الإغلاق
  3. أعلى سعر
  4. أدنى سعر

والمقصود بذلك، أننا إذا كنا نراقب حركة سعر عملة خلال إطار زمني مدته ساعة، فإننا سوف نتعرف على كل من تلك المعلومات المذكورة خلال كل ساعة من الساعات السابقة والتي يعرضها الرسم البياني. فيكون لكل ساعة منهم موضح فيها البيانات الأربعة.

وتظهر هذه البيانات في بعض أنواع الرسوم البيانية، ويظهر بعضها فقط في البعض الآخر.

أنواع الرسوم البيانية في التحليل الفني

1. الرسم البياني الخطي

الرسم البياني الخطي (بالإنجليزية: Line Chart) هو الرسم البياني الذي يعبر فيه عن سعر العملة على شكل خط، تمثل كل نقطة سعر إغلاق العملة لكل فترة زمنية.

ويلاحظ في الشكل التالي حركة سعر اليورو مقابل الدولار ساعة وراء ساعة ممثلا بسعر الإغلاق لكل ساعة.

التحليل الفني - رسم بياني خطي يبين حركة سعر اليورو مقابل الدولار ممثلاً بسعر الإغلاق لكل ساعة
التحليل الفني – رسم بياني خطي يبين حركة سعر اليورو مقابل الدولار ممثلاً بسعر الإغلاق لكل ساعة

2. الرسم البياني ذو القضبان

الرسم البياني ذو القضبان أو (بالإنجليزية: Bar Chart) هو الأسلوب الذي طوره المحللون في الدول الغربية ولا يزال شائعًا حتى اليوم. حيث يتم التعبير عن حركة سعر العملة على شكل قضبان.

ويمثل القضيب وحدة واحدة من الفترة التي نختارها، مثلا في رسم الساعات يكون كل قضيب ممثلا لساعة واحدة،

الشكل التالي تكبير لإحدى الرسوم البيانية وتوضيح البيانات عليه لإحدى الساعات:

التحليل الفني - شكل الرسم البياني ذو القضبان لفترة الساعات
التحليل الفني – شكل الرسم البياني ذو القضبان لفترة الساعات

وهكذا لكل ساعة من الساعات السابقة، يوضح الرسم مجموعة من القضبان المتتالية يمثلون حركة السعر ويبين كل قضيب البيانات الأربعة لكل ساعة وهي:

  • سعر الافتتاح
  • أعلى سعر
  • أدنى سعر
  • سعر الإغلاق

بحيث يمثل كل قضيب ساعة واحدة.

وبطبيعة الحال، لو كان الإطار الزمني المستخدم هو للدقائق، لكان كل قضيب في هذه الحالة سيمثل دقيقة واحدة.

ويكون شكل كل قضيب كما يلي:

التحليل الفني - مقطع من الرسم البياني ذو القضبان موضح عليه القيم المختلفة
التحليل الفني – مقطع من الرسم البياني ذو القضبان موضح عليه القيم المختلفة

أعلى نقطة في القضيب تمثل أعلى سعر وصل له خلال تلك الساعة، وأدنى نقطة تمثل أدنى سعر وصل له خلال تلك الساعة أيضًا.

أما الحافة الظاهرة من اليسار فتمثل سعر الافتتاح الذي بدأ به في تلك الساعة، والحافة من اليمين تمثل سعر الإغلاق الذي انتهى عليه في تلك الساعة.

وبديهي أن يكون سعر الإغلاق هنا هو نفس سعر الافتتاح للساعة التالية.

3. الرسم البياني ذو الشموع اليابانية

الرسم البياني ذو الشموع اليابانية (بالإنجليزية: Japanese Candle Sticks) هو أسلوب آخر للتعبير عن حركة السعر طوره اليابانيون منذ القرن السابع عشر في العقود المستقبلية لأسواق الأرز. لذا فقد ارتبط أسمه بهم، وهو أسلوب شبيه بالأسلوب السابق ولكنه أوضح وأكثر انتشارًا.

الشكل التالي يمثل حركة سعر اليورو مقابل الدولار ممثلا باستخدام الرسم البياني ذو الشموع اليابانية لفترة الساعات:

التحليل الفني - شكل الرسم البياني ذو الشموع اليابانية لفترة الساعات
التحليل الفني – شكل الرسم البياني ذو الشموع اليابانية لفترة الساعات

الدعم والمقاومة

إن سعر السهم هو نتاج لمعركة بين البائع والمشتري وفي السوق الأمريكية يسمى البائع دب (بالإنجليزية: Bear) والمشتري ثور (بالإنجليزية: Bull) ومن هنا تستطيع معرفة نقاط الدعم والمقاومة.

منطقة الدعم أو (بالإنجليزية: Support) هي النقطة التي اعتقد أغلبية المستثمرون بأن السعر سوف يرتفع عندها.

أما نقطة المقاومة أو (بالإنجليزية: Resistance) هي النقطة التي اعتقد أغلبية المستثمرون أن السعر سوف يهبط عندها.

الأشكال التالية توضح مثالين لمنطقتي الدعم والمقاومة على الترتيب:

رسم يوضح نقاط الدعم
رسم يوضح نقاط الدعم
رسم يوضح نقاط المقاومة
رسم يوضح نقاط المقاومة

خطوط الميل في التحليل الفني

خطوط الميل أو (Trend Lines) وهو خط يصل بين نقاط الارتفاع أو الانخفاض التي يكونها الرسم البياني حتى يمكن معرفة اتجاه السهم هل هو يرتفع لأعلى أم يهبط إلى أسفل وفي المستقبل سيسلك أي الاتجاهين.

الفرق بين الميل والدعم والمقاومة أن الميل عبارة عن خط يبين اتجاه السهم وهل هو إلى أعلى أم إلى أسفل وهل في المستقبل سيستمر على نفس الاتجاه أم انه سوف يتغير. أما الدعم والمقاومة فتبين الخطوط التي تمنع السهم من النزول إلى أسفل منها أو الارتفاع أعلى منها.

وينقسم الميل إلى نوعين:

أولا: الميل لأعلى

يكون اتجاه الميل لأعلى (Up Trend) هو الصعود لأعلى ويكون الخط عبارة عن خط يصل بين نقاط الانخفاض للسعر.

ويجب أن يلامس نقطتين على الأقل وكلما زاد عدد النقاط كان أفضل وكلما كانت النقاط متباعدة وعلى مسافات متساوية كلما كان الميل قوي. والعكس كلما كانت النقاط متقاربة والمسافة قريبة جدًا كلما كان الميل غير صادق ولا يمكن الاعتماد عليه:

شكل رسم بياني يوضح الميل لأعلى
شكل رسم بياني يوضح الميل لأعلى

ثانيا: الميل لأسفل

خط الميل لأسفل (بالإنجليزية: Down Trend) هو الخط الذي يرسم بين نقاط الارتفاع أثناء هبوط السهم وله نفس شروط الميل لأعلى السابقة الذكر:

شكل رسم بياني يوضح الميل لأسفل
شكل رسم بياني يوضح الميل لأسفل

زاوية الميل

زاوية الميل (بالإنجليزية: ANGEL OF THE TREND LINE) هي زاوية انحدار الميل أثناء الصعود أو الهبوط.

وكلما كانت زاوية الميل الحادة تقترب من صنع زاوية قائمة مع الخط الأفقي كلما كان هذا الميل غير صادق ولا يُعتمد عليه والعكس صحيح.

شكل رسم بياني يوضح الميل لأعلى بزاوية كبيرة تقترب من الزاوية القائمة
شكل رسم بياني يوضح الميل لأعلى بزاوية كبيرة تقترب من الزاوية القائمة

عندما يحدث اختراق لخط الميل ننظر للحجم هل زاد بكمية كبيرة لأنه لو زاد فان هذه إشارة على أن كسر الميل حقيقي وقوي.

وإذا كان الحجم ضعيف فهذا دليل على أن الكسر غير حقيقي وأن السهم سوف يعود مرة أخرى بسرعة خلال فترة قصيرة. وبعد الاختراق القوي يعود السهم لاختبار نقطة كسر الميل وهو ما يسمى ظاهرة ندم المستثمرين أو بالإنجليزية (TRADERS REMOSE). وممكن التأكد من أن هذه النقطة حقيقية حيث يكون الحجم ضعيف عند هذه النقطة. وهذا دليل أن السهم ضعيف عندها وسيعاود الارتفاع مرة أخرى بعد أن تأكد أن الاختراق حقيقي .

ظاهرة ندم المستثمرين في التحليل الفني

تقول هذه الظاهرة أن السهم عندما يخترق نقطة مقاومة قوية مثلا فإنه يرجع إليها مرة أخرى بعد فترة من الزمن قد تكون أيام وقد تكون شهور ليختبرها ويتأكد من انه اختراق حقيقي، وعند عودة السهم لهذا السعر يكون هناك عدد كبير من المستثمرين لم يلحقوا به أثناء صعوده المرة الأولى ولم يشتروا فيه فيقولوا لو عاد السعر مرة أخرى لهذه النقطة سوف نشتريه. وفعلا إذا عاد السعر ولم تتغير الظروف ولم يطرأ أخبار جديدة تغير من السعر فإن هؤلاء المستثمرين يشترون السهم بقوة فيصعد السهم مرة أخرى إلى أعلى ويكوّن نقطة جديدة وتتحول نقطة المقاومة التي كسرها إلى نقطة دعم جديدة. أما إذا عاد السهم إلى نقطة المقاومة وتغيرت الظروف وتغيرت ثقة المستثمرين فإن المشترين لن يشتروا. والذين اشتروا في الصعود الأول سوف يقومون بالبيع لذلك ينهار السهم.

والعكس بالعكس تمامًا، فإذا كسر السهم نقطة دعم إلى أسفل فان عدد كبير لم يتمكن من البيع عند الهبوط الأول فيندموا ويقولون لو صعد السهم مرة أخرى إلى هذه النقطة سنبيع ما لدينا من أسهم وفعلا يرتفع السهم ويعود إلى مستواه ولكن هؤلاء المستثمرين منتظرين له بالمرصاد وبمجرد وصوله لهذه النقطة يقومون ببيع كل ما لديهم من أسهم فينهار السهم.

المصدر

  • موسوعة التحليل الفني والتحليل الأساسي، ترجمة وإعداد: د. م. مصطفى عبيد، مركز البحوث والدراسات متعدد التخصصات، 2021.
error:
Scroll to Top