المحتويات
ما هو التمويل قصير الأجل
تلجأ المؤسسات إلى البحث عن مصادر تمويل جديدة عندما تكون مصادر التمويل الذاتية غير كافية لمواجهة احتياجاتها، أو لأنها لا ترغب في استعمال المزيد منها لأسباب تتعلق بالربحية أو التوقيت. ويساعد المؤسسة في الحصول على احتياجاتها التمويلية وجود سوق مالي متطور يتولى بكفاية مهمة الوساطة بين أماكن الفائض وأماكن العجز في الاقتصاد القومي، على أن يتوفر أولا لدى المؤسسة المقترضة الشروط المتوجب توافرها في كل مقترض من حيث سلامة الوضع المالي، والغرض المناسب الذي ستستعمل فيه الأموال المقترَضة، والقدرة على الوفاء في وقت مقبول للمقرض، وهناك ثلاثة أنواع من التمويل وهي التمويل قصير الأجل والتمويل طويل الأجل والتمويل متوسط الأجل، وفيما يلي سوف يتم شرح التمويل قصير الأجل وأهم أنواعه وهي الائتمان المصرفي، الائتمان التجاري، الأوراق التجارية، بالتفصيل.
لقراءة المزيد حول التمويل بشكل عام، يمكن الاطلاع على موضوع: التمويل ومصادره وأنواعه والعوامل المحددة لها
الإدارة المالية – مركز البحوث والدراسات متعدد التخصصات
مصادر التمويل قصير الأجل
تتكون مصادر التمويل قصير الأجل بشكل رئيس من:
- الائتمان المصرفي بأشكاله أو (بالإنجليزية: BANK CREDIT)
- القبولات المصرفية أو (بالإنجليزية: BANK ACCEPTANCES)
- الائتمان التجاري أو (بالإنجليزية: COMMERCIAL CREDIT)
- الأوراق التجارية أو (بالإنجليزية: COMMERCIAL PAPERS)
- خصم الأوراق التجارية أو (بالإنجليزية: DISCOUNTING OF COMMERCIAL PAPERS)
- بيع الديون أو (بالإنجليزية: FACTORING) أو الاقتراض مقابلها
- البيع التأجيري أو (بالإنجليزية: HIRE PURCHASE)
- الضرائب المؤجلة الدفع أو (بالإنجليزية: DEFFERED TAXES)
نبذة عن التمويل قصير الأجل
يُستعمل التمويل قصير الأجل (بالإنجليزية: SHORT TERM FINANCING) بشكل رئيسي لأجل الاستثمار في الموجودات المتداولة.
وذلك لتتناسب طبيعة هذه الموجودات من حيث سرعة تحويلها إلى نقد مع طبيعة القروض قصيرة الأجل التي يُفترض أن يتم تسديدها خلال فترة قصيرة تتناسب في طولها في معظم الأحيان مع طول الدورة التجارية للمؤسسة، إلا أن استمرار الدورات التجارية للمؤسسة وتداخلها يجعل من عملية التمويل هذه عملية مستمرة ومتتابعة تظل طالما بقيت المؤسسة مستمرة في عملها.
أغراض التمويل قصير الأجل
تنشأ الحاجة للاقتراض قصير الأجل إذا كانت مصادر التمويل طويل الأجل غير كافية لتمويل الاستثمارات طويلة الأجل وقصيرة الأجل في المؤسسة، أو أن تكون إدارة المؤسسة رأت أنه من غير المناسب استعمال مصادر تمويل طويل الأجل في تمويل الاستثمارات قصيرة الأجل انطلاقًا من مبدأ الملاءمة بين طبيعة المصدر والاستخدام.
لكن قد تكون هناك مبررات أخرى للحصول على التمويل قصير الأجل.
مبررات التمويل قصير الأجل
من مبررات التمويل قصير الأجل ما يلي:
- الاحتياجات الموسمية: حيث ترتفع احتياجات المؤسسة إلى التمويل في ذروة النشاط الموسمي، وتنخفض هذه الحاجة بالانتهاء التدريجي للموسم أو للدورة التجارية. ويقدم الاقتراض قصير الأجل بحكم شروطه فرصة للمؤسسة لإعادة الأموال المقترضة إلى مصدرها بعد انتهاء الموسم، بعكس الاقتراض طويل الأجل حيث تبقى الأموال عاطلة عن العمل، أو تحقق دخلا منخفضًا طوال الفترة خارج النشاط الموسمي.
- السهولة النسبية للحصول على القروض قصيرة الأجل لانخفاض مخاطرها بالنسبة للدائنين مقارنة بمخاطر القروض طويلة الأجل، وذلك نظرًا لأهمية عنصر الزمن في المخاطر التي يواجهها المقرضون.
- انخفاض كلفة القروض قصيرة الأجل بالمقارنة مع كلفة القروض طويلة الأجل، لانخفاض مخاطرها بشكل عام.
- قد يكون الخيار الوحيد المتاح أمام المؤسسة خاصة في حالة صعوبة طرح أسهم جديدة أو الاقتراض الطويل الأجل لأسباب تتعلق بظروف السوق أو الكلفة.
- قد يكون الائتمان قصير الأجل بدون كلفة، خاصة في حالات الائتمان المقدم من الموردين الذين لا يمنحون أية خصومات لتشجيع الدفع النقدي.
أهم أنواع التمويل قصير الأجل
من أهم أنواع التمويل قصير الأجل، والمتاح للمؤسسة ما يلي:
- الائتمان المصرفي بأشكاله (والقبولات المصرفية)
- الائتمان التجاري
- الأوراق التجارية
وسوف يتم شرح كل منها بالتفصيل فيما يلي:
أولا: الائتمان المصرفي
تعتمد المؤسسات التجارية والصناعية في ممارسة أنشطتها اعتمادًا كبيرًا جدًا على البنوك وذلك في مجالات عديدة منها:
- تسهيل عمليات الدفع
- والاستيراد والتصدير
- إلى جانب توفير الائتمان المصرفي اللازم لتمويل احتياجاتها في النمو والتطور.
هذا ولن نتحدث في هذا المجال إلا عن دور البنوك التجارية في تقديم الائتمان المصرفي للمؤسسات التجارية.
وتعتبر البنوك التجارية أهم مصدر من مصادر التمويل المتاحة للمؤسسات التجارية والصناعية على حد سواء.
هذا ويمكن التدليل على هذه الأهمية باستعراض سريع للميزانية المجمعة للبنوك التجارية في أي بلد للوقوف على حجم الائتمان المصرفي المباشر المقدم منها للمؤسسات.
وتتعامل المؤسسات التجارية التي تحتاج إلى الائتمان المصرفي مع مسائل تتعلق باختيار نوع التمويل الذي تحتاج إليه، والبنك الذي تتعامل معه، خاصة أن قدرة البنوك على التسليف ليست مطلقة، بل هي محدودة بمجموعة من العوامل.
ومن هذه العوامل:
- رأسمال البنك واحتياطياته المختلفة
- حجم الودائع
- مستوى الودائع واستقرارها
القبولات المصرفية
تعتبر القبولات المصرفية (بالإنجليزية: ACCEPTANCES) من مصادر التمويل قصير الأجل والتي من الممكن أن تكون بديلا للائتمان المصرفي أو جزءًا منه.
والقبولات المصرفية تتمثل في قبول البنوك للسندات نيابة عن عملائها، كما يوضح ذلك المثال البسيط التالي:
إذا باع عميل (أ) بضاعة إلى عميل (ب)، فقد يوافق العميل (أ) على دفع قيمة البضاعة المبيعة بسند مؤجل الدفع (بالإنجليزية: BILL OF EXCHANGE) شريطة أن يكون هذا السند مقبولا من بنك العميل (ب) بدلا من العميل (ب) نفسه.
وتقدم البنوك هذه الخدمة للعملاء الذين يتمتعون بمواقف مالية جيدة.
وتتراوح مدة هذه القبولات ما ببن (30) و(180) يومًا على الأرجح.
إدارة التمويل قصير الأجل
في إدارة التمويل قصير الأجل هناك عنصران يجب مراعاتهما وهما:
- حجم الدين قصير الأجل الذي على المؤسسة استعماله
- مصادر التمويل قصير الأجل التي يجب اختيارها
وبالنسبة للعنصر الأول، فإن حجم الدين قصير الأجل يتحدد بمقدار الاستثمارات قصيرة الأجل انطلاقًا من الفرضية القائمة على مبدأ الملاءمة بين طبيعة المصدر وطبيعة الاستخدام.
أما فيما يتعلق بالعنصر الثاني فهو محكوم بالعوامل التالية:
- الكلفة الفعلية للتمويل قصير الأجل
- توافر التمويل بالكمية والوقت والمدة المطلوبة
- أثر استعمال أحد المصادر في كلفة ووفرة المصادر الأخرى
تقدير كلفة التمويل قصير الأجل
يقوم تقدير كلفة التمويل قصير الأجل على فكرة معادلة الفائدة الأساسية الفائدة.
الفائدة = المبلغ × السعر × الزمن
إلاّ أن المشكلة تتمثل في هذه الحالة في احتساب الكلفة الفعلية (بالإنجليزية: EFFECTIVE INTEREST RATE) إذا عُرف رأسمال الدين ومدة الدين.
سعر الفائدة الفعلي = الفائدة ÷ (المبلغ × الزمن)
أو:
سعر الفائدة الفعلي = (الفائدة ÷ المبلغ) × (1 ÷ الزمن)
مثال تطبيقي على تقدير كلفة التمويل قصير الأجل
تفكر شركة في اقتراض (1000000) جنيه لمدة (90) يومًا مقابل فائدة مقدارها (30000) جنيه.
فيكون:
سعر الفائدة الفعلي = (30000 ÷ 1000000) × (1 ÷ 90/360)
أو:
سعر الفائدة الفعلي = 12%.
العوامل الرئيسية لاختيار البنك للتعامل معه
اختيار البنك من المسائل الهامة بالنسبة للمؤسسات التي تتطلع إلى الائتمان المصرفي.
لذا على مثل هذه المؤسسات، وقبل أن تقرر مع أي بنك تتعامل، أن تقوم بدراسة العوامل التالية:
1. الحجم
هناك قيود اقتصادية وقانونية على مقدار القروض التي يمكن لأي بنك منحها للعميل الواحد.
لذا يجب على المؤسسة البحث عن بنك يكون بمقدوره تلبية طلبها عند الحاجة، خاصة إذا كانت الشركة كبيرة واحتياجاتها المالية مرتفعة.
2. سياسة البنك الائتمانية
يكون محور اهتمام المقترض عادة منصبًا على:
- مقدار ما يمكن اقتراضه
- مدة القرض الممكن الحصول عليه
- كلفة الاقتراض
- سرعة إنجاز القرض
- مدى معرفة البنك لطبيعة العمل المطلوب تمويله
وجميع هذه الأمور خاضعة لسياسات موضوعة لدى كل بنك وهي ما يطلق عليها سياسة البنك الائتمانية أو (بالإنجليزية: BANK CREDIT POLICY).
لذا على المقترض أن يختار من بين البنوك التي تتبع سياسات تسليفية أقرب إلى تلبية الاحتياجات.
3. الولاء للعملاء
تتفاوت البنوك في مدي دعمها لعملائها في الظروف الصعبة، ويعبر عن هذه الظاهرة بمفهوم الولاء للعملاء أو (بالإنجليزية: LOYALTY TO CUSTOMERS).
فبعض البنوك قد تضع ضغوطًا على عملائها لتسديد قروضهم لها إذا ظهرت بعض بوادر الضعف عليهم.
بينما تقف بعض البنوك إلى جانب عملائها وتساعدهم على تجاوز ظروفهم الصعبة.
4. النصح والمشورة
كثيرًا ما تقدم البنوك النصح والمشورة (بالإنجليزية: ADVICE AND COUNSEL) لعملائها خاصة في المراحل الأولى من تأسيس مشاريعهم.
وحتى في المراحل اللاحقة عندما تسعى البنوك لتنبيه عملائها إلى ظهور بعض المشكلات.
5. مدى المخاطر التي يقبل بها البنك
تتبع البنوك سياسات مختلفة فيما يتعلق بقبول المخاطر، فبعضها يتبع سياسات متحفظة والبعض يتقبل مخاطر مرتفعة نسبيًا.
وتعكس هذه السياسات عادة ثقافة موظفي البنك وتركيبة مطلوباته.
6. سلامة المركز المالي للبنك
سلامة مركز البنك المالية أو (بالإنجليزية: SAFETY) تهم المقترض من منظورين:
- الأول: إذا كان دائنًا، فإن فشل البنك قد يعني ضياع الأرصدة التي يحتفظ بها المقترض لدى البنك.
- الثاني: إذا لم يكن العميل دائنًا للبنك، فإن فشل البنك سيعني حرمانه من مصدر التمويل الذي يعتمد عليه في تلبية احتياجاته.
ولهذين السببين، يجب اختيار البنك دي المركز المالي الأسلم والإدارة الجيدة.
7. علاقة البنك مع البنوك الأخرى
تزداد مقدرة البنك على تلبية احتياجات عملائه إذا كانت علاقته بالبنوك الأخرى علاقة جيدة حتى يستطيع بالتعاون معها المشاركة في تلبية الاحتياجات الضخمة لعملائه والتي قد لا يستطيع بمفرده تلبيتها، إما لقيود قانونية، أو تنظيمية، أو لعدم رغبته في تقديم قروض كبيرة لعميل واحد لأسباب تتعلق بالمخاطر.
8. خبرة البنك وتخصصه
تتفاوت البنوك كثيرًا في خبرتها وتخصصها، فالبنوك الكبيرة تمتاز بوجود دوائر متعددة لتقديم مختلف أنواع القروض.
حيث تعمل هذه الدوائر على تقديم القروض بأفكار ذكية وتعاون بنّاء مع عملائها.
محددات قدرة البنوك على منح التمويل قصير الأجل
هناك ثلاثة قيود تحدد مقدار ما يمكن للمقترض أن يحصل عليه من أموال من البنك الواحد، وهي كما يلي:
- سياسة البنك التسليفية التي غالبًا ما تنص على تنويع وتوزيع المخاطر، كما تضع حدودًا قصوى لما يمكن منحه للعميل الواحد، وكذلك حجم قروضه لكل قطاع من القطاعات الاقتصادية المختلفة.
- القيود المتعلقة بالأحوال التجارية والائتمانية، حيث تتوسع البنوك في أوقات الرواج، وتقلص تسليفاتها في حالات الانكماش، كما تتأثر قدرة ورغبة البنوك على منح الائتمان المصرفي على وضعها المالي، والسياسات المرسومة من قبل البنك المركزي.
- القيود المتعلقة بالمركز الائتماني للمدين، ويتحدد هذا المركز في ضوء اعتبارات تتعلق بشخصية المدين، وقدراته العملية، ورأسماله، والضمانات التي يقدمها.
أشكال الائتمان المصرفي
يتخذ الائتمان المصرفي العديد من الأشكال، لكن أكثرها شيوعًا يتمثل فيما يلي:
- حسابات الجاري مدين
- خصم الأوراق التجارية
- الجاري مدين المستندي
- التمويل لقاء إيصالات إيداع البضائع في مستودعات عامة
- قبولات السندات التجارية
أسس منح الائتمان المصرفي
تبذل البنوك التجارية عناية خاصة عند اتخاذ قراراتها بالتسليف، وذلك لكونها مقرضة لأموال الآخرين التي يجب المحافظة عليها، وتقليل المخاطر المتعلقة باستعمالها.
هذا وتتخذ البنوك التجارية قراراتها التسليفية بعد القيام بالوقوف على الأمور التالية:
أمور تخص القرض
- مبلغ القرض: تفضل البنوك أن يكون مبلغ القرض المطلوب من أي عميل كافيًا لمواجهة احتياجاته حتى لا تفاجأ بمزيد من الطلبات للاقتراض إذا لم يكفِ المبلغ المقدم له أولا، لذا يقع ضمن اهتمامات البنوك التأكد من كفاية مبلغ القرض للغرض الذي يرغب العميل في تمويله.
- الغرض من القرض: كان من المعتاد سابقًا أن يحصل العميل على كل ما يطلبه من البنوك من أموال بمجرد طلبه دونما استفسار من هذه البنوك عن الغرض الذي سيستعمل له المبلغ المقترض. وما زالت بعض البقايا لهذه الصورة موجودة، إلا أن ملامحها الأساسية قد تغيرت، وأصبحت الغالبية العظمى من العملاء مقتنعة بأن على البنوك أن تتعرف على ما ينوي العميل عمله بالمبالغ المقترضة. وبشكل عام يجب ألا يتعارض غرض القرض والسياسات المالية والنقدية التي ترغب الحكومة في تحقيقها، كما يجب أن يكون الغرض مشروعًا قانونيًا ومتفقًا والغايات التي يقدم البنك قروضًا من أجلها.
- مدة القرض: وتفضل البنوك القروض قصيرة الأجل ذات التصفية الذاتية وذلك بحكم تركيبة مواردها، لكنها أحيانًا على استعداد لتقديم قروض متوسطة الأجل.
- مصادر الوفاء: يصرّ البنك المقرض دائمًا، قبل الموافقة على منح أي قرض، على التأكد من وجود مصادر وفاء مؤكدة لدى المقترض. وإذا كان القرض سيسدد في نهاية الدورة التجارية، يجري التأكد من قدرة المقترض على إتمام هذه الدورة بنجاح. أما إذا كان التسديد سيتم من الفائض النقدي المحقق من تشغيل أصل ثابت ممول من القرض، ففي هذه الحالة ينظم التسديد ليكون في مواعيد تحقق هذه الفوائض وبدفعات دورية تتناسب وهذه الفوائض.
أمور تخص المتقرض
- مسموعات المقترض: يعتمد تسديد القروض دائمًا على قدرة ورغبة المقترض في التسديد؛ وتستند هذه القدرة إلى معيار كمي يمكن قياسه بسهولة، إلا أن الرغبة تعتمد على أمور غير ملموسة مثل مسموعات المقترض الأدبية واستقامته في التعامل، ولمثل هذه الأمور أهمية لا تقل عن أهمية القدرة على التسديد.
- قدرة المقترض الإدارية والفنية: تعطي القدرة الإدارية والفنية الجيدة البنك اطمئنانًا على حسن إدارة المشروع الممول ونجاحه، الأمر الذي ينعكس إيجابيًا على قدرة المقترض على التسديد.
- رأسمال المقترض ومصادره المالية: يمثل هذا العنصر الدعم المالي المقدم للمشروع من أصحابه، وهذا الدعم يعبر عن قدرة المشروع المالية التي تعد المحدد الرئيسي لما يمكن للبنك أن يسلفه للمشروع.
- الضمان: لا تمنح البنوك تسهيلاتها من أجل الضمانات، بل تمنح القروض بعد التأكد من قدرة المقترض على التسديد من مصدر معروف خلال مدة معقولة.
إن أي طلب تسليف لا تتوافر فيه العناصر الأساسية لتشكيل قناعة لدى البنك بسلامة الطلب، فإن الضمانة التي يعرضها المقترض يجب ألا تؤثر في هذه القناعة، لكن في حالة وجودها سيكون لديه ميل أكثر لقبول نسبة أعلى من المخاطر.
وتتصف الضمانة المقبولة للبنوك بما يلي:
- سهولة التسويق
- سهولة التقدير
- استقرار القيمة
- عدم القابلية للتلف
- سهول نقل ملكيتها
ثانيًا: الائتمان التجاري
يُعرف الائتمان التجاري (بالإنجليزية: COMMERCIAL CREDIT) بأنه ائتمان قصير الأجل يمنحه المورد إلى المشتري عندما يقوم الأخير بشراء البضاعة لإعادة بيعها.
وهذا التعريف يستبعد من الائتمان التجاري كل من:
- الائتمان الطويل الأجل أو المتوسط الأجل الذي يمنحه بائعو الأصول الثابتة.
- الائتمان الاستهلاكي، كالبيع بالتقسيط
وعلى الرغم من أن المؤسسات الصناعية لا تعتمد اعتمادًا كبيرًا على هذا النوع من الائتمان، بالمقارنة مع المؤسسات التجارية على مستوى تجارة الجملة والمفرق.
إلا أن منح الائتمان التجاري في جميع المراحل من المنتج إلى المستهلك يعتبر أحد المظاهر الهامة للنظام التجاري الحديث.
وتقدم البنوك التجارية، كما يقدم الموردون التجاريون، الائتمان قصير لأجل لمختلف العملاء لتمويل أصولهم المتداولة.
إلا أن مركز المجموعتين يختلف للأسباب التالية:
- يسلف البنك التجاري، لأن التسليف هو عمله الذي يحقق منه دخله؛ في حين لا يسلف التاجر إلا لتسهيل عملية البيع وتحقيق الدخل.
- يقبل الدائنون التجاريون تحمّل مخاطر عملية التسليف الحالية لتحقيق أرباح مستقبلية من خلال استمرار التعامل معهم، في حين لا يتطلع البنك لمثل ذلك لأنه لا يستطيع قبول مخاطر عالية في سبيل الحصول على عمل في المستقبل.
- الأموال التي يستعملها البنك في الإقراض في معظمها ودائع قصيرة الأجل، لذا يصر على الإقراض الجيد لأجل قصير حتى يكون بالإمكان تحويل الأموال المقرضة إلى نقد بسرعة. أما بالنسبة للدائنين التجاريين فإنهم ينظرون إلى أموالهم كأنها دائمة، ولذلك يرون إمكانية منح ائتمان شبه دائم طالما كان ذلك يؤدي إلى علاقات مربحة مع عملائهم.
- لا تقرض البنوك أموالها إلا بعد حصولها على معلومات دقيقة من عملائها، في حين لا يقوم الدائنون التجاريون عند إقراضهم للمشترين بمثل هذا العمل المعقد.
- تتصف القروض المصرفية باتساع القاعدة وتنوع العملاء، في حين تعتمد القروض التجارية على قاعدة ضيقة ونوع واحد من العملاء.
العوامل التي تؤثر في منح الائتمان التجاري
تحتاج المؤسسة إلى الائتمان التجاري قصير الأجل لتمويل رأس المال العامل في الحالات العادية، أو الموسمية، وحالات عدم قدرتها على الحصول على القروض المصرفية.
وتكون المؤسسات الصغيرة أكثر حاجة لمثل هذا النوع من الائتمان من المؤسسات الكبيرة.
هذا ويعتبر الائتمان التجاري مصدرًا تلقائيًا يرتفع وزيادة نشاط المؤسسة.
وهناك مجموعتان من العوامل تؤثر في منح الائتمان التجاري هما:
1. العوامل الشخصية
- مركز البائع المالي: يحدد هذا العامل مقدرة البائع على منح الائتمان؛ فالمالك ذو المصادر الذاتية الكافية يستطيع أن يقدم قدرًا مناسبًا من التمويل للآخرين، كذلك يكون بمستطاعه أن يقترض الأموال من المصادر المختلفة لتقديم المزيد من الائتمان لعملائه.
- مدى رغبة البائع في التخلص من مخزونه: يكون البائع ميالا لمنح مزيد من الائتمان لعملائه إذا كان راغبًا في التخلص من مخزونه خشية التغير في الموضة أو السعر أو الطلب.
- تقدير البائع لأخطار الائتمان: إذا كانت التقديرات متفائلة، يتوسع البائع في الائتمان، والعكس صحيح.
2. العوامل الناشئة عن حالة التجارة والمنافسة
- الفترة الزمنية التي يحتاجها المشتري لتسويق السلعة: الهدف من الائتمان هو توفير سلعة للبائع دون دفع ثمنها إلا بعد بيعها، لذا من المنطقي أن تتناسب مدة الائتمان والوقت اللازم للبيع، وهذا يتفاوت حسب طبيعة السلعة. فالائتمان الممكن منحة لبائع الآليات الثقيلة يختلف في مدته قطعًا عن مدة الائتمان لبائع المواد الغذائية، فالأول يحتاج لأشهر في حين يحتاج الثاني لأيام.
- طبيعة السلعة المبيعة: كلما كثر الطلب على السلعة، وزاد معدل دورانها، كانت مدة الائتمان وشروطه أصعب لأن البائعين ليسوا بحاجة لتقديم مثل هذا الائتمان لتسهيل عملية البيع.
- حالة المنافسة: المنافسة الشديدة تسهل شروط الائتمان، في حين تؤدي المنافسة الضعيفة إلى التشدد في الشروط. فهناك من الشركات التي تصر على البيع النقدي وتحصلان عليه، ويعود ذلك بالدرجة الأولى لوضعهما الاحتكاري في السوق.
- موقع العملاء: موقع العميل من المورد يحدد كمية البضاعة المستوجب تخزينها؛ لذا كلما كان بعيدًا، زادت الحاجة إلى تخزين كمية أكبر، وكانت هناك حاجة أكبر للائتمان.
- الحالة التجارية: يعم الازدهار، تنخفض مخاطر الائتمان ويتوسع الجميع في منحه بشروط سهلة، ولكن العكس قد يكون صحيحًا مع بعض التحفظ.
أشكال الائتمان التجاري
- الحساب الجاري: أهم أشكال الائتمان التجاري والأكثر تفضيلا من المدينين، لأنه لا يضع وثيقة بيد الدائن تسهل عليه اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المقترض في حالة مواجهته لأية صعوبات.
- الكمبيالات: تعتبر الشكل الأقل تفضيلا من المدينين في الائتمان التجاري، ولكن هي تعتبر الأكثر تفضيلا من الدائنين لسببين متباينين:
- أن المدينين لا يفضلون تنظيم كمبيالات لأمر الدائنين، لأنها تضع في يد الدائن مستندًا يسهل عليه عملية الإجراءات القانونية إذا قصّر المدين في الوفاء ورغب الدائن في اتخاذ هذه الإجراءات بحقه.
- إن الدانتين يفضلونها لأنهم، عن طريق تظهيرها، قد يحصلون على بعض السلع، كما أنهم يستطيعون خصمها لدى البنك وقبض قيمتها نقدًا أو إيداعها برسم التأمين، والحصول على نقد مقابل جزء من قيمتها؛ كل هذا إلى جانب توفيرها لمستند في يد الدائن يسهل التنفيذ على المدين بموجبه.
- شيكات مؤجلة: وهي واسعة الانتشار في بعض الدول، ووسيلة غير مفضلة لدى المدينين لخطورتها ولعدم إلزامية الأجل الوارد فيها.
شروط الائتمان التجاري
يمكن فهم شروط الائتمان التجاري أو (بالإنجليزية: TERMS OF CREDIT) إذا أصبحنا ملمين بالعوامل الثلاثة التي قد ينطوي عليها هذا الائتمان.
والشروط الثلاثة هي:
- الخصم المسموح به أو الخصم النقدي: وهو الخصم الذي يمنح إذا قام المدين بالسداد النقدي خلال فترة زمنية معينة، ويختلف هذا الخصم عن الخصم التجاري الذي هو عبارة عن (التخفيض نسبة مئوية من سعر الفاتورة) الذي يمنح للموزعين، كما يختلف عن خصم الكمية الذي هو عبارة عن التخفيض الممنوح في حالة الشراء بكميات معينة.
- فترة السداد: وهي الفترة الزمنية التي ينبغي السداد خلالها حتى يمكن الحصول على الخصم النقدي. وهذه المدة تكون قصيرة في العادة، وتتراوح ما بين (10) و(20) يومًا.
- فترة السماح: وهي الفترة الزمنية التي يمكن أن تمر قبل سداد الفاتورة وذلك في حالة عدم الحصول على الخصم النقدي.
وتتفاوت شروط الائتمان التجاري تفاوتًا كبيرًا. وسنقتصر في مناقشتنا على الأحوال التالية:
الدفع نقدًا قبل الاستلام
لا تنطوي عملية الدفع نقدًا قبل الاستلام (بالإنجليزية: CASH BEFORE DELIVERY) على أي ائتمان.
وتستعمل عندما لا يتمتع العميل المشتري بثقة البائع حيث يصر على الدفع قبل شحن البضائع له.
الدفع نقدًا عند الاستلام
الدفع نقدًا عند الاستلام (بالإنجليزي: CASH ON DELIVERY) وتشحن البضاعة للمشتري، لكن لن يسمح له باستعمالها إلا بعد دفع ثمنها كاملا.
وتتضمن هذه الحالة بعض المخاطر للبائع، تتمثل في احتمال رفض المشتري للبضاعة عند وصولها.
وهنا قد يتكلف البائع مصاريف إعادتها إليه، أو بيعها لجهة أخرى في نفس المنطقة، أو القبول بشروط المشتري الأصلي التي قد لا تكون مناسبة.
الشروط النقدية
والشروط النقدية أو (بالإنجليزية: CASH TERMS)، تنطوي على منح الائتمان لفترة قصيرة في حدود أسبوع.
والغرض منه تمكين المشتري من استلام البضائع وفحصها وتدقيق الفاتورة,
وهذا يتطلب أن تكون هناك ثقة في مقدرة المشتري وثقة في تعامله.
الشروط العادية
يمنح المشتري مدة زمنية من تاريخ تحرير الفاتورة لكي يقوم بالسداد.
وإذا سدد خلال فترة قصيرة خلال المهلة الممنوحة له، فانه يحصل على خصم تعجيل الدفع.
ويعبر عن هذه الشروط كما يلي:
2/10 صافي 30
ويعني ذلك أن للمشتري الحق في أن يختار بين:
- الدفع خلال العشرة أيام الأولى من تاريخ الفاتورة، ويحصل على خصم نقدي مقداره 2%، أو
- سداد الفاتورة بالكامل وبدون خصم في نهاية مدة الائتمان التجاري الممنوح والبالغة 30 يومًا.
السداد الشهري
لكثرة العمليات التجارية، فقد يتم الاتفاق على السداد مرة واحدة في الشهر.
حيث يمكن للمشتري أن يحصل على خصم نقدي إذا حدث السداد خلال فترة معينة من الشهر التالي.
فقد تكون شروط الائتمان مثلا:
2/10 آخر الشهر، صافي 30 يومًا
أي سيسمح بخصم مقداره 2% إذا تم التسديد بعد عشرة أيام من آخر الشهر السابق.
وإذا لم يقم المشتري بالتسديد خلال العشرة أيام هذه فإنه لن يحصل على الخصم، وعليه التسديد بالكامل في نهاية الشهر الحالي.
السداد الموسمي
يستعمل السداد الموسمي (بالإنجليزية: SEASONAL DATING) بشكل واسع في تجارة السلع الموسمية، حيث يحدد السداد ليقع بعد نهاية موسم البيع عادة. أيضًا يستعمل هذا الترتيب في الحالات التي يرغب فيها البائع في تشجيع المدينين على تقديم طلباتهم للشراء مبكرًا، قبل موعد الذروة في دورة المبيعات، وفائدة هذا الأسلوب للبائع أنه لا يحتفظ بكميات كبيرة من البضائع في مستودعاته، ويمكنه من إعداد حصته الإنتاجية في ضوء الطلبات المقدمة، وللمشتري ألا يدفع ثمن البضاعة إلا بعد بيعها.
إرسال البضاعة برسم البيع
في حالة إرسال البضاعة برسم البيع (بالإنجليزية: CONSIGNMENT) تبقى ملكية البضاعة في هذه الحالة للبائع ويكون المرسل له مؤتمنًا عليها حيث يجب فصلها عن بضائعه، ويقوم بتوريد ثمن ما يباع منها للمرسل.
ويتبع مثل هذا الترتيب في الحالات التي يتمتع بها المرسل إليه بملاءة عالية.
وكذلك في الحالات التي يكون فيها المنتج جديدًا، ولا يرغب المرسل إليهم بتحمل تكاليف حيازة منتج غير متأكدين من الإقبال عليه.
تكلفة الائتمان التجاري
يمكن قياس تكلفة الائتمان التجاري عن طريق تحويل مقدار الخصم النقدي المعروض إلى نسبة مئوية سنوية.
فإذا كانت شروط الدفع مثلا 2/10 صافي 30 ( تقرأ اثنين عشرة، صافي ثلاثين).
فهذا يعني أنه إذا تم الدفع خلال عشرة أيام يحصل المشتري على خصم مقداره 2%.
وإذا لم يفعل فعليه أن يدفع كامل القيمة دون خصم بعد 30 يومًا من تاريخ الفاتورة.
معنى ما سبق من الناحية العملية ما يلي:
- يمكن للمشتري أن يحصل على خصم مقداره 2% من قيمة الفاتورة إذا دفع خلال العشرة أيام الأولى من تاريخ الفاتورة.
- أنه إذا لم يقم المشتري بالدفع خلال العشرة أيام الأولى، فعليه أن يدفع للدائن كامل قيمة الفاتورة بعد 30 يومًا من تاريخ الفاتورة دون أي خصم.
مثال حساب تكلفة الائتمان التجاري
بلغت فاتورة مشتريات إحدى المؤسسات بتاريخ 1/1/2020 (5000) جنيه، وكانت شروط البيع كما يلي:
2/10 صافي 30.
ما الكلفة التي تتحملها المؤسسة إذا لم تستفد من الخصم الممنوح؟
إذا دفعت المؤسسة بتاريخ 10/1/2020، فإنها ستستفيد من الخصم الممنوح لها وهو 2%.
ومقدار هذا الخصم = 2% × 5000 = 100 جنيه.
إذن ستدفع المؤسسة بتاريخ 10/1/2020 مبلغ 4900 جنيه سدادًا لديونها.
إذا لم تستفد المؤسسة من الخصم، فإنها ستدفع بتاريخ 30/1/2020 مبلغ 5000 جنيه.
بدلا من أن تدفع المؤسسة 4900 جنيه بتاريخ 10/1/2020، دفعت 5000 جنيه بتاريخ 30/1/2020.
أي أنها دفعت 100 جنيه كبدل لانتظار الدائن لمدة 20 يومًا لدفع المبلغ المستحق بتاريخ 10/1/2020.
وبعبارة أخرى ، يمكن القول بأن كلفة مبلغ 4900 جنيه لمدة 20 يومًا على المؤسسة قد بلغت 100 جنيه.
والآن يمكن تحديد النسبة المئوية للكلفة التي تحملتها المؤسسة من خلال المنطق التالي:
مبلغ 4900 جنيه، دفع عنها فائدة مقدارها 100 جنيه لمدة 20 يومًا.
مبلغ 100 جنيه، دفع عنها فائدة مقدارها (س) جنيه لمدة 365 يوما.
س = 100 × (365 ÷ 20) × (100 ÷ 4900) = 37.24%
أي أن المؤسسة تحملت فائدة مقدارها 37.24% نتيجة لعدم استعمال الخصم الممنوح لها من البائع.
واختصارًا للجهد، يمكن استعمال المعادلة التالية للوصول إلى التكلفة:
التكلفة = (قيمة الخصم ÷ قيمة الفاتورة بعد الخصم) × (360 أو 365 ÷ (كامل مدة الائتمان – فترة الخصم))
وفي المثال المذكور يكون:
التكلفة = (100 ÷ 4900) × (365 ÷ (30-10)) = 37.24%
ملاحظة: يمكن استعمال 360 يومًا بدلا من 365 يومًا.
واختصارًا للجهد أيضًا، يمكن استعمال المعادلة التالية:
التكلفة / السعر % = (الفائدة ÷ المبلغ) × (1 ÷ الزمن)
أسباب استخدام الائتمان التجاري
الائتمان التجاري مرتفع الكلفة إذا كان هناك خصم نقدي ولم نستطع الاستفادة منه.
وبعكس ذلك يكون الائتمان التجاري بدون كلفة.
وعلى الرغم من الكلفة العالية لهذا الائتمان، فقد يستعمل لعدم وجود بدائل أخرى مناسبة.
لكن بشكل عام يستعمل هذا الائتمان للأسباب التالية:
- التكلفة: إذا حصلت المؤسسة على الخصم التجاري، دون النظر إلى موعد الدفع فان هذا الائتمان يصبح بدون كلفة ومرغوبًا في استخدامه وعلى المدين أن يستعمل الائتمان الممنوح له إلى أقصى حد ممكن، إذ ليس من الحكمة أن يدفع بعد 20 يومًا، في حين أن المدة المعطاة له 30 يومًا، لأنه بذلك يحمل نفسه تكلفة ليس مطلوبًا منه أن يتحملها.
- المصدر الوحيد المتاح: عندما تكون المؤسسات حديثة التأسيس وصغيرة الحجم، يصعب عليها الحصول على الائتمان قصير الأجل من المؤسسات المالية، ويصبح المصدر الوحيد المتاح أمامها الائتمان التجاري، إذ تكون المؤسسات التجارية أكثر استعدادًا لتحمل الأخطار من المؤسسات المالية وذلك على أمل تطوير التعامل المستقبلي مع هذه المؤسسات والاحتفاظ بها كعملاء.
- السهولة: لا يستلزم الائتمان التجاري إجراءات معقدة كتلك التي يستلزمها الائتمان المصرفي، كما لا توجد حدود دقيقة لما يمكن منحه، كما هي الحال في البنوك التي تنفذ بدقة السقوف الممنوحة، وتشدد على التحصيل في المواعيد المحددة.
- المرونة: يمكن استخدام الائتمان التجاري عند الحاجة إليه، ففي حالة التوسع في المبيعات بمستطاع المؤسسة أن تزيد هذا الائتمان بزيادة الكميات المشتراة بالأجل من الموردين. هذا ويتم تخفيض هذه الديون من خلال تصفية موجوداتها من البضائع وتحصيل ديونها وتسديد الموردين، كذلك لا يطلب الموردون عادة رهونات على موجودات المقترض الأمر الذي يترك أصولهم بدون أية أعباء، ويتيح لهم فرصة رهن هذه الأصول للحصول على مزيد من التمويل عند الحاجة إليه. بالإضافة الى ذلك، هناك مرونة في الوفاء بهذه الالتزامات حيث يتساهل الدائنون في تأجيل التحصيل إذا كان المدين يمر بأزمة سيولة عابرة.
ثالثًا: الأوراق التجارية
تعتبر الأوراق التجارية (بالإنجليزية: COMMERCIAL PAPERS) من بين أقدم الأدوات النقدية المستعملة في الأسواق المالية.
وقد تناولها الكتّاب بالتحليل والنقاش حتى أصبح المجال خاليًا من أية إمكانية للإضافة النظرية على ما هو معروف عن هذه الأوراق.
المفهوم القانوني والمصرفي للأوراق التجارية
هناك فرق واضح بين المفهوم القانوني والمفهوم المصرفي المعاصر للأوراق التجارية حيث سيتم تناول هذه الأوراق من الناحية القانونية بصورة سريعة.
وبعد ذلك سيتم الحديث عن الجانب المصرفي لهذه الأوراق.
الأوراق التجارية هي سندات قابلة للتداول بمقتضى أحكام القانون وتشمل على ما يلي:
- سند السحب، ويسمى أيضًا البوليصة أو السفتجة، وهو محرر مكتوب وفق شرائط مذكورة في القانون يتضمن أمرًا صادرًا من شخص هو الساحب إلى شخص آخر هو المسحوب عليه بأن يدفع لأمر شخص ثالث هو المستفيد أو حامل السند مبلغًا معينًا بمجرد الاطلاع أو في ميعاد معين أو قابل للتعيين.
- سند الأمر، ويسمى أيضًا بالسند الإذني، ومعروف باسم الكمبيالة وهو محرر مكتوب وفق شروط مذكورة في القانون، ويتضمن تعهد محرره يدفع مبلغ معين بمجرد الاطلاع أو في ميعاد معين أو قابل للتعيين لأمر شخص آخر هو المستفيد أو حامل السند.
- الشيك، وهو محرر مكتوب وفق شروط مذكورة في القانون، ويتضمن أمرًا صادرًا من شخص هو الساحب إلى شخص آخر يكون معرفًا وهو المسحوب عليه بأن يدفع لشخص ثالث أو لأمره أو لحامل الشيك وهو المستفيد مبلغًا معينًا بمجرد الاطلاع على الشيك.
- السند لحامله أو القابل للانتقال بالتظهير..
وتختلف قوانين التجارة في بعض الدول العربية في مجال أنواع الأوراق التجارية عن القانون الأمريكي والإنجليزي في هذا المجال حيث أن القانونين الأخيرين يشملان شهادات الإيداع ضمن هذه الأوراق بينما لا تتناولها قوانين الدول العربية، وشهادة الإيداع حسب تعريف القانون الأمريكي لها هي: اعتراف من بنك باستلام مبلغ من المال، وتعبير عن رغبة صريحة أو ضمنية بإعادة هذا المبلغ في تاريخ معين. وهذه الشهادة تشبه السند الإذني من حيث أن الطرف المصدر الشهادة هو الذي يلتزم بالدفع وتشبه الشيك من جانب آخر لأن الملتزم بالدفع هو بنك.
لقراءة المزيد حول الأوراق التجارية من منظور قانوني، يمكن مراجعة الموضوع التالي: الأوراق التجارية – تعريفها وخصائصها وأحكام الكمبيالة
موسوعة العلوم القانونية – مركز البحوث والدراسات متعدد التخصصات
التعريف المصرفي المعاصر للأوراق التجارية
ينطلق التعريف المصرفي المعاصر للأوراق التجارية من غاية هذه الأوراق كأداة للتمويل قصير الأجل.
هذا ولا يشمل هذا التعريف في مضمونه الكمبيالات والشيكات أو شهادات الإيداع، وإنما يقتصر على السند الإذني أو السند لأمر، ويُقصد به عند الإشارة إلى الأوراق التجارية في هذا الكتاب لاحقًا.
وطبقًا لهذا المفهوم، تُعرف الأوراق التجارية بأنها:
سندات لأمر، قصيرة الأجل، تصدر في السوق المفتوحة من قبل الشركات العالية الملاءة دون ضمانات معينة كالتزام على الجهة المصدرة نفسها.
تعريف الأوراق التجارية
ومن أهم الفروق فيما بين الأوراق التجارية والكمبيالات والسندات لأمر هو أن الأوراق التجارية لا تنطلق في وجودها من عملية تجارية، بل هي عملية مستقلة بذاتها.
وحيث أن مثل هذه الأوراق لا تكون مضمونة وتحمل اسم المصدر فقط، لذا كانت أوراق الشركات الكبيرة ذات الملاءة الائتمانية العالية هي الغالبة على السوق؛ وللتدليل على ذلك، نشير الى أن 90% من الأوراق التجارية المصدرة في السوق الأمريكي تحمل تصنيفًا ائتمانيًا A1-P1، وهذا هو أعلى تصنيف ممكن منحه للأوراق التجارية.
غايات الأوراق التجارية
تلعب الأوراق التجارية دورًا هامًا في الحياة الاقتصادية بسبب سهولة وانخفاض تكلفة إصدارها وتوفيرها لمصدر إضافي للحصول على الأموال إلى جانب طرق الاقتراض التقليدية.
وقد سهلت هذه الأوراق التوسع في العمليات الآجلة وبالتالي زيادة سرعة معدلات النمو الاقتصادي.
ولم يكن لهذا التوسع أن يتحقق بنفس السرعة التي تم بها في ظل غياب هذه الأداة النقدية الهامة.
أهم ما يميز الأوراق التجارية ويساعد في أداء دورها الاقتصادي الهام هو قابليتها للتداول (بالإنجليزية: Negotiability).
حيث وضعت هذه الصفة الأوراق التجارية في مكانة متوسطة بين النقود بقابليتها غير المقيدة للتداول والأموال المنقولة (بالإنجليزية: Chattel) ذات القابلية الأقل للتداول. وقد نتج عن هذا الموقع أن محول أو ناقل ملكية الأوراق التجارية يمنح حماية أقل من تلك الممنوحة لمحول أو ناقل ملكية النقود. لكنه في نفس الوقت يمنح حماية أفضل من ناقل أو بائع الأموال غير المنقولة. وبالرغم من أن الأوراق التجارية تفتقر إلى حرية التحويل التامة التي تتمتع بها النقود، إلا أنها تمتلك خصائص تمكنها من القيام بدور النقود كوسيط في التداول، الأمر الذي كان وراء اتساع استعمالها.
هذا وقد تم استعمال الأوراق التجارية تاريخيًا لغايات عديدة، من أهمها:
- وسيلة للاقتراض أو (بالإنجليزية: Borrowing)
- وسيلة للحصول على الدفع الآجل أو (بالإنجليزية: Buying on Credit)
- ووسيلة لإثبات دين قانم
ويركز المفهوم المصرفي المعاصر للأوراق التجارية على وظيفة الاقتراض لهذه الأوراق.
ويرى فيها وسيلة هامة لتوفير التمويل قصير الأجل، بما فيه التمويل الموسمي وتمويل رأس المال العامل ومواجهة الالتزامات الطارئة مثل دفع الضرائب وتسديد الالتزامات قصيرة الأجل؛ ثم أخذت تستعمل لغايات التمويل التجسيري لبعض المشاريع مثل بناء خطوط الأنابيب والسفن وبنايات المكاتب وخطوط الإنتاج حيث يقوم المقرضون بتحويل هذه الأوراق التجارية قصيرة الأجل إلى قروض طويلة بعد فترة عندما تكون ظروف السوق المالي أكثر مواتاة.
وبعدما يظهر أصحاب المشاريع جديتهم في بناء المشروع المعني وتقل مخاطره ليكون هناك إقبال أكبر من أصحاب الديون طويلة الأجل.
خلفية تاريخية للأوراق التجارية
لا تعتبر الأوراق التجارية القابلة للتداول ابتكارًا حديثًا، بل تعود بأصولها للحضارات المصرية والبابلية القديمة.
وبالتالي فقد كانت معروفة أيام الرومان ولسكان حوض المتوسط فيما بعد وتجر العصور الوسطى.
وقد اعتمد واضعو قوانين الأوراق التجارية الحديثة على تراث تلك الحضارات وما تم توارثه عنها في هذا المجال.
أما المفهوم المعاصر للأوراق التجارية، فتعود أصوله إلى مطلع القرن التاسع عندما بدأت مجموعات كبيرة من الشركات الأمريكية بتطوير إنتاجها وتحديثه، فكانت تحتاج إلى قروض قصيرة الأجل لتمويل رأس المال العامل حيث لجأت إلى إصدار الأوراق التجارية وبيعها خارج الولايات التي تتواجد فيها كبديل للاقتراض المباشر من البنوك، الذي كانت تعيقه طبيعة النظام المصرفي الأمريكي القائم على نظرية الوحدة المصرفية الواحدة التي تمنع البنوك من التفرع على مستوى البلاد. وبالرغم من أن الشركات المالية هي الأنشط في هذا السوق، إلا أنها لم تكن البادئة في تطوير هذه الأداة بل سيقتها إليها الشركات الصناعية، ولم تدخل الشركات المالية هذا السوق إلا في بداية العشرينات من القرن الماضي عندما توسع إنتاج السلع الاستهلاكية المعمرة الأمر الذي أدى إلى زيادة طلب المستهلكين على الائتمان قصير الأجل.
وقد تزايد نشاط هذا السوق بدخول الشركات المصرفية القابضة والبنوك الأجنبية وحتى الدول لهذا السوق.
المناخ المناسب لإصدار الأوراق التجارية
إن المناخ المناسب لإصدار هذه الأوراق في أي سوق مالي هو مناخ تتوفر فيه المعطيات التالية:
- رغبة الشركات الكبرى والمؤسسات المالية باستخدامها كأداة للتمويل قصير الأجل على نطاق واسع.
- وجود مستثمرين لديهم الرغبة في الاستثمار في هذه الورقة كبديل للطرق التقليدية للاستثمار.
- وجود سوق نقدي ووسطاء ماليين للتعامل في هذه الأوراق وتداولها لتعزيز سيولتها.
- كذلك وجود إطار قانوني لتنظيم عمليات الإصدار والتداول.
- ووجود مميزات لهذه الورقة تغري كافة الأطراف بالتعامل فيها، مثل الدعم الائتماني وسهولة وبساطة إجراءات الإصدار والتحصيل وانخفاض كلفتها.
سقوف الدعم لمصدري الأوراق التجارية
يلجأ مصدرو الأوراق التجارية في معظم الحالات إلى دعم الأوراق الصادرة عنهم كاملا بخطوط ائتمان (بالإنجليزية: Back up Lines of Credit) متفق عليها مع البنوك التجارية وغاية هذه الخطوط هي مساعدة المصدرين على تجاوز مخاطر عدم القدرة على التسديد في موعد الاستحقاق بسبب أزمات قد يتعرضون لها لأسباب تتعلق بأوضاعهم المالية أو لأسباب تتعلق بظروف السوق.
والى جانب مساعدة المصدرين في تجاوز مخاطر عدم القدرة على التسديد، فإن هذه الخطوط تقدم ميزة أخرى هي الاقتراض لفترات قصيرة جدًا.
كما يمكن اقتراض ما يعادل الجزء الذي لا يتم تسويقه من الأوراق المصدرة.
سوق الأوراق المالية
تصدر الأوراق المالية عن العديد من المؤسسات التجارية والصناعية والحكومية.
أما المصدرون الرئيسيون للأوراق التجارية في معظم أسواق العالم فهم المؤسسات الكبيرة ذات الملاءة العالية.
ومن أمثلة هذه المؤسسات:
1. الشركات المالية
تتضمن هذه الفئة ثلاثة أنواع من الشركات المالية هي:
- الشركات المملوكة من الشركات الصناعية الكبرى (بالإنجليزية: Captive Financial Companies): وتكون الغاية من إصدارات هذه الشركات تمويل مبيعات الشركة الأم، وتعتبر شركات التمويل الرئيسية الأربع التالية المملوكة من قبل شركات السيارات الكبرى في أمريكا وبعض الشركات الأخرى من أفضل الأمثلة على هذه النوع من الشركات: GENERAL MOTORS ACCEPTANCE CORP, FORD CREDIT, CHRYSLER FINANCE, SEARS ROEBUCK ACCEPTANCE CORP
- الشركات المملوكة من الشركات المصرفية القابضة أو (بالإنجليزية: Bank Related Finance Co): تستعمل هذه المجموعة حصيلة الإصدارات لتمويل عمليات ذات صلة بالأعمال المصرفية مثل تقديم القروض لتمويل الأصول الثابتة ومختلف أنواع التمويل الطويل الأجل مثل التأجير أو (بالإنجليزية: Leasing) والرهونات العقارية.
- والشركات المالية المستقلة أو (بالإنجليزية: Independent Financial Companies).
2. الشركات غير المالية
تعتبر إصدارات هذه المجموعة من الشركات غير المالية أو (بالإنجليزية: NON – FINANCIAL COMPANIES) أقل تكرارًا من إصدارات المجموعة الأولى.
وغالبًا ما يستعمل الاقتراض لغايات مواجهة رأس المال العامل، مثل الزيادة في المخزون أو دفع الرواتب أو ما شابهها من الالتزامات قصيرة الأجل.
وعلى الرغم من أن المصدرين التقليديين للأوراق التجارية هي الشركات الكبيرة ذات الملاءة العالية، إلا أن الشركات الصغيرة الأقل ملاءة قد تمكنت من دخول هذا السوق أيضًا في السنوات الأخيرة وذلك من خلال إضافتها لدعم مالي (بالإنجليزية: CREDIT SUPPORT) لمراكزها المالية:
- إما من مؤسسة أخرى ذات تصنيف ائتماني عال.
وقد أطلق على الأوراق التجارية التي تصدر بمثل هذا الترتيب تسمية بالإنجليزية وهي (CREDIT SUPPORTED COMMERCIAL PAPER).
- أو من خلال تقديم ضمانة عينية من نوعية جيدة ضمانًا للإصدار.
وقد أطلق على هذه الأوراق تسمية بالإنجليزية وهي (ASSET – BACKED COMMERCIAL PAPER).
إن تقديم دعم للأوراق المصدرة بأحد الشكلين السابقين، وبشكل خاص الدعم المصرفي، يساعد مصدر الأوراق في الحصول على تصنيف A1-P1.
وقد اجتذبت هذه الأداة في السنوات الأخيرة الكثير من الاهتمام بسبب انتشارها الواسع واستعمالها كبديل للحصول على القروض المصرفية قصيرة الأجل.
أهمية الورقة
وللتدليل على أهمية هذه الورقة، يمكن مراجعة بعض الإحصائيات من سوق الأوراق التجارية الأمريكي (بالإنجليزية: USCP)، وسوق الأوراق التجارية الأوروبي (بالإنجليزية: ECP) الذي بدأ في الظهور عام 1960 عندما كان تصدير رأس المال من أمريكا مقيدًا بالضرائب وإجراءات أخرى، حيث بدأت بعض الشركات الأمريكية بإصدار أوراق تجارية في سوق لندن، بعد إلغاء ضريبة تعادل الفائدة في أمريكا، والتي كانت أصلا السبب الرئيسي في نشوء سوق لندن الأمر الذي جعل الاقتراض المحلي أرخص كلفة بصورة أدت إلى تراجع هذا السوق قليلا.
وهناك أيضًا سوق الأوراق التجارية الإسترليني (SCP).
هذا وتشكل إصدارات الشركات حوالي 50 % من إجمالي الإصدارات.
وقد بدأت البنوك التجارية اعتبارًا من عام 1989 بإصدار أوراق تجارية لمدة 5 سنوات.
إلى جانب العديد من الأسواق الأقل أهمية في مختلف بلدان العالم.
هذا ويغلب على أسواق الأوراق التجارية في العالم الطابع المحلي.
العوامل التي ساعدت على تطوير سوق الأوراق التجارية
لا بد هنا من الإشارة إلى مجموعة من العوامل الهامة التي ساعدت على تطوير سوق الأوراق التجارية، وهي:
- اهتزاز ثقة بعض المودعين في بعض البنوك خلال أزمة ديون العالم الثالث، الأمر الذي شجعهم على البحث عن بدائل لاستثمار فوائضهم النقدية تجنبًا للبنوك أو (بالإنجليزية: DISINTERMEDIATION).
- رغبة المقترضين في الاقتراض المباشر من أصحاب الفوائض النقدية توفيرًا للنفقات.
- تفضيل المستثمرين للاستثمار في أصول عالية السيولة بمردود أفضل من مردود الودائع والأوراق الحكومية.
- تلبي هذه الأوراق الرغبة في توجه المستثمرين نحو الإقراض المسند أو (بالإنجليزية: SECURITIZED) لغايات السيولة.
مدة الأوراق التجارية
المدة التقليدية لإصدار الأوراق التجارية في السوق الأمريكي هي من 3 إلى 270 يومًا.
والمدة الأكثر شيوعًا هي الفترات التي تتراوح ما بين 30 – 50 يومًا.
ويعتبر الحد الأقصى 270 يومًا أمرًا يختص بالسوق الأمريكي وحده لأن القانون الأمريكي يتطلب القيام بإجراءات تسجيل لدى لجنة تداول الأوراق المالية (بالإنجليزية: SECURITY EXCHANGE COMMISSION / SEC) إذا كانت مدة الأوراق تزيد على 270 يومًا.
وتجنبًا لإجراءات التسجيل هذه والتكاليف المرتبطة بهاء توخي المصدرون بأن لا تزيد مدة الإصدار عن 270 يومًا كحد أقصى.
إلى جانب هذه الاعتبارات في تحديد مدة الأوراق التجارية، هناك اعتبار آخر يتعلق بالسيولة حيث تستطيع البنوك الاقتراض من البنك المركزي لقاء الأوراق التي لا تزيد مدتها عن (90) يومًا.
علمًا بأن الأوراق التجارية القابلة للخصم لدى البنك المركزي أقل كلفة من الأوراق غير القابلة لذلك.
إن ما سبق لا يعني عدم إمكانية إصدار أوراق لمدة أطول لأن هناك الكثير من الإصدارات التي تزيد مدتها عن الشهر وتصل إلى عدة سنوات.
وهو الأمر الذي يجعل من هذه الورقة ليس ورقة تمويل قصير الأجل، بل أيضًا ورقة تمويل متوسط الأجل.
أنواع الأوراق التجارية
يتم إصدار وتسويق الأوراق التجارية، إما مباشرة ومن قِبل المُصدر أو من خلال وسيط، كما يتضح مما يلي:
الورقة المباشرة
الورقة المباشرة أو (بالإنجليزية: DIRECTLY PLACED PAPERS)، ويصدر هذا النوع بشكل رئيسي عن الشركات المالية والشركات المصرفية القابضة.
حيث يتوجه المصدرون عادة إلى المستثمرين مباشرة دون استعمال وسيط.
وبحكم ملاءة ومكانة مثل هؤلاء المصدرين وتصنيفهم العالي، نجدهم يحددون سعر الفائدة الذي يدفعونه لمختلف الاستحقاقات.
أما على جانب المستثمرين، فإنهم يختارون من هذه الإصدارات تلك التي تتناسب في مدتها والمدة التي ينوون الاستثمار خلالها.
وباستعمال هذه الطريقة، يتفادى المصدرون دفع أتعاب إصدار للوسطاء لكنهم يتحملون أتعاب مؤسسات التصنيف ووكلاء الدفع والتحصيل كما سبق وتم الإشارة إليه.
ومن المزايا الرئيسية لهذا النوع من الإصدار، من وجهة نظر المصدر، توفير عمولة وكلاء الإصدار التي هي بحدود 1/8%.
الورقة المصدرة من خلال وسيط
في حالة الورقة المصدرة من خلال وسيط (بالإنجليزية: DEALER PLACED PAPER) يستعمل المصدرون خدمات وسيط أوراق مالية (بالإنجليزية: SECURITY DEALER) لبيع أوراقهم.
ويصدر معظم هذا النوع من الأوراق من قبل شركات غير الشركات المالية الكبيرة، مثل:
- شركات الخدمات العامة (كهرباء، مياه، اتصالات)
- والشركات الصناعية
- وشركات الجملة والمفرق
- بالإضافة إلى الشركات المالية والبنوك الصغيرة.
هذا وقد تبيع المؤسسات المصدرة كامل إصدارها لأحد الوسطاء بخصم وعمولة.
وتقع على هذا الوسيط في مثل هذه الحالة مسؤولية التسويق بعد ذلك، أو تقوم المؤسسة المصدرة بتحمل مخاطر البيع ويقتصر دور الوسيط على البيع على أساس أفضل المساعي مقابل عمولة وبأسعار محددة من المصدر.
هذا ويبلغ معدل الأوراق التي تباع من خلال وسطاء في السوق الأمريكي حوالي 55% من إجمالي الإصدارات بينما يباع الباقي مباشرة للمستثمرين.
ومن المناسب الإشارة هنا إلى أن السلطات الأمريكية قد بدأت تسمح لبعض الإصدارات الخاصة (بالإنجليزية: PRIVATE PLACEMENT) لفترات تزيد عن 270 يومًا شريطة أن يكون هناك تحديد واضح لاستعمال حصيلة الإصدار وأن يقدم المصدر مسبقًا أسماء المشترين المتوقعين والذين يجب ألا يزيد عددهم عن 100 مشتر، وأن توافق SEC على هذه الأسماء.
وغالبًا ما تستعمل هذه الإصدارات في حالات بناء المشاريع الكبيرة مثل مشاريع الإنشاءات والخدمات.
تكاليف الإصدار
عدا عن كلفة الفائدة، هناك تكاليف أخرى للإصدار، منها:
- كلفة خطوط الائتمان المصرفية: وتتراوح هذه الكلفة ما بين 3/8% إلى 3/4%.
- تكاليف وكيل الإصدار والدفع: وتتمثل هذه التكاليف بالعمل الإداري المرتبط بإصدار الأوراق نفسها وفي جمع حصيلتها وتوريدها للمقترض.
- تكاليف التصنيف: حيث تتقاضى هذه المؤسسات أتعابًا سنوية تتراوح ما بين 5000 إلى 25000 دولار.
تصنيف الأوراق التجارية
تتميز البنوك التجارية بخبرتها في تقييم قدرة مدينيها على الوفاء بالقروض المقدمة لهم.
أما الفئات الأخرى من المستثمرين، فهي لا تتمتع بمثل هذه القدرة، وبالتالي نجدهم يعتمدون على طرف ثالث لأجل القيام بهذه العملية نيابة عنهم، ونتيجة لهذه الحاجة تكونت في بعض الأسواق شركات تتخصص في عمليات التصنيف الائتماني والتي تقوم في جوهرها على عملية تقييم مستمرة للملاءة الائتمانية للمقترض ومدى قدرته على خدمة دينه.
ويتم تصنيف الأوراق التجارية (بالإنجليزية: COMMERCIAL PAPER QUALITY RATING) والالتزامات طويلة الأجل التي تصدرها الشركات عادة ضمن ثلاث قنات كل منها يتضمن ثلاث فئات أيضًا، حيث يتراوح التقييم بين:
- AAA للسندات الممتازة
- وCCC للسندات غير الجيدة
أما الالتزامات قصيرة الأجل، فيتم تصنيفها بين ما هو مقبول للاستثمار (بالإنجليزية: INVESTMENT) وما هو عالي المخاطر (بالإنجليزية: SPECULATIVE).
هذا ويتم تصنيف الأوراق التجارية ضمن الفئة الأولى أو (بالإنجليزية: INVESTMENT) وذلك على النحو التالي:
- رئيسي Prime
- مرغوب Desirable
- مُرضي Satisfactory
ويعتمد التصنيف عادة على الموقف المالي للشركة المصدرة للأوراق، ولهذه الغاية تلجأ الشركات الراغبة في الإصدار إلى المؤسسات المتخصصة في التصنيف.
أمثلة من السوق الأمريكي:
من قبيل المثال، يمكن الإشارة إلى بعض الشركات العاملة في السوق الأمريكي في هذا المجال، ومن أشهرها:
- MOODY’S IN SERVICE
- STANDARD & POORS CORPORATION
هذا وتعطي شركة MOODY’S تصنيف Prime-1) P1) لأفضل الأوراق وP2 وP3 للأنواع الأقل جودة.
أما شركة (STANDARD & POOR’S)، فتعطي التصنيف A1, A2, A3 للأوراق المنوي الاستثمار فيها.
إن وجود مؤسسات التصنيف هي إحدى أساسيات وجود سوق أوراق مالية متطورة.
لأنه من الصعوبة بمكان أن تتمكن الشركات العاملة في الأسواق الكبيرة من تسويق أوراقها دون تصنيف.
علمًا بأن الأوراق التي تحمل تصنيفًا من شركتين هي الأوراق الأكثر تفضيلا من قبل جمهور المستثمرين والوسطاء.
إن الأوراق المطروحة في الأسواق هي في معظمها مصدرة من شركات من الدرجة الأولى وتتمتع بتصنيف عالي (A1, P1).
والدليل على ذلك محدودية عدد حالات الفشل في مثل هذا النوع من التمويل.
ويعتمد التصنيف المعطى لأي إصدار بشكل رئيسي على سيولة المصدر وعلى مدى خطوط الدعم (بالإنجليزية: AMOUNT OF BACK LINES OF CREDITS) التي يتمتع بها المصدر. وبالرغم من أن كل شركة تعمل في مجال التصنيف تضع معاييرها الخاصة، إلا أنها لا تختلف في النتيجة لأن كل تصنيف فيها يعتمد على قدرة إدارة المقترض وإيراداته ومركزه المالي.
هذا ويتفاوت ما تركز عليه شركات التصنيف باختلاف نشاط المقترض.
وفي كل الأحوال، فإن التصنيف المتقدم يعتمد على:
- قوة الإدارة
- وقوة مركز الشركة في الصناعة التي تنتمي إليها
- والاتجاهات الإيجابية للإيرادات
- وكفاية السيولة
- والقدرة الكاملة على الاقتراض لمواجهة الالتزامات المتوقعة وغير المتوقعة من أكثر من مصدر
- وتصنيف للديون طويلة الأجل لا يقل عن A
وإذا كانت هذه الشروط أقل مما هو أعلاه، فإن التصنيف قد ينخفض إلى درجة أدني.
العائد على الأوراق التجارية
تشبه الأوراق التجارية سندات الخزينة من حيث كونها أدوات مخصومة أو (بالإنجليزية: Discount Instruments).
أي أنها تباع بأسعار أقل من قيمتها الاسمية التي ستدفع عند الاستحقاق.
ويعادل الفرق بين القيمة الاسمية وسعر الشراء الفائدة التي سيحصل عليها المستثمر.
هذا وتعتبر السنة (360) يومًا لغايات احتساب سعر الأوراق التجارية.
يتبع السعر الذي يدفع للأوراق التجارية سعر الفائدة في السوق النقدي، ومع ذلك فإن فائدة الأوراق التجارية أعلى من سعر فائدة الخزينة لأسباب تتعلق بما يلي:
- الخط الانتمائي.
- الاعتبارات الضريبية: حيث أن جزءًا من فوائد سندات الخزينة معفي من ضريبة الدخل.
- السيولة: حيث سندات الخزينة أكثر سيولة من الأوراق التجارية، وهي أيضًا أعلى من سعر الفائدة على شهادات الإيداع يسبب الفرق في مخاطر المقترض ومصدر شهادة الإيداع.
هذا ويمكن أن تصدر الأوراق التجارية بفائدة معينة، حيث تصدر الأوراق وتباع بالقيمة الاسمية وتسدد القيمة الاسمية مع الفوائد بتاريخ الاستحقاق. وفي كلا الحالتين فان سعر الفائدة للورقة التجارية يعتمد ويرتبط بمعدلات أسعار الفوائد لأدوات السوق النقدي المشابهة والتي تحمل نفس الاستحقاق مثل شهادات الإيداع والقبولات المصرفية.
حساب سعر الأوراق التجارية
الورقة التي لا تحمل سعر فائدة (تصدر بخصم):
السعر = (سعر الخصم × عدد الأيام المتبقية حتى تاريخ الاستحقاق) × القيمة الاسمية للورقة ÷ 360
الورقة التي تحمل فائدة (تصدر بالقيمة الاسمية):
السعر = (سعر الفائدة المثبت على الورقة × القيمة الاسمية للورقة + القيمة الاسمية للورقة) ÷ (سعر الفائدة المثبت على الورقة × القيمة الاسمية للورقة) × (عدد الأيام المتبقية + القيمة الاسمية للورقة)
الكلفة الفعلية للأوراق التجارية
تستوفي الفائدة على الأوراق التجارية بالخصم من قيمتها الاسمية، فالورقة التجارية التي تصدر بـ 100 ألف جنيه لمدة 90 يومًا بفائدة 12% تباع عادة بـ 97000 جنيه، احتسبت كما يلي:
السعر = (100000 – 90/100000) × (90/360) × (1/100) = 97000 جنيه.
وحيث أن المصدر للورقة لا يتاح له استعمال إلا مبلغ 97 ألف جنيه، لذا يجب أن تحسب كلفته على أساس المبلغ الذي استفاد منه.
هذا ويتم احتساب الكلفة الحقيقية بموجب المعادلة التالية:
الكلفة الحقيقية للفائدة = (3000 ÷ 97000) × (360 ÷ 90) = 12.37%.
ويمكن صياغة المعادلة الخاصة بإيجاد الكلفة الحقيقية على النحو التالي:
الكلفة الحقيقية للفائدة = سعر الخصم ÷ (1 – (سعر الخصم × مدة الاستحقاق) ÷ 360)
إيجابيات وسلبيات الأوراق التجارية
تتمتع الأوراق التجارية بالعديد من المزايا والإيجابيات، أهمها ما يلي:
- انخفاض كلفتها بالمقارنة مع قروض البنك، حيث تزيد الأخيرة عن الأولى بحدود 1% وربما أكثر.
- الفوائد على الأوراق التجارية أكثر مرونة من الفوائد على القروض المصرفية.
- قصر المدة الممكن الحصول فيها على الأموال بواسطة الأوراق التجارية، حيث لا تتجاوز هذه المدة يومين، مقابل قروض البنوك التي يحتاج الاتفاق عليها إلى مدة أطول.
- إمكانية الحصول على مبالغ أكبر مما يمكن الحصول عليه من البنوك بسبب اتساع قاعدة تسويقها وتعدد المقرضين وبسبب القيود على حدود الإقراض لدى البنوك للعميل الواحد، الأمر الذي قد يضطرها إلى اللجوء إلى أسلوب القروض المجمعة مع ما يتطلبه ذلك من جهد ووقت.
- القدرة على إصدار الأوراق التجارية يحسن من الموقف التفاوضي للشركات في مواجهة البنوك.
- تعزيز مكانة المقترض الذي تنجح أوراقه المالية في السوق.
- سهولة وبساطة إجراءات الإصدار والتوثيق.
وفي المقابل، هناك بعض الجوانب السلبية المتعلقة بالأوراق التجارية، يمكن إجمالها كالتالي:
- قد يؤدي التوسع في إصدارها إلى إهمال العلاقة مع البنوك، وهذا ليس في صالح المؤسسات لأن الحاجة إلى البنوك تبقى دائمة.
- سوق الأوراق المالية حساس وعرضة للتأثر السريع بالظروف الاقتصادية.
- عدم إمكانية الدفع المسبق، كما هو الحال في قروض البنوك.
- اقتصار استعمالها على الشركات الكبيرة ذات المراكز المالية القوية، وبالتالي فهي ليست في متناول صغار المقترضين.
- ضرورة دفع الأوراق التجارية بتواريخ استحقاقها، حيث لا يتفهم حاملو هذه الأوراق عادة أوضاع المقترض الذي لا يستطيع الوفاء كما قد تتفهمها البنوك المعتادة على مثل هذه الأموال من المفترضين.
السوق الثانوي للأوراق التجارية
تُشترى الأوراق التجارية عادة من قطاع واسع من الشركات والمستثمرين المؤسسيين (بالإنجليزية: INSTITUTIONAL INVESTORS) الراغبين باستثمار فوائضهم النقدية لفترات قصيرة وبأسعار منافسة لأسعار فوائد الودائع لدى البنوك التجارية.
هذا ويتركز تداول هذه الأوراق في السوق الأولى، وقد أثرت طبيعة المستثمرين فيها على نشاط سوقها الثانوي.
وأهم المؤشرات على السوق الثانوي للأوراق التجارية (بالإنجليزية: SECONDARY MARKET OF COMMERCIAL PAPER) والمباعة من خلال متعاملين (بالإنجليزية: DEALERS) هي وقوف كل متعامل في الأوراق التجارية مستعدًا لشراء الأوراق التي قام ببيعها بسعر السوق للأوراق المماثلة في النوعية والمدة، مضافًا إلى ذلك هامشًا مقداره (1/8%)، وبالرغم من هذا السوق الثانوي، إلا أنه لا ينظر إلى الأوراق التجارية أنها تتمتع بنفس سيولة أدوات السوق النقدي الأخرى،.
لذا فإن المستثمر الذي يحمل ورقة تجارية لا يستطيع الاطمئنان الكامل إلى سيولة ورقته.
إن الأسباب التي حالت دون تطوير سوق ثانوي نشط للأوراق التجارية عديدة، منها:
- عدم تطابق الأوراق المالية في السوق كما تتطابق سندات الخزينة وشهادات الإيداع.
- تخطيط جزء كبير من المستثمرين للاحتفاظ بمخزونهم من الأوراق التجارية لغاية الاستحقاق.
- ارتفاع الهامش الذي يتقاضاه المتعاملين عند الشراء.
- قصر أجل هذه الأوراق التي لا يزيد معدلها عن 22 يومًا.
- عدم رغبة المصدرين في تداول أوراقهم لأنه قد يزيد من كلفة الإصدارات القادمة.
وبالرغم من أن سوق الأوراق التجارية أكبر حجمًا من سوق أية أداة أخرى من أدوات السوق النقدي في الأسواق المالية المتطورة، إلا أن حجم التعامل بهذه الأوراق في السوق الثانوي أصغر كثيرًا من حجم التعامل بالأدوات الأخرى.
لقد أثرت محدودية السوق الثانوي لهذه الأوراق على قرارات المستثمرين الذين أصبحوا يركزون على تطابق استحقاق الأوراق المشتراة وفترات توفر الفوائض النقدية لديهم.
المعوقات أمام تطوير سوق الأوراق المالية
إن المعوقات الرئيسية أما تطوير سوق للأوراق المالية في المجتمع العربي هي معوقات ثقافية بالدرجة الأولى.
وما عدا ذلك لا توجد معوقات ذات أثر هام؛ ولهذا يعتقد بأن تطوير هذا السوق يتطلب ما يلي:
- قبول الإدارات المالية في المؤسسات والشركات الكبيرة بهذه الأداة كوسيلة للحصول على التمويل قصير الأجل.
- تطوير متعاملين في هذه الأوراق من البنوك التجارية والشركات المالية.
- إلغاء رسوم الطوابع على مثل هذه السندات لأنها ذات كلفة معيقة لانتشارها كأداة تستعمل لغايات الاقتراض؛ كما يتطلب تطوير سوق للأوراق المالية إلغاء رسوم الطوابع أيضًا على جميع الأدوات المالية النقدية والعقود المصرفية لأن مثل هذه الرسوم هي من المعوقات في سبيل تطوير السوق المالية لأدوات جديدة.
كيفية تطوير سوق الأوراق التجارية
إلى جانب مناخ قانوني مناسب ودور إيجابي من البنوك المركزية، فإننا نحتاج إلى إيجاد اهتمام من الأطراف الرئيسية لمثل هذا السوق، وهم:
- مقترضون متفهمون لأهمية هذه الأداة ودورها في توفير التمويل قصير الأجل السريع.
- مستثمرون متفتحون على الأدوات النقدية الجديدة في السوق.
- مؤسسات تصنيف تتولى تقييم ملاءمة مصدري الأوراق نيابة عن جمهور المستثمرين.
هذا ويُعتقد بأن المعوقات أمام الأوراق التجارية في المجتمع العربي هي معوقات ثقافية أكبر منها معوقات مؤسسية أو قانونية.
وذلك حيث لا يوجد ما يمنع من المباشرة في إصدار هذه الأوراق وحتى في ظل غياب مؤسسات التقييم الائتماني.
إذ بالإمكان التعويض عن هذا الأمر بواسطة إصدار الأوراق التجارية المدعومة بكفالات مصرفية.
المصدر
- موسوعة الإدارة المالية، مركز البحوث والدراسات متعدد التخصصات.
