أشخاص القانون الإداري – نظرية الشخصية المعنوية

أشخاص القانون الإداري – نظرية الشخصية المعنوية

يعرف القانون نوعين من الأشخاص، الأشخاص الطبيعيون، وهم الآدميون، والأشخاص المعنوية أو الاعتبارية Les personnes morales وهي الهيئات والجماعات التي لا توصف بأنها طبيعية، وإذا كنا قد انتهينا في تعريف القانون الإداري. إلى أنه – في التعريف الواسع – قانون الإدارة العامة، فإنه بذلك يكون قانون الهيئات التي يطلق عليها اسم الهيئات العامة، وأنه بذلك قانون هيئات توصف شخصيتها القانونية بأنها شخصية معنوية أو شخصية اعتبارية La personnalité morale. ومن هنا يتضح مدى أهمية دراسة الشخصية المعنوية في القانون الإداري.

صحيح أن الشخص المعنوي لا يعبر ذاتيًا عن إرادته، وإنما لابد وأن يعبر عن إرادة الشخص المعنوي، شخص طبيعي. ولكن يميز الموقف هنا، أن هذا الشخص الطبيعي حين يكون معبراً عن إرادة الشخص المعنوي، فإنه لا يكون معبرًا عن إرادته هو، ولا متعاقدًا باسمه، وإنما التعبير عن إرادة الشخص المعنوي، والتعاقد باسم الشخص المعنوي الذي يمثله، كما أن التصرف والتعاقد إنما يكون لحساب الشخص المعنوي. وهكذا يتبلور الوضع في أن يكون الشخص المعنوي في المحصلة النهائية هو الشخص المنصرف والمتعاقد، الملتزم والذي تنصرف الحقوق إلى ذمته الخاصة به، ومن ثم تكون له صلاحية التقاضي مدعيًا ومدعى عليه، وبكلمات الأستاذ شارل ديباش:

“L’atribution de la personnalité morale permet à l’établissement d’être sujet de droit et d’obligations. L’établissement public peut ester en justice, il dispose d’un patrimoine proper, il peut contracter, il peut disposer d’un personnel proper; il a un budget qui retrace ses operations”.

أو هي بكلمات الأستاذ G. Peiser:

“.. est une collectivité titulaire de droits et d’obligations”.


استنادًا وتأسيسًا على ما ذهب إليه الأستاذ Waline:

“La personne morale est un centre d’intérêts socialement protégés”.

تحديد مفهوم الشخصية المعنوية

نرى أن التعريف بالشخصية المعنوية ليس بكاف في بيان مفهومها وتحديد مضمونها، ذلك أن فكرة الشخصية المعنوية، كانت محلاً لخلاف كبير بين الفقهاء، فمنهم من اعتبرها حقيقة، ومنه من نظر إليها باعتبارها مجرد افتراض أو أنها ليست إلا مجازا، وفريق ثالث أنكر أهميتها تماماً مقرراً أن في الفكر القانوني الكثير من الأفكار والنظريات، ما يغني عن الالتجاء إلى فكرة الشخصية المعنوية الخيالية. وفي التعرض لهذه النظريات – ولو في إيجاز – ما يساعد على تحديد فكرة الشخصية المعنوية، ويبين مضمونها ومفهومها.

فإذا ما ثبتت الشخصية المعنوية لهيئة ما، ترتب على ذلك عدد من النتائج القانونية، نرى أن في شرحها ما يساعد على توضيح المفهوم والمضمون الذي نحن بصدده.

الشخص المعنوي والشخصية المعنوية

رأينا أن القانون يعرف نوعين من الأشخاص، هما الشخص الطبيعي، وهو الشخص الآدمي personne humaine والشخص المعنوي personne morale، وهو شخص قانوني يوصف بأنه غر آدمي.

ويرتبط لفظ “شخص” بمدلول محدد ومفهوم لدى الجميع، مؤداه أنه الوجود المادي للفرد البشري. ومن هنا فإن الشخص الطبيعي، لا يفيد سوى الفرد البشري، ويكون إضافة وصف طبيعي غير ذات موضوع. أو هو تحصيل حاصل، أو هو من باب التزيد غير المقبول، لن لفظة الشخص تنصرف بذاتها إلى الفرد الطبيعي الآدمي.

ولكن جرى العرف القانوني على إضافة طبيعي إلى شخص، للتمييز بين الشخص الآدمي، وبين ذلك الشخص الجديد والذي أطلق عليه اصطلاح الشخص المعنوي أو الشخص الاعتباري. فإذا كنا بصدد اصطلاح الشخص الاعتباري أو الشخص المعنوي فإننا نجد الاصطلاح مكوناً من كلمتين، لكل منهما مدلول قد يتناقض مع مدلول الأخرى. ذلك أن مدلول كلمة شخص يعني – حسب الأصل – الفرد الموجود فعلاً، أنه الوجود المادي للشخص الآدمي. بينما تعني كلمة اعتباري أو معنوي الافتراض والمجاز.

وواضح أن الوجود المادي يتناقض تماماً مع المجاز. ومن هنا فإننا نرى اصطلاح الشخص المعنوي أو ما شابهه، اصطلاح معيب لحمله لهذا التناقض.

فإذا ما رجعنا إلى مفهوم الاصطلاح، لم نجد المشرع ولا الفقه يعنون به سوى صلاحية مجموعة من الأشخاص أو مجموعة من الأموال للالتزام والإلزام، استقلالا عن الأفراد أو الأموال المكونة لها، ومن هنا فإنه استناداً إلى أن الهدف المقصود الإفصاح عنه، يتمثل في أن لهذه المجموعة من الأشخاص أو الأموال أهلية مستقلة عن ذوات الأفراد والأموال المكونة لها، فإن الأقرب إلى الصواب أن تطلق عليها تسمية الشخصية المعنوية La personnalité morale، وتكون لفظة الشخصية هنا لا تعني سوى “الأهلية” أو “القدرة القانونية” أو ما شاكل ذلك من المعاني، والتي تتميز بأنها لا تعني “الفرد المادي” مثل ما تعني لفظة شخص، وبهذا يتحقق الهدف من الاصطلاح، ودون تناقض بين مفهوم ومدلول كلماته.

تعريف الشخصية المعنوية

اصطلاح الشخصية المعنوية أو الاعتبارية اصطلاح جديد على الفكر القانوني. ويكفي أن نشير إلى أنه لم يظهر في التشريع الفرنسي إلا مع عام 1884. ولقد كانت حداثة “الاصطلاح” أو حداثة “الفكرة” ذاتها، وراء عدم الدقة وشيوع استخدام “الشخص المعنوي” على مستوى التشريع والفقه، ثم أن ذلك كان وراء صعوبة التعريف.

وأننا لنلمس ذلك في التشريع المدني المصري مثلاً، إذ أفرد للشخصية الاعتبارية المادتين 52، 53 وجعل عنوانهما “الشخص الاعتباري” وجاء في المادة 52 تعريفه للشخص الاعتباري بقوله:

مادة 52 مدني

الأشخاص الاعتبارية هي:

  1. الدولة وكذلك..وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية.
  2. الهيئات والطوائف الدينية التي تعترف لها الدولة بشخصية اعتبارية.
  3. الأوقاف.
  4. الشركات التجارية والمدنية.
  5. الجمعيات والمؤسسات المنشأة وفقاً للأحكام التي ستأتي فيما بعد.
  6. كل مجموعة من الأشخاص أو الأموال تثبت لها الشخصية الاعتبارية بمقتضى نص في القانون.

واضح أن النص بدأ بقوله “الأشخاص الاعتبارية هي:”. وكان مفاد هذه البداية أن يورد المشرع تعريفاً لهذه “الأشخاص الاعتبارية”. ولكنه بدل إيراد تعريف نجده يورد سردًا لأشخاص اعتبارية، يقول أنها كذلك متى “اعترفت لها الدولة والقانون بالشخصية الاعتبارية”. ومن هنا فإن المادة ٥٢ لم تعرف “الشخص الاعتباري” إلا بأنه هو ذلك الذي تعترف له الدولة أو القانون ب “الشخصية الاعتبارية”. ويكون المشرع بهذا المسلك قد عرف مجهولاً بمجهول، إذ عرف “الشخص الاعتباري” “بالشخصية الاعتبارية” ولم يعط أيًا منهما مدلولاً أو تفسيرًا.

مادة 53 مدني

فإذا ما انتقلنا إلى المادة 53، وجدنا المشرع يعرف الشخص الاعتباري بقدراته ومكناته القانونية وجاء النص:

مادة 53: (1) الشخص الاعتباري يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازمًا لصفة الإنسان الطبيعية، وذلك في الحدود التي قررها القانون.
(2) فيكون له:

  • ذمة مالية مستقلة.
  • أهلية في الحدود التي يعينها سند إنشائه، أو التي يقررها القانون.
  • حق التقاضي.
  • موطن مستقل.

(3) ويكون له نائب يعبر عن إرادته”.

ومن جماع ما أورده المشرع في المادتين 52، 53 من القانون المدني يمكن القول بأن الشخصية الاعتبارية هي صلاحية مجموعة من الأشخاص تستهدف تحقيق غرض مشترك، أو مجموعة من الأموال ترصد لتحقيق هدف محدد، لن تكون أهلاً للإلزام والإلتزام، استقلالاً عن ذوات الأفراد أو الأموال المكونة لها.

فإذا كان ولا بد من استخدام اصطلاح “الشخص الاعتباري” جرياً على تعبير المشرع، وما شاع في كتب الفقه وأحكام القضاء، فإنه يمكن تعريفه بأنه الشخص الذي يعترف له المشرع ب الشخصية الاعتبارية.. أنه بذلك مجموعة من الأشخاص أو الأموال يعترف لها القانون بالشخصية القانونية المستقلة عن ذوات الأفراد أو الأموال المكونة لهذا الشخص الاعتباري، وذلك بقصد تمكينه من تحقيق الهدف المحدد والمعين لهذه المجموعة من الأفراد أو الأموال. وبكلمات أخرى يمكن القول بأن الشخص الاعتباري هو كل مجموعة من الأشخاص تستهدف تحقيق غرض مشترك، وكل مجموعة من الأموال ترصد لتحقيق هدف محدد، ويعترف لها القانون بالشخصية القانونية التي تجعلها أهلاً للإلتزام والإلزام استقلالاً عن الأفراد أو الأموال المكونة لها.

ويمكن أن نستنتج من هذا التعريف أن وجود الشخصية الاعتبارية أو الشخص الاعتباري ليس حكراً على مجال قانوني دون آخر، وإنما يمكن أن نصادفه في كل المجالات القانونية، فنجده في مجال القانون الخاص، كما نقابله في مجال القانون العام. ويبقى بعد ذلك فارق هام، فحواه أنه بينما تضم ساحة القانون الخاص أشخاصًا طبيعيين وأشخاصاً اعتبارية، فإنه لا يوجد في ساحة القانون العام إلا الشخصية الاعتبارية والأشخاص الاعتبارية وفقط.

القواعد التي تحكم وجود الشخصية الاعتبارية

من التعريف الذي انتهينا إليه، نستطيع القول بأن وجود الشخصية الاعتبارية محكوم بقاعدتين أساسيتين هما:

  1. لا تثبت الشخصية الاعتبارية إلا بقانون.
  2. لا تظهر الشخصية الاعتبارية إلا لتحقيق غرض محدد.

ونتعرض لكل من هاتين القاعدتين بشئ من الإيجاز.

القاعدة الأولى: لا تثبت الشخصية الاعتبارية إلا بقانون

القانون وحده هو القادر على منح الشخصية الاعتبارية. فقد انتهينا إلى أن الشخصية الاعتبارية تعني ثبوت أهلية الإلزام والالتزام لمجموعة من الأشخاص أو الأموال استقلالاً عن ذوات هؤلاء الأشخاص وهذه الأموال المكونة لهذه المجموعة. معنى ذلك أن الشخصية الاعتبارية شخصية جديدة تختلف عن الشخصيات الذاتية الثابتة لكل فرد من أفراد المجموعة المكونة لها. كما أنها لم
يكن لهذه الشخصية الجديدة وجود قبل قيام هذه المجموعة من الأشخاص أو الأموال.

فمثلاً لو أن مجموعة م الأشخاص الطبيعيين هم أ، ب، ج، د، ه على التوالي اتفقوا فيما بينهم على إنشاء شركة تجارية، فإنه بتكوين هذه الشركة، يظهر إلى الوجود شخصية جديدة، هي شخصية الشركة، لم تكن موجودة من قبل، كما أن لها أهليتها المستقلة عن ذوات الأفراد المكونين لها، فالشخصية الجديدة ليست أ أو ب أو ج أو د أو ه وإنما هي شخص اعتباري قام وظهر نتيجة تجمع هذا العدد من الأفراد حول تحقيق غض مشترك، وقد يختلف في جنسيته عن جنسية بعض أو كل الأفراد المكونين له.

وبديهي أن لا يترك ظهور مثل هذه الشخصية الاعتبارية دون ضوابط، ذلك أنه إذا كان وجود الشخص الطبيعي رهين بواقعة مادية هي واقعة ميلاده، وإذا كان اكتمال أهليته رهين كذلك بمسألة حسابية هي بلوغه سن الرشد، وأنه في إمكان الكافة معرفة ذلك كله، فإن الأمر بالنسبة للشخص الاعتباري ليس بهذه السهولة، وكان لابد من رسم الوسيلة التي تعلن ميلاد الشخصية الاعتبارية.

ولقد كان الأمر قبل صدور القانون المدني الجديد دون قاعدة تحكمه. ومن هنا قابلنا أشخاصًا اعتبارية قامت بقانون، بينما قامت أشخاص اعتبارية أخرى بمرسوم . ملكي، كما حدث عند إنشاء مجمع اللغة العربية عام 1939 وبصدور القانون المدني الجديد في 16من يوليو عام 1948 والساري المفعول اعتباراً من 15 من أكتوبر سنة 1949، تحدد الأمر بالمادة 52 السابق الإشارة إليها، والتي جرى نص فقرتها السادسة على الوجه التالي:

مادة 52 (2):

الأشخاص الاعتبارية هي: كل مجموعة من الأشخاص أو الأموال تثبت لها الشخصية الاعتبارية بمقتضى نص في القانون”.

فبعد أن عدد المشرع في الفقرات من 1 إلى 5 من المادة 52 أشخاصًا منحها الشخصية الاعتبارية على وجه الخصوص، أتى بالقاعدة العامة في الفقرة الأخيرة من المادة، والتي قررت في قطع أن الشخصية الاعتبارية لا تقوم ولا تثبت إلا بمقتضى نص في القانون.

من هنا فلا قيام للشخص الاعتباري إلا بقانون. ويتحقق ذلك إما بشكل عام، وذلك بأن يضع المشرع الشروط التي إذا توافرت قام الشخص الاعتباري. ومن هنا يكتسب الشخصية الاعتبارية كل مجموعة من الأفراد أو الأموال، توافرت في حقها للشروط المنصوص عليها في التشريع، ودون حاجة إلى إصدار قانون بشأنها. وقد لا يضع التشريع الشروط العامة، هنا يلزم صدور قانون في كل حالة على حدة. وبديهي أنه ليس هناك مانع من اعتناق الأسلوبين جميعا.

ويترتب على استقلال القانون بمنح الشخصية الاعتبارية، أنه لا يجوز للسلطة التنفيذية منح هذه الشخصية، إلا أنه إذا فوض المشرع السلطة التنفيذية في منحه هذه الشخصية في حالات معينة، فإنه يجوز للسلطة التنفيذية هنا منح الشخصية الاعتبارية.

ولا يكون ذلك خروجًا على القاعدة المقررة.ذلك أن عمل السلطة التنفيذية هنا إنما يستند إلى التفويض الصادر من المشرع.

شخصية الدولة

على أنه يجب التنبيه إلى أن الدولة هي الشخص الاعتباري الوحيد الذي يقوم دون قانون. وما ذلك إلا لأن الدولة هي صاحبة السلطة ذات السيادة، وهو أمر يعني أنه لا يجوز أن يوجد في الدولة أية سلطة أخرى أقوى منها أو تساويها. والقول بأن القانون يمنح الدولة الشخصية الاعتبارية، قول يعني أن يكون القانون هو خالق الدولة وصانع شخصيتها، وأنه بالتالي يكون له أن ينهيها ويقرر زوالها، وكلها أمور تتنافى تماماً مع كون الدولة صاحبة السلطة ذات السيادة وانطلاقًا من هذا الفهم لم يرد في دساتير 1923، 1956، 1958، 1964، 1971 المصرية أي نص يشير إلى منح الدولة الشخصية المعنوية، ولهذا السبب أيضًا نعيب على نص المادة 52 (1) في القانون المدني، ذكر الدولة من الأشخاص الاعتبارية، اللهم إلا إذا كان ذلك من باب التعداد، لا من باب منح الدولة هذه الشخصية.

القاعدة الثانية: قيام الشخصية الاعتبارية على قاعدة تخصيص الغرض

ويعبر عن هذه القاعدة بمبدأ التخصص le principe de spécialité. فالقانون لا يمنح الشخصية المعنوية إلا على أساس تحديد نشاط الشخص المعنوي بالغرض الذي قام من أجل تحقيقه. وكانت المادة 57 من القانون المدني قبل إلغائها بالقانون رقم 384 لسنة 1956 تتضمن هذه القاعدة بقولها : لا يجوز أن يكون للجمعية حقوق ملكية أو أية حقوق أخرى على عقارات إلا بالقدر الضروري لتحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله”. فلا يجوز للشخص الاعتباري أن يمارس أو يباشر نشاطًا خلاف ما يحدده له القانون الذي أنشأه، ذلك أن:

“L’etablissement public est créé pour gérer un service public. Il est soumis au principe de spécialité. Ce la signifie qu’il ne peut avoir d’autre sphere d’activité que celle qui lui a été donnée parl’acte qui l’acréé”.

على حد تعبير الأستاذ شارل ديباش.

وفي مجال روابط القانون العام، يجري تطبيق مبدأ التخصص المشار إليه، بتحديد نشاط الشخص الاعتباري بإقليم معين أو بموضوع معين، أو بموضوع معين في إقليم معين. فهناك الأشخاص الإقليمية، وهذه يمنحها المشرع – في الغالب – اختصاصًا عامًا داخل حدود جغرافية محددة، ومثالها المدينة والقرية والمحافظة، فلكل منها مجال جغرافي محدد لا يجوز لها أن تتجاوزه، وفي داخل هذا المجال لها أن تباشر العديد من الأنشطة المتعددة الأهداف والأغراض.

تحديد الغرض موضوعيًا

ويتحدد الغرض موضوعيًا، أي بالنشاط الذي يمارسه الشخص الاعتباري تحقيقاً لغرضه المحدد. ويطلق على هذا لنوع اسم الأشخاص الاعتبارية المصلحية. ومن أمثلتها مرفق التعليم الذي يتحدد نشاطه بتحقيق غرض محدد هو القيام على نشر العلم والمعرفة، ومرفق الصحة الذي يتحدد نشاطه بتحقيق غرضه في علاج المرضى ومقاومة الأوبئة والسهر على الصحة العامة. مثل هذه المرافق لا يجوز لهاأن تتجاوز النشاط المحدد لها. فلا يجوز لمرفق الصحة مثلاً أن يقيم مصنعاً للنسيج أو أن يباشر نشاطاً في مجال المقاولات. هذه الأشخاص المصلحية، قد يحدد لها المشرع مجالاً إقليميًا محددًا، وبذلك يتحدد تخصصها بالمعيارين جميعا، معيار النشاط والمعيار الإقليمي. وقد يعطي لها حق مباشرة نشاطها على المستوى القومي، فيكون الأساس في تخصيصها بالنشاط فقط.
وننبه في هذا المجال إلى أن الدولة هي الأساس الاعتباري الوحيد، الذي لا يخضع لمبدأ التخصص لا في مجاله الجغرافي، ولا في مجاله النشاطي، فالدولة شخص اعتباري يباشر نشاطه على المستوى الإقليمي وفي كافة مجالات النشاط.

ويجب أن يلتزم الشخص الاعتباري بحدود النشاط التي يحددها له سند إنشائه، فإن خرج على هذه الحدود، وباشر نشاطًا غير مرخص له بمزاولته، جاز حله وإنهاء شخصيته، لتجاوزه حدود الاختصاص التي رسمها وحددها قانون إنشائه.

المصدر

  • القانون الإداري، للأستاذ الدكتور محمد الشافعي ابو راس. أول عمید لكلیة الحقوق جامعة بنھا. استاذ القانون العام.

اقرأ أيضًا: القانون الإداري – تعريفه وخصائصه وتمييزه.

أشخاص القانون الإداري - نظرية الشخصية المعنوية
أشخاص القانون الإداري – نظرية الشخصية المعنوية
error:
Scroll to Top