إدارة مخاطر المشروع – مفهوم المخاطر

إدارة مخاطر المشروع

تعرض هذه الوحدة مفهوم إدارة مخاطر المشروع، فُيفترض بمدير المشروع البارع أن يكون أيضًا مديرًا فاعلاً للمخاطر. والواقع أن المشاريع كافة عرضة لمخاطر مختلفة، ويجدر بمدير المشروع أن يكون قادرًا على إدارتها على مر دورة حياة المشروع. ولكي ينجح في ذلك، ينبغي أن يتحلى بالقدرة على النظر إلى المشروع وبيئته، وتحديد المخاطر القائمة، ونقل المخاطر غير المقبولة أو تقليصها، ومن ثم إرساء أنظمة للمراقبة والضبط تسمح بإدارة المخاطر المتبقية بطريقة فاعلة.

والجدير بالذكر أن المخاطر تشكل عاملاً متأصلاً في كل مسعى إنساني. فالبشر بطبيعتهم يعتبرون المخاطر والمكافآت جزءًا من مسار صنع القرارات. وقد لا يتبلور هذا الاعتبار على الدوام في صيغة رسمية، بل إنه قد ينشأ عند مستوى العقل الباطني. فإذا كان مقامر يراهن على حصان، قد يفكر في مجموعة كاملة من المتغيرات المرتبطة بالمحصلة المحتملة للسباق. وقد تشمل هذه المحصلات لياقة الحصان، والتنافس، والظروف المسيطرة على ميدان السباق، وغيرها. وفي المقابل، قد لا يملك مقامر آخر، يلعب البوكر مثلاً، أدنى فكرة عما ستنطوي عليه المنافسة، فيستخدم مقاربة تستند إلى الحدس كما إلى مستوى أدنى من التنظيم والرسمية بغية تقييم المكافآت والمخاطر المحتملة للتوقف عن اللعب أو الاستمرار فيه. وبين هذين الحدين، يُبنى التحليل العقلي للإنسان وتقييمه على صنع القرارات ضمن حدود ما يُعتبر محصلات مقبولة وغير مقبولة. فصحيح أن المقامر لا يحب أن يخسر، لكن الفرق واضح بين تكبّد خسارة يمكن تحملها وتكبّد خسارة لا يمكن تحمّلها.

بالتالي، يشكل تحليل المخاطر وظيفة أساسية في المسار الإنساني المعرفي. فيقيّم الأشخاص المكافآت والمخاطر المحتملة عندما يتخذون قرارًا حول ضرورة القيام بفعل ما أو الامتناع عنه. ويفكّر العقل الإنساني في المخاطر في هيئة نموذج يدرس فيه المحصلات والأحداث المحتملة استنادًا إلى الأفعال الممكنة. فيوازن العقل بين المكاسب المحتملة والخسائر المحتملة ليتم صنع قرار ذاتي (أو موضوعي).

وينطبق الاعتبار نفسه على إدارة المشاريع. فتكون المشاريع في العادة معقدة وتحدث لمرة واحدة لا تتكرر. وقد تُنفّذ المشاريع في بيئة ميزتها الارتياب، ما يعني أنه يُفترض بمدير المشروع أن يصنع القرارات في ظل ظروف تشكل فيها المخاطر عاملاً يتجلى بصورة يومية. وبالتالي، يُعتبر مدير المشروع مخاطرًا بالفطرة. فالمقدرة على تحديد المخاطر وضبطها تشكل وظيفة أساسية في إدارة المشاريع. ويجدر بمدير المشروع أن يكون قادرًا على إجراء تقييم كامل للمعلومات المرتبطة بالمخاطر كي يتمكن من صنع قرار مبني على المعلومات يحقق فيه أفضل مستوى من التوازن بين المحصلات الإيجابية المحتملة والمحصلات السلبية المحتملة.

تبحث هذه الوحدة في مصدر المخاطر، وتبين بإيجاز كيف يتعاطى المسار الفكري الإنساني معها. ومن ثم، تنظر في صنع القرارات في ظل ظروف اليقين والمخاطر والارتياب. وتستكشف في مرحلة لاحقة المكوّنات الأساسية لنظام إدارة شامل، وتبحث في الرابط القائم بين المخاطر والعقود.

الأهداف التعليمية

في نهاية هذه الوحدة، تكون قد حصلت ما يلي:

  • ماهية المخاطر وأهميتها.
  • الفرق بين اليقين والمخاطر والارتياب.
  • كيف يمكن صنع القرارات في ظل كل طرف من هذه الظروف.
  • مفهوم إدارة المخاطر.
  • المكونات الأساسية لنظام إدارة المخاطر.
  • أسس نظرية العقود وكيفية استخدام العقود لنقل المخاطر.

خلفية المخاطر

يعرض هذا القسم مفهوم المخاطر التي يربطها بمصنع القرارات، لينتقل بعد ذلك إلى البحث في الظروف الأساسية التي قد تحكم صنع القرارات فيربطها بالمسار الإنساني المعرفي. ولا بدّ من توافر اطلاع أساسي على هذا المسار المعرفي لأنه ضروري في إطار التفكير في المخاطر لدى صنع القرارات.

مفهوم المخاطر

تحيط بنا المخاطر من كل جانب، حتى أن لها دورًا فعليًا في كل ما تقوم به. وقد يكون من الصعب جدًا أن نتوقع ونقيّم المحصلات التي تنطوي على المخاطر بشكل دقيق.

والجدير بالذكر إن كلمة “مخاطر” مصدرها الكلمة الفرنسية Risque التي تعني “المجازفة”. أما الكلمة الإنكليزية Risk، أي مخاطر، فحديثة المنشأ إلى حد ما. ومع أنها لم تُعتمد في اللغة، إلا أن الأشخاص في العام 1600 تقريبًا كانوا يألفون مفهوم المخاطر بقدر ما يألفه اليوم القارئ المعاصر. وقد ظهرت الكلمة الإنكليزية Risk للمرة الأولى في العام 1750 في العقود وتقييمات التأمين.

وتطورت إدارة المخاطر فعليًا كاختصاص علمي مع تصميم وتطوير أول المفاعلات النووية التجارية لتوليد الطاقة الكهربائية في الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة في خمسينات القرن العشرين. آنذاك، أدرك مصممو هذه التمديدات أن مصدر الطاقة خطير بطبيعته، وأن نتائج أي فشل كبير قد تكون كارثية بالفعل. وقد أدركوا ضرورة النظر في تصميم الأنظمة وعمليات الاحتواء الخاصة بالمفاعل وكل المجالات المرتبطة به وتحليلها بعناية بالغة من منظور أي خطأ قد يطرأ. وسرعان ما أدركوا أيضًا أن لا جدوى من البحث في أحداث منفردة، فقد تطرأ الأخطاء على تراكيب مختلفة، وقد يتجلى السيناريو الأسوأ حيث ينشأ الخلل في المجالات كافة في الوقت نفسه. وصحيح أنه من غير المجدي تصميم كل الأعمال استنادًا إلى السيناريو الأسوأ، إلا أن توخي الحذر يفرض القيام بذلك في حالة الطاقة النووية حيث يمكن لنتائج أي فشل في نظام واحد أو أنظمة متعددة أن تكون كارثية.

وقد شكل انفجار مفاعل تشيرنوبيل Chernobyl النووي في الاتحاد السوفياتي في العام ١٩٨٦ مثالاً عن حالة لم يأخذ فيها المصممون السيناريو الأسوأ بعين الاعتبار. فقد تم تصميم مفاعل تشيرنوبيل Chernobyl رقم ٢ من دون وعاء احتواء، ما يعني أن المفاعل كاد ينفجر مباشرة في مبنى المفاعل الذي يضم مفاعلات أخرى فضلاً عن حجرات ضبطها وليتسبب بتعطيل أنظمة السلامة وإغلاق أنظمة التبريد يدويًا. وكان من الواضح أن هذه الاعتبارات تشكل سلسلة من المخاطر الفردية وخطرًا جماعيًا شاملاً. وقد تمثلت النتيجة النهائية بأسوأ حادثة نووية عرفها التاريخ. ولا يزال من الصعب إجراء تقييم تفصيلي لمخلّفات هذه الحادثة وكل مفاعيلها الطويلة الأمد، علمًا بأننا لا نزال نلحظها حتى يومنا هذا.

النشاطات التي تنطوي على مخاطر

ولا بدّ من الإشارة إلى أنه يمكن البحث في المخاطر من عدة وجهات نظر، ذلك أننا جميعًا معتادون على المخاطر في حياتنا اليومية. أما النشاطات الواضحة التي تنطوي على مخاطر هامة، فتتمثّل بما يلي:

  • قيادة السيارة.
  • تسلق الصخور.
  • المقامرة.
  • القيام باستثمارات مبنية على المضاربة.
  • إقامة علاقة.
  • الزواج.

أما المخاطر في سياق دراستنا، فتشكل مقياسًا للاحتمالات والنتائج التي تنجم عن عدم تحقيق غاية محددة من غايات المشروع. وبالتالي، تعتمد المخاطر على أرجحية (احتمال) وقوع حدث ما ونتائج (تأثير) هذا الحدث في حال وقوعه، ما يعني أن المخاطر تشكل دالة الحدث واحتمال وقوعه ومفعول وقوعه.

معادلة المخاطر من المستوى الأول

وفي بعض الأحيان، تُعرف هذه العلاقة بمعادلة المخاطر من المستوى الأول، ويُعبّر عنها كما يلي:

المخاطر = f (الحدث، الارتياب، النتائج)

وبالتالي، يمكن لحدثين مختلفين أن ينطويا على المخاطر نفسها. فعلى سبيل المثال، قد يكون احتمال حدوث تسرّب إشعاعي في مفاعل ما نتيجة لعطل ميكانيكي متدنيًا جدًا. لكن النتائج قد تكون هائلة في حال حدوث هذا التسرّب. ومن المحتمل أن يكون مصممو المنشأة النووية مستعدين لقضاء وقت طويل وإنفاق مبالغ طائلة من المال بغية بناء أنظمة لضبط أي تسرّب من هذا النوع، علمًا بأنه من المستبعد جدًا أن يقع حادث مماثل. وفي المقابل، قد يكون للخطأ الإنساني تأثير أقل أهمية، إلا أن احتمالات حدوث هذا الخطأ أكبر بكثير. وهنا أيضًا، من المرجح أن يكون مدراء المنشأة مستعدين لتخصيص مقدار كبير من الوقت والمال بغية تدريب الأشخاص، حتى وإن كانت نتائج الأخطاء غير هامة نسبيًا. فقد ينطوي الفشل في كلا الحالتين على المستوى نفسه من المخاطر بالنسبة إلى تشغيل المنشأة، ولكن الاحتمالات الفردية لحدوث الفشل ومفاعيله تختلف اختلافًا تامًا في الحالتين.

الواقع أن معادلة المخاطر من المستوى الأول تربط بين احتمال وقوع حدث ما ونتائج وقوع هذا الحدث. فقد تتجلى بعض الاعتبارات يستحيل بموجبها تحديد احتمال وقوع حدث ما فعليًا. وعلى سبيل المثال، يجدر بصمم طوافة قتالية أن يأخذ بعين الاعتبار مقدار الدروع والأنظمة المضاعفة التي ينبغي تركيبها في الطوافة. والواقع أن هذا المقدار يعتمد على مدى جدية احتمالات تعرّض الطوّافة لأضرار مصدرها مجموعة متنوعة من الأسلحة التي يمكن أن تُستخدم ضدها. لكنه من المستحيل تقريبًا تحديد هذه المسألة باعتبار أنها تعتمد على متغيرات عدة. وفي المقابل، يستطيع المصمّم أن يفكر في “الضربات” المختلفة التي يمكن أن تطرأ، ويجري بعد ذلك تقييمًا للوقاية الضرورية كي يكون تأثير الضربات المختلفة مقبولاً. وبالتالي، قد يفرض توخي الحذر في بعض الأحيان التفكير في المخاطر استنادًا إلى معادلة المخاطر من المستوى الثاني:

معادلة المخاطر من المستوى الثاني

المخاطر = f (الحدث، مصدر الخطر، الوقاية)

وفي هذا السياق، يتسبب شيء ما أو انعدامه بوضع ينطوي على مخاطر. وفيما يشكل منشأ الخطر المصدر، يُقصد بالوقاية التخفيف من حدة مصدر الخطر أو الحماية منه. وبالتالي، فإن مخاطر إسقاط الطوافة هي دالة مصدر الخطر (فقدان القوة الهيدروليكية) والوقاية (الدروع أو الأنظمة الهيدروليكية المضاعفة).

والجدير بالذكر أن معادلتي المخاطر من المستوى الأول والمستوى الثاني على حد سواء تشكلان محددين مفيدين للمخاطر. ففي كلا المعادلتين، لاحتمال وقوع الحدث أهميته. ويمكن للأحداث أن تقع في بيئات مختلفة ستتم مناقشتها بمزيد من التفصيل في هذا الفصل لاحقًا.

وتسمح المخاطر بالتمييز بين الرجال والفتية، والنساء والفتيات، إذا جاز القول. فهي تشكل حاجزًا يعترض تطوير استراتيجية فاعلة وتكون موضع تقييم بطريقة ما. وإذا اعتُبر أنها تتجاوز عتبة دنيا محددة، تتفادى المؤسسة مواجهتها. لكن الإدارة الفاعلة للمخاطر تسمح بضبطها إلى حد ما بحيث تنتفي الحاجة إلى تفاديها ويصبح بالإمكان المضي قدمًا بالممارسة المنطوية على مخاطر إلى أبعد من حدود المنافسة. وقد يشكل تطوير تقنيات تعطيل وتفكيك الغواصات القديمة الطراز التي تعمل بالطاقة النووية مثالاً على ذلك. فتتوفر في العالم نحو مئتي غواصة حربية قديمة تعمل بالطاقة النووية، إلا أن أحدًا لم يستطع حتى الآن تفكيك واحدة منها بفعالية. ومن شأن أول مؤسسة تنجح في هذه المهمة أن تحقق ثروة من النفقات المستقبلية المترتبة على التعطيل والتفكيك. ولا شك في أن صعوبة وتعقيد هذا العمل سيجعلان عددًا ضئيلاً فقط من المؤسسات المتنافسة يزايد لتوليه، ما يعزز فرص نجاح مُزايد محدد.

إضافة إلى ذلك، يمكن النظر في تأثير خطر معين واحتمال حدوثه استنادًا إلى حساسية المؤسسة تجاه جانبية مخاطر محددة وتعرّضها لها. ويُقصد بالتعرّض مقياس قابلية تعرّض أجزاء من المؤسسة لتأثيرات المخاطر. وينشأ عندما يتأثر أي أصل من أصول المؤسسة أو أي مصدر آخر ذي قيمة بالنسبة إلى المؤسسة بالتغييرات في المتغيرات الأساسية الكامنة الطارئة نتيجة لوقوع حدث ينطوي على مخاطر. وتتعرض أي مؤسسة للمخاطر عندما يؤدي تغيير يتحقق في أحد المتغيرات ضمن جدول زمني محدد إلى تغيير في واحد أو أكثر من مؤشرات الأداء الرئيسة في المؤسسة. وكلما كان التغيير المحتمل في الأداء أكبر (سواء أكان إيجابيًا أم سلبيًا)، يكون مقدار التعرّض أكبر. وبالتالي، يشكل التعرّض مقياسًا لمدى قابلية تعرّض إحدى المؤسسات لمخاطر محددة.

أضف إلى ما تقدم أن حساسية المؤسسة تجاه المخاطر هي دالة ثلاثة عناصر، وتتمثل هذه العناصر بأهمية (أو شدة) تعرّض الشركة لتحقيق أحداث مختلفة (أي الحساسية تجاه بنود مثل التغييرات في المنافسة أو الظروف المناخية أو ما شابه ذلك)، وأرجحية وقوع هذه الأحداث، ومقدرة الشركة على إدارة انعكاساتها في حال وقوعها. وبالتالي، تشكل الحساسية مقياس احتمال وقوع الحدث وتأثيره، وهو مقياس قد يتبدّل إلى حد ما بفعل مقدرة المؤسسة على إدارة هذه المتغيّرات.

والجدير بالذكر أن إدارة المخاطر لا تتعلق فقط بالمنفعة التنافسية المبنية على مقاربة مجازفات تنطوي على مستويات عالية من المخاطر. فالمؤسسة القادرة على تطوير برنامج فاعل لإدارة المخاطر، ضمن حدود حساسيتها ودرجة تعرّضها، هي المؤسسة القادرة على صنع قرارات تجارية جيدة. وعندما تتمكّن المؤسسة القائمة على برنامج ناجح لإدارة المخاطر، من السيطرة على المخاطر التي تعيق تقدم الشركات المنافسة الأخرى، تصبح في موقع أفضل للاستفادة من المجازفات الخطيرة في السوق. فمن شأن الاستغلال الفاعل للمخاطر أن يسمح للمؤسسات بأن تستفيد من الأصول والعوامل التي لا يتم استخدامها في العادة في حسابات الربح والخسارة والميزانيات العمومية بهدف تحقيق الثروات. وهذا يشمل اعتبارات مثل سلسلة التوريدات، وحقوق الملكية الفكرية، ورأس المال المكافئ للمعرفة.

يمكن القول إن المخاطر تقتضي توزيع المحصّلات المحتملة في الأداء التي تحققها إحدى الشركات على مر فترة زمنية محددة، والناجمة عن تغييرات في المتغيّرات الكامنة الرئيسية. وكلما كان نطاق تشتت المحصّلات المحتملة أكبر، ارتفع مستوى تعرّض الشركة للعائدات غير المؤكدة. بمعنى آخر، كلما كانت المحصّلات المحتملة الناجمة عن قرار معيّن أوسع نطاقًا، ازدادت المخاطر المرتبطة بذلك القرار. وقد يكون لهذه العائدات غير المؤكدة قيم إيجابية أو سلبية. وبالتالي، ينبغي النظر إلى التغييرات الإيجابية والسلبية في المتغيّرات الرئيسية باعتبارها مصادر المخاطر.

فضلاً عن ذلك، يشهد استخدام المخاطر بهدف استحداث القيمة بعض التغييرات. وتتبدّل جانبية إدارة المخاطر والمخاطر المحددة من قبل المؤسسات في إطار صنع القرارات. وإذ تزداد المخاطر ضمن هذه الجدود، يصبح نظام إدارة المخاطر أكثر تعقيدًا وعرضة لعدد أكبر من التعديلات كما تصبح واجهة الخطر التي تواجهها مؤسسة معيّنة أشد تعقيدًا وأكثر رهبةً. وبالرغم من وضع التلزيم ونقل المخاطر جدًا لهذه المسألة، إلا أن التعقيد في بيئة المخاطر يبقى، بما لا يقبل الشك، أكبر بكثير مما كان عليه في أوائل تسعينات القرن العشرين. فضلاً عن ذلك، بدأت المخاطر نفسها تتغيّر بمعدل سرعة متزايد.

أسئلة مهمة ضمن إدارة مخاطر المشروع

المخاطر إذًا حتمية، وقد تكون مفيدة. وبالتالي تتجلى الحاجة إلى طريقة لإدارتها بهدف ضمان معاجلتها واستغلالها بفاعلية. وفي العادة، لا تكون الأحداث التي ستقع مستقبلاً واضحة، حتى أنه بالإمكان توقّع الفرص والمخاطر بدرجات مختلفة من الدقة. وبصورة عامة، تكون الأسئلة التالية أهم ما يشغل صانع القرار الذي يعمل في ظل ظروف تنطوي على مخاطر:

  • أي خلل قد يطرأ على المشروع؟
  • ما هي النتائج المحتملة التي قد نواجهها بسبب هذه المخاطر؟
  • من أين تتبع هذه المخاطر والمحصلات اللاحقة؟
  • هل نملك آلية لضبط هذه المخاطر؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل نحن نستخدم هذه الآلية؟
  • هل من رابط بين المخاطر والمحصلات اللاحقة؟
  • ما هي درجة تعرّض المؤسسة لهذه المخاطر؟
  • ما مدى حساسية المؤسسة تجاه كل درجة تعرّض؟
  • هل تؤثر هذه المخاطر في تحقيق الأهداف الاستراتيجية الشاملة للمؤسسة؟
  • ما هي الخيارات المتوافرة لدينا على مستوى الاستجابة؟
  • ما هي سبل الاستجابة المعتمدة للطوارئ؟
  • هل يمكننا مواجهة السيناريو الأسوأ؟
  • إذا لم يكن بمقدورنا ذلك، فأي سيناريو يبلغ حدود قدراتنا على مستوى الاستجابة؟
  • ما هي المكافأة المحتملة المرتبطة بكل من المخاطر؟
  • هل نحن مستعدون لتقبّل أي خطر ومحصلته التي تتجاوز حدود مقدرتنا على استيعابها؟

لدى التطرق إلى هذه الأسئلة، يُنصح بالتفكير في عدد من الحقائق حول المخاطر عمومًا. الواقع أن العالم محكوم بالارتياب، وقد قال أحدهم ذات مرة إن عددًا ضئيلاً فقط من الأمور مؤكد في الحياة فيما خلا الضرائب والموت. فكل جوانب الحياة والنشاطات العملية معرضة للمخاطر.

وفي بعض الحالات، لا يمكن إزالة المخاطر تمامًا. لكن إمكان إدارتها بفاعلية تظل قائمة، شرط أن يتم تحديدها وتقييمها بالشكل الصحيح، واعتماد نظام لضبطها ومراقبتها.

أضف إلى ذلك أن المخاطر هي دالة الفرص. فتواجه الشركات دومًا فرصًا جديدة، لكن هذه الفرص تكون في معظم الحالات مصحوبة بعنصر المخاطر. والواقع أن المخاطر التي ينطوي عليها بعض الفرص تفوق تلك التي ينطوي عليها البعض الآخر. وفي العادة، تشتمل الفرص التي يحتمل أن تحقق أكبر نسبة من الأرباح على المستويات الأعلى من المخاطر. وللإفادة من هذه الفرص، من الضروري القبول بالدرجة العالية من المخاطر المرافقة لها.

تشكل المخاطر أيضًا حليفًا، لا سيما أنها قد تثير تخوف المؤسسات المنافسة. فالشركة المستعدة للقبول بالمستوى الأعلى من المخاطر هي شركة تملك فرصة الفوز بأهم المكافآت.

وتوفر إدارة المخاطر مجموعة من الأدوات التحليلية التي تسمح بتحليل الفرص والمخاطر المرتبطة بها بغية إفساح المجال أمام صنع قرار مبني على المعلومات حول السبيل المفترض أن تسلكه المؤسسة.

كذلك، تُطبّق إدارة المخاطر على المستويات كافة. فالمخططون الاستراتيجيون يبحثون في المخاطر الاستراتيجية، فيما يُعني المدراء التشغيليون بالمخاطر التشغيلية. وتتجلى أيضًا الحاجة إلى البحث في المخاطر الكارثية أو التي لا يمكن توقعها.

يُفترض بالشركات أن تخاطر. فلا مجال للالتفاف على المخاطر، لا سيما أن الأسواق تتغير باستمرار. لذا، يجدر بالشركات أن تتطور كي تستفيد من الفرص الناتجة من هذه التغييرات أو تتغلب على التهديدات. وبهذا، تعرض نفسها للمخاطر.

الواقع أن الشركات تنشط ضمن “عالم محفوف بالمخاطر”، كما أن المخاطر تؤثر فيها على المستويات كافة. ولا ينبغي البحث في المخاطر الفردية بشكل مستقل، ذلك أن روابط جوهرية تصل بين مختلف مستوياتها. فالمخاطر التشغيلية تؤثر مباشرة في المخاطر الاستراتيجية.

ولا يمكن ضبط المخاطر وإدارتها إلا إلى حد معيّن. فالعالم المحفوف بالمخاطر يشتمل على مخاطر يمكن توقعها بالكامل أو بشكل جزئي. ويُفترض بنظام إدارة المخاطر أن يبحث في مقدرة الشركة على استيعاب مختلف أنواع هذه المخاطر.

ولا وجود لنظام إدارة مخاطر المشروع معصوم من الخطأ. فتنشأ على الدوام مخاطر خارجية تقع حتى خارج نطاق التحليل الأشد تفصيلاً لها. ومن الأمثلة المتطرفة على هذه الفكرة، كوكب صغير غير محدد بضرب كوكب الأرض في غضون سنتين ويجعل كل الأنظمة البشرية لإدارة المخاطر غير ملائمة.

وبالتالي، للمخاطر حسناتها وسيئاتها. فهي تمثل القوة المحركة التي تقف وراء الابتكار والمبادرة، ولكنها تشكل أيضًا مصدر تهديد إذا لم يتم تقييمها وإدارتها بالشكل المناسب. أضف إلى ذلك أن للمخاطر أهمية خاصة في سياق المشاريع، حيث يكون العمل معقدًا في العادة، وعرضة للتغييرات، ولا يشكل جزءًا من دورة مبنية على التكرار. فيُفترض إذًا بمدير المشروع أن يكون مدير مخاطر بارعًا.

المسار الإنساني المعرفي

التعرف والانتباه إلى النموذج

يشكل صنع القرارات والمخاطر عنصرين من عناصر المسار الإنساني المعرفي. فيصنع الأشخاص القرارات استنادًا إلى المكافآت والمخاطر التي يلحظونها. ويعتمد مسار صنع القرارات هذا إلى حد بعيد على المكافآت والمخاطر الملحوظة علمًا بأن لحظ المخاطر يتفاوت من شخص إلى آخر ويرتبط بالمفاعيل المحتملة للحدث الذي ينطوي عليها. والواقع أن المسار الإنساني المعرفي بمعظم جوانيه يجري تقييمًا ذاتيًا للمخاطر. وقد تطورت هذه المقدرة لدى البشر إلى حد باتت تشكل فيه وسيلة مساعدة فاعلة جدًا للبقاء. وفي هذا السياق، تطوّر التقييم الذاتي الفعّال للمخاطر كقدرة إيجابية نافذة.

في تقيم المخاطر ضمن إطار صنع القرارات، يشتمل المسار الإنساني المعرفي على عدد من المسارات المستقلة. ويتمثل المسار الأول بالتعرّف إلى النموذج. وفي هذا المسار، يتلقى الدماغ المعلومات الواردة ويخزنها مؤقتًا عند مستوى سطحي. بعد ذلك، يقارن هذه المعلومات بمعلومات أخرى جرى تخزينها سابقًا بهدف إجراء تقييم لما تمثله المعلومات الجديدة. فعندما يتعرّض الدماغ البشري لمحفّز ما، يدخل عدد من المعلومات إلى الدماغ. وقد تكون هذه المعلومات مرئية أو سمعية أو غير ذلك. وعلى سبيل المثال، يدرك الدماغ ما إذا كان يرى طاولة لأنه قد رأى واحدة منها من قبل من دون أن يحتاج إلى رؤية كل مفصل وبرغي فيها. وتُعتَبر رؤيته لسطحٍ مستوٍ له أربع قوائم كافية لإقناعه بأنه يرى طاولة.

متى يتم التعرّف إلى النموذج، يتجلّى مسار آخر يُعرف بالانتباه، والواقع أن مسار الانتباه يؤدي دور المصفاة. فهو يتلقى المعلومات الواردة ويصفّي أي معلومات غير ضرورية بحيث لا يتم التفكير سوى في المعلومات المرتبطة بالقرار. وفي إطار اتخاذ قرار حول المخاطرة بالوقوف على الطاولة أم لا، يتجاهل مسار الانتباه للون الطاولة، ويبحث فقط في حجم سطحها، وسماكة قوائمها، وكل الخصائص التي يمكن الاستناد إليها لإجراء تقييم ذاتي وصنع القرار وترتبط بالتالي ارتباطاً مباشرًا بقوة الطاولة أو مقدرتها على تحمّل الوزن.

أما المسار التالي، فيرتبط بالذاكرة. وتخزّن الذاكرة القصيرة الأمد المعلومات الأساسية المتعلقة بالتعرّف إلى النموذج. وما إن يتم تحليل هذه المعلومات وإجراء تقييم ذاتي لها عبر مسار الانتباه، حتى يتم تخزين المعلومات ذات الصلة في ذاكرة الدماغ الطويلة الأمد. والواقع أن بعض المعلومات يثبت على الدوام في الذاكرة الطويلة الأمد. ويمكن استخدام هذه المعلومات مجددًا عندما يواجه الدماغ قرار الوقوف على الطاولة أم الامتناع عن ذلك.

العقلانية المقيّدة

تُعرف مقاربة معالجة المعلومات باسم العقلانية المقيّدة. وتستند هذه المقاربة إلى فلسفة مفادها أن أي كائن سيختار عمومًا السلوك العقلاني ضمن قيود، وتُبنى المسارات المعرفية معظمها على التفكير العقلاني، ما يعني أنه يتم بطبيعة الحال تفصيل المحصلات المنطقية والعقلانية، المرتكزة على التعرّف إلى النموذج والتعلم، على المحصلات غير المنطقية وغير العقلانية. فضلاً عن ذلك، يتم تقييم كل اعتبارات المخاطر وصنع القرارات ضمن ثوابت أو قيود معيّنة ذلك أن صانع القرار يواجه حدودًا أو درجات من الحرية المتاحة له، ولا يعرف ما ستكون عليه المحصلات الدقيقة لأي قرار. وربما يكون لا بأس بالوقوف على نوع محدد من الطاولات، لكن نسبة 5 بالمئة منها قد تشتمل على شوائب، ولن يكون الوقوف عليها آمنًا مع أنها تتشابه كلها. بمعنى آخر، تتوافر لصانع القرار معرفة محدودة بالمحصلات المرتقب أن تنجم عن القرارات، وهي في الواقع معرفة مشوشة (غير محددة).

وبالتالي، ينظر صانع القرار ضمن العقلانية المقيّدة في كل الأفعال الممكنة وكل المحصلات المحتملة، ويفرز هذه المحصلات إلى محصلات مقبولة ومحصلات غير مقبولة. بعد ذلك، يستبعد صانع القرار أي فعل يؤدي إلى محصلات غير مقبولة، ويفكّر في الخيارات التي تؤدي إلى محصلات مقبولة. ويمكن النظر إلى المحصلات المقبولة باعتبارها غايات صانع القرار.

تحدد إذًا العلاقة بين الأفعال الممكنة والمحصلات المقبولة الفعل الذي ينبغي القيام به. فتكون الأفعال الممكنة عرضةً لقيود المحصلات المقبولة فيما لا تكون المحصّلات المرضية المحصّلات المثلي بالضرورة، بل هي مجرد محصّلات مقبولة ضمن العقلانية المقيّدة للمسار. ويمكن بالتالي صنع القرارات استنادًا إلى التجارب السابقة والمعلومات الحالية. وقد يكون مسار صنع القرارات نفسه مبرمجًا في حال كان منظمًا أشد تنظيم ومبنيًا على تجارب سابقة هامة، وكان بالإمكان تكراره. وفي المقابل، قد لا يكون مبرمجًا إذا كان مرنًا وتفاعليًا ومينيًا على تعرّف محدود إلى النموذج من خلال الأحداث الماضية.

التنبؤ بالمخاطر وزخم التوقعات

تستخدم إذًا العقلانية المقيّدة المعرفة بالأحداث الماضية بهدف تقييم المخاطر الحالية في صنع أحد القرارات. ويُفترض في هذا الإطار بالمحصّلات المقبولة في الماضي أن تظل كذلك في خلال مسار التقييم الحالي. وهذا هو المقصود بمفهوم التنبؤ بالمخاطر. وفيما يتعلق بالتنبؤ بالمخاطر، يمكننا عمومًا القول إنه:

  • مبني على الخبرة. فالخبرة التي تم اكتسابها في الماضي تُستخدم للتنبؤ بما سيحدث مستقبلاً وتحليله.
  • مبني على التقييم الذاتي بقدر ما هو مبني على الموضوعية.
  • قد يشكل موضوع بلورة نموذج معقد، كما في نظرية الفوضى، علمًا بأنه لا يقتصر على النماذج الرياضية المعقدة.
  • يشكل مجالاً قد تتمثل الطريقة الفضلى لتقييمه باستخدام مزيد من النماذج والمقاربات الذاتية.
  • مبني على استخدام بيانات مصدرها التجارب السابقة بغية السماح باعتماد التخمين الاستقرائي كأساس لتوقع التوجهات المستقبلية.

بمعنى آخر، إن ما حدث في الماضي وما يحدث في الوقت الحاضر سيطل يحدث في المستقبل ما لم يطرأ حدث يغيّره، وهذا ما يعرف بزخم التوقعات. ويشبه هذا المفهوم قانون الحركة الثاني لدى نيوتن Newton الذي ينص على أن أي جسم سيبقى على وضعه الحالي ما لم يتعرض لقوة أخرى. فالقطار السريع المندفع الذي يتحدر عبر تله إلى مجاز مسطّح سيتوقف في النهاية بسبب قوة الاحتكاك التي تُمارس على العجلات وسطح الارتكاز، فضلاً عن مقاومة الرياح والهواء. أما إذا انعدمت قوة الاحتكاك من المجازات أو انعدم الهواء، فسيظل القطار يندفع إلى ما لا نهاية بزخم ثابت.

ولدى بلورة تنبؤ ما، يستخدم صانع القرار مسارًا من مرحلتين. فيستدل على ما سيكون عليه المستقيل قبل الفعل المقترح وبعده. ولا شك في أن هذا الاستدلال لا يشكل علمًا دقيقًا. فالمستقبل غير مؤكد، وقد يخطئ صانع القرار في فرضياته واستنتاجاته. وحتى في التوقعات التي تُجرى بأعلى درجة من الحذر، قد يطرأ تحوّل غير منتظر يؤثّر فيها.

ويمكن استخدام تقنيات مختلفة للتنبؤ، لكل منها مواطن قوة وضعف. وفيما يلي بعض الاعتبارات الهامة المرتبطة بالتنبؤ:

1. البيانات الدقيقة

الواقع أن أي تقنية للتنبؤ لا تكون دقيقة إلا يقدر دقة البيانات المستخدمة في تطوير هذه التقنية وتطبيقها. وتعمد المؤسسات بمعظمها إلى حفظ سجلات رسمية، فيما يتولى الأفراد بمعظمهم الاحتفاظ بسجلات وذكريات دقيقة نسبيًا عن تجاربهم الخاصة. وكلما كانت البيانات أكثر دقة، تعزز مستوى دقة التوقعات.

2. الحدود الزمنية

تشكل عمومًا دقة أي نموذج للتوقع دالة المقياس الزمني المطلوب. وكلما كان المقياس الزمني أطول، ازدادت صعوبة إجراء توقعات دقيقة. وفيما يمر الوقت، يدخل المزيد من المتغيرات إلى المعادلة.

3. التكلفة

يشكل التنبؤ المعقّد والمفصّل مسعىً يتطلب عملاً مكثفًا. وقد يكون توفير كل الموارد المطلوبة مكلفًا للغاية. وفي حال تم توفير عدد أقل من الموارد، قد يتراجع المستوى الشامل لدقة التوقعات.

4. الرؤية

يشكل الحدس والتحيّز عاملي تأثير قويين على تطبيق أي تنبؤ. وقد يكون من الصعب جدًا محوهما بالكامل من المعادلة. وبالتالي، تُعتبر الرؤية ميزة هامة. فمن الضروري أن يحاول مدير المشروع توقع المستقبل وتحديد الأحداث الممكنة التي تقع خارج إطار خبرته. لكن هذه المحاولة تشكل مجالاً صعبًا على وجه الخصوص. فلم تكن الهجمات الإرهابية التي استهدفت نيويورك في الحادي عشر من أيلول / سبتمبر ٢٠٠١ متوقعة على الإطلاق لأنها لم تكن مبنية على أي سلسلة مترابطة منطقيًا من الأحداث. وكانت نيويورك هاربور أوثوريتي New York Harbour Authority (سلطة مرفأ نيويورك، الجهة المالكة لبرجي مركز التجارة العالمية) قد أمّنت على برج واحد فقط لأن احتمال تدمير البرجين في الوقت نفسه كان يعتبر ضئيلاً جدًا بحيث لا يستحق التفكير فيه. لكن ما حدث هو أن البرجين دُمّرا في اليوم المأساوي نفسه، فواجهت هذه السلطة خسارة فادحة.

الحدس والتحيّز

يشكل الحدس والتحيّز محددين أساسيين لمدى نجاح نماذج التنبؤ على مستوى التطبيق والمحصّلات. وفي معظم التطبيقات الفعلية، يدرس صانع القرار نموذج توقعات ثم يصنع القرار استنادًا إلى تحليله الحدسي. وعلى سبيل المثال، تتوافر لقبطان الطائرة عدة أدوات تساعده على أن يحط بالطائرة بنجاح. لكن حدس القبطان وتدريبه يشكلان عنصرين ضروريين عندما يحط بالطائرة فعليًا، لا سيما إذا طرأ خلل بسيط أو تجلت الحاجة إلى إجراء تصويبات في اللحظة الأخيرة.

ويشكل الحدس مزيجًا من الخبرة والتخمين الاستقرائي للمستقبل. هو في الواقع مثال عن التكافل المتشارك ضمن المسار المعرفي. فباستخدام الخبرة، يمكن لصانع القرار أن ينظر في كل البيانات والمعلومات التي تم تخزينها في ذاكرته الطويلة الأمد، كما في المعلومات الخاصة بالتعرّف إلى النموذج المنسقة من الوضع الحالي. بعد ذلك، يمكنه أن يمزج بين الاثنين ويتصور الوضع قدمًا ليقرر المسار الأمثل للتحرك. وغالبًا ما يشمل التخمين الاستقرائي القائم على إسقاط المعلوم على المجهول مجالات واسعة لا تتوافر فيها المعلومات المحددة. فالأمر أشبه بالتفكير منطقيًا في مسار تجاوز فيه الخطوة قدمًا مجموع كل المكوّنات الفردية التي جعلتها ممكنة.

ويمكن للحدس أن يكون إما فرديًا وإما مؤسساتيًا. فالشركات تخزّن وتستخدم الخبرة الجماعية تمامًا كما يفعل الأفراد.

أما التحيّز، فيعني نزعة الشخص أو المجموعة إلى الخطأ في تفسير البيانات أو الملاحظات بسبب الإدراك الذاتي أو المحصّلات المفضّلة. فقد يظن فريق التسويق فعليًا بأن منتج شركته أفضل مما هو عليه في الحقيقة لأن هذا الفريق التزم بيع المنتج على مر وقت طويل. وقد يخطئ المشجعون في المباريات الرياضية في اعتقادهم بأن الفريق الذي يشجعونه أفضل من الفريق الخصم بسبب شعورهم بالولاء والارتباط والرغبة في رؤية فريقهم يثبت صواب حكمهم الأفضل.

المصدر

  • الوحدة الثالثة من كتاب إدارة المشاريع، إدارة مخاطر المشروع – مفهوم المخاطر. تأليف الأستاذ ألكسندر روبرتس والدكتور وليام والاس، جامعة هيريوت وات، كلية إدارة الأعمال، إدنبرة، إسكتلندا، المملكة المتحدة.
  • موسوعة إدارة المشاريع، مركز البحوث والدراسات متعدد التخصصات.
error:
Scroll to Top