إدارة المشاريع وهيكلياتها وخصائصها وفوائدها وتاريخها

مقدمة عن إدارة المشاريع

قطعت إدارة المشاريع شوطًا كبيرًا منذ نشأتها في الهندسة والبناء، وتستخدم في أيامنا هذه في مجموعة واسعة من التطبيقات، كما تعد إحدى أدوات الإدارة العالية القيمة. والواقع أن مراجعة إعلانات العمل الواردة في الصحافة تظهر أن مدراء المشاريع يندرجون ضمن قائمة المستخدمين الأعلى أجرًا، وفي نهاية هذا التمهيد، ستأخذون فكرة حول أسباب إيلائهم هذا التقدير العالي.

ففي عالم يحكمه التغيير المستمر، تتميز المؤسسات القادرة على تحديد حاجتها إلى التغيير وتصميم التغييرات الضرورية وتطبيقها بشكل أكثر فعالية وفاعلية من غيرها، بإمكانية أكبر للاستمرار والازدهار. أما المؤسسات العاجزة عن اتخاذ خطوات مماثلة، فيكون مصيرها الزوال على الأرجح. وقد أسس مركز تطوير وتطبيق الاستراتيجيات في كلية إدنبرة لإدارة الأعمال Edinburgh Business School ليعالج هذه المسائل بالتحديد.

والواقع أن جوهر أعمال هذا المركز يكمن في مجالات أربعة متداخلة بحسب ما تظهره عجلة التركيز الاستراتيجي في الشكل التالي.

إدارة المشاريع - عجلة التركيز الاستراتيجي، أ. روبرتس A. Roberts وماك لين MacLennan 2002.
عجلة التركيز الاستراتيجي، أ. روبرتس A. Roberts وماك لين MacLennan 2002.

تستخدم العجلة لتركيز جهود المؤسسات ومواردها على تأدية أهدافها الاستراتيجية المرادة. وتتسم هذه العجلة بعناصر أربعة وهي:

عناصر عجلة التركيز الاستراتيجي

  • يعني التخطيط الاستراتيجي تحديد الخيارات المتوافرة لمؤسسة ما واختيار تلك الأكثر مناسبة. في حال كان التخطيط الاستراتيجي ضعيفًا لن تتمكن المقدرة التطبيقية الفضلى على الأرجح من التعويض عنه.
  • يشكل النجاح في تطبيق الاستراتيجيات مسارًا لربط الخطة الاستراتيجية المرتفعة المستوى بالنشاطات اليومية الضرورية لتأديتها.
  • توفر إدارة مشاريع التغيير الكمال والسيطرة على التحقيق المادي للاستراتيجية المختارة. وتشير إلى أن إدارة المشاريع تشكل موضوع هذا الكتاب المحوري.
  • تحدد إدارة المخاطر الاستراتيجية جانبية مخاطر المؤسسة وتراقبها وتديرها. والواقع أن التغييرات الكبرى في هذه الجانبية قد تؤدي إلى الحاجة إلى مراجعة أو تغيير العناصر الواردة أعلاه وبوجه خاص إلى ابتكار خطط استراتيجية جديدة. وقد تتأتى التغييرات عن تطبيق استراتيجية جديدة. ولا بد من الإشارة في هذا الإطار إلى أن إدارة المخاطر الاستراتيجية تغطي ثلاث مجالات: المخاطر الاستراتيجية، أي احتمال التواجد في موقف كان منشودًا إنما لم يعد كذلك إذ كان من المفترض تغيير الاستراتيجية؛ ومخاطر التغيير، أي التعامل مع المخاطر المرتبطة بالمشاريع المطلوبة بغية تغيير المؤسسة ودفعها إلى السعي وراء دفع استراتيجي جديد (حيث تشكل إدارة المشاريع أداة لإدارة مخاطر مماثلة). وفي المقام الأخير، المخاطر التشغيلية، التي تغطي المخاطر المتأصلة بالتشغيل اليومي للمؤسسة.

المحتويات

إدارة المشاريع وإدارة التغيير والمخاطر

نشير إلى أننا اخترنا إدارة المشاريع كأداة رئيسة لإدارة التغيير والمخاطر المرتبطة به نظرًا لفائدتها المثبتة في مجموعة واسعة من حالات التغيير. وينطبق هذا الواقع أيضًا على تصميم مبنى جديد وتشييد (تحويل المواد والعمل وغيرها من الموارد إلى مبنى قائم) كما ينطبق على تصميم أنظمة جديدة وتطبيقها (شأن إدارة الموارد البشرية أو الأنظمة المالية). أو حتى على تصميم استراتيجية جديدة لمؤسسة كاملة وتطبيقها فيها.

بيد أن إدارة المشاريع تتخطى من بعيد كونها مجرد مرحلة في دورة التركيز الاستراتيجي، لتضطلع بدور أداة تدير كلا من المراحل الفردية. ومن الناحية التطبيقية، يمكن إدارة مسار التخطيط الاستراتيجي بحد ذاته كمشروع. ويمكن تقسيم المسار إلى سلسلة من العناصر أو رزمات العمل يجدر إنجازها كلها. فعلى سبيل المثال، يشكل التحليل البيئي الخارجي والتحليل البيئي الداخلي رزمتي عمل مختلفتين. ويشكل مجموع الرزمات ما يعرف بهيكلية تفصيل الأعمال، أي وصف للعمل المفترض إتمامه. عندئذِ، يتم تخصيص المسؤوليات للأشخاص الذين سيبدؤون بدورهم بالعمل على كل رزمة، فتتأسس بالتالي علاقات العمل بين الأفراد. وتختصر هذه العملية ببساطة وظيفة هيكلية التفصيل المؤسساتي.

بعد ذلك، تتجلى ضرورة إدراج تنفيذ العناصر ضمن سلسلة ما، ذلك أن إنجاز بعض العناصر يرتهن بإنجاز عناصر أخرى. وفي هذا الإطار، تظهر وظيفة وضع الجداول، وتكتسي تقنية تقييم ومراجعة البرامج ومخططات غانت Gantt طابعًا حرجًا. إضافة إلى ذلك، يمكن لتقنيات إدارة المشاريع أن تغطي عناصر أخرى من المسار وأن تطبق على النجاح في تطبيق الاستراتيجيات وإدارة المخاطر الاستراتيجية.

قطعت إدارة المشاريع طريقًا طويلاً من بداياتها في الهندسة والبناء. وقد غدت ضرورة لا غنى عنها. ففي أيامنا هذه، يعمل مدراء المشاريع في القطاعات كافة ويشغلون كل المناصب ضمن المؤسسات. فعلى سبيل المثال، يعمل بعض المدراء الذين يتقاضون أعلى الأجور في تكنولوجيا المعلومات وفي الخدمات المالية، وهما مجالان يبعدان كل البعد عن أصول إدارة المشاريع المتجذرة في البناء والتشييد.

الأهداف التعليمية

تشكل هذه الوحدة مقدمة للمفاهيم والفلسفات الأساسية الخاصة بإدارة المشاريع. وستتعمق الوحدات التالية في دراسة هذه المجالات بشكل مفصل كما ستتناول أفكارًا إضافية.

في نهاية هذه الوحدة، تكون قد حصلت ما يلي:

  • مفهوم إدارة المشاريع.
  • اختلاف إدارة المشاريع عن الإدارة التقليدية ومختلف الهيكليات المؤسساتية المستخدمة.
  • الفوائد والتحديات المحتملة التي يشتمل عليها استخدام مقاربة إدارة المشاريع.
  • تاريخ إدارة المشاريع وأصولها.

إن المشروع عبارة عن مسار فريد من نوعه ينطوي على نتيجة نهائية أو منتج نهائي. وتشمل الأمثلة مشاريع بناء منزل، واعتماد ممارسات جديدة في الموارد البشرية، وتطوير أنظمة جديدة في تكنولوجيا المعلومات. والجدير بالذكر أنه يصعب إعطاء مثل عن مشروع “نموذجي” لأن تقنيات إدارة المشاريع تطبق الآن على نطاق واسع بحيث يملأ تعداد تطبيقاتها المحتملة كتبًا أكبر من هذا الكتاب. إضافة إلى ذلك، تُكتشف استخدامات جديدة لهذه الممارسات بشكل دائم. ويتمثل أحد أسباب ازدياد شعبية إدارة المشاريع بكونها أداة عملية جدًا يمكن تطبيقها لتحقيق غايات إدارة التغيير. ولا شك في أن المعدل المتزايد لتغيير البيئات التي تعمل المؤسسات فيها يفرض عليها أن تتبدل بشكل منتظم إذا أرادت الاستمرار والحصول على فرصة الازدهار. ومن هنا، ينبثق النمو المستمر للاهتمام بإدارة المشاريع.

إدارة المشاريع وضبط الوقت والتكلفة والجودة

يعني جزء كبير من إدارة المشاريع بتخطيط وضبط المتغيرات الثلاث الأساسية المتعلقة بالمشاريع، أي الوقت والتكلفة والجودة، علمًا بأن هذه المتغيرات مترابطة وأن أي تغيير يطرأ على إحداها يترك في غالب الأحيان أثرًا مهمًا في الأخريين.

بما أن إدارة المشاريع تعني بإدارة التغيير في ظل العوائق التي تفرضها المتغيرات الثلاث الأساسية المتمثلة بالوقت والتكلفة والجودة، فمن المتوقع أن تختلف الهيكليات المؤسساتية لإدارة المشاريع عن الهيكليات المؤسساتية التقليدية التي تم تطويرها لتساعد المدراء على ممارسة عملهم الإداري في بيئات أكثر استقرارًا. فتتم معاينة الهيكليات المؤسساتية الخاصة بإدارة المشاريع ومن ثم مقارنتها بهيكليات مؤسساتية إدارية أكثر تقليدية. والواقع أن المشاريع تتسم بدورة حياة محدودة أي بنقطتي بداية وإنجاز محددتين. مما يعني أنه لا بد لأي فريق عامل على المشروع أو أي هيكلية مؤسساتية موضوعة لإدارة المشروع أن يتسما بدورة حياة محدودة أيضًا.

إدارة المشاريع وتعدد الاختصاصات

إن إدارة المشاريع مهنة فريدة ذات طابع دولي، دولية ومتعددة الاختصاصات. وقد أفضت هذه الميزة إلى تطوير معايير دولية شاملة تخضع لإدارة نوع جديد من المحترفين العاملين بحسب أسلوب مختلف عن المدراء الذين يعملون بطريقة تقليدية. وبعد الانتهاء من دراسة هذه الوحدة، ستتمكن من تحديد هذه الفوارق الأساسية وفهم حسناتها وسيئاتها مقارنة بالمقاربات التقليدية.

تعرض هذه الوحدة أيضًا مراجعة مختصرة لكيفية تطور إدارة المشاريع وانبثاقها من الهيكليات الإدارية التقليدية كرد فعل على التغيير الذي طرأ على الظروف الصناعية والاقتصادية. وقد تمثل التأثير الأهم بالنزعة إلى جعل المشاريع أكبر حجمًا وأكثر تعقيدًا. ونتيجة لذلك، طرأ تبدل فعلي على الشروط الجزائية المفروضة لقاء الفشل على المكافآت لقاء النجاح.

ما هو تعريف المشروع؟

تتمثل الخطوة الأولى على طريق فهم إدارة المشاريع بتعريف ماهية المشروع وذلك من خلال مقارنته بأنظمة الإنتاج الأخرى.

في أي وقت من الأوقات، ستحاول المؤسسات أن تحقق مجموعة واسعة من الغايات والأهداف. مثل بيع السلع والخدمات، أو تحسين العلاقات بالزبائن، أو تحفيز طاقم العمل، أو ابتكار منتجات جديدة. في الواقع لا يمكن إحصاء أنواع الفئات التي تحدد في إطارها الغايات والأهداف. لذلك، ينبغي اعتماد شكل من أشكال أنظمة الإنتاج بغية تحقيق هذه الغايات والأهداف. فيأخذ نظام الإنتاج مدخلات الموارد ويخضعها لعملية تحويل يحولها بدوره إلى المخرجات المبتغاة. فلنأخذ على سبيل المثال مؤسسة تصنيع بسيطة تنطوي مدخلات الموارد فيها على المواد الأولية، واليد العاملة، والتجهيزات، والخدمات وما إلى ذلك. عندئذ، تحول عملية الإنتاج هذه المدخلات إلى مخرجات من سلع وخدمات يشتريها الزبون الهدف. ويبقى نظام الإنتاج العام هذا المرتكز على نموذج المدخلات والتحويل والمخرجات ساريًا أكان المنتج النهائي أو الخدمة النهائية طعامًا موضبًا، أو سيارات، أو تقارير استشارية، أو مبنى جديدًا، أو برامج لتدريب الموظفين، أو أي أمور أخرى.

المشاريع وأنظمة الإنتاج الأخرى

استنادًا إلى وسيلة الإنتاج الأساسية التي تعتمد عليها أنظمة الإنتاج يمكن تصنيف هذه الأنظمة في ثلاث فئات أساسية هي التالية:

  1. الإنتاج بالجملة.
  2. الإنتاج بالدفعة.
  3. إنتاج (غير تكراري) بناء المشاريع.

يقيد شكل المشروع بعض القطاعات الصناعية شأن البناء والدفاع. أما القطاعات الأخرى شأن إنتاج المواد الكيمائية وإنتاج السلع الاستهلاكية، فتستخدم أساسًا وسائل الإنتاج بالدفعة أو الإنتاج بالجملة. إنما، حتى الأعمال التي تعتمد الإنتاج بالدفعة أو الإنتاج بالجملة معيارًا لها، تستخدم المشاريع لإتمام بعض النشاطات. ونغطي هذا المفهوم في مرحلة لاحقة من الوحدة.

الإنتاج بالجملة

تتمحور أنظمة الإنتاج بالجملة حول إنتاج أعداد كبيرة من السلع التكرارية. ويكمن المثال النموذجي في هذا الصدد في خط الإنتاج الخاص بصناعة المركبات. فيعمل المسار بشكل مستمر لأن كل العمليات وأدواتها تندرج ضمن نظام الإنتاج. ولذلك، يعتبر المسار بأكمله وليد أبحاث وعملية دقيقة للتطوير هدفها تشغيل الإنتاج بفاعلية كبيرة. وتتمثل الخصائص الأساسية لنظام مماثل بكونه ذات كثافة رأسمالية وميكانيكيًا للغاية، مما يؤدي إلى تدني الحاجة إلى التدخل أو الضبط الإداري الناشط ما إن يعتمد النظام ويسير بشكل مرضِ. ولا بد من الإشارة إلى أن هذا النظام هو الأكثر ملاءمة لعملية إنتاج وحدات تكرارية واسعة النطاق يتضاءل فيها احتمال تغيير متطلبات الإدخال فيما يبقى طلب المستهلك للمنتج النهائي ثابتًا نسبيًا.

الإنتاج بالدفعة

وبخلاف الإنتاج بالجملة، يستخدم الإنتاج بالدفعة حيث لا يظهر على الأرجح الطلب المستمر والمرتفع على منتج معين وحيث تتجلى الحاجة إلى اعتماد تعديلات من وقت إلى آخر. ويكمن المثال النموذجي عن ذلك في مصنع ورق جدران ينتج كميات كافية من ورق الجدران بأنواع وأنماط مختلفة لتموين منافذ التوزيع كلها على امتداد أشهر. وعند هذه المرحلة، تم توقيف النظام وإعادة تجهيزه وتشكيله وإطلاق المسار من جديد لينتج الدفعة التالية. وتتمثل خصائص نظام الإنتاج بالدفعة بكونه أقل ميكانيكية من الإنتاج بالجملة، وبحاجته الأكبر إلى التدخل والضبط الإداريين. ونتيجة لذلك، تميل أنظمة الإنتاج بالدفعة إلى أن تنتظم حول مجموعات وظيفية. فقد يشتمل مصنع ورق الجدران على قسم مزج الألوان، وقسم المعالجة، وقسم ضبط الجودة، وقسم التوضيب، إلخ. والواقع أن كل قسم يجهز ويشغل الجزء الخاص به بالطريقة نفسها في إنتاج كل دفعة ولكن متطلبات التصنيع الفردية تختلف بعض الشيء.

إنتاج غير تكراري

يستخدم الإنتاج الخاص بالمشروع في إنتاج السلع الفريدة وغير التكرارية. لذلك، لا يتوافر منحنى تعليمي سابق يمكن الاستناد إليه، ما يعني احتمال تطلّب مستويات عالية من تخطيط وضبط الإدارة المعقّدين.

وقت مستقطع (تدريب)

 فكر في: الرزمة الممزوجة، أنظمة الإنتاج بالدفعة وأنظمة الإنتاج بحسب المشاريع.

يكمن أحد الأمثلة في شركة صغيرة تصنع الطلاء لصالح تاجر كبير بالتجزئة، في الوقت الحالي، تصنّع هذه الشركة الطلاء على أساس دفعي، وبعد أن تلقت طلبية من التاجر بالتجزئة، صنعت آلاف اللترات من الطلاء ونقلتها إليه.

ماذا لو وسّع التاجر بالتجزئة أعماله وطلب فجأة كمية أكبر من الطلاء؟ قد ترى شركة تصنيع الطلاء الصغيرة في ذلك فرصة عليها أن تنتهزها وتقرر أن تستثمر في نظام إنتاج جديد بالدفعة من شأنه أن ينتج الطلاء بشكل مستمر (إنما بمعدلات متفاوتة) كي تتمكن من تلبية الطلبات الجديدة المتزايدة التي يقوم بها التاجر بالتجزئة. وتمثل هذه الخطوة انتقالاً استراتيجيًا من الإنتاج بالدفعة إلى الإنتاج بالجملة.

في هذه الحالة، كان نظام الإنتاج الأصلي يستند إلى الإنتاج بالدفعة. ولدى ازدياد الطلب، تم اتخاذ قرار الانتقال إلى الإنتاج بالجملة علمًا بأن هذا القرار يقتضي تنصيب تجهيزات ومسارات جديدة. فتتم إدارة عمليات التصميم والتزويد وتنصيب التجهيزات الجديدة والمسارات المتصلة بها باعتبارها مشروعًا بحد ذاته. عندئذ، تحدد الشركة أو تعين مديرًا – هو في الواقع مدير المشروع – ليتحمل مسؤولية المشروع.

الأسئلة

  • أيمكنك أن تحدد مثلاً آخر عن نظام يتّسم بمراحل أو خصائص الإنتاج بالجملة والإنتاج بالدفعة والإنتاج الخاص بالمشاريع؟
  • ما هو المثل الذي يمكن إعطاؤه عن نظام لا يتّسم إلا بمرحلة المشروع؟

يشكل المشروع أداة لتحقيق تغييرات فريدة ولمرة واحدة. ويمكن تمثيل هذه الفكرة بمشروع بناء منزل عبر تغيير مدخلات مختلف الموارد (القرميد، الإسمنت، اليد العاملة، المهارات، إلخ) الخاصة به. وعندما يصبح المنزل جاهزًا ، يُنجز المشروع. أما المثل الآخر فيندرج في مشروع تدريب لتعزيز مهارات الأشخاص. وفي الحالتين، تكون التغييرات معدة لتبقى دائمة، ما يعني أن هذه الطبيعية الفريدة تشكل الميزة الأكثر بروزًا في المشروع.

إن المشاريع النموذجية الكائنة في المؤسسات التي تسيطر عليها أنظمة الإنتاج بالجملة أو الإنتاج بالدفعة، تستهدف في العادة تحسين وضع المؤسسة التنافسي من خلال تحسين فعاليتها أو فاعليتها. فعلى سبيل المثال، يجدر بالنتيجة النهائية لمشروع تطوير منتج جديد أن تعزز فعالية المبيعات والجهود التسويقية. أما المشاريع المنطوية على تغيير مخطط التصنيع أو غيرها من المنشآت، أو تحسين مهارات الأشخاص، فتفضي إلى ازدياد دائم في الإنتاجية أو فاعلية هذه الموارد.

المشاريع مقابل البرامج

قبل الغوص في ماهية المشروع بشكل مفصل، من المفيد أن نقارن المشروع بالبرنامج. ففي الواقع، غالبًا ما يستخدم مصطلحي “إدارة البرامج” و”إدارة المشاريع” للتعبير عن المعنى نفسه. من الناحية التقنية، يعتبر البرنامج مجموعة من المشاريع القابلة للتحديد تستهدف تحقيق غاية أو هدف ما. ويكون البرنامج بشكل نموذجي أطول من أي مشروع فردي فيه. والواقع أن بعض البرامج قد لا تتسم بمهلة نهائية محددة، لذا تراها تبقى سائرة حتى يتخذ قرار بإيقافها أو استبدالها. وتذكر على سبيل المثال برنامجًا حكوميًا لخفض التلوث البيئي. فعلى مر السنين، لا بد من إطلاق وإنجاز وتقييم عدة مشاريع تتعلم الحكومة منها لتطلق مشاريع جديدة. وتستمر هذه الممارسة إلى أن يتم تحقيق غايات وأهداف الحكومة التي تعمل على كل من المشاريع برعاية برنامج خفض التلوث. ويكمن المثال الآخر في برنامج تحسين خدمة الزبائن الذي يشتمل بدوره على مشاريع متعددة.

خصائص المشروع

يمكن تعريف المشروع بوجه عام استنادًا إلى خصائصه التي تنطوي على ما يلي:

الأهداف والوسائل

  • إنه يشتمل على غاية أو سلعة أو نتيجة فريدة ومحددة. يكمن المثل عن هذه الخاصة في مشروع يهدف إلى إصلاح ضرر في إحدى الطائرات ناجم عن هبوط غير سليم. فما أن يتم إصلاح الضرر حتى ينجز المشروع.
  • إنه يتسم بأهداف أو قيود من حيث حـدود التكلفة، والجدول الزمني، والأداء. لنأخذ مثالاً عن المهلة الزمنية المحدودة. فقد تحتاج الطائرة المتضررة من الحادث إلى الإصلاح في خلال إطار زمني معين وإلا قد تخسير ساعات عدة من جدول رحلاتها. لذا يجب إتمام عملية الإصلاح ضمن الإطار الزمني المحدد إذا توافرت الفرصة لذلك.
  • إنه يستخدم مهارات ومواهب من مهن ومؤسسات متعددة. غالبًا ما تشتمل المشاريع على تكنولوجيا متقدمة وتعتمد على التكافل بين المهمات التي من شأنها التسبب بمشاكل جديدة وفريدة. وتتراوح متطلبات المهام والمهارات من مشروع إلى آخر. فإصلاح أي ضرر في طائرة معينة قد يتطلب تدخل المهندسين الميكانيكيين، ومهندسي الطيران، ومدققي السلامة، وممثلين من شركة تصنيع الطائرات. فيعمل هؤلاء الأشخاص معًا على إصلاح الضرر ضمن فريق متعدد الاختصاصات.

الميزات الخاصة

  • إنه فريد، إن المشروع بوجه عام عبارة عن نشاط فريد ووحيد لا يتكرر أبدا كما هو. وبشكل عام، تكون قطعة الضرر الناتج فريدة فيما يتوقف مدى الضرر على ما سبّبه، وحيث سبّبه، وكيف سبّبه وسرعة تسبّبه.
  • إنه غير مألوف إلى حد ما. قد يشتمل على تكنولوجيا جديدة ويضم بالتالي عناصر ارتياب ومخاطرة مهمة. ومن المحتمل أن يعرّض فشل المشروع المؤسسة أو غاياتها للخطر.
  • إنه نشاط مؤقت. يتم تنفيذ المشروع بغية إنجاز غاية معينة في خلال فترة زمنية محددة وما أن يتم تحقيقها حتى يتوقف المشروع. وينطبق هذا الواقع على الهيكلية المؤسساتية التي أُسست لتسليم المشروع. وما إن تتم عملية إصلاح الطائرة، يعود فريق الصيانة إلى المباني الطرفية. وعندئذ، إما يبقى في الخدمة الفعلية وإما يعود إلى المنزل. وعندما تتجلى الحاجة إلى هذا الفريق في المرة المقبلة، قد يتألف من أشخاص مختلفين يعملون على طائرة مختلفة وفي ظل ظروف مختلفة.

المسار والارتباط

  • إنه جزء من مسار معني بالعمل على تحقيق غاية. في خلال المسار، يمر المشروع بمراحل عدة منفصلة شأن النتيجة، والمهمات، والأشخاص، والهيكلية المؤسساتية. فتتغير الموارد فيما ينتقل المشروع من مرحلة إلى أخرى. وعادةً ما تتسم المشاريع بنقطتي بداية ونهاية واضحتين. ففي حالة إصلاح الطائرة، لا بد من معاينتها، وتقييم الضرر، وإيجاد حل، وتطبيقه، وصقل الإصلاح واختباره.
  • إنه جزء من مسارات مترابطة. قلما تطبق المشاريع بشكل منفصل. ففي العادة، يجمع رابط معين بين مختلف المشاريع التي تعمل المؤسسات عليها.
  • إنه في العادة ذات أهمية ثانوية في المؤسسة. لا تشكل المشاريع عمومًا الهدف الأساسي للمؤسسة. وتتوافر استثناءات لهذه القاعدة تتمثل بالمؤسسات والشركات المعنية بالأبحاث وبالتنمية التي تأسست لتتولى مهمة تخطيط وتنفيذ مشروع واحد فقط. بوجه عام، تعنى المؤسسة بالأهداف الوظيفية المحددة، فيأتي المشروع في المرتبة التالية.
  • إنه معقد نسبيًا. تشمل المشاريع الفرق المتعددة الاختصاصات وتتسم بغايات وأهداف محددة. لذا، من وجهة نظر المؤسسة، تميل المشاريع إلى أن تكون معقدة بعض الشيء مقارنة بالمسارات المعيارية الوظيفية المسيّرة في المؤسسة.

وقت مستقطع (تدريب)

فكر في: خصائص المشروع لدى تنصيب خادم Server جديد لجهاز حاسوب.

يشكل تنصيب خادم جديد في أحد المكاتب لتلبية المتطلبات التي تفرضها تكنولوجيا المعلومات، مثلاً عن مشروع لأنه يشمل غاية فريدة قابلة للتحديد تكمن في تجهيز المكتب بشبكة معلوماتية جديدة. والواقع أن هذا المشروع يستغل مهارات عدد من الأشخاص، بدءا من مستخدمي أجهزة الكمبيوتر الأفراد في الشركة وصولا إلى اختصاصيين خارجيين من مستشارين في تكنولوجيا المعلومات. وهكذا إذًا، يعنى أشخاص مختلفون بكتابة البرمجيات، وتركيب تجهيزات الكمبيوتر، وتنصيب النظام، واختباره واعتماده. وكما هي حال مشاريع أخرى عدة، يتسم الفريق بكونه متعدد الاختصاصات.

أما تنصيب الخادم واعتماده فيندرج في إطار مسار حصري لمستشاري تكنولوجيا المعلومات، ما يعني أن كل مكتب يختلف عن غيره وأن متطلبات كل زبون تبقى خاصة به، ومن هنا يبقى المشروع غير مألوف دائمًا لأن السوق تشهد في أي وقت ظهور تجهيزات وبرمجيات جديدة من شأنها أن تؤدي إلى تغيير مستمر يطال متطلبات النظام.

تجدر الإشارة إلى أن فريق التنصيب مؤقت أيضًا، فأعضاؤه يعملون معًا على تنصيب الخادم. وما إن تتم عملية التنصيب ويفوَّض النظام حتى يحل الفريق وينتقل الأفراد إلى العمل على مشاريع تنصيب أخرى أو يعودون إلى تأدية أدوارهم الوظيفية المعيارية. وقد تكون عملية التنصيب مترابطة فيما بينها أي أنها تسير بشكل متزامن مع تجديد تجهيزات الكمبيوتر وبرمجياته. والواقع أن أغلبية المدراء في قسم تكنولوجيا المعلومات يغتنمون فرصة تجديد الخادم لينفذوا أعمال تحسين أخرى على الشبكة المعلوماتية شأن استبدال أجهزة الكمبيوتر أو تجديد البرمجيات.

الأسئلة

  • أين يستحيل اعتبار تنصيب خادم جديد مشروعًا؟
  • كيف يمكن تنسيق أهداف المشروع (تنصيب خادم جديد لجهاز الكمبيوتر) بدقة مع الأهداف المؤسساتية (تجديد البرمجيات وتجهيزات جهاز الكمبيوتر)؟

استنادًا إلى خصائص المشروع التي تم تسليط الضوء عليها أعلاه، من الواضح أن المشاريع تتطلب نوعًا فريدًا من الإدارة. وهكذا، تطور مفهوم إدارة المشاريع كي يخطط وينسّق ويضبط ما ينطوي عليه المشروع من نشاطات معقدة ومتعددة ومختلفة في الغالب.

حتى فترة وجيزة، ساد اعتقاد بأن المشاريع وإدارة المشاريع تنحصر في قطاعي البناء والهندسة. أما اليوم فتطبق إدارة المشاريع في القطاعات كافة. وفي الواقع، تتبنى المؤسسات العاملة في القطاع المصرفي برنامجًا يشمل مشاريع مترابطة شأنها شأن مؤسسة تعمل على بناء محطات الطاقة. كما أن المسؤولين عن توظيف أفراد لمناصب إدارة المشاريع قد يبحثون عن اختصاصيين في تكنولوجيا المعلومات بدلاً من المهندسين. ويعزى الرواج المتزايد الذي تشهده أدوات وتقنيات إدارة المشاريع جزئيًا إلى تطوير أدوات إدارة مشاريع سهلة الاستخدام مرتكزة على الكمبيوتر.

مهارات مدراء المشاريع

تشكل إدارة المشاريع بجوهرها الإدارة العامة لإحدى المؤسسات. لذا تتطلب تطبيقًا فعالاً لطيف واسع من مهارات إدارة المشاريع العامة بغية تحقيق الغايات المبتغاة. والجدير بالذكر أن المهارات التي يستخدمها المدراء التنفيذيون الكبار يوميًا في إدارة المؤسسات تتساوى من حيث أهميتها بالنسبة إلى إدارة المشاريع وتشمل:

  • الوعي المالي.
  • التقدير التسويقي.
  • المعرفة التقنية.
  • مهارات التخطيط.
  • الوعي الاستراتيجي.
  • إدارة الجودة.

تغطي إدارة المشاريع المجموعة الكاملة من مجالات الإدارة الوظيفية التي تتطلّب في الغالب مهارات أساسية من شأنها أن تؤمن نجاح كل مشروع.

تشكلت المؤسسة التقليدية في أرجاء العالم كافة تقريبًا استنادًا إلى تسلسلية هرمية تنطوي على علاقات عمودية تربط بين المدير والمرؤوس والأقسام على امتداد الخطوط الوظيفية والجغرافية وخطوط المنتج. وتنبع السلطة والبلاغات الرسمية من الأعلى إلى الأدنى. وتميل الأقسام إلى أن تكون متخصصة للغاية وتعمل بشكل مستقل. والواقع أن المؤسسات التقليدية تصبح فاعلة فيما تؤديه وتلائم إلى حد بعيد البيئة المستقرة. وبما أن صلابتها معتدلة، فهي لا تتناسب والبيئات غير المستقرة والديناميكية التي تطبع أوضاع المشاريع.

الفرق العاملة على المشاريع

تتشكل الفرق العاملة على المشاريع لتتعهّد تنفيذ المشاريع على مختلف أنواعها. وقد تتعامل مع مشاريع فريدة تخصَّص الموارد كلها فيها لتحقيق هدف مشروع محدد أو قد تتحمل مسؤولية مشاريع متعددة يفترض إدارة مواردها عبرها.

تتخذ المشاريع أحجامًا مختلفة تتراوح بين مشاريع كبرى متعددة الجنسيات شأن بناء نفق المانش Channel Tunnel الذي يربط المملكة المتحدة بفرنسا. وتتطلب بالتالي ملايين الساعات من العمل لإنجازها، ومشاريع أكثر بساطة شأن تنظيم حدث اجتماعي أو جريدة شركة.

قد تكون المشاريع خارجية بحيث إنها تنفذ لحساب زبون خارج المؤسسة. وتحدد هذه المشاريع عادة بموجب عقد ملزم وتشكل مصدر دخل أساسي للمؤسسة. وتكون المشاريع داخلية عندما توضع بوجه عام لتحسين عمليات سير المؤسسة. عندئذ، يكون الزبون راعيًا داخليًا للمشروع.

في النهاية، تنفذ المشاريع لتسليم التجهيزات أو البرمجيات. فتولّد مشاريع التجهيزات نتيجة مادية ملموسة شأن بناء جديد. أما مشاريع البرمجيات فتولد نتيجة نهائية تتمثل بنظام أو مسار وليس بسلعة مادية. ويشكل اعتماد نظام تشغيلي أو إداري جديد في أحد المكاتب مثلاً يبلور هذه الفكرة.

تعريف إدارة المشاريع

يعالج هذا القسم إدارة المشاريع كاختصاص، ويطوّر تقديرًا لكيفية توافر عملية إدارة المشاريع بشكليها الداخلي والخارجي الأساسيين.

بما أننا تناولنا خصائص المشروع أعلاه، بات من الممكن الآن أن نضع تعريفًا لإدارة المشاريع. وبما أن اختصاص إدارة المشاريع يعد جديدًا نسبيًا، فليس من الغريب أن نقع على تعريفات كثيرة له.

إليك مثالان نموذجيان عنها:

  • إنه مسار لتخطيط وتنفيذ العمل من بدايته حتى إنجازه، يرمي إلى تحقيق الأهداف بشكل آمن في الوقت المحدد، وضمن حدود التكلفة المعينة، وبحسب معايير الجودة المعروفة.
  • إنه عملية لتنظيم وتخطيط وإدارة وتنسيق وضبط موارد المشروع كافة من بدايته حتى إنجازه، غايته التوصل إلى تحقيق أهداف المشروع في الوقت المحدد، وضمن حدود التكلفة المعينة، وبحسب معايير الجودة المطلوبة.

يجمع معظم المؤلفين على أن إدارة المشاريع تنطوي على عملية تحقيق غايات الوقت والتكلفة والجودة ضمن إطار متطلبات الزبون التكتيكية والاستراتيجية من خلال استثمار موارد المشروع. ويظهر أيضًا توافق عام يقر بأن إدارة المشاريع تعني بدورة حياة المشروع المتمثلة بـ تخطيط وضبط المشروع من بدايته حتى إنجازه. وتعتبر موارد المشروع، موارد مخصصة كليًا أو جزئيًا للمشروع يتحكم بها مدير المشروع وحده. والجدير بالذكر أنها تخصص لوقت معين وتستثمر في العادة ضمن الهيكليات الوظيفية المعيارية التي تتألف منها المؤسسة.

تخطيط الوقت والتكلفة والجودة

في الواقع، تعنى تقنيات التخطيط والضبط التقليدية بتخطيط وضبط الوقت، والتكلفة، والجودة. إلا أن المقاربات التقليدية تعتبرها في غالب الأحيان كيانات منفصلة تخضع للتخطيط والمراقبة باستخدام أنظمة مختلفة. فعلى سبيل المثال، لا يرتبط نظاما تخطيط التكلفة ووضع التقارير التقليديان بشكل مباشر بأنظمة جدولة الموارد الملائمة. إضافة إلى ذلك، أوكلت مهمة وضع التقارير إلى مستشارين مختلفين يتحملون مسؤولية مختلف أوجه تسليم المشروع. ومن هنا، تسعى إدارة المشاريع إلى معالجة هذه المشاكل من خلال إخضاع المجالات الفردية لضبط مدير المشروع. أما نشاطات المراقبة ووضع التقارير فموزعة على مختلف الاختصاصيين المتسمين بوجهات نظر مختلفة ومتضاربة في الغالب من شأنها أن تولد الارتباك بين المسؤولين عن تسليم المشروع.

يشتمل الوجه الآخر لإدارة المشاريع على اختيار الموقع الأفضل بالنسبة إلى معايير النجاح. ويظهر هذا المفهوم على شكل رسم تخطيطي كما يلي:

شكل 1.1: سلسة الجودة - الوقت - التكلفة النموذجية الخاصة بإدارة المشاريع
شكل 1.1: سلسة الجودة – الوقت – التكلفة النموذجية الخاصة بإدارة المشاريع

عمومًا، يمكن تصوير أوجه الوقت والتكلفة والجودة في سلسلة ثلاثية الاتجاه. فعلى سبيل المثال، يمثل الموقع خيارًا متدني الجودة والوقت والتكلفة. وقد يكون هذا الخيار معيار نجاح المشروع المفضل الذي فرضه الزبون في بداية المشروع. ومع تقدم المشروع، قد يرغب الزبون في زيادة الجودة ريما بسبب التأخيرات الناتجة من الأعمال التي تشوبها العيوب أو من التصميم الفاشل. ويمكن بلوغ هذه الغاية من خلال طرائق عدة. فمن الممكن تخصيص وقت أطول للتصميم، ما يرفع التكاليف؛ أو يمكن استثمار المزيد من الموارد، ما يولد ارتفاعًا في التكاليف مع المحافظة على الجدول الزمني.

علاقة الجودة بالتكلفة والوقت

والواقع أن صلة ما ستظل تربط الجودة بالتكلفة والجودة بالوقت. لذا، من شأن أي تغيير في موقع المشروع على محور الجودة أن يفضي إلى تغيير في موقعه على محوري التكلفة والوقت. ولا بد للنقطة التي تمثل معيار نجاح المشروع أن تتحرك على طول المحاور الثلاثة بشكل متناسق وليس على طول محور واحد فقط. في الشكل أعلاه تؤدي الزيادة المطلوبة في الجودة إلى زيادة في الوقت المطلوب وفي التكلفة العامة. وتظهر هذه الخطوة في الحركة الانتقالية من أ إلى ب.

إذا خص أحد المشاريع التكلفة بمرتبة الأولوية – مثلاً تشييد بناء بسعر ثابت – تحتل الأهداف المتعلقة بالتكلفة الأسبقية بالنسبة إلى الأهداف المرتبطة بالجودة وبالوقت. لذا من المهم أن يتم تحديد موقع الأولوية بين التكلفة والجودة والوقت بالإضافة إلى مكانة كل عنصر بالنسبة إلى العناصر الأخرى. والجدير بالذكر أنه من شأن خطوة مماثلة أن تسهل وتسرع عملية اتخاذ القرارات الصعبة المطلوبة في خضم الضغط الذي تمارسه مرحلة تنفيذ المشروع.

نتجت الحاجة إلى إجراءات التخطيط والضبط المدمجة التي يرافقها نجاح إدارة المشاريع، من طبيعة المشاريع الصناعية المتغيرة على مر السنوات الخمسين الماضية. وبوجه عام، اكتست الصناعة، في خضم تطورها، طابعًا أكثر تعقيدًا تمامًا كالمسارات التكنولوجية. وقد ترافق هذا الواقع مع إجراءات مؤسساتية وإدارية معقدة أكثر فأكثر. وتميل الوسائل التكنولوجية والمسارات المؤسساتية شأن النبات والحيوانات، إلى أن تتطور مع الوقت لتصبح هيكليات معقدة أكثر فأكثر.

وقد عزز معدل التطور التكنولوجي السريع هذه المفاعيل. وبما أن التكنولوجيا رهن بالاختراعات الإنسانية، تراها تتطور بالسرعة نفسها التي يعمل بها الفكر البشري. وهي لا تقتصر على التطور الفيزيولوجي وعلى التفاعلات والتطورات الماورائية التي تتطلب معدلاً محدودًا من التطور.  فقد شهد العالم تطورًا مذهلا في الاختراعات التكنولوجية وتعزيزًا لاستخدام الوسائل التكنولوجية المتطورة. والواقع أن التعقيد التكنولوجي المتزايد يفرض اللجوء إلى الدعم المعقد والإدارة والتقنيات المؤسساتية وتقنيات الضبط.

التطور في خطوط متوازية

مع ازدياد المجتمعات تعقيدًا وتطورًا، أصبحت الروابط وعلاقات الترابط القائمة بين مختلف أقسام الصناعة والتجارة أكثر وضوحًا. فما شهده أحد القطاعات من توسع وتطور ينتج طلبًا للتوسع والتطور مواز لهما في القطاعات الأخرى. فعلى سبيل المثال، يولّد التوسع في القطاع التجاري طلبًا للتوسع في قطاع الاتصالات بما أن التجارة تعتمد على الاتصالات.

الواقع أن هذا الازدياد في التعقيد وفي الأهداف المتعددة شكل القوة المحركة الكامنة خلف تطوير إدارة المشاريع. فيهتم مدير المشروع بمتغيرات الوقت والتكلفة والجودة ولكنه يفترض به أيضًا أن يتمكن من النظر إليها ضمن إطار النظام التشغيلي ككل. حاليًا، تكتسي المشاريع أحجامًا وأشكالاً مختلفة، بدءًا بمشاريع البناء ذات نفقات عالية وصولاً إلى مشاريع إدارة التغيير الثقافي ذات التكلفة المتدنية المسيرة داخل الشركات. كذلك، فهي تتّسم بمختلف درجات التعقيد، من إطلاق مهمة في الفضاء إلى تصميم وطباعة صحيفة الشركة، ومرورًا بكل المشاريع التي تتطلب التزامًا بعدد كبير من الموارد وتطبيق مدير المشروع مجموعة واسعة ومتنوعة من المهارات.

إذًا، تعنى إدارة المشاريع بوضع مختلف معايير النجاح والفشل لمشروع معين، ثم بتنظيم وتسيير المشروع نفسه كوحدة فردية مع الحرص على أن يحترم معايير النجاح كافة. ويشتمل هذا المسار على تشكيل وإدارة فريق عامل على المشروع يتألف من عدد من الأفراد باختصاصات مختلفة. فيجدر بمدير المشروع أن يدمج مجموعة الأفراد تلك لتشكل فريقًا وأن يحمل هذا الفريق على القيام بأداء ناجح. ولا بد من الإشارة في هذا السياق إلى أن الفريق نفسه شأن المشروع لن يستمر لفترة طويلة. فما أن ينجر المشروع حتى يتم حل الفريق على الأرجح أو نقله إلى المشروع التالي.

وقت مستقطع (تدريب)

فكر في: تطوير هيكلية نظام معقدة والحاجة الناتجة منها إلى أنظمة هواتف ترتكز على إدارة المشاريع الفعالة.

منذ أربعين سنة، اشتملت أنظمة الهواتف على شبكة وطنية من التبادلات متصلة بواسطة أسلاك وصل معدنية. والواقع أن هذا النظام ارتكز على شبكات الهواتف التي طورت للمرة الأولى في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وآنذاك، كان عمال الهوائف يشغلون هذه التبادلات فيحولون المكالمات الهاتفية يدويًا. ومع تطور المجتمع وازدياد المتطلبات الصناعية والتجارية، دخل نظام الهاتف مسار التقدم مكرهًا.

والجدير بالذكر أن هذا التقدم ترافق إلى حد ما مع تطور التكنولوجيا الجديدة الذي طال الاتصال اللاسلكي وغيره من وسائل التواصل. وقد ظهرت أجهزة الهواتف التجارية اللاسلكية في الستينات من القرن العشرين وتبعتها شبكات هائلة نحوي تبادلات إلكترونية. أما الأجهزة النقالة الأولى فظهرت في الثمانينات من القرن العشرين مع أنها كانت تتطلب آنذاك بطاريات كبيرة.

التطور التكنولوجي وتأثيره

اليوم، تتوافر خيارات كثيرة من الاتصالات السلكية واللاسلكية. ولا يزال المستخدمون يستعملون أنظمة الاتصال بالكيبلات. إلا أن هذه الكيبلات باتت أليافًا بصرية ذات مقدرة عالية بدلاً من الوصلات المعدنية. والواقع أن الاتصالات الهاتفية اللاسلكية تزايدت في حين أن الاتصالات الدولية لا تزال تتم عبر الأقمار الصناعية. ويمتلك أغلبية الأشخاص في البلدان المتطورة الآن هواتف نقالة تشغلها سلسلة من شبكات الخلوي المتنافسة. كذلك، يشهد العالم حروبًا وعمليات استيلاء تجارية واسعة النطاق تضم شركات هوائف كبرى، فغدت الأطراف الأساسية فيها شركات ضخمة. وهكذا، أصبح نظام الهاتف كله أكثر تعقيدًا من النظام السائد في الستينات من القرن العشرين. كما بات أكثر قوة ومرونة منه.

لا بد من الإشارة إلى أن هذه التغييرات المذهلة كلها تعتمد على السوق. وقد استثمرت الشركات فيها لأن الفوائد المحتملة منها قابلة للإثبات. إلا أن قوى التغيير المرتكزة على السوق تفرض تغييرًا يطال عددًا من أهداف الجودة والتكلفة والوقت. فيرغب المستخدمون في أجهزة هاتف أفضل جودة وبأسعار مقبولة ومسلمة إليهم بسرعة أكبر من المنافس. ولا شك في أن هذه العملية تولد بدورها الحاجة إلى ممارسة متقدمة في إدارة المشاريع في سوقي الهاتف والاتصالات. أما اليوم، فيبقى العضو الأبرز والفريد في جمعية إدارة المشاريع هو تكنولوجيا المعلومات لا سيما أن الشركات المعنية بشبكات وتجهيزات الهواتف باتت تستخدم بعضًا من تقنيات إدارة المشاريع الأكثر تقدمًا في العالم.

هيكليات إدارة المشاريع الأساسية

بالرغم من توافر هيكليات مؤسساتية كثيرة تنبثق في العادة عن خصائص معينة تطبع المشروع شأن حجمه ومدى تعقيده، يمكننا أن نقوم بتمييز مفيد بين هيكليات إدارة المشاريع الداخلية والخارجية.

إدارة المشاريع الداخلية

 يتمثل الشكل الأكثر شيوعًا لإدارة المشاريع بتشكيل فريق يعمل على مشروع ضمن هيكلية مؤسساتية قائمة. ويعرف هذا الشكل بإدارة المشاريع الداخلية أو إدارة المشاريع غير التنفيذية. وتشير إلى أننا نعالج مختلف الأشكال المؤسساتية لإدارة المشاريع بالتفصيل في الوحدة الخامسة. أما هذا القسم فيعنى بعرض مقدمة لفكرة الفرق العاملة على المشاريع التي تشتغل ضمن الوحدات الوظيفية، مستبقاً بالتالي النقاش الأساسي الذي تتناوله تلك الوحدة.

تنتظم معظم المؤسسات حول مجموعات وظيفية تتخصص بمجالات معينة. أما الهيكلية المثلى فتشمل أقسامًا منفصلة شأن المبيعات والتسويق، والمالية والمحاسبة، والعمليات. ويقدم كل قسم أو كل مجموعة مساهمات متخصصة للوحدة ككل. الشكل التالي يعرض هيكلية وظيفية نموذجية علمًا بأن هذه الهيكلية قد تتوافر في المؤسسات الوظيفية الكبرى شأن الجامعات والدوائر الحكومية والسلطات المحلية والشركات الضخمة والمؤسسة العسكرية.

شكل 1.2: ترتيب وظيفي نموذجي. ملاحظة : تم حذف بعض الأقسام توخيًا للتوضيح
شكل 1.2: ترتيب وظيفي نموذجي. ملاحظة : تم حذف بعض الأقسام توخيًا للتوضيح

سيئات هيكلية الأقسام المنفصلة

تكمن سيئات هذه الهيكلية في ميل الأشخاص إلى الانقسام والعمل بصرامة على مهمات وظيفية. ومن أجل تحقيق استثمار فعال للموارد يمكن تشكيل الفرق العاملة على المشاريع، متخطية هذه الحدود الوظيفية. ويعرض فريقًا مثاليًا يعمل على المشروع عبر الحدود الوظيفية. (يظهر الرسم البياني أدناه فريق عمل نموذجي يُعني بمشاريع الحدود الوظيفية).

في هذه الهيكلية، يأخذ مدير المدير المشروع (أو يخصص) أفرادًا من وحداتهم الوظيفية العادية ويعيد تعيينهم في مشروع أو أكثر. عندئذِ، يضطر كل شخص لتحمل مسؤوليات وظيفية وأخرى متعلقة بالمشروع.

شكل 1.3: فريق عامل على المشروع نموذجي يعمل عبر الحدود الوظيفية - ملاحظة: تم حذف بعض الأقسام توخيًا للتوضيح
شكل 1.3: فريق عامل على المشروع نموذجي يعمل عبر الحدود الوظيفية – ملاحظة: تم حذف بعض الأقسام توخيًا للتوضيح

ولبلورة هذه الفكرة، نأخذ مثل اختصاصي في تكنولوجيا المعلومات يعمل على مشروع يهدف إلى الحرص على تطبيق المعايير المتعارف عليها في أنظمة تكنولوجيا المعلومات في المؤسسة كلها. وقد يعمل الاختصاصي في قسم تكنولوجيا المعلومات أساسًا، لكنه يتحمل لمدة معينة مسؤولية العمل مع المدير المعني بتطبيق المعايير ليتأكد من تغطية الأنظمة كلها في خلال الفترة الزمنية المتوافرة له.

تقدم المشاريع التي تسير بحسب الهيكليات الوظيفية مرونة عالية في استثمار الموارد البشرية. فيستخدم الطاقم العامل أساسًا ليؤدي مهمة وظيفية، للعمل مؤقتًا على مشروع يتطلب خبرته الخاصة. إضافة إلى ذلك، يمكن توظيف الخبراء الفرديين بشكل فعال في عدد من المشاريع. ومن شأن توافر قاعدة الخبرة الواسعة في أحد الأقسام الوظيفية أن يسهل استخدامها في مشاريع مختلفة بسهولة نسبية. ويتميز النظام الداخلي أيضًا بإمكان بناء المعرفة المتخصصة بسهولة وبالتالي مشاركتها ضمن الوحدة الوظيفية. فيتم الحفاظ على استمرارية الخبرة والإجراءات والإدارة ضمن الوظيفة بالرغم من وقوع أي تغييرات في طاقم العمل.

إن خصائص النظام الأساسية هي التالية:

  • يتحمل شخص واحد معين، وهو مدير المشروع، مسؤولية إدارة تنظيم المشروع.
  • يعمل مدير المشروع بشكل مستقل (إلى حد ما) وخارج هيكلية السلطة الوظيفية العادية.
  • يتميز مدير المشروع بسلطة على الموارد المشتركة (موارد وظيفية وموارد المشروع) مساوية لتلك التي يمتلكها المدراء الوظيفيون.
  • يؤدي مدير المشروع دور القائد الوحيد الذي يجمع جهود مختلف الموارد الوظيفية وموارد المشروع بغية تحقيق أهداف المشروع.
  • تتطلب المشاريع عامة عددًا من الاختصاصيين في مجالات مختلفة يعملون معًا. ومن هنا، يسير العمل في أغلب الأحيان على أيدي مجموعة مختلفة من الاختصاصيين الوظيفيين الذين يعملون ضمن مجموعة متعددة الاختصاصات وبقيادة مدير المشروع.
  • تقع على عاتق مدير المشروع مسؤولية دمج المجموعة المتعددة الاختصاصات في الفريق العامل على المشروع المتعدد الاختصاصات.
  • ينبغي أن يتفاوض مدير المشروع مع المدراء الوظيفيين الفرديين حول استثمار الموارد الوظيفية – موارد المشروع المشتركة. ففي الواقع، تبقى الموارد الوظيفية تحت سيطرة المدير الوظيفي المباشرة.
  • يركّز المشروع على تحقيق أهدافه المرتبطة بالوقت والتكلفة والجودة. ويجدر بالمدراء الوظيفيين أن يشددوا على التمسك بمجموعة مستمرة من الموارد الوظيفية التي تدعم غايات المؤسسة الأساسية. ونتيجة لذلك، قد ينشأ نزاع محتمل بين المدراء الوظيفيين ومدراء المشروع حول الموارد المشتركة. ويتمحور سبب الخلاف الأساسي حول نوعية الموظفين وفترة عملهم.
  • قد يخضع المشروع لخطين من السلطة ولا سيما سلطة مدير المشروع وسلطة المدير الوظيفي المعني به.
  • يتشارك أفراد الفريق العامل على المشاريع وأعضاء الوحدات الوظيفية فيما بينهم صنع القرارات والمساءلة والمحصلات والمكافآت.
  • تعتبر هيكلية المشروع مؤقتة وتدوم فقط حتى إنجاز المشروع. أما الوحدات الوظيفية فتكون بوجه عام دائمة. وما إن ينتهي المشروع حتى يعود أفراد الفريق العامل على المشروع إلى وحداتهم الوظيفية الخاصة.
  • قد تنشأ المشاريع من مستويات مختلفة في المؤسسة. فقد يطلق قسم التسويق مشروعًا لتطوير أحد المنتجات فيما يطلق قسم تكنولوجيا المعلومات مشروعا لتجديد الأنظمة المعلوماتية.
  • بوجه عام، تتطلب هيكليات المشروع مساعدة وظائف الدعم المعيارية شأن الموارد البشرية، والمالية، وتكنولوجيا المعلومات. فهي لا تشتغل كأقسام مكتفية بذاتها.

فاعلية سلسلة القيادة

بما أن المشاريع تشمل جهود مختلف الوحدات من داخل المؤسسة وخارجها، يغدو الاتكال على سلسلة القيادة الوظيفية الخاصة بالسلطة والتواصل غير فعّال، فيتسبب بانقطاع العمل وتأخيره. ولا بد من الإشارة إلى أن إتمام المهمة بشكل فعّال يفرض على المدراء والعمال في مختلف الوحدات والمستويات أن يتشاركوا معًا. حتى في المؤسسات التقليدية، تقدم خطوط السلطة غير الرسمية على تجاوز خطوط السلطة الرسمية بتخطيها القواعد والإجراءات الرسمية لإنهاء العمل بفعالية أكبر.

ففي المؤسسات المعنية بتنفيذ المشاريع، يتم الاعتراف بميزات هذه الخطوط غير الرسمية وإعطائها طابعًا رسميًا من خلال ابتكار تدرج أفقي يعزز التدرج العمودي. وتخوّل هذه المؤسسة الهجينة الأشخاص من مختلف المجالات الوظيفية أن يشكلوا فرقًا عاملة على المشاريع مدمجة للغاية.

وقت مستقطع (تدريب)

فكر في: استخدام الاختصاصات الوظيفية الجامعية المتوافرة لتطوير مقرر جديد في إدارة مشاريع الموارد البحرية.

قد تقدم الجامعة مقررًا تعليميًا في إدارة الموارد البحرية وآخر في إدارة المشاريع، وقد يجد الباحثون الجامعيون في متطلبات السوق ازدياد الطلب على مقرر جديد يمزج بين المقررين المتوافرين ويحمل عنوان إدارة مشاريع الموارد البحرية. ومن المحتمل إذًا أن يعمل قسم إدارة المشاريع بالتعاون مع قسم الهندسة البحرية ليضعا المقرر الجديد. عندئذ، يشغل رئيسا القسمين منصب مديرين وظيفيين، ويؤدي أساتذة متخصصون من القسمين دور أفراد الفريق العامل على المشروع. أما مدير المشروع فهو قائد المقرر الجديد ويخضع مباشرة لإدارة الجامعة العليا وربما لمجلس إدارة الجامعة.

يتحمل تكاليف الطاقم العامل، مركز التكلفة الخاص بالمشروع. فتقع تكاليف أوقات العمل المخصصة للأقسام الوظيفية على عاتق مركز التكاليف الوظيفي.

ما إن يطلق النظام، حتى يشتغل بشكل فعال كنظام إنتاج بالدفعة.

الأسئلة

  1. ما هي حسنات ترتيب مماثل وسيئاته؟
  2. ما هي المخاطر المحتملة التي تواجهها الأقسام الوظيفية في ظل ترتيب مماثل؟
  3. كيف يمكن التخفيف من حدة هذه المخاطر من وجهة نظر المؤسسة؟

بالنظر إلى الطبيعة المؤقتة للمشاريع، يجدر بالمؤسسة العاملة على المشاريع أن تتسم بالمرونة بحيث تتمكن من تغيير الهيكلية والموارد بشكل يجعلها تتلاءم مع المتطلبات المتغيرة للمشاريع المختلفة.

في دور مدير المشروع، يتحمل شخص واحد مسؤولية المشروع، فيعتبر وحده مسؤولاً عن نجاح المشروع. والواقع أن هذا التشديد على غايات المشروع مقارنة بالغايات الوظيفية يشكل سمة أساسية تميز بين دور إدارة المشاريع ودور الإدارة الوظيفية. وفي الغالب، يعتمد مدراء المشاريع على أشخاص يخضعون مباشرة لسلطة مدراء آخرين على أساس مستمر ولكنهم يعينون للعمل معهم نزولا عند طلبهم. ومن هنا، تعد مهمة إدارة المشاريع أكثر تعقيدًا وتنوعًا من إدارة مجالات أخرى.

إدارة المشاريع الخارجية

تقتضي إدارة المشاريع الخارجية تعيين مدير مشروع خارجي كمستشار يؤدي دور النائب الخارجي الذي يمثل الزبون. ويقوم مدير المشروع الخارجي بدوره بتعيين مستشارين خارجيين آخرين ليؤلف فريقًا خارجيًا عاملاً على المشروع. عندئذِ، يعمل الفريق تحت ضبط مدير المشروع الخارجي لينجز المشروع بحسب معايير النجاح التي يحددها الزبون نفسه. ويظهر هذا الترتيب في الرسم البياني أدناه (1.4). تشمل الخصائص الأساسية التي تطبع هيكلية إدارة المشاريع الخارجية ما يلي:

  • يؤدي مدير المشروع الخارجي دور النائب الذي يمثل الزبون. فيصبح عقد الاستشارة شكلاً من أشكال اتفاقية النيابة.
  • إن النظام الخارجي أكثر مرونة من النظام الداخلي. ويمكن استخدام المستشارين الخارجيين عند الطلب تبعًا لكمية العمل.
  • يجدر بالتعليمات والبلاغات المتبادلة بين المستشارين الخارجيين والزبون أن تتخطى الحدود المؤسساتية علمًا بأن هذه الحدود تؤدي دور الواجهة وتمثل عائقًا أمام التواصل الفعال.
  • ينخفض الولاء للفريق في الهيكليات الخارجية إن لم تكن أهداف المستشارين الخارجيين تتلاءم مع أهـداف الزبون، من دون أن يدين المستشارون الخارجيون بالولاء للمؤسسة الزبونة.
  • يمارس مدير المشروع الخارجي ضبطًا مباشرًا على الفريق العامل على المشروع. لذا تُعرف الترتيبات الخارجية أحيانًا بإدارة المشاريع الخارجية.
  • في هيكلية إدارة المشاريع الخارجية، لا تمت هيكلية المؤسسة الوظيفية بأي صلة للمشروع ولا تترك أي أثر فيه.
  • يقترن تزايد عدد المؤسسات الخارجية بازدياد الطلب على نقل المخاطر والضبط التعاقدي في هيكلية إدارة المشاريع الخارجية.
  • يشكل عدم توافر المعرفة المسبقة بالشركة سيئة في بعض الأحيان.

تتم معالجة الأنظمة الداخلية والخارجية بالتفصيل في الوحدة (4).

شكل 1.4: منحنى التكلفة – الوقت النموذجي - إدارة المشاريع
شكل 1.4: منحنى التكلفة – الوقت النموذجي

خصائص إدارة المشاريع

تقسم إدارة المشاريع الحديثة بعدد من الخصائص التي تميزها عن مقاربات الإدارة التقليدية. فهي عالمية أي أنها تتبع معايير وضعتها وكالة عالمية، كما أنها ترتبط بمعظم القطاعات وتطبق فيها وتعتبر فريدة من حيث أنها تستخدم علامات شاملة عالمية وأخرى خاصة بالقطاع المعني. وتعزى فرادتها أيضًا إلى كون محترفي إدارة المشاريع يقدمون النصائح المرتبطة بدورة حياة المشروع الكاملة، منذ بدئه حتى إنجازه.

لقد تعمقنا في دراسة بعض العناصر المهمة التي أدرجناها تحت العناوين التالية:

  • الأهداف المتعددة.
  • المعايير الدولية والتعاون الدولي.
  • الممارسون المتعددو القطاعات / المتعددو الاختصاصات.
  • العلامات الشاملة.
  • الشروط الخاصة.
  • دورات حياة المشاريع.

الأهداف المتعددة

تعنى إدارة المشاريع بتحقيق أهداف متعددة في آن واحد. وتندرج هذه الأهداف تحت عناوين الوقت والتكلفة والجودة. وبوجه عام، تترك القرارات التي تنبثق عن إدارة المشاريع وتؤثر في أي من المتغيرات، أثرًا في المتغيرين الأخريين. وفي العادة، يضع الزبون أو المدراء التنفيذيون في المؤسسة الأم معايير نجاح وفشل المشروع منذ البداية. ففي الواقع، ينبغي بناء بعض المشاريع بأسرع وقت ممكن، فيما يجب إنجاز غيرها بأدنى تكلفة ممكنة أو ضمن أدنى معيار من الجودة. وإذا أقدم مدير المشروع على تغيير أي من المتغيرات، فلا بد من أن تتأثر الأخريان بالتغيير. لذا تؤخذ قرارات إدارة المشاريع في ظل الشروط الوظيفية المباشرة.

الجدير بالذكر أن الأهمية النسبية التي يكتسبها كل من معايير النجاح والفشل تحدد مستويات الأداء المطلوبة لكل متغيرة على امتداد مسار المشروع. ويمكن تطبيق هذه الفكرة من الناحيتين التكتيكية والاستراتيجية. فعلى سبيل المثال، يمكن توليد خيارات التكلفة والجودة المختلفة على شركة تصنع أجهزة تلفزيون، ويمكن أيضًا تصوير هذه الخيارات كدالة للتكلفة والجودة. وتعرّف هذه الدالة في العادة منحنى التكلفة – الجودة نظرًا إلى الشكل المميز للرسوم التخطيطية التي تصور علاقات التكلفة – الجودة. ويعرض مثلاً عن ذلك.

شكل 1.5: منحنى التكلفة – الوقت النموذجي

قد تتوافر خيارات مختلفة كثيرة ترتبط بالتكلفة والجودة مثل تصنيع جهاز تلفزيون لقاء 250 جنيه إسترليني تشوبه نسبة 3٪ من العيوب، وآخر لقاء 400 جنيه إسترليني تشويه نسبة 2٪ من العيوب، أو آخر لقاء 500 جنيه إسترليني تشوبه نسبة 1٪ من العيوب. أما النقاط التي يرغب المصنع في بلوغها في المنحنى، فتعتمد على عدد من العوامل بما فيها:

  • أسعار أجهزة التلفزيون في السوق
  • الضمانات والكفالات المتوافرة
  • تكاليف البدائل
  • التكاليف الفعلية للصناعة الشائبة

اختيارات المشروع

قد تختار الشركة أن تصنّع أجهزة تلفزيون تشوبها نسبة 3٪ من العيوب، ذلك أن هذا المستوى المقبول من العيوب يسمح لها بأن تبيع الأجهزة بسعر تنافسي للغاية. إلا أن عيوبًا كثيرة قد تشوب الأجهزة، متسببةً بعدد كبير من المشاكل. لذا، يمكن التعويض على المشتري من خلال إصدار كفالة أو ضمانة لكل جهاز. بيد أن تكلفة هذا الإجراء المحتملة قد تكون مرتفعة لأن الشركة ستصدر عددًا كبيرًا من الكفالات. إضافة إلى ذلك، قد تنتج تكلفة باهظة للغاية من عملية التصنيع هذه تتمثل بالمساس بسمعة الشركة وخسارتها في المبيعات المستقبلية. هكذا ، تكون التكلفة الفعلية أعلى بكثير من التكلفة الإضافية التي تتولد من خفض مستويات العيوب في خلال عملية الإنتاج.

تعنى إدارة المشاريع بالحرص على احترام معايير نجاح المشروع المختارة في ظل القيود المتغيرة التي تفرضها سلسلة الجودة – الوقت – التكلفة. كذلك، تعترف بوجود أكثر من معيار واحد للنجاح، فما من جدوى من إتمام المشروع في الوقت المحدد وضمن التكلفة المحددة في حال كانت جودة السلعة النهائية أدنى مما يطلبه الزبون. وعلى سبيل المثال، لا حاجة إلى بناء منزل بحسب التكلفة المفروضة وفي الوقت المحدد إذا كانت عملية بنائه سيئة جدًا وكان معرضًا للانهيار بعد فترة وجيزة. من هنا، يجدر بكل من متغيرة الوقت والتكلفة والجودة أن تتسم بشرط مقبول أدنى. ومن شأن إدارة المشاريع أن تحترم هذه المعايير الدنيا.

تشهد أغلبية المشاريع تغييرات مع تقدمها، ما قد يترك أثرًا في متغيرة واحدة أو أكثر ويفضي إلى ضرورة إجراء عمليات تبادل فيما بينها. فعلى سبيل المثال، لا بد من أن يترافق ازدياد معيار الجودة بتغير الفترة الزمنية المطلوبة و / أو التكلفة.

وقت مستقطع (تدريب)

فكر في: تبدل التكلفة والجودة في مدرج جديد لكرة القدم

قد يقرر ناد لكرة القدم اللجوء إلى متعهد يبني له مدرجًا جديدًا. يعلن في بادئ الأمر أنه ينبغي ألا تتخطى تكلفة المدرج ثلاثة ملايين جنيه إسترليني، فيوظف المصممين ويستخدم المتعهدين على هذا الأساس. عند هذه المرحلة، تشكل التكلفة معيار النجاح الأهم.

إلا أن أحداثًا أخرى قد تطرأ بعد ذلك وتبدل أهمية التكلفة النسبية مقارنة بغيرها من معايير النجاح. فمن المحتمل أن تصبح الأحوال الجوية سيئة للغاية، ما قد يؤخر عملية بناء المدرج ثلاثة أشهر. وفي مرحلة ما، يعي النادي أن التأخيرات التي سببتها الأحوال الجوية تمتد على فترة طويلة فيدرك أنه لن يتمكن من افتتاح المدرج مع بداية موسم كرة القدم التالي.

أما تأخير الافتتاح فقد يخلف بدوره مفاعيل مهمة تتخطى قابلية نجاح تكلفة المدرج الجديد. وعلى سبيل المثال، قد تنتج من التأخير خسارة في مبيعات التذاكر تمتد على المباريات الخمس الأولى التي تقام في المدرج في خلال الموسم التالي. وقد تصل هذه الخسارة إلى مليون جنيه إسترليني. وفي ظل هذه الظروف يصبح إنفاق 0.3 مليون جنيه إسترليني إضافية للإسراع في عملية البناء بغية تفادي خسارة المليون جنيه، أمرًا مقبولاً. وفي هذه الحال، كانت تكلفة رأس المال معيار النجاح الأساسي، إلا أن تغييرًا في متغيرة الوقت عزز هذا العامل ليجعله معيار النجاح الأولي نظرًا إلى مفاعيل تمديد فترة الإنجاز على غيرها من المتغيرات (البيئية). والواقع أن هذه المتغيرات البيئية ترتبط بالأداء المالي للنادي ككل، فهي تخرج عن بيئة المشروع ولكنها تؤثر فيه بشكل مباشر.

الأسئلة

  • في أي نوع من المشاريع يكون الطقس عاملاً محددًا لإمكانية إنجاز المشروع في الوقت المناسب؟
  • أي أمثلة أخرى عن عوامل خارجية كلية قد تحدد إمكانية إنجاز المشروع في الوقت المحدد وتخرج في الوقت نفسه عن سيطرة مدير المشروع؟

المعايير الدولية والتعاون الدولي

 إن إدارة المشاريع عالمية وهي تتسم بطابع فردي كمهنة حيث أن قوانين ممارستها وهيئة معرفتها ترتكز على ممارسة دولية لا وطنية. إلا أن هذه المقاربة تتعارض في الواقع مع أغلبية أنواع الخدمات المحترفة. فتختلف الأنظمة القانونية السائدة في أي بلد عن تلك المعتمدة في بلد آخر، ما يستبعد إمكان أن يمارس أحد المحامين المتمرسين في بلد ما مهنته بنجاح في بلد آخر حتى لو سمحت الهيئات القانونية المختلفة بذلك. وتنطبق القيود نفسها على مهن أخرى بما فيها قطاع المصارف وأكثرية أشكال الهندسة.

تختلف إدارة المشاريع عن غيرها من المهن لأنها تخضع لمقاربة عالمية شاملة ترعاها جمعية المعايير الدولية. وتعرف هذه الهيئة المحترفة الدولية بجمعية إدارة المشاريع الدولية التي تدير مقاربة دولية لإدارة المشاريع وتنسّق نشاطات جمعيات محترفة عبر العالم شأن جمعية إدارة المشاريع في المملكة المتحدة ومعهد إدارة المشاريع في الولايات المتحدة الأمريكية. وتجدر الإشارة إلى أن جمعية إدارة المشاريع الدولية تحرص على أن تكون قوانين الممارسة وهيئة المعرفة الخاصة بمختلف جمعيات إدارة المشاريع الوطنية، خاضعة لمعيار واحد قدر الإمكان، ما يتيح المجال لظهور الاختلافات الثقافية والاقتصادية الجوهرية فقط.

من هنا، تخضع المعايير الخاصة بأحد البلدان، إلى حد ما، للمعايير الدولية التي وضعتها ونظمتها الهيئة العامة.

ممارسون متعددو القطاعات متعددو الاختصاصات

ليست مفاهيم وممارسات إدارة المشاريع مخصصة لقطاع واحد ذلك أن تقنيات تخطيط وضبط الوقت والتكلفة والجودة المستخدمة في إدارة المشاريع تطبق في مجال الزراعة كما هندسة المسارات.

إضافة إلى ذلك، تلجأ مجموعة واسعة من الاختصاصات إلى إدارة المشاريع. فأكبر ثلاث مجموعات عضوية في جمعية إدارة المشاريع هي تكنولوجيا المعلومات، وهندسة المسارات، والبناء علمًا بأنه من غير الاعتيادي أن تتألف هيئة محترفة من أفراد ينتمون إلى مجموعة واسعة من الخلفيات.

العلامات الشاملة

من الناحية التقليدية، لم تعرف مهنة مستشاري إدارة المشاريع المحترفين توحيدًا لإجراءات ممارستها. فقد توافرت الهيئات المحترفة وقوانين توجيهها ولكنها لم تعرف قط أي محاولة فعلية لتوحيد الإجراءات المتعلقة بكيفية وضع المشاريع وإدارتها وبماهية أنظمة ضبط التكاليف المفترض استخدامها. إلا أن هذا الواقع تبدّل إلى حد كبير في خلال السنوات العشر الأخيرة من القرن العشرين. فعلى سبيل المثال، أصبح المعيار البريطاني BS6079 المعيار الحالي المعتمد في المملكة المتحدة لممارسة إدارة المشاريع. فهو شامل وقابل للتطبيق في القطاعات كافة. أما معيار الأيزو 10006 ISO10006 فيشكل قانون الممارسة الأوروبي لإدارة المشاريع الخاصة بتصميم المسار. وهو أيضًا شامل وقابل للتطبيق في القطاعات كافة.

يتوافر عدد كبير من معايير ممارسة إدارة المشاريع الخاصة بقطاع معين فعلى سبيل المثال، يشكل معیار برينس PRINCE2 محاولة لإنتاج ممارسة لإدارة المشاريع موحدة ضمن القطاعات المضبوطة البيئة وفي حكومة المملكة المتحدة. وفي بعض الأحيان، اجتمعت شركات كبرى معًا لتطور ردود فعل خاصة بقطاعات معينة حيال مختلف المعايير الشاملة. وفي حالات أخرى، وضعت شركات ضخمة ردود فعل خاصة بها. وتكمن الأمثلة عن ذلك في قوانين الممارسة الخاصة بالشركة البريطانية للاتصالات السلكية واللاسلكية بريتيش تيليكوم British Telecom ومجلس قطاع البناء Construction Industry Council. فمع أن هذه القوانين المحددة أقل شمولية من القوانين العامة، إلا أنها تبقى متوافقة معها.

الشروط الخاصة

تلجأ عدة مؤسسات إلى محترفين في إدارة المشاريع متمرسين في هذا المضمار كي يسيروا مشاريعها بدلاً من المصممين أو أشخاص آخرين يؤدون دور المدراء. فيوفر الاختصاصيون بإدارة المشاريع الضبط المناسب للوقت والتكلفة والجودة في آن واحد مستخدمين معايير عالمية ودولية خاصة بالممارسة الاحترافية.

والجدير بالذكر أنه كان يتم انتقاء مدراء المشاريع تقليديًا من بين الاختصاصيين الوظيفيين العاملين في المؤسسة. فمن المحتمل أن يكون مدير المشروع مصممًا متخصصًا (كما هي حال المهندسين أو المهندسين المعماريين) أو مستشار تكلفة متخصصًا (كما هي حال المحاسبين أو المراقبين). وفي حالات عدة، كان الأشخاص الذين يديرون أو يقودون المشاريع، مصممين أو اختصاصيين أخذوا على عاتقهم دور المدير على امتداد المشروع.

أما مفهوم إدارة المشاريع الحديث فيشمل مدير المشاريع المحترف. ويتميز هذا النوع من المحترفين بكونه مديرًا متخصصًا درس إدارة المشاريع وتلقى تدريبًا فيها ويمتلك خبرة صناعية واسعة في هذا المجال وليس خبيرًا في التصميم أو أي اختصاص آخر. وقد ترافقت عملية الانتقال تلك بانتشار مقررات إدارة المشاريع التي تقدمها الجامعات في أرجاء العالم كافة، ومقررات الاختصاصيين التي تقدمها شركات استشارية وشركات متخصصة بالتدريب الإداري.

دورة حياة المشروع

اقتصرت مهمة المستشارين تقليديًا على إسداء النصح وإدارة قسم واحد أو قسمين من دورة حياة المشروع كلها. ونتيجة لذلك، تولد نقص في التنسيق بين مختلف مراحل دورة الحياة. ولا يخفى أن هذا النقص مهم لأن القرارات المتخذة في المراحل الأولى من دورة حياة المشروع تخلف أثرًا في الخيارات المتوافرة في المراحل التالية. فعلى سبيل المثال، تترك القرارات المتخذة في مراحل التصميم تأثيرًا مباشرًا في القرارات الممكن اتخاذها في المرحلة التشغيلية. كذلك، تترك القرارات المتخذة حول خيار المواد تأثيرًا في خيارات التلف في مرحلة إعادة التدوير أو مرحلة الإيقاف.

نجد المثل الآخر في اختيار المواد لتصنيع السلع شأن هياكل السيارات. فقد يكون الألومنيوم أغلى ثمنًا من الفولاذ من ناحية تكلفة رأس المال ولكنه قد يكون أكثر فعالية منه من حيث تكلفة الصيانة لأنه لا يتعرض للصدأ. استنادًا إلى تصميم وتجميع المكونات الأخرى في السيارة، قد يطيل استخدام الألومنيوم في تصنيع الهيكل، حياة السيارة.

بوجه عام، يتوافر عدد معين من مراحل دورة حياة المشاريع المتعارف عليها. وتقتضي مسؤولية مدير المشروع أن يعطي الزبائن نصائح تغطي دورة الحياة كاملة. فعلى سبيل المثال، يجدر بمدير المشروع أن يسدي النصح المحترف حول تكاليف رأس المال والتكاليف المستمرة المتعلقة بأي قرار يتخذ حول نوع المواد. وتجدر الإشارة إلى أن المقاربات التقليدية استخدمت المستشارين كي يسدوا النصح حول التصميم و / أو التصنيع فقط من دون الأخذ بعين الاعتبار تبعات التكاليف على المدى الطويل. لذا تحاول إدارة المشاريع، بصفتها اختصاصًا، أن تصحح هذا الواقع من خلال إسداء النصح استنادًا إلى الصورة ككل.

تشتمل مراحل دورة الحياة النموذجية على ما يلي:

1. البدء

البدء. في مرحلة البدء، يقرر الزبون أن يطور مشروعًا. وقد تكون هذه المرحلة قد وضعت قبل سنوات كجزء من الخطة الاستراتيجية الخاصة بالشركة المعنية كما قد تكون وليدة متطلبات جديدة تستند إلى التغييرات شأن طلبات الزبائن أو التكنولوجيا. وفي مرحلة البدء، يطرح الزبون عرضًا أساسيًا يتناول العمل المطلوب.

2. الجدوى

الجدوى. في خلال مرحلة الجدوى، يسعى الفريق العامل على المشروع إلى التأكد من صحة العرض من كل النواحي المرتبطة به. وتكتسي هذه النواحي طابعًا ماليًا وزمنيًا وتكنولوجيًا وفي بعض الحالات سياسيًا. وقد تضم مرحلة الجدوى بحثًا معمقًا في السوق بغية تقييم طلب الزبون أو السوق المحتمل للمنتج و / أو الخدمة النهائيين. وتتمثل النتيجة النهائية لمرحلة الجدوى بتصريح يتناول قابلية نجاح العرض نسبة إلى المتغيرات التي تم تقييمها.

3. النموذج الأولي

النموذج الأولي. في بعض الصناعات، يشيع تطوير نوع من النموذج الأولي الذي يمكن اختباره اختبارًا كليًا وتقييمه تقييمًا كاملاً قبل إطلاق عملية إنتاجه. ويخضع النموذج الأولي للاختيار والصقل لفترات زمنية طويلة قبل تحويل التصميم النهائي إلى الإنتاج. ويكمن المثل الواضح عن هذا المسار في تصميم طائرة جديدة يشكل التقييم المهم والطويل للنموذج الأولي فيه عملية ضرورية قبل تحويل التصميم إلى الإنتاج الكامل.

4. تطوير التصميم الكامل

تطوير التصميم الكامل. ما إن يتم تعديل النموذج الأولي (إذا ما توافر نموذج) وإدخال المعلومات المرتدة إلى نظام التصميم حتى يمكن البدء بتصميم الإنتاج الكامل. وفي معظم الحالات، تشتمل هذه الخطوة على تطوير معلومات إنتاج مفصلة وتحضير رسومات الإنتاج الكاملة التي تظهر نواحي التصميم كافة مرفقة بتحديد كامل يعرف بالمعايير المطلوبة لتصنيع كل مكون وتركيبه.

5. المناقصة والترتيبات التعاقدية

المناقصة والترتيبات التعاقدية. تقوم بعض المؤسسات بتصنيع كل ما تحتاج إليه بنفسها. أما الأمر الأكثر شيوعًا فيتمثل بشراء المصنعين كميات كبيرة من المكونات من الموردين الخارجيين بالرغم من امتلاكهم منشآت الإنتاج الخاصة بهم. وتشكل شركة فورد Ford لتصنيع السيارات المثل الأبرز في هذا الصدد، إذ إنها تملك مصمميها الخاصين وتجمع السيارات في خطوط الإنتاج الخاصة بها ولكنها تشتري كميات كبيرة من المكونات مباشرة من الموردين الخارجيين. أما المؤسسات الأخرى فتوكل من جهتها عملية التصنيع كلها إلى شركات خارجية وتنظم أمورها من خلال مستشارين خارجيين.

ويكمن المثل النموذجي عن هذه الفكرة في تلزيم عقد لتصنيع سفينة جديدة لصالح البحرية البريطانية. فتلزم البحرية تصميم السفينة لمهندس خارجي كما تلزم بناءها لبان خارجي. وتتم الأعمال الخارجية في العادة من خلال نوع من المناقصة التنافسية. فالمناقصة سعر بمنحه المتعهد لقاء إنجاز عمل يتم تفصيله ووصفه بوضوح. وتتسم عملية المناقصة عمومًا بطابعها التنافسي، فتتم دعوة متعهدين كثر ليقدموا مناقصات تنافسية وسرية للعمل نفسه. وبوجه عام، تفوز بالعقد المناقصة التي تقدم السعر الأدنى وتحترم المواصفات المذكورة.

6. التصنيع

التصنيع. يتم تجميع المنتج في خلال مسار التصنيع، وقد تكون هذه المرحلة مثلاً، عملية واحدة فريدة لتشييد مبنى أو مسارًا عملية تكرارية للمكونات المصنعة.

7. التكليف

التكليف. تشمل مرحلة التكليف نواحي إطلاق النظام كافة. وقد تكون هذه العملية بسيطة في بعض الأنظمة ومعقدة كثيرًا في غيرها. فقد يستغرق تكليف غواصة جديدة تكليفًا كاملاً أشهر عدة تشمل بدورها أسابيع من تجارب الطاقة فيما لا تزال في المرسى، تليها تجارب مكثفة لأدائها على سطح المياه وفي الغوص. والواقع أن كل مرحلة قد تشتمل بدورها على مناورات عدة وعمليات محاكاة تليها حسابات وتعديلات كثيرة. ولن تقبل البحرية أن تستلم الغواصة إلا بعد أن ينهي المتعهد كل تجارب التكليف المطلوبة.

8. التشغيل

التشغيل. في مرحلة التشغيل، يستخدم النظام بشكل ناشط لتحقيق الغاية التي وضعت له في الأساس. والجدير بالذكر أن هذه المرحلة قد تشكل في بعض الأنظمة الجزء الأطول من دورة حياة المشروع فيما لن يكون الحال نفسه في أنظمة أخرى. ومن الأمثلة حول أنظمة بدورة حياة تشغيلية طويلة، نذكر تشييد المباني الجديدة التي تتمتع بدورة حياة تشغيلية تصل إلى ستين سنة أو أكثر. أما المثل المأخوذ من الطرف الآخر، فهو مثل في صواريخ ساتورن في Saturn V التي أرسلت إلى القمر وصُممت لتشكل أنظمة استخدام لمرة واحدة. فمع أن عملية تصميمها وبنائها استغرقت سنوات كثيرة، إلا أن الصاروخ لم يستخدم كله فيما استعملت كبسولته مرة واحدة ولم تتعد دورة حياته التشغيلية إلا بضعة أيام.

9. الإيقاف

الإيقاف. يشكل الإيقاف المسار الذي يضع حدًا للنظام. وقد تكون هذه العملية بدورها بسيطة في بعض الحالات وأكثر تعقيدًا في حالات أخرى. فيمكن إيقاف سيارة قديمة توا بمجرد إطفاء محركها وتركها مع تشغيل آلة إعادة الدوران. أما الأنظمة الأخرى شأن تلك التي تشمل معالجة مواد سامة أو تلوثاً نوويًا فلا يمكن إيقافها بساطة. والواقع أن مسار الإيقاف نفسه قد يشمل عملية إزالة أنابيب الوقود الطويلة الأمد وصيانة أنظمة التبريد لفترة طويلة من الزمن. فيظل المفاعل مشعًا حتى بعد إطفائه. أما إيقاف المفاعل والأنظمة الملوثة الأخرى بواسطة التكنولوجيا الحالية، فقد يستغرق عقودًا طويلة.

10. الإزالة وإعادة التدوير

مرحلة الإزالة وإعادة التدوير. تتمثل المرحلة الأخيرة بالإزالة وبإعادة التدوير. فقد باتت القوانين في بلدان عدة إلزامية فيما يتعلق بتأثير إعادة التدوير البيئي. وفي المستقبل، لا بد للقوانين والاهتمامات البيئية من أن تحث المؤسسات على تصميم المزيد من المنتجات والأنظمة بشكل يسهل عملية إعادة التدوير ويكملها. وفي هذا السياق، باتت عملية تجميع أعداد كبرى من السلع تتم مع أخذ عمليتي إعادة التدوير والاستصلاح بعين الاعتبار. إضافة إلى ذلك، صار التغليف يصنع من المواد المعاد تدويرها و / أو مواد أخرى قابلة لإعادة التدوير.

تعنى إدارة المشاريع بالنصائح التي تتناول المراحل المذكورة أعلاه بحيث يتمكن الزبون من اتخاذ قرارات موثقة في خلال التصميم والتصنيع حول مسائل قد تولد جزءًا في التكلفة في المستقبل. وفي الواقع، يرى البعض أن تصميم بعض مصانع الطاقة النووية القديمة في المملكة المتحدة ما كان ليكتسي شكله الحالي لو تم أخذ مرحلتي الإيقاف والاستعادة بعين الاعتبار.

الفوائد والتحديات المحتملة لإدارة المشاريع

تشكل إدارة المشاريع مقاربة جديدة نسبيًا تكتسي طابعًا دوليًا ومتداخل الاختصاصات يعنى بدورة الحياة الكاملة للمشروع بالاستناد إلى خدمات خبير مدرب في الإدارة يتولى تنظيم الوقت والتكلفة وغايات الجودة التي ينطوي عليها المشروع يحرص على تحقيقها. كذلك، يعالج هذا القسم المزايا والسيئات الخاصة المرتبطة بمقاربة إدارة المشاريع.

الفوائد المحتملة لإدارة المشاريع

ادعت المؤسسات التي طبقت ممارسات إدارة المشاريع أنها جنت عددًا كبيرًا من الفوائد تشمل:

  • التركيز المشدد على هدف معين.
  • الاستخدام الفعّال لموارد الشركة.
  • تعزيز المسائلة.
  • نشوء المنافسة السليمة بين الوحدات الوظيفية ووحدات المشاريع.
  • تخفيض إعاقة العمليات الوظيفية.
  • تعزيز الوضوح في استراتيجية التطبيق.
  • التفكير المعمق في تكاليف دورة الحياة.
  • تعزيز تطوير المنتج وسرعة إطلاقه.
  • تحسين عمليات التواصل الرسمية وغير الرسمية.
  • ضبط الأهداف المتعددة الآنية.
  • تحسين أمن المعلومات الخاصة بالمشروع.
  • تحسين الابتكار من خلال اللجوء إلى عملية صنع القرارات المتعددة الاختصاصات.
  • ازدياد عدد الفرص لتطوير فرق داخلية متعددة الاختصاصات، ومهارات إدارية وفردية.

التحديات المحتملة لإدارة المشاريع

تواجه المؤسسات التي تنخرط بشكل منتظم في المشاريع تحديات كبرى تتعلق بالطاقم العامل فيها. وقد أوردنا أدناه بعضًا من هذه التحديات.

  • قد ينقل طاقم العمل الرئيس من الوحدات الوظيفية، ما قد يخلف أثرًا ضارًا على الأداء الوظيفي.
  • قد يحاول المدراء الوظيفيون ومدراء المشروع أن يتنافسوا للحصول على الموارد، ما قد يخلف أثرًا ضارًا على الشركة ككل.
  • قد يجد أفراد الفريق العامل على المشروع أنفسهم يتلقون أوامر متناقضة من مديرهم الوظيفي ومدير المشروع.
  • قد يتحلى المدراء الوظيفيون النافذون بالقدرة على استخدام سلطتهم ليحرموا المشروع من الموارد الضرورية.
  • تنشأ الحاجة إلى مستوى إضافي من السلطة من شأنه أن يؤمن المساواة بين المدراء الوظيفيين ومدراء المشروع نظرًا إلى ما يتمتعون به من سلطة وقدرة على الضبط. والواقع أن راعي المشروع يحرص على أن يحظى المدراء الوظيفيون ومدراء المشاريع بسلطة متساوية على موارد الفريق العامل على المشروع، وأن تغيب إمكان نشوء منافسة مدمرة.
  • قد يتسم المدراء الوظيفيون بمرونة أقل من مدراء المشاريع ويشعرون بأنهم يخضعون لضغط مفرط متأت عن متطلبات المشروع.
  • يحتاج طاقم العمل إلى تبني موقف مختلف. فيجدر به أن يضع مقاربة أكثر مرونة ويعتاد العمل في ظل بيئة متعددة الوظائف.
  • قد يواجه الطاقم العامل على المشروع منذ لفترة زمنية طويلة، مشاكل في إعادة التأقلم في العمل الوظيفي.

تاريخ إدارة المشاريع

لم يكن مفهوم إدارة المشاريع وليد أفكار فرد واحد أو قطاع معين. وفي معظم الأحيان، تُعزى نشأته إلى برامج الفضاء الأولى التي أطلقت في الستينات من القرن العشرين مع أن أصوله تعود في الواقع إلى أبعد من ذلك بكثير. فلعل عناصر إدارة المشاريع أبصرت النور للمرة الأولى في أعمال البناء العظيمة التي عرفها التاريخ شأن الأهرامات، وسور الصين العظيم، والطرقات والقنوات الرومانية. وقد تطورت هذه التقنيات وتحسنت مع مرور الزمن. ولعل القاسم المشترك بين هذه الأعمال التاريخية كلها يتمثل يكونها تتطلب تنظيمًا خاصًا، وقوى عاملة، ومنشآت وموارد تستثمر جميعها لتحقيق غاية فريدة من نوعها تختصر بإنجاز المهمة أو المشروع.

على مر القرون، اجتمع المحترفون معًا ضمن مجموعات أو جمعيات وكان الهدف التقليدي من ذلك إفادة حرفتهم أو تجارتهم وتطويرها. وقد اتسمت هذه النزعة في أوروبا بتشكيل جمعيات عرفت بالنقابات والجامعات في القرون الوسطى، وأفضت إلى نشوء نقابات أصحاب الحرف وغيرها من المؤسسات في القرن التاسع عشر. وبكل الأحوال، بقي الحافز الكامن وراء نشأتها، حماية المصالح المالية مع أن الناتج العرضي تمثل بتأسيس قواعد ومعايير الممارسة والمؤهلات والعضوية.

عصر الثورة الصناعية

بدّلت الثورة الصناعية متطلبات الصناعة. فحصل انتقال من الحاجة إلى عمال حرفيين، إلى الحاجة إلى مشرفين قادرين على إدارة الأشخاص والوسائل التكنولوجية الجديدة في آن. وقد تمثل رد فعل مؤسسات القرون الوسطى القديمة بوضع معايير لأعضائها تعكس المعرفة والعلم والمؤهلات. وأيدت الحكومة والمؤسسات التعليمية أيضًا رد فعل حيال هذا الواقع، فبدأت المؤهلات والمعايير التعليمية الرسمية تظهر. وفي مرحلة لاحقة، بدأت المؤسسات والهيئات التعليمية تعمل عن كثب معًا كي تحسّن أهمية المؤهلات التعليمية.

تطورت الممارسة الإدارية “التقليدية” في خلال الثورة الصناعية وبعدها. وقد أثبتت نجاحها في المنتجات المعيارية المنبثقة عن الإنتاج بالجملة أو الإنتاج بالدفعة، ولكنها اتسمت بفعالية أقل في إدارة إنتاج السلع غير المعيارية. وفي أوائل التسعينات من القرن العشرين، تلمس المدراء الصناعيون إمكان تكييف بعض الأدوات والتقنيات المستخدمة بشكل فعّال في قطاع البناء لتتلاءم مع تخطيط وضبط متطلبات الصناعات، ولا سيما نشاطات تطوير المنتج على نطاق واسع. في الوقت نفسه تقريبًا، تطورت تقنيات التخطيط. وفي أوائل التسعينات من القرن العشرين، أدخلت مخططات غانت Gantt. وقرابة العام 1950، تم اعتماد أولى رسوم الشبكات التخطيطية في المسارات الصناعية علمًا بأن المخططات ورسوم الشبكات التخطيطية تشكل الأدوات الأكثر استخدامًا في إدارة المشاريع في يومنا هذا.

ولا بد من الإشارة إلى أن إدارة المشاريع بشكلها الحالي انبثقت عن برنامج تطوير القنبلة الذرية على يد الجيش الأمريكي في لوس ألاموس Los Alamos في الأربعينات من القرن العشرين. والواقع أن هذا البرنامج شكل أول مشروع معقد ومتطور للغاية عملت البشرية عليه. ونتيجة لذلك، ولد مستوى التعقيد وعدد النشاطات الكبير الذي ينطوي هذا البرنامج عليه، متطلبات لممارسات جديدة من الإدارة والضبط من أجل إنجاز المشروع في الوقت المحدد وبحسب المعايير المطلوبة.

الخمسينات والستينات

مع حلول أواسط الخمسينات من القرن العشرين، ازداد حجم وتعقيد عدة مشاريع إلى حد عجزت فيه تقنيات النصف الأول من القرن العشرين في مجاراة التطور الحاصل. وهكذا، واجه قطاع الدفاع في الولايات المتحدة الأمريكية صعوبة في ضبط التكاليف والجداول الزمنية الخاصة بمشاريع كبرى تعنى بأنظمة الأسلحة: فنشأت تجاوزات كبيرة في التكلفة والزمن. ولمعالجة هذه المشاكل، طورت البحرية الأمريكية بشكل متزامن مع شركة دو بون DuPont نظامين مستندين إلى الشبكة. ففي العام 1957، أنشأت شركة دو بون DuPont أسلوب المسار الحرج. وفي العام 1958، أطلقت البحرية الأمريكية تقنية تقييم ومراجعة البرامج. والجدير بالذكر أن الوسيلتين انبثقتا أصلا لتعنيا بشكل حصري بتخطيط وجدولة وضبط المشاريع الكبرى المنطوية على نشاطات عملية مترابطة فيما بينها. وبعد حوالي العشر سنوات، مزجت الوسيلتين بتقنيات محاكاة الكمبيوتر لتشكلا وسيلة عرفت بتقنية المراجعة والتقييم البيانية، فيات تحليل الجداول أكثر واقعية.

في أواسط الستينات من القرن العشرين، ولدت التطورات في تكنولوجيا الكمبيوتر مقدرات محسنة لتخزين كميات كبيرة من المعلومات. وقد تحسنت وسائل الشبكة لتدمج إعداد تكاليف المشاريع بجدولتها، فباتت هذه التقنيات مستخدمة على نطاق واسع في أواخر الستينات من القرن العشرين عندما فوضت الحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية استخدام وسائل تحديد تكلفة الشبكة وجدولتها، في عقود وكالة الفضاء والملاحة الجوية (الناسا) ووزارة الدفاع الأمريكية، ثم في غيرها من المشاريع الواسعة النطاق شأن مصانع الطاقة النووية.

السبيعنات والثمانينات

ازدهر اختصاص إدارة المشاريع في هذه البيئة.  فتأسس معهد إدارة المشاريع في الولايات المتحدة الأمريكية وجمعية إدارة المشاريع في المملكة المتحدة في أواخر الستينات من القرن العشرين علمًا بأن وسائل إضافية طورت في هذه الفترة لتقدم العون إلى مدراء المشاريع. وقد خولت بعض هذه الوسائل المدراء أن يحددوا نوع وجودة الموارد الضرورية لكل نشاط، وأن يخططوا الموارد ويخصصوها في عدد من المشاريع بشكل متزامن. وبالرغم من نشوء هذا المفهوم منذ فترة، إلا أن استخدام التخطيط وتحديد التكاليف استنادًا إلى مفهوم “القيمة المكتسبة” لم يشع على نطاق واسع إلا مع حلول السبعينات من القرن العشرين. وقد أفضى هذا المفهوم إلى توليد أنظمة لقياس الأداء تابعت الأموال المدفوعة وربطت هذه النفقات بقيمة العمل الذي تم إنجازه، ما أدى بدوره إلى توقعات أكثر موثوقية حول تكلفة المشروع عند إنجازه وموعد إنجازه.

أنشأت جمعية إدارة المشاريع هيئة المعرفة الخاصة بها في العام 1988، وأسهمت إلى حد بعيد في إعداد المعيار البريطاني BS6079 في العام 1996 والمعيار الدولي الأوروبي ISO10006 في العام 1997. وتشكل هذه الوثائق المعايير البريطانية والأوروبية لممارسة إدارة المشاريع وترسم بطرق عدة حدود تطور هذا الاختصاص حتى يصبح مهنة في يومنا هذا.

قبل الثمانينات من القرن العشرين، كانت عمليات تخطيط المشاريع وأنظمة الاقتفاء متوفرة فقط لأجهزة الكمبيوتر المركزية الضخمة. وقد اتسمت معظم هذه الأنظمة بارتفاع ثمنها. فحضرت التكلفة والتنظيم الضروريين لتشغيلها، بالمشاريع الكبرى وحسب. إلا أن هذا الواقع تبدل في الثمانينات من القرن العشرين مع ظهور أجهزة الكمبيوتر الصغرى المتدنية الثمن نسبيًا. أما اليوم، فتتوافر مجموعة كبيرة من برمجيات إدارة المشاريع ذات الجودة العالية في متناول الجميع. والجدير بالذكر أن البرمجيات المنخفضة التكاليف سهلت عملية تطبيق التخطيط المتطور، والجدولة، وتحليل التكلفة، وتخطيط الموارد، وتحليل الأداء في المشاريع كافة على اختلاف أحجامها.

إدارة المشاريع اليوم

تستخدم إدارة المشاريع اليوم في اختصاصات مختلفة وقد تطورت لتصبح مكونًا إداريًا تكامليًا في مجموعة واسعة من القطاعات. وعمدت المؤسسات الكبرى بشكل متزايد إلى تأسيس أقسام تطوير إدارة المشاريع الخاصة بها. وقد ترافقت هذه النزعة مع انتشار عمليات الاستشارات الاحترافية في مجال إدارة المشاريع. وفي قطاعات عدة، ولا سيما قطاع البناء، اتسم النمو النسبي الذي شهدته مهن التصميم شأن الهندسة المعمارية والهندسة الهيكلية بركود نسبي فيما شهدت شعبية إدارة المشاريع ارتفاعًا هائلاً.

تطور إدارة المشاريع

تطورت إدارة المشاريع لتصبح مهنة عالمية شاملة، وأصبح المدراء في أرجاء العالم كافة يتكلمون “لغة” المشاريع نفسها شرط أن يحترموا المعايير الدولية الصحيحة. فما من سبب يحول دون أن يطلع مدير مشروع مسؤول عن الغابات في فرنسا، على وثائق وسجلات مشروع بناء يُنجز في المملكة المتحدة وأن يفهم 90 بالمئة من المعلومات الواردة فيها.

تسمح تقنيات إدارة المشاريع الحالية بنشوء فرص للتقييم والمقارنة لم يعرفها العالم من قبل. فعلى سبيل المثال، يجيز استخدام خطة المشروع الاستراتيجية تسجيل كل نواحي تطور المشروع ووضع تقارير حولها بدقة متناهية. وتشتمل ممارسة توحيد المعايير هذه على التصميم والتنفيذ والتطبيق والاستخدام. كذلك، تسمح بالقيام بمقارنات لم تكن ممكنة في الماضي. فعلى سبيل المثال، تجيز خطة المشروع الاستراتيجية الجيدة مقارنة فورية ومباشرة تطال أداء مستشاري التصميم. والجدير بالذكر أن خطط المشروع الاستراتيجية باتت تستخدم بشكل متزايد كتقنية تقييم تساعد على اتخاذ القرار المناسب حيال ماهية الاستشارة في إدارة المشاريع.

هيئات محترفي إدارة المشاريع

أثبتت إدارة المشاريع نجاحها البالغ كمهنة. فإذا بهيئات محترفي إدارة المشاريع في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة تنمو أسرع من أي هيئات احترافية مماثلة في البلدين. وباتت بعض الهيئات التقليدية الطابع تقر بأثر إدارة المشاريع ساعية إلى تأسيس أقسامها الخاصة التي تقدم التخصص في هذا المجال. وهكذا، نشأ المعهد الملكي للمراقبين المجازين الذي يعنى بتدريب المراقبين المحترفين ووضع معايير خاصة بهم، وتطوير اختصاص إدارة المشاريع ضمن أحد أقسامه الخاصة بالمحترفين. وتعني خطوة مماثلة أن المعهد الملكي قد أقر بأن إدارة المشاريع كمهنة تتعدى نشاطات أعضائه لتبلغ درجة عالية تحتم معالجة هذا التهديد. لذا اختار المعهد التصدي لهذا الخطر من خلال وضع نسخة المراقبين الخاصة به لإدارة المشاريع. ولا بد من الإشارة إلى أن عددًا من الهيئات المهنية الأخرى اتخذ المبادرة نفسها.

ملخص تعليمي

 ما هو المشروع؟

  • بالإضافة إلى الإنتاج بالجملة والإنتاج بالدفعة، يعتبر المشروع أحد أنواع أنظمة الإنتاج المعيارية.
  • تتّسم المشاريع بأهداف وخصائص فريدة ووحيدة.

ما هي إدارة المشاريع؟

  • تشتمل إدارة المشاريع على ابتكار وإدارة وضبط المسار المطلوب لإنجاز أحد المشاريع بشكل سليم وفي الوقت المحدد، مع احترام التكاليف ومعايير الجودة المطلوبة.
  • تأخذ تقنيات التخطيط والضبط التقليدية تخطيط وضبط الوقت والتكلفة والجودة بعين الاعتبار ولكن إدارة المشاريع تسعى إلى تناول وتقدير كل منها في الوقت نفسه.
  • بوجه عام، ازدادت الصناعة تعقيدًا فيما راحت تتطور. وقد أفضى هذا الواقع إلى نشوء مشاريع معقدة أكثر فأكثر، ما ولّد الحاجة إلى إيجاد طرائق أكثر فعالية لإدارتها.
  • تطور دور مدير المشروع حتى بات يخوله رؤية متغيرات الوقت والتكاليف والجودة الخاصة بالمشاريع ضمن إطار نظام التشغيل الكلي.
  • في أغلبية الحالات، يتمثل هدف الفريق العامل على المشروع بتلبية معايير نجاح المشروع ومن ثم يتم حل الفريق علمًا بأن عددًا قليلاً من المشاريع يفرض متطلبات مماثلة.
  • يتم تشغيل إدارة المشاريع على نطاق واسع في المؤسسات القائمة.
  • تقدم المشاريع التي تسير بحسب الهيكليات الوظيفية مرونة عالية في استثمار الموارد البشرية. فيوظف المستخدمون أساسًا ليؤدوا مهمة وظيفية ولكنهم يعينون مؤقتًا للعمل على مشروع يتطلب خيرتهم الخاصة.
  • إضافة إلى ذلك، يمكن توظيف الخبراء الفرديين بشكل فعّال في نوع معين من المشاريع، وإذا توافرت قاعدة واسعة من الخيرة في أحد الأقسام الوظيفية، فيمكن استخدامها في مشاريع مختلفة بسهولة نسبية.

هيكلية إدارة المشاريع

  • تتسم هيكلية “الوظيفة الداخلية” أيضًا بميزة تسمح بتشارك معرفة الخبراء بسهولة ضمن الوظيفة واستخدامها بشكل فعّال من قِبل الفريق العامل على المشروع. والجدير بالذكر أن استمرارية الخبرة والإجراءات والإدارة تبقى ضمن الوظيفة على رغم حدوث أي تغييرات في الطاقم العامل.
  • يترأس مدير المشروع عملية تنظيم المشروع ويشتغل بشكل مستقل عن سلسلة القيادة العادية.
  • يعتبر مدير المشروع نقطة المحور الفريدة التي تتجمع فيها الجهود المبذولة كافة بغية تحقيق أهداف المشروع.
  • يتحمل مدير المشروع مسؤولية دمج الأشخاص المنتمين إلى اختصاصات وظيفية مختلفة والعاملين على المشروع نفسه.
  • يتفاوض مدير المشروع مباشرة مع المدراء الوظيفيين ليحصل على دعمهم. وفي العادة، يتحمل المدراء الوظيفيون مسؤولية مهام العمل الفردية وطاقم العمل، فيما يتحمل مدير المشروع مسؤولية الإشراف على بداية النشاطات وإنجازها.
  • يركز المشروع على تسليم أحد المنتجات أو إحدى الخدمات في غضون وقت معين ولقاء تكلفة محددة وبحسب معايير الجودة. وبخلاف ذلك، يجدر بالوحدات الوظيفية أن تتمسك بمجموعة مستمرة من الموارد لتدعم غايات المؤسسة. فينشأ نزاع بين المصالح الوظيفية ومصالح المشروع.
  • يتشارك أفراد الفريق العامل على المشروع وأعضاء الوحدات الوظيفية صنع القرارات والمساءلة والمحصلات والمكافآت فيما بينهم.
  • مع أن تنظيم المشروع مؤقت، إلا أن الوحدات الوظيفية التي تشكله قد تكون دائمةً. وعندما ينتهي المشروع، تحلّ عملية تنظيمه ويعود الأشخاص إلى وحداتهم الوظيفية أو يتم تعيينهم للعمل على مشاريع جديدة.
  • قد تنشأ المشاريع في أماكن مختلفة من المؤسسة. فيميل تطوير المنتج والمشاريع المتصلة به إلى أن ينبثق عن قسم التسويق، فيما تنشأ تطبيقات التكنولوجيا عن قسم البحث والتطوير، وما إلى هنالك.

وظائف إدارة المشاريع

  • تطلق إدارة المشاريع وظائف دعم متعددة أخرى شأن تقييم الطاقم العامل، والمحاسبة، والأنظمة المعلوماتية.
  • بالنظر إلى الطبيعة المؤقتة للمشاريع، يجدر بالمؤسسة العاملة على المشاريع أن تتسم بالمرونة، فتتمكن من تغيير الهيكلية والموارد بشكل يتلاءم مع المتطلبات المتغيرة لمختلف المشاريع.
  • في نظام المشاريع، يعتبر المنتج عنصرًا فريدًا لا يتكرر. ونتيجة لذلك، يغيب المنحنى التعليمي وتتجلى ضرورة اللجوء إلى مستويات عالية من ضبط وتخطيط الإدارة المعقدة.
  • تطور مفهوم إدارة المشاريع كي يخطط وينسّق ويضبط نشاطات عدة معقدة ومتنوعة تندرج في إطار المشاريع التجارية الحديثة في معظم الأحيان.
  • إن إدارة المشاريع هي في الأساس إدارة عامة لمؤسسة ما ضمن المؤسسة نفسها، وتقتضي إدارة المشاريع الجيدة التطبيق الفعال لمهارات المدير العام كافة بغية تحقيق غايات المشاريع.
  • تستخدم إدارة المشاريع مجموعة كاملة من مجالات الإدارة الوظيفية التي يتطلب كل منها مهارات معينة من شأنها أن تضمن نجاح المشروع.
  • تتشكل الفرق العاملة على المشاريع لتقوم بأنواع المشاريع كافة. وقد تعمل على مشاريع فريدة تخصص فيها الموارد كلها فيها لتحقيق الأهداف المنشودة، أو قد تتحمل مسؤولية مشاريع متعددة تتم إدارة الموارد بينها.
  • قد تكون المشاريع خارجية بحيث أنها تنفد لحساب زبون خارج المؤسسة. وتحدد هذه المشاريع عادة بموجب عقد ملزم وتشكل مصدر دخل أساسي للمؤسسة.
  • قد تكون المشاريع داخلية بحيث أنها توضع بوجه عام لتحسن عمليات سير المؤسسة. وعندئذِ، يكون الزبون زبونًا داخليًا.

خصائص إدارة المشاريع

  • تكتسي إدارة المشاريع طابعًا فريدًا ذلك أنها تستخدم علامات صناعية دولية عامة وأخرى خاصة.
  • تكتسي إدارة المشاريع طابعًا فريدًا أيضًا بحيث أنها تمثل مهنة جديدة تقدم النصح الاحترافي المرتبط بدورة حياة المشروع الكاملة، منذ بدئه حتى إنجازه.
  • تتحمل إدارة المشاريع مسؤولية تعزيز الوقت والتكلفة وأداء الجودة إلى الحد الأقصى في المشروع. وفي فلسفة إدارة المشاريع، يُعد تناول أي من هذه المتغيرات على حدة أمرًا غير مقبول لأن كلاً منها يترك تأثيرًا بطال الأداء المحتمل للأخرى.
  • تحرص إدارة المشاريع على احترام معايير نجاح المشروع، إلا أنها تعترف بتوافر أكثر من معيار واحد للنجاح، لذا ما من ضرورة تدعو إلى إنجاز المشروع في الوقت المحدد أو ضمن التكلفة المحددة في حال كانت جودة المنتج التام الصنع أدنى مما حدده الزبون.
  • يفترض بكل من متغيرات الوقت والتكلفة والجودة أن تشتمل على أدنى الشروط المقبولة، ذلك أن إدارة المشاريع تعني بتلبية هذه المعايير الدنيا وتخطيها بكل الحالات.
  • في معظم الأحيان، تشمل إدارة المشاريع محترفين خضعوا للتدريب الكامل في هذا المجال وتتمثل مهمتهم بإدارة المشاريع بدلاً من أن تستخدم المصممين أو غيرهم من المسؤولين الذين يؤدون دور المدراء.
  • يشتمل مفهوم إدارة المشاريع الحديث على تطور فكرة مدير المشاريع المحترف.

الفوائد والتحديات المحتملة لإدارة المشاريع

  • تتمثل إحدى الفوائد الواضحة من اعتماد مقاربة إدارة المشاريع بكونها تستثمر موارد الشركة بفعالية كبرى، وتحدّ من العوائق التي تعترض النشاطات التشغيلية الروتينية، وتزوّد الأشخاص العاملين على المشاريع بقدر أكبر من التحفيز.
  • كذلك، تقدم إدارة المشاريع رؤية أكثر وضوحًا للاستراتيجيات والمفاهيم القائمة ضمن المؤسسة ككل، وتعزز المنافسة السليمة بين مشاريع المؤسسة، وتنظر في تكلفة دورة الحياة الكاملة عند كل مرحلة.
  • توفر إدارة المشاريع الوضوح في الإدارة، والفرادة في المساءلة والمسؤولية، والاختصار الزمني من مرحلة التطوير إلى الإطلاق في السوق، والوضوح في ضبط النفقات، والجودة في استثمار الموارد.
  • كذلك، تؤمن إدارة المشاريع التبليغات الواضحة حول التقدم المحقق والمدخلات المضافة إلى الخطط الاستراتيجية، والضبط الأفضل للمعلومات المصنفة والهامة وأمنها، فضلاً عن تعزيز بناء الفريق وروحه.
  • ينطوي استخدام إدارة المشاريع كمقاربة على بعض التحديات. فيعتمد نجاح نظام إدارة المشاريع على استقدام المستخدمين الأساسيين من الوحدات الوظيفية التي عملوا فيها لفترة زمنية من وقتهم. ومن شأن عدم ضبط هذه العملية بالشكل المناسب أن يلحق الضرر بأداء الوحدة التشغيلية.
  • لا بد للمشاريع من أن تتنافس، أقله إلى حدٍ ما، لاكتساب الموارد المؤسساتية الدقيقة والمحدودة.
  • يميل المدراء التشغيليون إلى أن يكونوا أقل وضوحًا ومرونةً من مدراء المشاريع.
  • تُعد مرونة المستخدمين المتزايدة مطلبًا ضروريًا أيضًا. فلا بد من إعادة نشرهم عندما ينتهي المشروع. وعندئذٍ، قد تنشأ المشاكل إذا كانوا يعملون على مشروع على نطاق واسع و / أو لفترة زمنية طويلة.

تاريخ إدارة المشاريع

  • انطلقت إدارة المشاريع الحديثة من المبادئ الأساسية المعتمدة في خلال مشروع لوس ألاموس Los Alamos في الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1944. وقد شكل مشروع القنبلة النووية أول مشروع معقّد ومتطور فعلي أنجزته البشرية. فتم تحديد الحاجة إلى تبني مقاربة إدارية جديدة.
  • مع حلول الخمسينات من القرن العشرين، ازداد حجم وتعقيد المشاريع إلى حد عجزت فيه التقنيات الإدارية التي ظهرت في النصف الأول من القرن العشرين، عن التأقلم معها. وواجه قطاع الدفاع في الولايات المتحدة الأمريكية صعوبة في ضبط التكاليف والجداول الزمنية الخاصة بمشاريع كبرى تعنى بأنظمة الأسلحة. ونتيجة لذلك، نشأت تجاوزات كبيرة في التكلفة والزمن. وتمثل الحل آنذاك بتطوير مبادئ لوس الاموس Los Alamos أكثر فأكثر لتشكل ما يعرف في يومنا هذا بإدارة المشاريع.
  • تطور الاختصاص وأدى إلى تأسيس معهد إدارة المشاريع في الولايات المتحدة الأمريكية وجمعية إدارية المشاريع في المملكة المتحدة في الستينات من القرن العشرين.
  • في خلال الستينات من القرن العشرين، انبثقت وسائل إضافية من شأنها أن تساعد مدراء المشاريع، ولكن الإنجاز الفعلي التالي ممثل بتطوير أجهزة كمبيوتر زهيدة الثمن يمكن التعويل عليها في أوائل الثمانينات من القرن العشرين.
  • في العام 1988، أسست جمعية إدارة المشاريع هيئة المعرفة التي أسهمت إلى حد بعيد في إعداد معيار BS6079 في العام 1996 ومعيار الأيزو 10006 ISO10006 في العام 1997. والواقع أن هذه الأعمال المرجعية توثق المعايير الأوروبية والبريطانية الخاصة بممارسة إدارة المشاريع، وترسم بعدة طرائق حدود تطور الاختصاص ليكتسي صفة المهنة في أيامنا هذه.

إدارة المشاريع اليوم

  • في يومنا هذا، تُستخدم إدارة المشاريع في اختصاصات مختلفة، وقد تطورت لتصبح مكونًا إداريًا مدمجًا في مجموعة كبيرة من القطاعات.
  • ازداد تقبل مدراء المشاريع كمساهمين أساسيين في المسار التشغيلي.
  • تطورت إدارة المشاريع الحالية لتصبح اختصاصًا مهمًا على الصعيد الدولي. وهي كمهنة تنمو بسرعة في عدة بلدان.

اقرأ أيضًا: إدارة المشاريع – تعريفها ومهاراتها ومراحلها وتنظيمها

اختبار إدارة المشاريع

فيما يلي اختبار مكون من عدد 28 سؤال من نوع صح وخطأ لاختبار نفسك في الوحدة الأولى من مقرر إدارة المشاريع:

إدارة المشاريع

اختبار مقرر إدارة المشاريع

1 / 28

بوجه عام، يتسم المشروع بغاية واحدة، أو منتج فريد أو نتيجة محددة.

2 / 28

تناسب أعمال البحث والتطوير بشكل نموذجي الهيكلية الوظيفية المؤسساتية.

3 / 28

تطورت إدارة المشاريع أساساً نتيجة لتزايد طايع المشاريع المعقد.

4 / 28

تتراوح أهمية مراحل دورة الحياة بحسب نوع المشروع.

5 / 28

يعتبر المشروع بوجه عام نشاطًا مؤقتًا يعنى بتحقيق غاية معينة.

6 / 28

إن إدارة المشاريع والإدارة الوظيفية حصريتان بشكل متبادل، لذا، لا يمكنهما التواجد بشكل متساو في إحدى المؤسسات.

7 / 28

إن BS6079 معيار اعتمده الاتحاد الأوروبي لممارسة إدارة المشاريع.

8 / 28

يميل مدراء المشاريع إلى التحلي بسلطة تتخطى سلطة المدراء الوظيفيين وبمكانة تفوق مكانتهم.

9 / 28

يمكن تقييم نجاح معظم المشاريع من حيث الوقت والتكلفة والجودة.

10 / 28

تشكل إدارة المشاريع أداة لتطبيق الاستراتيجيات.

11 / 28

تعنى إدارة المشاريع بعدة أهداف.

12 / 28

تميل منتجات المشاريع إلى أن تكتسي طابعًا تكراريًا ومعقدًا.

13 / 28

تشمل أنظمة الإنتاج بالحملة سلسلة من المشاريع الفردية.

14 / 28

يؤدي مدير نظام الإنتاج بالجملة بوجه عام دور مدير المشروع ويتحمل مسؤولياته.

15 / 28

يماثل نقل المعرفة بين المشاريع نقل المعرفة بين الرزمات.

16 / 28

يمكن إدارة تغيير معايير النجاح باستخدام تحليل التبادل التجاري.

17 / 28

لا تعنى إدارة المشاريع بدورة حياة المشروع كلها.

18 / 28

يظهر ميل إلى اختيار مدراء المشاريع من بين صفوف المدراء الوظيفيين في المؤسسة.

19 / 28

إن إدارة المشاريع الخارجية فعالة من حيث التكلفة أكثر من إدارة المشاريع الداخلية.

20 / 28

قد تتوافر المشاريع على الصعيدين الداخلي والخارجي بالنسبة إلى المؤسسة الأم.

21 / 28

ظهر منهجا تقنية تقييم ومراجعة البرامج وأسلوب المسار الحرج في مجال إدارة المشاريع وضبطها أولاً كأدوات تنفيذ في الأربعينات من القرن العشرين.

22 / 28

يصبح مدراء المشاريع الناجحون أفضل المدراء الوظيفيين دائمًا.

23 / 28

تعد جمعية إدارة المشاريع الدولية الهيئة المنظمة لممارسة إدارة المشاريع الشاملة.

24 / 28

تنتشر إدارة المشاريع عبر مجموعة من الاختصاصات المهنية.

25 / 28

تحدد معايير لنجاح وفشل المشروع لدى إطلاقه ولا يمكن تغييرها ما إن يبدأ العمل بالمشروع.

26 / 28

تعجز المؤسسات الوظيفية المتصلبة جدًا، شأن القوات المسلحة، عن استخدام هيكليات المشاريع الداخلية بشكل فعال.

27 / 28

عرفت إدارة المشاريع كمنهجية عمل خلال برامج بناء الطرقات الرومانية في العصر الأول ميلادي.

28 / 28

تنطوي أنواع أنظمة الإنتاج كافة على المشاريع.

Your score is

The average score is 0%

0%

المصدر

  • الفصل الأول من كتاب إدارة المشاريع، تأليف الأستاذ ألكسندر روبرتس والدكتور وليام والاس، جامعة هيريوت وات، كلية إدارة الأعمال، إدنبرة، إسكتلندا، المملكة المتحدة.
  • موسوعة إدارة المشاريع، مركز البحوث والدراسات متعدد التخصصات.
error:
Scroll to Top